أسدل الستار يوم الأحد11 ماي على فعاليات مهرجان مشرع بلقصيري للقصة القصيرة ،في نسخته العاشرة، دورة المرحوم مبارك الدريبي بحضور أفراد من عائلته؛ أصدقائه وقرائه والمتأثرين به من كتاب القصة. المهرجان الذي أطفأ شمعته العاشرة، جاءت نواته الأولى احتفاء بعيد القصة المتمثل في يومها الوطني الذي يصادف 28 ابريل من كل سنة. حيث عمد في دوراته السابقة إلى الاحتفاء بمبدعين مغاربة أثروا الساحة الأدبية وقدموا خدمات جليلة للرقي بهذا الجنس الأدبي، فجاء الاحتفاء تتويجا لفن القصة، من خلال طرح مواضيع هدفها الرقي بالمجال. البادرة التي أخذت جمعية النجم الأحمر للتربية والثقافة والتنمية الاجتماعية مشعلها استطاعت أن تجعل من مدينة مشرع بلقصيري قِبلة لكتاب القصة والمهتمين بها من جميع مناطق المغرب، وهذا ما يؤكده شيخ القصة المغربية أحمد بوزفور إذ «ترتبط بلقصيري بالقصة المغربية برابطة الدم، فهي رَحِم هذا الاهتمام الذي ينتشر في كل ربوع المغرب بالقصة الآن. في بلقصيري، وفي حضن جمعية النجم الأحمر، بدأ اللقاء السنوي حول القصة. بلقصيري هي المدينة التي سَنّت لنا الندوات والقراءات والورشات حول القصة في لقاء سنوي حي يلتقي فيه الكتّاب والنقاد والشباب والتلاميذ والأجيال والمدن والأقاليم... وأنا سعيد لأني واكبتُ هذه اللقاءات السنوية في بلقصيري منذ الدورة الأولى إلى الدورة العاشرة الآن. سعدتُ بلقاء أصدقائي الأعزاء كتاب بلقصيري ومثقفيها وقرائها.. وبلقاء أصدقاء جدد من الكتاب والكاتبات وأصدقاء قدامى لم أرهم من زمن. محبتي الغامرة لبلقصيري وتمنياتي القلبية لجمعية النجم الأحمر باطراد التألق والتوفيق.. وللقائها القصصي بالحياة الحافلة بالجديد حتى الدورة المائة إن شاء الله.» فبرغم تواضع الإمكانيات المادية، والصعوبات التي يخلقها غياب الجانب التمويلي في المضي قدما ما زال المنظمون يعملون بصدق وحماسة ونكران للذات لتظل بلقصيري شعلة تنير مسار تطور القصة القصيرة. وهذا ما يوضحه بنعيسى الشايب مدير المهرجان بقوله «استطعنا أن ننفض غبار التهميش والنسيان عن عدد من الرواد عن طريق الاحتفاء بهم وتقريبهم إلى القراء. وظللنا نفتح طيلة عشر سنوات أحضان المهرجان لتلاميذ المؤسسات التعليمية والمواهب الإبداعية عن طريق تنظيم ورشات للكتابة ولقاءات مفتوحة مع الكتاب، وتنظيم مسابقات لعل أهمها مسابقة صديقنا الكبير أحمد بوزفور للقصة القصيرة التي بلغت دورتها الحادية عشرة» المهرجان المنظم أيام 09_ 10_11 ماي 2014. تم الإعلان فيه عن نتائج المسابقة الموجهة للقصاصين الشباب، حيث فاز بالجائزة الأولى عز الدين الماعزي عن قصته « من شرفة كيليطو». فيما عادت الجائزة الثانية إلى توفيق بوشاري عن قصته « توت الأرض السماوي». أما الجائزة الثالثة فكانت من نصيب علاء الشاوي عن قصته « ثورة الديك الرومي. انطلق المهرجان مساء الجمعة 09 ماي ، بحضور شخصيات وازنة في المدينة و ثلة من المبدعين المغاربة الذين لبوا دعوة الجمعية بالمشاركة في هذا العرس الثقافي . بندوة تكريمية للكاتب المغربي الرائد مبارك الدريبي رحمه الله كان الافتتاح ، حيث شارك فيها كل من ادريس الصغير والميلودي السعدي ومحمد صولة ومصطفى أجماع. و قام بتسييرها محمد الشايب. فيما شهدت صبيحة اليوم الثاني من فعاليات المهرجان ندوة حول موضوع «عنوان القصة «، سير ها محمد آيت حنا بمشاركة كل أحمد بوزفور والحبيب الدايم ربي والمصطفى كليتي وسلوى الكحلاني. المهرجان الذي أطلق صرخة ميلاده قبل أكثر من عقد من الزمن. استطاع أن يتخطى مجموعة من الصعوبات بفضل تضحيات جسيمة وخدمات جليلة قدمها أعضاء جمعية النجم الأحمر وأصدقاؤها، لتتضافر الجهود لتحقيق هدف واحد هو التأسيس لتقليد أدبي سنوي يرفع راية الإبداع القصصي، ويحتفي بكتابه، ويطرح أسئلته بعيدا عن الضجيج والادعاء. هذا كله يعيد السؤال نفسه إلى متى يحارب الأفراد للنهوض بالثقافة في هذا البلد الأمين في غياب شبه تام لدور وزارة الثقافة، هذه الفكرة تؤكد عليها ليلى مهيدرة في مداخلتها إذ تقول: « لنتفق أولا أن تنظيم الملتقيات الثقافية يظل اختيارا لا إجبارا حتى لا نقول أنه وسيلة الهامش من أجل خلق جو يريحه ثقافيا ويجعله يعبر من خلاله عن طموحاته وتوجهاته الأدبية لكن العائق الأول والأهم يظل هو الإكراه المادي وإن كانت هناك معيقات أخرى تتشكل في تباين المستويات وعدم التنسيق بين الفاعلين الجمعويين داخل المدينة الواحدة فكيف بالوطن العريض مما يستنزف قوى المنظمين ويربك حساباتهم.. هذا وجل المثقفين الصادقين ليس لهم من مطالب إلا ايجاد جو مريح يتبادلون فيه التجارب في ظل غياب شبه تام لدور وزارة الثقافة ولباقي المتدخلين الذين من المفترض أن يكون دورهم هو دعم الثقافة والنهوض بها وبالمشتغلين بها». لاشك أن ما يرفع من قيمة مهرجان مشرع بلقصيري هو كونه عرساً للمدينة، ومناسبة لتطوير القصة والقاص بعقد لقاءات تشاورية للبحث في إشكالات تطوير الكتابة القصصية، وموعدا مهما لتوطيد العلاقات بين الكتاب، مع الإصرار على إدماج الفئات الصغرى لتأخذ المشعل من أيادي المبدعين عبر ورشات قصصية لصالح المواهب في لقاءات مفتوحة بين التلاميذ والتلميذات ممن ينتمون للمؤسسات التعليمية من جهة والمبدعين من جهة أخرى. لقد تخللت فقرات المهرجان قراءات قصصية أغناها كل من حسن البقالي واحمد السقال وحسن اليملاحي وعلي بنساعود ونادية الأزمي وفاطمة الزهراء المرابط وحميد الراتي ومصطفى الموذن ومحمد البغوري وليلى مهيدرة وعبد الحق الشنوفي واحمد بوزفور وعبد الحميد الغرباوي وسعيد منتسب وزهير الخراز وعبد المجيد الهواس ورشيد الشباري وعبد الهادي الفحيلي وعبد السلام جباري ومحمد الحفيظي وباتول المحجوبي... كما نُظم على هامش المهرجان معرض جماعي للفن التشكيلي للفنانين ؛ إدريس بوعادي، الطيب اشعيب، عبد الله اليماني وجمعة دادة، واختتم فعالياته بتكريم الفنانة التشكيلية جمعة دادة مع الاعلان عن المحتفى به للدورة القادمة من المهرجان ؛المبدع إدريس الصغير. نرجو لمهرجان مشرع بلقصيري للقصة القصيرة مزيدا من التألق والنجاح.