كشفت مدينة شفشاون، مع احتضانها للدورة الثامنة، لمهرجان «أليغريا»، الذي نظم مؤخرا ، أن المهرجان يشكل محطة للحوار والتواصل من خلال الفن الذي يعد جسرا للتقارب بين مختلف الثقافات. وأن مشاركة فنانين وفنانات من المغرب واسبانيا وأمريكا اللاتينية، واجهة من واجهات الانفتاح الذي تسعى مؤسسة «شفشاون فن وثقافة» إلى اعتماده كتصور ثقافي للدورات القادمة من المهرجان. في هذا السياق، أكد محمد بودياب رئيس مؤسسة «شفشاون للثقافة والفن»، الجهة المشرفة على تنظيم دورة المهرجان، أن عودة المهرجان بعد ثلاث سنوات من التوقف تعد مرحلة جديدة من هذه الفعالية التي تروم توسيع آفاق اهتمامها لتشمل مختلف الانماط الموسيقية المغربية والاجنبية، وإبراز الخصوصيات الحضارية لهذه المنطقة . وأن المهرجان يسعى الى تعزيز حضوره الثقافي المحلي والوطني والاقليمي كفضاء للحوار والتواصل من خلال الفن وكجسر للتقارب بين مختلف الثقافات، يستقطب باقات متنوعة من العروض الموسيقية والفنية الوطنية والدولية باهتمامات موسيقية وإبداعية مختلفة. و أن شعار التنوع الفني والثقافي ، استطاع أن يجمع عشاق مهرجان «أليغريا» ، في نسخته الثامنة ، ما شكل على مدى يومين (16 و17 ماي 2014)، موعدا مع حفلات حولت مدينة شفشاون إلى مسرح لتلاقح ألوان موسيقية مختلفة تعبر عن أهمية الحوار من خلال الموسيقى، وأهميتها في تعزيز الترابط والانسجام بين كل المجتمعات. ومن جهته، اعتبر المدير الفني للمهرجان هشام بنعبد الرازق ، في سياق تقديمه لبرمجة هذه الدورة التي جمعت بين الموسيقى المغربية والإيقاعات الإسبانية واللاتينية من خلال الحفلات الفنية ، أن «أليغريا» تنبني على التعددية الثقافية بالمغرب وارتباطها مع ثقافات العالم والحداثة ، كمعطى يخلق تفاعلا مابين التراث والمستقبل ، ليؤكد على أن موقع مهرجان مدينة شفشاون ، يأتي كواجهة للدفاع والتعريف بهذه التعددية الثقافية والفنية التي تمتاز بها المدينة والمغرب عموما. هكذا، كان جمهور مدينة شفشاون على موعد مع أربعة حفلات موسيقية ، جمع بينهما سحر الموسيقى المغربية والإيقاعات اللاتينية ، حيث تم إحياؤها كل من العازف والموسيقي المغربي مجيد بقاس، مبدع «بلوز كناوة الافريقي»، والفرقة الكرنفالية البرازيلية «صامباطوك» العازفة على آلات إيقاعية مختلفة تجاوب معها الجمهور الشفشاوني ، الى جانب اشرفهم على محترف للموسيقى احتضنه فضاء المعهد الموسيقي بالمدينة.. كما جمعت الدورة الثامنة للمهرجان ، الذي نظمت آخر دورة له في يوليوز من سنة 2010، بين الموسيقى المغربية والإيقاعات الإسبانية والدولية من خلال حفلات فنية أحياها سيمو بوعزاوي المختص في موسيقى الفلامينكو والشاب فوضيل المتألق في موسيقى الراي ، والفنان المغربي حكيم المختص في فن «الكوبلا»، والفنانة المغربية «أوم» (OUM) والفنان جمال نعمان ، والفنان حميد الحضري. كما تميزت الدورة الثامنة، بالاقامة الفنية التي جمعت تحت عنوان «شعلة النجوم، كان يا ما كان » كل من الفنانة فاطيم العياشي ، لينو خوسيل (القيثارة) و بتي موح (آلة الموندولين) ، رشيد زروال (الناي)، محمد الوهابي (بركسيون) ، ألبيرتو كارسيا ، وجمال نعمان (الغناء) ، في حين أشرف على الادارة الفنية المهدي الكندي. ومع إعادة إحياء صوت مهرجان «أليغريا» ، بالدورة الثامنة، يمكن القول أن الجديد في دورة هذه السنة ، أنه تفوق في هذه الانطلاقة الجديدة ، واستطع الجمع مابين مفهوم ادماج وربط الثقافة بالتنمية، ومن جهة أخرى ، أنه حان الوقت، بلورة فكرة استراتيجية ثقافية واضحة من طرف المشرفين عليه ، لجعل مهرجان «أليغريا» مؤهل ليلعب هذا الدور، من خلال اعتباره فكرة جامعة بامكانها أن تعكس ذلك الغنى الثقافي والتراثي الذي يميز شفشاون عن باقي المدن المغربية. وإذا كانت نية المشرفين على المهرجان ، كما تم التصريح بها، باعتبار «أليغريا» مشروع ثقافي وفني شامل حيث الوحدة والاختلاف يشكلان امتيازا، فلهذا السبب، يمكن لمهرجان شفشاون أن يجعل من فضاء المدينة مكانا تلتقي فيه الأفكار والآراء والتعددية باعتبارها نموذجا للتعايش. يذكر، أن المهرجان ينظم من طرف مؤسسة «شفشاون للثقافة والفن» ، ووكالة تنمية وإنعاش أقاليم الشمال، بدعم من مجموعة من المؤسسات الاقتصادية والاعلامية والجماعية . وتعتبرهذه التظاهرة الفنية والثقافية نوعا من تفعيل فكرة المجتمع المدني المغربي ، من خلال إشراك جميع فعاليات مدينة شفشاون، وفتح فضاءاتها للحوار حول التعددية الثقافية، والجغرافية، لأن «أليغريا» عبارة عن رؤيا تتقاطع فيها الصيرورة التاريخية للمدينة، والصيرورة التاريخية المغربية، وكذا مستقبل المغرب.