قالت مديرة الوثائق الملكية بهيجة سيمو، يوم الخميس الماضي بطنجة، ان روابط المغرب مع افريقيا جنوب الصحراء تشكل تراثا متعدد الأوجه، متجذرا في عمق التاريخ، كما تؤكد ذلك العديد من الوثائق والمخطوطات التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى. واشارت سيمو، خلال ندوة حول موضوع «المغرب الإفريقي» من خلال مستندات الوثائق الملكية للمغرب، والمنظمة في إطار الدورة ال 18 من المعرض الدولي للكتاب والفنون بطنجة ( من 7 الى 11 ماي الجاري)، الى أن العلاقات المغربية مع افريقيا جنوب الصحراء، التي يعود تاريخها إلى زمن بعيد، عرفت حقبتها الذهبية بعد انتشار الإسلام في شمال افريقيا. وأبرزت أنه ومنذ العصور الوسطى، حرص سلاطين المغرب على الحفاظ على علاقات تجارية وثقافية وثيقة مع افريقيا جنوب الصحراء، التي كانت تسمى آنذاك ب «بلاد السودان «، مؤكدة أن هذه العلاقات التجارية ساهمت ليس فقط في ازدهار المغرب وغرب أفريقيا ، بل وكان لها دور بارز أيضا في تقوية الروابط والاواصر الثقافية والروحية و السياسية في هذا الجزء من القارة الأفريقية. وأبرزت الباحثة المغربية ان «العديد من المواقع والمدن التي أقيمت على طول طرق التجارة الصحراوية (تومبوكتو، وغاو، سجلماسة، مراكش...) شكلت في واقع الامر فضاءات لنشر الدين الإسلامي والمذهب المالكي والتبادل الثقافي، وساهمت في تعزيز صرح علاقة متميزة بين مختلف الأسر والسلالات الحاكمة في المغرب و دول وشعوب جنوب نهري النيجر و السنغال». واضافت أن هذه العلاقات المتميزة ، والتي تعكسها الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية ، تضمنت فصولها العديد من المخطوطات التي تعج بها المكتبات المغربية ومثيلاتها في بلدان المنطقة، خاصة بتومبوكتو، كمركز للاشعاع الثقافي البالغ الاهمية ، كما تم الاحتفاظ بجزء منها في المؤسسات المتخصصة في جمع الوثائق والمحفوظات في المغرب وفرنسا. واعتبرت سيمو أن «الطفرة الحالية في العلاقات بين المغرب ودول أفريقيا جنوب الصحراء تعكس بشكل واضح البعد الطبيعي للمغرب ،كبلد افريقي بالتمام والكمال»، مشيرة الى أن «الزيارات التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لعدة بلدان افريقية، حيث لقي جلالته ترحيبا حارا وكبيرا من قبل شعوب تلك الدول التي شملتها الزيارات باعتبار جلالته ملك المغرب وبصفته أمير المؤمنين، مكنت من الانتقال بهذه العلاقات إلى أفق حديث، يقوم على أساس التنمية الاقتصادية و التعاون الفعال والتضامن «. وتناقش الدورة ال 18 للمعرض الدولي للكتاب والفنون ،المنظمة من طرف المعهد الفرنسي في اطار موسمه الثقافي بالشراكة مع جمعية طنجة للعمل الثقافي ، العديد من القضايا المرتبطة بالقارة الافريقية بتنوعها والعلاقات العميقة الممتدة لآلاف السنين التي تربط المغرب، كبلد مغاربي، بدول افريقيا جنوب الصحراء. وتشكل التظاهرة الثقافية السنوية، على مدى خمسة أيام، فضاء للكتاب والفنانين ورجال الفلسفة و الفكر، الذين لهم ارتباط وثيق بهذه القارة، لتبادل الأفكار ووجهات النظر حول تنوع افريقيا ومستقبلها.