حركة غير عادية تلك التي عرفتها ساحة باب الحد بالرباط يوم السبت 10 ماي 2014، حشود من الأطر المغربية توافدت على العاصمة الإدارية وهي ترتدي بذلة سوداء كإشارة لكل من يهمه الأمر، وخاصة إلى حكومة ما بعد الربيع العربي، إشارة مفادها بأن السيل قد وصل الزبى وأن كرامة المتصرفة والمتصرف من أبناء هذا الوطن خط أحمر، فكل شيء يهون لأن الكرامة كنز ثمين لا ثمن لها. من كل أنحاء البلاد من اٌقاليمنا الصحراوية ومن الشرق والغرب والجنوب والشمال، هناك إجماع لكل المتصرفات والمتصرفين على أن الحكومة تتعامل مع المطالب المشروعة لهاته الفئة بنوع من التهميش، فالمتصرف مستهدف بشكل ممنهج ومقصود، وأن الحكومة عوض الجلوس إلى طاولة الحوار من أجل إنصاف نخبة الإدارة المغربية فإنها اختارت لغة التضييق على الحريات والاقتطاعات من أجور المضربين في خرق سافر للقانون، رافعين شعار التحدي « اقتطع يارئيس الحكومة فإن الهيئة لا تستسلم- وأن الإضراب حق مشروع ضد القمع والجوع» مطالبين من رئيس الحكومة بأن لا يتعامل بمنطق التمييز بين أطر الدولة، وأن الحكومة يجب أن تعي بأن لا إصلاح ولا تحديث إداري في ظل شعور المتصرف، الذي يعتبر العمود الفقري للإدارة، بالتهميش وعدم الإنصاف والتمييز وبالحكرة، بل أكثر من ذلك فكيف تتصور الحكومة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وهي تضرب القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة التي يتم تفقيرها. الأكيد، كما صرح للجريدة عنان عباسي الكاتب الجهوي للاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة جهة فاس بولمان خلال المسيرة ، بأن على الحكومة الاستجابة الفورية لمطالبنا العادلة والمشروعة، لأن نهجها لسياسة الأذان الصماء والكيل بمكيالين لن يزيدنا إلا إصرارا وعزيمة لمواصلة البناء والتنظيم والنضال والاستماتة في المطالبة بالحقوق المشروعة. فالمشاركون خلال المسيرة الوطنية للغضب الأسود يعتبرون بأن الحكومة ليست لها نية في إيجاد مخرج منصف وعادل لملفهم، وأن الحل الوحيد والأوحد هو رد الاعتبار ورفع الأجور وتغيير القانون، وفي حالة استمرار الحكومة في نومها العميق، وما دامت المطالب مشروعة فليست هناك هدنة ولا استسلام وبأن الاحتجاجات ستطول وأن السيد بن كيران هو المسؤول. وقد اختتمت مسيرة الغضب بكلمة قوية لرئيسة الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة فاطمة بنعدي، والتي أشادت بالجو الحضاري الذي ميز هذا العرس النضالي، موجهة تحية عالية لكل المتصرفات والمتصرفين الذين شاركوا في مسيرة الغضب، داعية في نفس الوقت كل التنظيمات الحزبية والنقابية والجمعوية إلى مواصلة مساندتها لملف المتصرفين ولكل قضايا الشعب العادلة، وأن المتصرف، وهو القلب النابض للإدارة المغربية، يعتبر بأن المعركة هي مسألة كرامة وحق ومبدأ، داعية رئيس الحكومة إلى فتح حوار عاجل ومسؤول حول الملف المطلبي لهيئة المتصرفين والاستجابة لمطالبها العادلة والمشروعة على غرار استجابة الحكومة لهيئات مماثلة تزاول نفس المهام داخل الإدارة المغربية. كما دعت في الختام كل المتصرفات والمتصرفين للاستعداد وللتعبئة لأن البرنامج النضالي سيستمر، وأنه لا خيار، في حالة تجاهل الحكومة للملف، إلا التصعيد ثم التصعيد.