من آفاق متنوعة ومتعددة اللغات والمشارب، التم عازفون ومغنون حول الأندلس في فرقة «أوقدوا النجوم: كان ياما كان»، وحولوا حفلا موسيقيا وغنائيا، تم تنظيمه الجمعة بالمركز الثقافي النهضة بالرباط في إطار الدورة 13 لمهرجان «موازين: إيقاعات العالم»، إلى سفر رائق في مباهج الأندلس وشموخها، وفي مواجعها أيضا. هي فرقة «أوقدوا النجوم: كان يا ما كان»، التي تحتفي بموسيقات العصور الوسطى والفلامنكو والملحون والنوبة وفن المالوف، وهي الفنون التراثية التي توحد بين حوضي البحر الأبيض المتوسط، وتخلد لحضارة باذخة استمرت لقرون في الأندلس قبل أن تدول، ويحمل بناتها وجعهم في الدواخل من الجزيرة الإيبيرية إلى بلدان المغرب الكبير بالخصوص. يفتتح المشهد، الذي أخرجته الفنانة متعددة المواهب فاطيم العياشي وأنجزت سينوغرافياه زينب أندريس عراقي، عازف القيثارة الإسباني نينو خوسيلي. وحيدا على المنصة، يعزف نغمات فلامنكو ، قبل أن يلتحق به عازف العود الجزائري (بوتي موح)، فيحدث حوار بين آلتين موسيقيتين وتداخل بين إيقاعاتهما، على غرار ما حدث ببلاد الأندلس قبل مئات السنين. ويدخل على الخط عازف الإيقاع المغربي محمد الوهابي، وعازف الناي، المغربي أيضا، رشيد زروال ليقدم معزوفات قلبت المواجع بخصوص حضارة سادت ثم بادت في الأندلس، وشهد العالم أجمع أنها كانت الأجمل والأروع في مجالات التسامح والتعدد وتقبل الاختلاف، فيما تناوب المغربي جمال نعمان والإسباني ألبرتو غارسيا على الغناء بالإسبانية، وبالعربية، وبالأمازيغية أيضا. ورد الحديث عن غرناطة وإشبيلية، عن ليالي الأنس بهما، وعن سقوطهما المدوي. فأنشد جمال نعمان، ذو الطلة الغيوانية، «جل تر المعاني»، و«إن للجنة في الأندلس عود وريحان» وغيرهما، وغنى غارسيا عن عائشة وفاطمة في رياض الأندلس، وعن النوستالجيا الحارقة إلى الزمن الجميل الذي مضى ولن يعود. ولم يظهر للمرأة أثر على منصة العرض، لكن الصوت النسوي باللغة الفرنسية حضر كي يحكي عما حدث وينطق بالشعر والحكمة، كما حضرت المرأة بلباس أبيض على شاشة مكبرة (الفيديو من إنجاز ياسين السبتي وحسن الوزاني)، قبل أن ينتقل المشهد إلى تشكيلات فسيفسائية تؤشر إلى قصر الحمراء ومنارة الخيرالدا وغيرها من الروائع العمرانية الإسلامية بالأندلس. هي الأندلس التي في البال، إذن، دعت فرقة «كان يا ما كان»، التي يديرها فنيا المهدي كندي إلى جانب فاطيم العياشي، إلى إيقاد نجوم الانسجام والمحبة كي تبقى حية في الخواطر إلى ما لا نهاية. يذكر بأن جمعية «مغرب الثقافات»، التي تنظم مهرجان «موازين: إيقاعات العالم» منذ صيف 2001، دأبت على جلب أشهر الفنانين على الصعيد العالمي، ومن أبرز الفنانين العالميين الذين حضروا دورات المهرجان المتعاقبة ويتني هيوستن، وإلتون جون، وليونيل ريتشي، وشاكيرا، ويوسف إسلام، فضلا عن أبرز الفنانين المغاربة والمشارقة العرب. (و.م.ع)