منذ الخطاب الملكي ليوم الجمعة 11 أكتوبر 2013 أمام البرلمان ، والمتضمن لتشريحٍ غير مسبوق لمختلف أسقام وعِلل «الجسد البيضاوي» العام ، دُبِّجت مئات المقالات ، وأُذيعت عشرات البرامج المتمحورة حول «تدبير عاصمة المال والأعمال » ، وعُقدت اجتماعات ، لا تُعد ولا تحصى ، منها العلني والسري ، داخل المقرات العمومية والمنازل الخاصة، و ذلك سعيا وراء الإمساك ب«الوصفة» السحرية الفريدة ، التي بمقدورها بعث الحياة ، في «أوصال» مشاريع النماء الحيوية ، التي تم وأْدُها بفعل الصراعات السياسوية الضيقة ، التي أدخلت المدينة في نفق مظلم عنوانه الكبير : شللٌ شاملٌ ويأسٌ تامٌّ تجاه المستقبل! تحرّكات صوب هذه القِبلة أو تلك ، اتصالات بهذا الطرف أوذاك ، أسفرت ، مؤخرا ، عمّا يمكن نعتُه ب «خريطة طريق» لجعل «العاصمة الاقتصادية » للبلاد ، والمعوّل عليها لمُنافسة نظيراتها في العالم المُتقدم صناعيا وتكنولوجيا ، تستعيد أحقّيتها بحمل البياض المتضمَّن في تسميتها، والذي استحال إلى سوادٍ قاتمٍ تحت وقْع النكسات والخيبات المتوالية طيلة عقود من التدبير المُفلس. «خريطة طريق» تتجسد في إحداث « شركات للتنمية المحلية» تُناط بها مهام الإشراف على تدبير مختلف القطاعات الحيوية / الحساسة. وهي «الخطوة» التي ، نالت مبدئيا اتفاق جميع مكونات مجلس المدينة ، دون أن تنمحي معه ، مع ذلك ، ملامح لُبْس ، جعلت التردد يطغى على ردود العديد من الفاعلين ، مادامت دفاتر تحملات الشركات المُبشّر بها لم تخرج إلى العلن، مُنافحين عن موقفهم هذا بكون عدة شركات سبق أن تم إحداثها برأسمال كبيرمن جماعتهم ، دون أن يكون لهم علم بشأن أدائها ، حيث لا ترفع لهم لا تقارير دورية أو سنوية بخصوص أوضاعها ، مقدمين كنموذج شركة «نقل المدينة»، التي تضخ في ميزانيتها ملايين الدراهم مع كل بوادر أزمة ، تحت يافطة الإنقاذ !! دون أن يقدم بشأنها أي تقرير منذ إنشائها إلى اليوم ، إلى مجلس المدينة ، الممول الرئيسي لها! نموذج آخر تسري عليه نفس المؤاخذات من قبل الفاعلين المُتحفظين، وإن كان حديث النشأة ، يتمثل في شركة « كازا طرام» التي لا يعلم مجلس المدينة أي شيء عن تدبيرها ، مادام أنه لم يتوصل بأي تقرير ، لحد الآن ، بشأن نشاطها. الوضع ذاته ينطبق على « CASA AMENAGEMENT »، المحدثة من أجل الإشراف على حديقة سندباد بعين الذئاب وحديقة الحيوانات بعين السبع، وغيرهما من المرافق ، دون أن تُقدّم أية «نقط ضوء» بإمكانها جعل مجلس المدينة، المساهم الأول في هذه الشركة ، على بيّنة من مسارات هذه الأخيرة! ورغم هذا التحفظ / التردد ، شهدت دورة أبريل الأخيرة ( 2014 ) التصويت بالإجماع لفائدة إحداث «شركات التنمية» المعلن عنها ، والتي تعتبر ضرورية ، وتشكل آلية من آليات تحديث الخدمة الجماعية. تصويت إيجابي ، أو «ضوء أخضر»، لا يمنع المتتبع والمهتم بالشأن العام ل«المدينة الغول»، من إبداء ملاحظات مبعثها تصفّح أولي للوثائق الرسمية الخاصة بهذا «المولود الجديد» ، حيث نجد أن رأسمال الشركة مكون من عدة متدخلين، من بينهم الدولة ، المجالس المنتخبة بالبيضاء، جِهتها ومجلس عمالتها ، بالإضافة إلى بنوك وصندوق الإيداع والتدبير، لكن لا تكشف الوثائق عن حجم المساهمة المالية للمدبرين الخواص، وتفاصيل اشتغال هذه الشركات وتركيبتها الإدارية ، وعدد العاملين بها ، وكيف ستُقسم الأرباح، وماهو نصيب كل مساهم منها ، ومن سيرأس مجلسها الإداري...؟! الوثائق ذاتها تؤشر على بعض «الثغرات» ، حيث ، نجد ، مثلا ، أن من مهام الشركة المحدثة ، إنجاز جرد شامل لبعض المرافق، وكأن الجماعة الحضرية للبيضاء ستدخل كمساهم في شركة بممتلكات لا تعلم عددها وقيمتها المالية !! إضافة إلى ما يمكن وصفه ب«تداخل» الاختصاصات مع شركات أخرى قائمة تربطها عُقد طويلة الأمد مع جماعة الدرالبيضاء؟! إنها ملاحظات، من بين أخرى ، تستوجب التوقف عندها، في أفق تصحيح ما يمكن تصحيحه ، سواء على المستوى القانوني أو المالي ، خصوصا والظرفية العامة للبلاد، تتميز بالاستعداد لتطبيق «الجهوية الموسعة» ، ومن ثم ينبغي أن تكون قوانين هذه الشركات متلائمة مع هذا الورش الاستراتيجي الكبير ، الذي يُراهَن عليه لنقل نتائج جهود التنمية والإقلاع الاقتصادي للمغرب، إلى مستويات أرقى تليق بالمواطن المغربي للقرن الواحد والعشرين. مجموعة التجمعات الحضرية يشمل مدار اختصاصات هذه المجموعة النفوذ الترابي للجماعة الحضرية للدار البيضاء، والجماعة الحضرية للمحمدية، وعين حرودة والجماعة القروية الشلالات وسيدي موسى بن علي وبني يخلف وسيدي موسى المجذوب والنواصر، دار بوعزة، بوسكورة، أولاد صالح، أولاد عزوز ومديونة، تيط مليل، الهراويين، سيدي حجاج، أولاد حصار، ثم المجاطية أولاد الطالب، وسيكون مقر المجموعة بالجماعة الحضرية للبيضاء. مجموعة التجمعات الحضرية ستتكلف بالتخطيط الحضري وإعداد وتتبع التصميم المديري لمجموعة التجمعات الحضرية، كما سيعهد لها، حسب منطوق الوثائق الخاصة بها ، بتدبير قطاع النقل الحضري وإعداد مخطط التنقلات الحضرية للمجموعة. كما ستناط بها مهمة معالجة النفايات والتطهير السائل والصلب، والإشراف على محطات معالجة المياه العادمة والماء الصالح للشرب والكهرباء. ومن المنتظر أن تباشر عملها بصفة تدريجية بناء على برنامج عمل يحدده مكتبها المسير، وذلك بعد اتفاق بين رئيس المجموعة والسلطة الإدارية المختصة. وتفيد الوثائق بأن مجلس مجموعة التجمعات الحضرية سيتشكل من 35 عضوا، تعكس عضويتهم العدد السكاني بكل جماعة. هكذا سيكون النصيب الأكبر في تمثيلية المجلس للجماعة الحضرية للدار البيضاء ب 17 عضوا و2 من جماعة المحمدية وعضو واحد يمثل باقي الجماعات المحيطة بالدارالبيضاء، والتي سبقت الإشارة إلى أسمائها . ويتعلق الأمر برؤساء مجالس هذه الجماعات، ماعدا المحمدية التي سيمثلها ، بالاضافة الى الرئيس، عضو منتدب من المجلس. وبخصوص الشق المادي لهذه المجموعة ، تشير الوثائق إلى أن الموارد المالية ستتشكل أساسا من مساهمات الجماعات المكونة للمجموعة في ميزانيتها والإعانات التي تقدمها الدولة، بالاضافة الى المداخيل المرتبطة بالمرافق المنقولة للمجموعة، والاتاوات والأجور عن الخدمات المقدمة، ومداخيل تدبير الممتلكات والاقتراضات والهبات والوصايا. وعن المساهمات المالية للجماعات المشكلة للمجموعة، يرتقب أن تتوصل المجموعة على رأس كل سنة، بمبلغ 34 مليون درهم، ستمنح منها الجماعة الحضرية للدار البيضاء 17 مليون درهم ، والمحمدية مليوني درهم، فيما سيكون نصيب الجماعات الست عشرة الموزعة على أطراف المدينة، مليون درهم سنويا لكل جماعة. ويمكن الرفع من هذه المساهمات ، عند الاقتضاء، في حدود الامكانات المالية لكل جماعة. مبدئيا، ستباشر مجموعة التجمعات اختصاصاتها في سنة 2015 ، وفق مخطط مفصل، يحدده رئيس مجلس المجموعة . وفي مايخص الجانب المتعلق بالموارد البشرية للمجموعة، توضح الوثائق أن مستخدمي «المجموعة» يتكونون من الموظفين الملحقين لدى المجموعة، من طرف الجماعات المكونة لها، أو من لدن إدارات أخرى، بالاضافة إلى الأعوان والمستخدمين الذين يتم توظيفهم من طرف المجموعة، والموظفين والأعون الذين تضعهم الدولة أو الجماعات المحلية رهن إشارة المجموعة، ويمكن لهذه الأخيرة أن تغير اسمها أو مقرها. شركة مراقبة شركات النظافة CASA veille et controle تفيد الوثائق الرسمية بأن مجال اختصاص هذه الشركة سيطال كافة النفوذ الترابي للجماعة الحضرية للدار البيضاء، وسيعهد لها بمراقبة عمل شركات النظافة وفق دفتر التحملات الخاص بهذا القطاع، مع توفير جميع الوسائل المالية والبشرية للسهر على جودة عمل شركات النظافة وإعداد تقارير حول عمل هذه الأخيرة. كما ستتكلف ، وفق مضمون الوثائق ذاتها ، بمراقبة عمل الشركة المدبرة للمجازر البلدية والسهر على تنفيذ دفتر التحملات والمساهمة في محاربة ظاهرة الذبيحة السرية. تنضاف لها مهمة مراقبة سوق الجملة للخضر والفواكه، إلى جانب تنفيذ كل عملية تتبع أو مراقبة يكلفها بها المجلس الجماعي للدار البيضاء. وبشأن ما يهم مالية الشركة، فإن رأسمالها حُدد في 16 مليون درهم موزعة على مساهمين منهم وزارة الاقتصاد والمالية بخمسة ملايين درهم ، والجماعة الحضرية للدار البيضاء، ب 6 ملايين درهم، ومجلس جهة الدارالبيضاء الكبرى ب 3 ملايين درهم، ومجلس عمالة الدارالبيضاء بمليوني درهم. هذه المساهمات في رأس مال الشركة، قابلة للمراجعة وفق قرارات متطابقة للمساهمين، وسيتكلف رئيس المجلس الجماعي، أو من ينوب عنه داخل المجلس الإداري لها، بعرض تقرير خلال دورة يوليوز من كل سنة حول أعمال الشركة ووضعيتها المالية، علما بأن الجماعة الحضرية للدار البيضاء ستحتفظ بنسبة من الأسهم تمكنها من التقرير في تدبير الشركة. شركة كازا تنشيط Casa events et Animation يشمل مدار اختصاصات هذه الشركة النفوذ الترابي للجماعة الحضرية للدار البيضاء، ويُراهَن على أن تقوم بإحداث المرافق ذات الصبغة الثقافية و الرياضية عبر تراب الجماعة الحضرية ، وإنجاز جرد بمختلف المرافق الثقافية والرياضية وصيانة وتدبير المرافق والتجهيزات الرياضية والثقافية الجماعية، مع مراعاة المرافق ذات الصبغة الاجتماعية، وستنفذ السياسة الثقافية والرياضية للجماعة ومختلف المقاطعات، مع إنجاز البرامج المتعلقة بالانشطة ذات الصلة وتنسيق تدخلات مختلف الفاعلين في المجالات الثقافية والرياضية، مع القيام بجميع التدخلات والإجراءات الرامية الى تنمية المجال الثقافي والرياضي بالمدينة وتسويق صورة المدينة وطنيا ودوليا بجميع الوسائل التي تراها مناسبة، وكذا التنسيق مع جميع الفاعلين الخواص و المؤسساتيين لإنجاز أحداث تساهم في تنشيط المدينة وتعزيز صورتها و كذا تنفيذ البرنامج التواصلي للعاصمة الاقتصادية. وتفيد الوثائق الرسمية بأن رأسمال الشركة حُدد في 11 مليون درهم بمساهمة الجماعة الحضرية للدار البيضاء ب 6 ملايين درهم، ومجلس الجهة ب 1,5 مليون درهم، ومجلس العمالة ب 1مليون درهم ، والدولة ب 2,5 مليون درهم. ووفق مضمون الوثائق نفسها ، فإن المرافق التي ستدبرها الشركة تعتبر في ملكية الجماعة الحضرية للدار البيضاء ويمكن سحب تدبيرها بقرار من المجلس الجماعي يتخذه خلال مداولاته العادية أو الاستثنائية. شركة الدارالبيضاء للتنمية Casa Developement من خلال التفحص الأولي للوثائق الرسمية ، يتضح أن هذه الشركة سيعهد لها بتدبير عمليات وقوف السيارات والناقلات، وإنشاء وتدبير« المراكن» [ أماكن توقف السيارات ]، وكذا إنجاز جميع الدراسات المرتبطة بالعمليات السابقة، واستعمال وسائل الاستغلال الحديثة. إضافة إلى القيام بالعمليات التجارية، الصناعية، المالية والعقارية المتعلقة بأهداف الشركة، والتي من شأنها أن تساهم في انطلاقها ونموها. ويمكنها ، في إطار نشاطها، القيام بجميع العمليات والاجراءات الضرورية التي قد تفيد في تحقيق غرضها ، ومنها أساسا شراء واستئجار وقبول جميع الاراضي، مبنية كانت وغير تلك التابعة للملك الخاص للجماعة، وإنجاز جميع العمليات العقارية داخل الحدود الترابية للجماعة الحضرية لمدينة الدارالبيضاء، و سيكون لها الحق تؤكد الوثائق في بناء ووضع و استغلال وتدبير جميع التجهيزات والتهييئات ( المحاجز، الاثاث الحضري، والتشوير...). وسيكون للشركة حق تدبير مرفق مواقف السيارات لمدة 99 سنة، تبدأ من تاريخ التسجيل في السجل التجاري ، علما بأن رأسمال الشركة تم تحديده في مبلغ 40 مليون درهم نقدا، مقسم الى 400.000 سهم بقيمة 100 درهم للسهم الواحد، تم تحريرها بكاملها. شركة البيضاء للتراث المعماري Casa Patrimoine يضم مجال اختصاص هذه الشركة النفوذ الترابي للجماعة الحضرية للدار البيضاء ، والمجال الترابي للجماعات المساهمة في الشركة، ويعهد لها ، حسب الوثائق الرسمية ، بإنجاز جرد كامل لكل العناصر المكونة لتراث المدينة المعماري (توصيف للعقار، المنطقة، التاريخ، تشخيص البناية والإطار القانوني...). كما ستتكلف، بإعداد مخطط لحماية وصيانة وتثمين هذا التراث، قصد وضع استراتيجية للتدخل، تضم مختلف الفاعلين المعنيين (الملاك، المؤسسات الكبرى، مجموعة البنوك والسلطات العمومية...). هذا إلى جانب توفير وسائل العمل القانوني والمالية المؤسساتية، والقيام بجميع التدخلات الرامية لصيانة والمحافظة على التراث في إطار الاستراتيجية المحددة ، مع تنسيق تدخلات مختلف الفاعلين على مستوى المدنية. كما سيعهد لها بمهام التعريف بغنى التراث المعماري البيضاوي على الصعيد الوطني والدولي بتفعيل وسائل التعاون الدولية. وقد حدد رأسمال هذه الشركة في 45 مليون درهم موزعة على عدة مساهمين منها وزارة المالية ب 10 ملايين درهم، والجماعة الحضرية للدار البيضاء ب 16 مليون درهم، ومجلس جهة البيضاء ب 5 ملايين درهم، ومجلس العمالة بمليون درهم، والجماعة الحضرية للمحمدية بمليون درهم ، والوكالة الحضرية للدار البيضاء ب 5 ملايين درهم ، وصندوق الإيداع والتدبير بمليون درهم، وثلاثة بنوك كبرى منها البنك الشعبي، البنك المغربي للتجارة الخارجية ، والتجاري وافا بنك، ب 5 ملايين درهم. وسيتكلف رئيس الجماعة الحضرية للبيضاء، أو من ينوب عنه داخل المجلس الإداري للشركة، بعرض تقرير خلال دورة يوليوز من كل سنة، حول أعمال الشركة ووضعيتها المالية. وستحتفظ الجماعة الحضرية للدار البيضاء بنسبة من الأسهم، تمكنها من إبداء رأي في تدبير الشركة. في انتظار «الدوران» الرسمي بالنظر للانتظارية الكبيرة التي رافقت تحركات المسؤولين ، من مختلف مستوياتهم ، عقب الخطاب الملكي بشأن الوضعية «المريضة» التي أضحت عليها هياكل «العاصمة الاقتصادية» ، من المُرتقب أن تطفو ، مستقبلا ، على سطح « النقاش البيضاوي العام» ، قضايا وانشغالات سيفرزها الدوران الرسمي ل«عجلات» شركات التنمية ، المشار إليها أعلاه ، وذلك استحضارا لحقيقة مفادها أن القراءة الخاطفة لمضامين الوثائق الرسمية الكاشفة عن «هوية» هذه الشركات والتي تنطبق على الغاية المتوخاة من التعريف بهذه الشركات في هذا الملف تختلف جذريا عن القراءة العميقة لما تؤشر عليه معطياتها الرقمية و«عباراتها الفضفاضة» ، والتي سترهن الأجيال البيضاوية لعقود طويلة.