بعد أخذ ورد وجدال طويل وقرار الكثير من المخرجين التونسيين مقاطعة القناة الوطنية الأولى بسبب إعلانها سابقا عن عجزها المالي عن تأمين إنتاج عمل درامي لشهر رمضان هذه السنة. وبعد إعلانهم سحب الثقة من القناة بسبب عدم رضائهم على سياستها في التعامل مع المخرجين. نجح المخرج مديح بلعيد في كسب المعركة وكسب ثقة إدارة القناة لإنتاج مسلسل بعشرين حلقة، يشارك فيه كبار الممثلين على الساحة في تونس. مع العلم أن القناة الوطنية دأبت سنويا على إنتاج أكثر من عمل درامي إلى جانب بعض الفقرات الأخرى تؤثث به سهرات رمضان على غرار بقية القنوات. وانطلق تصوير مسلسل «ناعورة الهواء» في مناطق مختلفة من العاصمة التونسية منذ مدة قصيرة في سباق مع الزمن من أجل أن يكون جاهزا لمتابعي القناة الوطنية في شهر رمضان. وقد لعبت المشاكل الداخلية التي شهدتها القناة لفترة طويلة دورا كبيرا في هذا التأخير. ويرى الكثير من النقاد أن المسلسل سيكون بمثابة الحدث الدرامي هذه السنة، نظرا للقضايا الجريئة التي سيتعرض لها، والتي لم تطرح سابقا في الأعمال التلفزية التونسية، حيث تحدث مخرج المسلسل مديح بلعيد على أنه سيتم التعرض لقضايا الدعارة المنظمة والاتجار بالأعضاء في دول الخليج والتحرش الجنسي والمخدرات. وهي قضايا مثيرة وجدية قد حاول الإعلام التطرق إليها ولكن بصورة محتشمة مما يجعل طرحها في عمل تلفزي خطوة جريئة ذي حدين. فالمشاهد التونسي الذي يكاد يكون في قطيعة طيلة السنة مع القنوات الوطنية يكون مشاهدا وفيا لها في شهر رمضان. وهذا يساعد من جهة على توسيع دائرة اهتمام الجميع بمثل هذه القضايا المسكوت عنها والتحسيس بها، ولكنه سيكون بمثابة الرجة للبعض الذين ما زالوا تحت تأثير «العيب» والممنوع ولسنا نعلم ماذا ستكون ردود الفعل؟ ولكن يبدو أن المخرج انتبه لهذا المعطى جيدا عبر عملية انتقائه لنجوم العمل. حيث فهم بلعيد العلاقة الوطيدة التي تجمع جمهور الدراما التونسية بالنجم فتحي الهداوي واختاره كبطل أول، لتكون بمثابة اللعب على نفسية المشاهد الذي يثق تماما في عمق وجرأة وقيمة الأعمال التي يشارك فيها الهداوي والتي عادة ما تلاقي القبول التام. هذا دون أن ننسى توجهه إلى الأسماء الكبيرة فإلى جانب الممثل فتحي الهداوي نجد كلا من الفنان المسرحي والسينمائي والتلفزي رؤوف بن عمر والفنانة دليلة مفتاحي وزهيرة بن عمار وغيرهم من الأسماء المعروفة. «ناعورة الهواء» دخل إلى حد الآن أسبوعه السابع من التصوير على أمل أن تنتهي اللمسات الأخيرة في شهر جوان ويعرض في شهر رمضان لينافس الجزء الرابع من مسلسل «مكتوب» الذي يعد أكثر الأعمال التلفزية نجاحا في تونس ويبث على قناة التونسية.