بات الجدل حول مستقبل رسوم ترخيص الخدمة التلفزيونية في المملكة المتحدة مرشحا للتصاعد، وذلك قبل فترة قليلة من تجديد الترخيص والميثاق الملكي الخاصين بهيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) في عامي 2016 و2017 على التوالي. وخلال الأسبوع الماضي، أعلن نواب في البرلمان البريطاني دعمهم لخطط ترمي لإعطاء الحكومة سلطة تقنين التوقف عن تسديد رسوم ترخيص التلفزيون. وفي السياق ذاته، رفضت «بي بي سي» الشهر الماضي دعوات لطرح اكتتاب رسوم تطوعي مقابل خدماتها الإخبارية. وردا على تساؤل الحكومة حول مستقبل هيئة الإذاعة البريطانية، قالت «بي بي سي» إن رسوم الترخيص الإجبارية السنوية البالغة 145.50 جنيه إسترليني، والتي تدفعها كل العائلات التي تملك جهاز تلفزيون لتمويل هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية، تعد »السبيل الأكثر فعالية« لتمويل نشاطات الهيئة العريقة. لكن السؤال المهم: ما مدى انتشار تطبيق فكرة رسوم ترخيص الخدمة التلفزيونية حول العالم؟ تنتشر فكرة رسوم مستخدمي التلفزيون المحليين، أو الرسوم غير المباشرة، التي تستخدم في تمويل محطات التلفزيون العامة، فيما يقرب من ثلثي الدول الأوروبية. ويقل انتشار هذا التوجه في الدول الأفريقية والآسيوية، وينعدم وجوده تماما في أميركا الشمالية. وفي بعض الدول، مثل صربيا ورومانيا، يجري تسديد رسوم ترخيص خدمة التلفزيون عن طريق تحميلها على فواتير استهلاك الكهرباء. وقد ظل النموذج الصربي مطبقا في اليونان أيضا حتى شهر يونيو 2013 عندما قررت الحكومة إغلاق هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية (إي آر تي) كجزء من خطة تخفيضات قاسية في ميزانية الدولة. ويلزم المقيمون في المملكة المتحدة من الناحية القانونية الحصول على ترخيص، إذا كانوا يرغبون في مشاهدة أو تسجيل المواد التلفزيونية في نفس وقت البث المباشر. ويدفع مالك التلفزيون الملون رسوم ترخيص تبلغ 145.50 جنيه إسترليني، بينما يدفع مالك التلفزيون الأبيض والأسود رسوم تصل إلى 49 جنيه إسترليني. وفي عام 2012، جرى إدانة وتغريم نحو 155.000 شخص بسبب عدم تسديدهم لرسوم استخدام الخدمة التلفزيونية. يقول تيم ويستكوت، كبير محللي البرامج التلفزيونية في شركة «آي إتش إس تكنولوجي»: «تبدو الحالة في بريطانيا فريدة من نوعها ومختلفة عن باقي الدول، ففي النموذج البريطاني، لدينا شبكة إعلامية عامة لا تعتمد على الإعلانات أو الاشتراكات كجزء من مصادر تمويلها». ويشير ويستكوت إلى أن الدنمارك والسويد والنرويج هي الدول الأوروبية الوحيدة التي تطبق نظاما مشابها للنموذج البريطاني. أما في اليابان، فيسدد مالكو أجهزة التلفزيون «رسوم استقبال» لتمويل هيئة الإذاعة اليابانية، وتزيد الرسوم بالنسبة للمستفيدين من بث القنوات الفضائية. وخلال الأعوام القليلة الماضية، قررت كل من فنلندا وآيسلندا إلغاء رسوم ترخيص خدمة التلفزيون واستبدالها بضريبة تطبق على جميع المواطنين البالغين. وتطبق دول أوروبية أخرى رسوم ترخيص خدمة التلفزيون، مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا، لكن هيئة الإذاعة والتلفزيون العامة في هذه الدول تعتمد أيضا على التمويل من إيرادات الإعلانات. وتطبق بولندا رسوم ترخيص منخفضة نسبيا تصل إلى 55 يورو، غير أن نسبة التهرب من دفع الرسوم تصل إلى 65 في المائة من عدد الذين يحصلون على الخدمة. ويجري في الوقت الحالي مناقشة إمكانية سحب الترخيص من المتهربين. يقول ويستكوت: «عندما يكون معدل التهرب من دفع الرسوم مرتفعا وتكاليف فرض رسوم الرخصة وجمع إيراداتها كبيرة، فإن السبيل الأفضل لأي حكومة لتمويل هيئة الإذاعة والتلفزيون العامة هو من خلال الضرائب العامة». ويشير ويستكوت إلى أنه لا يتوقع اختفاء الطريقة التقليدية لمشاهدة المحطات التلفزيونية عبر أجهزة التلفزيون بحول عام 2020، مضيفا أن «معدلات مشاهدة محطات التلفزيون عبر الإنترنت في تزايد كبير، ويعزز ذلك تزايد امتلاك أجهزة الاتصال بالشبكة العالمية، وعليه فإنه ستتزايد معدلات مشاهدة الناس للبرامج التلفزيونية المباشرة عبر الأجهزة الأخرى أكثر من متابعتها عبر أجهزة التلفزيون». ويمضي ويستكوت قائلا: «لكن حتى في الأماكن التي يتسنى للناس فيها اقتناء أجهزة اتصال بشبكة الإنترنت، ما زالوا يفضلون مشاهدة البث التلفزيوني عبر أجهزة التلفزيون. ويمكنني أن أتنبأ بثقة أن هذا الحال سيستمر على مدى الخمسة أعوام القادمة على الأقل».