مازالت قضية الاعتداء الليلي الشنيع على مقر الحزب بابي الجعد معروضة على القضاء منذ نهاية الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، اعتداء تسبب في أضرار بليغة تمثلت في تسرب المياه الصالحة للشرب وكذا المياه العادمة إلى كل غرف المقر ، الذي تصدعت وتشققت كل جدرانه وتساقط الزليج وتسرب الروائح النتنة ، رغم أن هذا المقر يعد من بين أفضل المقرات على الصعيد الوطني من حيث اتساعه ومن خلال تجهيزاته العصرية، مقر في شارع يحمل اسم مؤسس الدولة المغربية الحديثة الراحل الملك الحسن الثاني . هجوم غادر على رمز معماري للنضال من أجل تغيير معالم الهشاشة التي ظلت المدينة ومحيطها القروي يعانون منها لعقود طويلة إلى أن تدخل المسؤولون الاتحاديون، برلمانا وعلى مستوى تدبير الشأن العام المحلي ، وهو ما أقلق راحة لوبيات الفساد والريع الانتخابي مستغلين رخصة ترميم لمدة ثلاثة اشهر منذ 2011 منحت للمالك الأصلي ليستمر مسلسل الترميم الوهمي إلى يومنا هذا مع التوقف. فهل كان المعني بالأمر يحمل رخصة ترميم أم هدم وتدمير؟ ولماذ احتفظ بتلك الرخصة التي يعود تاريخها إلى حوالي ثلاثة أشهر قبل إعلان نيته المبيتة لما ادعى أنه ترميم وإصلاح؟ ولماذا لم يلجأ المعتدي إلى القضاء إذا تبين له استحالة هذا الإصلاح في الوقت الذي يعتز المغاربة بروح الدستور الجديد الذي يقر بسلطة القضاء؟ وما هو سر صمت المجلس البلدي بعد ملتمس وشكاية مناضلي الحزب ومسؤوليه بأبي الجعد؟ ولماذا لم يأخذ القضاء يشكاية الاتحاديين الذين تم الاعتداء الجسدي عليهم وفي ممتلكاتهم، كما حصل مع كاتب الفرع سعيد المسكيني؟ أسئلة عديدة لم تتم الإجابة عنها بكل موضوعية تمشيا مع روح المغرب المعاصر كما وردت في الدستور الجديد للمملكة، خاصة وان موجة «السعار» اللفظي والجسدي يزداد إيقاعها كلما اقترب موعد الاستحقاقات والمحطات الانتخابية. مالك المقر ونظرا لنفوذه المالي الكبير يهدد بدك المقر وتشييد قيسارية كبيرة فوقه مستغلا علاقاته الأخطبوطية في هذا السياق. فهل سيتدخل القانون لكبح جماح سلطة المال والولاءات العشائرية ورد الاعتبار لهذه المعلمة المعمارية التي بالمناسبة هي لا تحتفظ ولا تصون الذاكرة الاتحادية فقط، ولكنها تعكس تاريخ ساكنة المدينة لأن منه انطلقت معركة البناء وتحديث المدينة ومحيطها القروي. أسئلة بأبعاد ثلاثية وتحتاج لأجوبة حاسمة : البعد التدبيري ( مسؤولية المجلس البلدي) والبعد الأمني والمعماري( السلطات المحلية والإقليمية) والبعد القانوني ( وزارة العدل والحريات) وكلها أبعاد يقع على عاتقها تفعيل روح الدستور في هذا الاتجاه.