في التاريخ الحديث لمغرب التقلبات العاصفة، شخصيات، من مشارب مترامية الإيديولوجيا والانتماء طبعت الحياة الوطنية بمواقفها من قرارات ملك البلاد. أغلب هذه الشخصيات الوطنية الكاريزمية ذات منبت وطني وتحرري استندت إليه في تعضيد مواقفها والتعبير عنها، أو ذات شرعية تاريخية بنت عليها المقابل المدني للسلطة السياسية لشرعية الحكم التي ورثها المرحوم الحسن الثاني. وقد ربطت أجيال متتابعة من المغاربة بين قول «لا » وبين الكاريزما السياسية. وكانت السياسة والزمن السياسي يتيحان هكذا ربط، نظرا لقوة المواجهة بين السلطة وبين معارضيها أو .. شركائها السياسيين في الوطن وفي الاحتمالات السياسية لتطوره. هذه الكاريزما، لا تلقى دوما دراسات لتفسيرها، بقدر ما تلقى الإعجاب والانبهار ( الحقيقي طبعا)، غير ما يقع في الدول التي تكرست فيها بنيات الإنتاج السياسية التي تتجاوز الأشخاص والفترات. ( ماذا يعني الزعيم في الديمقراطية؟) كتاب للباحث والمفكر جان كلود مونود، وفيه يتحدث عن القرن 20 في الألفية الماضية باعتباره قرن« الباطولوجيا الكاريزما السياسية بحيث أن عبادة الزعيم القائد وصلت إلى أبعاد غرائبية بمكان، إلى درجة أنها أصبحت مسنودة بأجهزة الدولة والوسائل الأمنية والبيروقراطية والاعلامية والقمعية والتأطيرية، بإتقان واتساع لم يسبق أن حدثا. وأنها كانت قديمة قدم التاريخ نفسه.. غير أن الكاريزما المرضية، ليست هي التي تعني الباحث في المواقف الخالدة والقوية للقادة الوطنيين، وبعض الأفراد في النخبة الوطنية الذين قادتهم أقدار شخصية في الغالب إلى الوقوف أمام الحسن الثاني، رجل الدولة وأمير المؤمنين وملك البلاد وصاحب القرار الأول والأخير في السياسة الوطنية.. الكاريزما التي تستهوي النخبة، وجزء غير يسير من الرأي العام والمجتمع بروافده . هي القدرة على التعبير عن حقيقة الموقف مهما كانت المخاطر التي تحيط به. ولعل الذي كان له الفضل في إعادة اكتشافه والتنظير له هو الباحث ماكس فيبر، من بوابة دور الأشخاص في صناعة التاريخ. من سوء الفهم الكبير أن الذي أخرج من رحمه قادة كاريزماتيين، وهو اليسار الوطني الديموقراطي هو الذي ورث تقاليد عدمية التحليل الماركسي في تقزيم دور الافراد في صناعة الدورة الجماعية للتاريخ. والتفسير بواسطة الحتمية الاقتصادية للصراع الطبقي بعيدا عن أي دور «للقادة الكبار». الجانب الليبرالي بدوره ارتمى في أفق مغاير وكان مضمر تفكيره هو «أليست السلطة الفردية محكومة بالضمور والاختفاء مع تقدم الحداثة الليبرالية والديموقراطية، ومع انتشار ثقافة الأنوار وتقاسم المعرفة وتوزيع السلط؟ والكاريزما نفسها، أليست شكلا من أشكال الفكر الديني إن لم نقل السحري يمكن للعلمانية واللائكية في بنيات السلطة والتفكير أن تعفينا منها؟ في تفسير الكاريزما الأساسي في هذا المجهود هو أن الديمقراطية اليوم ، من مفارقات الليبرالية نفسها لا يمكن أن تكون إلا مقرونة بالمسألة الكاريزمية. والحل أن معطيات التحليل توصلت، مع تطور الممارسة الديموقراطية ذاتها الى أن «الكاريزما الديموقراطية ليست فقط إمكانية واردة بل هي ضرورة». (ص 15). وهو ربما ما عبر عنه ماكس فيبر في اقتناعه بالدفاع عن سلطة مهمة للفعل واتخاد القرار الفرديين، ضد ما سماه « الديموقراطية بدون دماغ أو بدون رأس« acephale ، والتي تفقد بفقدان رأسها قدرتها على التعبير عن صدى مطالب التغيير والتحول التي يرفعها الشعب العميق. ويمكن اعتبار هنا أن الكاريزما الرافضة، التي جسدها بوعبيد مثلا أو علال الفاسي ومحمد بوستة إزاء الحسن الثاني، هي من نوع الكاريزما الضرورية للعمل، بل لتعميق الديموقراطية. إنها هنا جوهر علاقة شخصية أو مشخصنة، عاطفية أو انفعالية، بالتطلعات الشعبية وبالتالي فهي كاريزما تشكل أحد الحوامل الممكنة لقلب البنيات الاجتماعية والدولتية، ذات الميل المحافظ وغير التعادلي. ما يبقى من المواقف التي تسجلت لكل شخصية سياسية على حدة، هو أن نعرف ونستخرج الشروط ( الشرطية ) التي يمكن فيها للكاريزما السياسية أن تندرج ليس فقط في إطار ديموقراطي( معارضة حكم لا يقبل المعارضة أو يسحقها) بل أن تعطيه نفسا تقدميا ودفعة إصلاحية، وقدرة على إدماج العدالة والمساواة في المخيال السياسي الذي قد ينجر الى تدبير الوضع القائم أو الستاتيكو لفائدة المصالح المهيمنة. ملاحظة أخرى تثيرها قراءة جان كلود مونود أو ماكس فيبر هي استخلاص المعايير والوسائل النظرية التي تمكن من التمييز بين الكاريزما السياسية الفعلية والحقيقية عن قرينتها ونسختها المشوهة أي الكاريزما الديماغوجية، والتي « تنزع، يوما عن يوم، الاحترام عن الديموقراطية» اللهم من مسطرتها في التعيين والاستنجاد بالأغلبية... ويكفي أن ننظر الى شعبوية مدبري الشأن العام الحالية ومحاولة زرع الكاريزما من خلال الاستكبار الأغلبي .. لنقتنع !. سؤال غير بسيط؟ إذا كانت هناك بنيات ديموقراطية أو تنحو نحو الديموقراطية، هل تكون هناك الحاجة فعلا الى قول لا للحاكم. بمعنى آخر هل ضرورة معارضة الحسن الثاني شخصيا في قرارات، تعني بالضرورة أن تبقى قائمة حتى بعد أن تنتفي مبررات وجودها؟.. وهناك بالفعل، في مضمار الحاجة كما في مضمار الوجود، اليوم تنازع بين وجهين، في علاقة توتر: الحاجة من جهة إلى الزعيم الخارق، ومن جهة أخرى الفاعل الديموقراطي الذي عليه أن يكون عاديا ، والذي تكمن مهمته في إعطاء الكلمة للشعب.، هي مهمة ليست متواضعة رغم أنها مألوفة .. في فرنسا هناك ربط بين الدستور، دستور الجمهورية الخامسة وبين «مأسسة الكاريزما، بل اعتبار الدستور هو نفسه دستورا لمأسسة الكاريزما . وهناك أيضا ظهور الدراما السياسية التي عرفتها البلاد، والتي جعلت أناسا «مطبوعين» بالتاريخ الذي منحهم نفسه هالة معينة (الخطابي، بوعبيد، أيت يدر، بن بركة، علال الفاسي، عصمان،.. أو ارتبطوا بدراما الأزمات بين هؤلاء وبين رمز الدولة (الحليمي، القادري وآخرون). وفي الاخير لابد من القول إنه «لا يمكن ألا نكون على صواب، في تقدير المراحل التاريخية. كما يمكن أن تكون الجرأة في قول «نعم»، ويكون الانتظار بطولة، كما قال محمود درويش رحمه الله. في معرض توارد الخواطر، كنا قد اقترحنا (بدون إنجاز ، نعترف بذلك) على قراء الجريدة ملفا من هذا التوجه في فسحة رمضان، لكن زملاءنا في تيل كيل أنجزوه، بما يفيد القراء .. والتأمل. المهدي بنبركة، قال «لا» لحرب الرمال لسنا بحاجة لتقديم المهدي بنبركة، زعيم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي غادر الساحة السياسة مبكرا. تم اختطافه من باريس في 29 أكتوبر 1965 بمشاركة الأجهزة السرية المغربية، لم يكن مقدرا أن يصبح معارضا للحسن الثاني. تابع المهدي بنبركة، الذي ينحدر من عائلة من الموظفين الصغار، دراسته في الرياضيات بالرباط و أصبح أستاذا بالثانوي.و نظرا لقربه من القصر، أصبح مدرسا في الثانوية الملكية حيث كان الملك المقبل الحسن الثاني ضمن تلامذته. ساهم ، منذ 1944 في إنشاء حزب الاستقلال، و في 1955 شارك في المفاوضات التي أدت إلى عودة محمد الخامس من منفاه و في سنة 1956 في نهاية الحماية. أصبح في الفترة ما بين 1956 و 1959 رئيسا للمجلس الاستشاري بالمغرب، النواة الأولى للبرلمان المغربي. و كممثل للجناح اليساري لحزب الاستقلال، تسبب في الانشقاق عنه و أسس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959 . و كان عدم تفاهمه مع ولي العهد مولاي الحسن معروفا حينها للجميع. و جاءت الوفاة المفاجئة لمحمد الخامس سنة 1961 كي تسرع من وتيرة الطلاق مع الملكية. و جاء الإعلان من طرف الهيآت الرسمية سنة 1963 عن اكتشاف مؤامرة ضد حياة الحسن الثاني، مبررا لشن هجمة شرسة ضد بنبركة، الذي حكم عليه بالإعدام غيابيا في نوفمبر 1963. و بعد بضعة شهور، تم الحكم من جديد غيابيا على كل من المهدي بنبركة و الفقيه البصري و عمر بنجلون و مومن الديوري بالإعدام غيابيا بتهمة التآمر لاغتيال الملك. و حين اندلعت حرب الرمال بين المغرب و الجزائر، في أكتوبر 1963 ،لم يتردد بنبركة في وصف المواجهة بالعدوان ضد الثورة الجزائرية، في الوقت الذي اصطف فيه أغلب زعماء حزبه وراء الملك الحسن الثاني. قبيل اختطافه، كان المهدي بنبركة منهمكا في التحضير لمؤتمر القارات الثلاث الذي كان سينعقد في هافانا في يناير 1966 . هذا الحدث العالمي حدد كهدف له توحيد جميع تيارات "الثورة العالمية" و كان بنبركة هو المحور الأساسي لها.و قد عزا المؤرخ "روني غاليسو" المتخصص في المغرب العربي، السبب العميق لاختطاف و اغتيال المهدي بنبركة إلى الزخم الثوري الذي خلقه مؤتمر القارات الثلاث. علال الفاسي، قال «لا» لحزب الملك لم يشتهر علال الفاسي بمواقفه ضد الملكية، بل على العكس. لكننا ننسى غالبا أنه في السياق الخاص جدا لبداية الستينات، فإن زعيم حزب الاستقلال قد تصارع شفويا مع الحسن الثاني. ففي 1962 ، و عكس عبد الله ابراهيم، ساند حزب الاستقلال بقيادة علال الفاسي، مشروع الدستور الذي أعده الحسن الثاني. إلا أن حزب الاستقلال لقي جزاء سنمار حيث اضطر حزبه لمغادرة الحكومة بعد أقل من شهر على فوز "نعم" للدستور. أمام هذه الخديعة، تقارب علال الفاسي مع الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، مما سمح لهذين الحزبين الوطنيين في انتخابات ماي 1963 التشريعية، بهزيمة "جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية" و هو الحزب الملكي الذي أسسه قبل شهرين فقط من الانتخابات، صديق الملك أحمد رضا اكديرة. ونظرا للمحاباة التي لقيها مرشحو الحزب الجديد من طرف وزارة الداخلية، لم يخش علال الفاسي، بمناسبة انعقاد مجلس وطني لحزب الاستقلال، أن يعلن غضبه محذرا الملكية من ابتعادها عن الشعب ومذكرا بهذا الخصوص بمصير بعض الملكيات العربية التي انقلبت عليها جيوشها، و هو تحذير كان على شكل نبوءة. تعددت لحظات معارضته للملك الراحل عبد الرحيم بوعبيد، قال «لا» للاستفتاء حول الصحراء يتذكرر جيل الثمانينيات قولةعبد الرحيم«لا»للحسن الثاني ، لكن عادة مايتم اغفال أن القائد الاتحادي الكبير كان قد قال لا ، منذ بداية «حكم» الحسن الثاني، وهو يهيء في 1960 الطريق لتولي رئاسة الحكومة، في عهد الملك الراحل المغفور له محمد الخامس. تعود المواجهة، كما رواها الفقيد بنفسه في دفاتره - مذكراته الي ملابسات اسقاط حكومة عبد الله ابراهيم. والترتيبات التي كانت تتخذ من طرف ولي العهد آنذك للدخول في مرحلة سياسية جديدة. وفي ذلك يقول عبد الرحيم.. «،تلقيت، يوم 17 أو 18 ماي مكالمة هاتفية من لدن الأمير مولاي الحسن، دعاني فيها الى عشاء ثنائي، رأسا لرأس. وكان قد مضى ردح من الزمن لم التق به.وصلت إذن في الموعد، بفيلاه بالسويسي. بدا منشرحا للغاية، لبقا وودودا. دام اللقاء ازيد من ثلاث ساعات، وسوف لن أقدم منه هنا سوى النقط الاساسية : قال الأمير: -لقد قرر جلالة الملك وضع حد لمهام الحكومة الحالية. وهناك فريق آخر قيد التشكيل. لقد وصلنا مرحلة المشاورات النهائية وقد أمرني جلالة الملك بإخبارك رسميا -أشكر سموك على دعوتك هاته، وعلى الاخبار الذي قدمته لي، لكن أستسمحك في التعبير عن مفاجئتي: ذلك أن جلالة الملك، باعتباره رئيس الدولة، هو الذي يعود اليه أمر هذا الإخبار، بصفة رسمية وحسب الاعراف، للفريق الحكومي كله. -لنقل إنه إجراء شبه رسمي، لكنه في ظرف ايام قليلة س«يُرَسم« (يصبح رسميا) كما تقتضيه الاعراف. لكن المهم في هذا المسعى، الذي أمر به جلالة الملك، هو أن أعرض عليك تولي مهام وزارة الخارجية داخل الفريق الجديد. ولا بد من أن أوضح لك بأن جلالة الملك يلح على هذا الأمر بشكل خاص(...) سألته: من هو رئيس المجلس (الحكومي)؟ -ولي العهد، أنا شخصيا »الكشف » عن هذا الأمر فاجأني مفاجأة عميقة، وحتى إن سبق لي أن سمعت به، فأنا لم أصدقه قلت له: لكن، يا سمو الأمير ، يصعب علي التصديق بهكذا أمر?فأنا لاأرى وليا للعهد، ومستشارا لجلاللة الملك يضع نفسه على رأس الحكومة، اللهم في ظروف استثنائية حقا?ذلك لأن »الحكم« كما يقال هو »الاختيار«? وعليه، سيكون عليك أن تختار، بإلزام مسؤوليتك السياسية بين هذا التوجه وذاك على مستويات الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وفي مجال السياسة الخارجية?? فالرجل السياسي العادي ينخرط بكل مسؤوليته السياسية عندما يقدم على اختيار معين? فإذا نجح في عمله، لن يكون قد قام سوى بما أملاه عليه ضميره وتحليله للوضعية، وإذا أخفق، لن يكون أمامه سوى أن يستقيل أو ينحى من طرف الحكم الاعلى، جلالة الملك، هذا هو النظام وهي ذي قواعد اللعبة حتى في ديمقراطية غير كاملة كما هي ديموقراطيتنا »ثم واصلت الحديث بالقول : -«مبدئيا ، فإن أميرا وليا للعهد يمثل استمرارية نظام الملكية حيث لا يمكن أن يتعهد بمسؤوليته السياسية? حيث لا تمكن مجازاتك أو محاسبتك، فماذا ستفعل المعارضة في هذه الحالة؟فإن هي عبرت عن عدم موافقتها على أي إجراء كان، ستكون أولا وقبل كل شيء تعارض ولي العهد، لأن هذه الصفة ستظل، بالرغم من كل شيء هي المهيمنة والغالبة? لست بصدد شكلانية قانونية، بل احاول أن أتصور اوضاعا ووضعيات ملموسة?لا، بكل صراحة لا أتفهم الاسباب التي تدفعك الي تولي رئاسة الحكومة??« أجابني: لقد قدرت الأمور من جانبها السلبي والايجابي معا، وقد تنبأت بالاعتراضات التي ستقوم بها??لكن القرار اتخذ? واذا كان جلالة الملك وأنا فكرنا في مشاركتك فذلك حتى يكون الفريق الجديد ممثلا لكل الاتجاهات??لا تظن على وجه الخصوص أنني اعارض كل الاجراءات التي اتخذتها??ففي العمق انا ايضا اشتراكي« -يمكنك أن تكون اشتراكيا كانسان أو كمواطن، لكن لا يمكنك أن تكون اشتراكيا كولي للعهد ، أما في ما يخص مشاركتي الشخصية، فإن أمرها هين للغاية. وعلى كل كيف يمكنني أن اجمع بين تصوراتي الشخصية وتصورات مناقضة يعبر عنها الآخرون.أنا كمناضل في خدمة قضية أومن بها، فأنا لست سياسيا يبحث عن مناصب - طيب،سأقدم تقريرا لجلالة الملك عن هذا اللقاء، وعلى كل سيتم استدعاؤك للمشاورة كما تقتضي الاعراف ذلك« كان اللقاء قد انتهى عمليا،كنا نتمشى في الحديقة. وعندما استأذنته في توديعه، خاطبني بقوله: » أنت لا تفهمني ، يا عبد الرحيم، لكن، باعتبارك صديقا سأقول لك (ما في الأمر): أنت لا ترى فيَّ سوى ولي العهد فقط، والحال أنني مناضل مثلك، وانسان مثلك، يحذوني الطموح في لعب دور في حياة بلادي. أنت تعرف أن أبي مازال شابا، وأنا سوف لن أنتظر حتى أضع طاقم أسنان لكي أخلفه . هو ذا عمق تفكيري » ثم أضاف مبتسما : »لربما ستركب القطار وهو يسير ، في يوم من الايام، فمن يدري؟« هل كانت تلك هي الارهاصات الأولى لتحول سيطرأ في الوضع، والعودة إلي تصور يؤمن بالملكية المطلقة، تستند تبريراتها إلى انقسام الاحزاب السياسية وإرادة العالم القروي، وهي الارادة المعبر عنها من طرف الاعيان الجدد، ابناء واقارب القواد والباشوات، الخدام السابقين لادارة الحماية؟سيبين توالي الأحداث أن التوجه كان هو ذاك فعلا».... وقد كتبت اسبوعية تيل كيل إنه« انطلاقا من هذا التاريخ، ستصبح مسيرته مطبوعة بلحظات قوية في معارضة الملكية. ففي 1962 ، ناضل بنشاط ضد مشروع الدستور المعروض من طرف الحسن الثاني. فخلال لقاء بالرباط صرح قائلا: "نحن أما اختيار أساسي، فإما أن نواصل كشعب و كمنظمة متجذرة داخل الجماهير للكفاح من أجل تحرير بلدنا من الاستعمار و الإقطاعية و الرجعية، و إما أن نقبل نصا دستوريا مزورا و مُهيأ من طرف خدام الاستعمار. فإذا فعلنا ذلك نكون قد ارتكبنا جريمة ضد الأجيال المقبلة". وسيعود بوعبيد من جديد سنة 1970 حين دعا إلى التصويت ب"لا" ضد الاستفتاء على الدستور المعروض من طرف الملك. و في سنة 1981، فإن قضية الصحراء هي التي منحته فرصة الكشف علنا عن خلافه مع القصر. ففي الوقت الذي كان الحسن الثاني يضغط عليه كي يرافقه إلى قمة الوحدة الإفريقية كي يساند اقتراحه بإجراء استفتاء في الصحراء، فإن عبد الرحيم بوعبيد لم يرفض فقط بل إن المكتب السياسي نشر بلاغا له ينتقد فيه بوضوح الموقف الجديد للملك. فتم اعتقال ثلاثة أعضاء من المكتب السياسي هم بوعبيد ومحمد اليازغي ومحمد لحبابي، و تم سجنهم في ميسور». امحمد بوستة، قال «لا» لحكومة مع البصري يحتل امحمد بوستة/ و لا شك، مكانة هامة في سلسلة الأمناء العامين لحزب الاستقلال. و هو ما جعل الكاتب بلقاسم بلوشي يقول عنه : "لقد جاء إلى قيادة الاستقلال في فترة سيئة، لأنه من الصعب خلافة علال الفاسي .." لقي تكوينه الحقوقي بفرنسا و اختار البقاء، في وقت الانشقاق سنة 1959، مع علال الفاسي. و لثلاثة عقود متتالية، سيكون مرة في المعارضة و أخرى وزيرا لعدة مرات. في بداية التسعينات، و في الوقت الذي شرع فيه الحسن الثاني في التحضير للتناوب و شرع يهيء لإصلاح دستوري أراد إشراك أحزاب المعارضة فيه، عُرض على بوستة تشكيل حكومة. و بعد عدة دورات من المفاوضات وصل إلى المأزق. و كان السبب هو رفض الأمين العام لحزب الميزان رفضا قاطعا أن يكون ادريس البصري، وزير الداخلية، ضمن الحكومة التي عُرض عليه تشكيلها. و لما علم الحسن الثاني بالأمر ألقى خطابا نسب فيه المأزق إلى بوستة و عين حكومة من التقنوقراط تمت ترقية ادريس البصري فيها إلى منصب وزير دولة. عبدالحفيظ القادري: سيدي، عبد الرحيم بوعبيد، لا يعتقل! أحمد عصمان: رفضت الانسياق وراء ما كان يحاك ضد حزب عبد الرحيم رجلان قال «لا» للحسن الثاني، أثناء الأزمة التي اندلعت بين الملك وبين «الاتحاد الاشتراكي» في صيف 1981، أي بعد قبول الملك الراحل الحسن الثاني بمبدأ الاستفتاء حول الصحراء في مؤتمر القمة الإفريقية بنيروبي، حيث عقد عبد الرحيم بوعبيد تجمعا خطابيا بملعب «بيكس» بالرباط، وألقى خطاباً تاريخيا أومأ فيه إلى الملك الراحل أخل بأحد أسس التعاقد الذي بايعه المغاربة على أساسه، وهذا ما أدى، آنذاك، إلى غضب الملك الذي أمر باعتقال الزعيم الاتحادي. الرجل الأول كان هو عبد الحفيظ القادري؛ وقد بدأت القصة حين جمع الحسن الثاني مجموعة من الوزراء واستشارهم حول اعتقال بوعبيد. وكان أن طلب بعضهم من الملك التريث وألا يأخذ قراره تحت الانفعال. بل إن الوزير الذي كان الأكثر جرأة هو القادري (كان وقتها وزيرا للشبيبة والرياضة وعضوا في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال) الذي خاطب الملك وقال له: «سيدي، عبد الرحيم بوعبيد، لا يعتقل». . غير أن رجلا آخر وهو محمد الدويري صاح موجها خطابه لملك البلاد: «سيدي، عبد الرحيم بوعبيد «زطم في ارياض»، وأنا مع الاعتقال». وقد كان عبد الحفيظ القادري على علاقة وطيدة بالأمير مولاي عبد الله الذي كان صديقا لعبد الرحيم بوعبيد. فلم يتقبل القادري أن يعتقل عبد الرحيم بوعبيد، لأن الأمر، في نظره، لا يتعلق بشخص عادي وإنما بزعيم وطني شارك في معركة استقلال المغرب. حيث ظل يردد باستياء شديد: «اللهم إن هذا منكر». كان الوحيد الذي اعترض على اعتقال بوعبيد. وفي اليوم الذي حدثت فيه تلك الواقعة، عاد القادري إلى مقر الوزارة، وهو مقر المحكمة الإدارية حالياً، وأبلغ أعضاء ديوانه بأن يستعدوا لمغادرة الوزارة، وقال لهم إن الملك الحسن الثاني لن يتركه في الحكومة، وهو ما حدث بالفعل مع أول تعديل حكومي تم في نونبر 1981، حيث ترك القادري موقعه وعين بدلاً عنه عبد الواحد بلقزيز وزيراً للإعلام والشبيبة والرياضة، ثم تولى القادري فترة قصيرة منصب سفير المغرب في مدريد، وتوارى بعد ذلك في الظل. أما الرجل الثاني، فلم يكن سوى أحمد عصمان، الذي بعث لعبد الرحيم بوعبيد أحد المحامين داخل السجن، ليطلب منه ألا يؤاخذه على ما يصدر في جريدة «الميثاق»، فلا حول ولا قوة له في ذلك. بل الأكثر من ذلك كان هو الرجل الذي أبطل فكرة حل حزب الاتحاد الاشتراكي التي «التمعت» في رأس الثاني. يقول: «كان الحسن الثاني، خلال الفترة التي كان فيها المعطي بوعبيد وزيرا أول، قد قرر إزالة حزب الاتحاد الاشتراكي من الخريطة السياسية، قبل أن يتراجع عن هذا الأمر بعدما عبرتُ عن رفضي الانسياق وراء الإجماع الذي كان يحاك ضد حزب عبد الرحيم بوعبيد.. كنت الوحيد الذي أبطل مقترح حل الحزب بعد الموقف الذي تبنته قيادته من الاستفتاء على الصحراء. ويحكي عصمان تفاصيل هذه «اللا» قائلا: «بعد إصدار قيادة الاتحاد الاشتراكي بلاغا رفضتْ فيه قبول المغرب تنظيم استفتاء لتقرير المصير بالصحراء عملا بقرار قمة منظمة الوحدة الإفريقية بنيروبي، تم استدعائي إلى الديوان الملكي، وقيل لي إن عليَّ انتظارَ الملك في إحدى القاعات، وفي تلك القاعة وجدت كلا من المستشار الملكي إدريس السلاوي والجنرال أحمد الدليمي في الانتظار أيضا، فأخذنا نتساءل حول ما إن كان السبب في استدعائنا هو أننا سنمثل الحسن الثاني في وفد رسمي للعزاء أو شيء من هذا القبيل، قبل أن يتم إخبارنا بأننا مدعوون إلى اجتماع مع الوزير الأول المعطي بوعبيد. وعندما التحقت بالاجتماع، الذي حضر إليه الاستقلاليون بكثرة، وجدت الأجواء مكهربة. المهم أنه بعد أن التحقنا بالاجتماع، أطلعَنا الوزيرُ الأول بشكل مختصر على الموضوع، والذي كان هو حلّ حزب الاتحاد الاشتراكي. وأذكر أن الدليمي كان قد التحق بنا وجلس في صف خاص بالضباط، أما إدريس السلاوي، فعندما سئل عن رأيه في الموضوع قال إنه لا يفقه في السياسة ثم انزوى في ركن من أركان القاعة. بعدها قمتُ بمرافعة قلبت بها كل ما كان يرتب له، حيث قلت: «أنا خجول لوجودي في هذا المكان، لأنه لا أحد يملك الحق، لا سياسيا ولا قانونيا ولا دستوريا، في إقصاء حزب من الخريطة السياسية للمغرب»، ثم أضفت محتجا: «حتى وإن كان هذا الحزب مخطئا فإن هناك طرقا قانونية لمحاسبته». وبعد خطابي تم رفع الجلسة. وعندما كنا نهم بمغادرة القاعة وجدنا الحسن الثاني في انتظارنا، وعلّق بالفرنسية قائلا: «عصمان على صواب». عبد الكريم الخطيب، قال «لا» لحالة الاستثناء يمثل عبد الكريم الخطيب الجناح الأكثر تقليدية في الحركة الوطنية.فبنصيحة منه، فكر الحسن الثاني في إضافة "إمار المومنين" في دستور 1962 . بعد أن بدأ حياته السياسية داخل حزب الاستقلال، أنشأ ،من سيصبح أول طبيب جراح مغربي تكون في فرنسا، مع المحجوبي أحرضان الحركة الشعبية سنة 1957 .بعد إقصائه من هذا الحزب سينشئ الخطيب سنة 1967 الحركة الشعبية الدمقراطية و الدستورية، و هي حاضنة العدالة و التنمية التي سينشئها بعد ثلاثين عاما. و رغم ارتباطه الوثيق بالقصر، فإن هذا لم يمنعه من الابتعاد عن الحسن الثاني و خاصة غداة إعلان حالة الاستثناء سنة 1965، التي شجبها واصفا إياها "بالعمل اللادستوري الذي قد يكون قاتلا للديمقراطية". ففي حوار مع مجلة "جون أفريك" أكد الخطيب، الذي كان آنذاك رئيسا لمجلس النواب : "أن هناك تأويلا مغرضا و لا دستوريا للفصل 35 من جانب السلطات.هذه سابقة مؤسفة، تفتح الباب أمام الشطط...إذا لم يكن هناك أغلبية مقبولة، كما يقول الملك-و هي وجهة نظر لا أشاطرها- فإن الخيار هو اللجوء إلى صناديق الاقتراع". عبد الله ابراهيم، قال «لا» لملكية تحكم يعد عبد الله ابراهيم بدون شك، واحدا من الوجوه الأكثر أهمية للحركة الوطنية و للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي أسسه صحبة المهدي بنبركة و عبد الرحيم بوعبيد. في دسمبر 1958، تم تعيينه على رأس أول حكومة يسارية بالمغرب و وزيرا لخارجيتها. و ستتميز فترة حكمه بالصراع مع ولي العهد مولاي الحسن الذي كان يؤثر على سياسة والده محمد الخامس. و بالفعل فإن أحد أسباب إقالة عبد الله ابراهيم في ماي 1960 هو النزاع بينه و بين الحسن الثاني المقبل (رئيس هيأة أركان الجيش الملكي المغربي) بخصوص صلاحيات كل منهما فيما يخص الأمن الداخلي و الخارجي للبلاد. و بالرغم من التفاهم بين محمد الخامس و عبد الله ابراهيم فإن كثيرا من الحوادث جاءت لتسميم العلاقات بين هذا الأخير و ولي العهد، الذي كان يرفض الانزلاق نحو نظام يسود فيه الملك و لا يحكم. و سيفشل عبد الله ابراهيم في صراعه هذا، إذ شكل قرار إقالة حكومته قبيل أول انتخابات في تاريخ البلاد مؤشرا على بدء تقاعده السياسي. و ترأس الحكومة الجديدة رسميا الملك محمد الخامس الذي فوض عمليا صلاحياته لولي العهد. و في سنة 1975 سجل عبد الله ابراهيم انسحاب أغلب أعضاء الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، بقيادة عبد الرحيم بوعبيد، الذين أسسوا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. واصل الاتحاد الوطني وجوده دون التأثير السابق له على الساحة السياسية. محمد بنسعيد أيت إيدر، قال «لا» للتناوب على غرار عبد الكريم الخطابي،فإن محمد بنسعيد بدأ في الجناح المسلح للحركة الوطنية في الأربعينات. في سنة 1956، رفض وضع السلاح، كما طالب بذلك محمد الخامس و الأمير ولي العهد. و فضل مواصلة الكفاح في صفوف جيش التحرير المغربي في الجنوب، لكنه في سنة 1958، سيشهد عاجزا على تحطيم هذا الجيش في عملية "إيكوفيون" (المكنسة) التي قامت بها فرنسا. حكم عليه بالإعدام غيابيا عدة مرات في بداية الستينات، عاش في المنفى في فرنسا حتى سنة 1981، حين تم إصدار عفو في حقه. لدى عودته إلى المغرب، جمع حوله مجموعة من مناضلي 23 مارس و أسس بعد سنتين منظمة العمل الدمقراطي و الشعبي (الحزب الاشتراكي الموحد فيما بعد). في سبتمبر 1984، انتُخب بنسعيد في مجلس النواب، و هو المقعد الذي حافظ عليه حتى سنة 2007 حين قرر عدم الترشح في الانتخابات التشريعية. و طيلة التسعينات، ظل بنسعيد أحد مؤسسي الكتلة رغم احتفاظه باستقلال فكري و سياسي لم يكن يحظى بإعجاب حلفائه و لا الحكم، و هكذا رفض و معه منظمة العمل الدمقراطي تزكية دستور 1996. كما رفض بنسعيد "مباركة" الاتفاق بين الحسن الثاني و عبد الرحمان اليوسفي الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي آنذاك. يجسد بنسعيد هذا الجناح الأخير لليسار الذي انضم للشرعية لكنه قال "لا" للحسن الثاني حتى النهاية و لا زال حتى الآن منتقدا للخيارات السياسية للعهد الحالي. وليس من الصدفة في شيء، أن يكون بنسعيد الوحيد من بين جميع الزعماء السياسييين، الذي وقف بثبات في صف حركة 20 فبراير وأحد أكبر زعمائها. يوم قال أحمد لحليمي للحسن الثاني الذي عرض عليه حقيبة وزارية: لا! س. ع. "أحمد لحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط حاليا، من بين رجالات المغرب الذين كانت لهم جرأة قول لا لعاهل البلاد الراحل، الملك الحسن الثاني!" هكذا تحدث جازما مصدرنا الموثوق به والمعروف بتتبعه لشؤون المغرب وخباياه منذ سبعينيات القرن الماضي، بما في ذلك أخبار كبار السياسيين والموظفين السامين في عهد المغفور له الحسن الثاني. وتعود الوقائع، يوضح المصدر، إلى مرحلة حكومة أحمد عصمان الأولى، التي هي الحكومة رقم 14 في تاريخ حكومات المغرب المستقل، والتي استمرت ولايتها من 20 نونبر 1972 إلى أبريل 1974. في تلك الحقبة، كان أحمد لحليمي إطارا ساميا بالصندوق الوطني للقرض الفلاحي، بينما كان الراحل عبد اللطيف العيماني كاتبا للدولة لدى الوزير الأول مكلفا بالتخطيط والتنمية الجهوية وتكوين الأطر، وهو المنصب الذي سيخلفه فيه في حكومة عصمان الثانية الطيب بن الشيخ لكن بدون الإشراف على قطاع تكوين الأطر. وتجدر الإشارة إلى أن عبد اللطيف العيماني هو أحد الضحايا الاثنين والثلاثين الذين ماتوا في الطائرة التابعة لشركة بانام الأمريكية إثر احتراقها بعد تعرضها لهجوم بمطار روما في 17 دجنبر 1973، ومعه ثلاثة مسؤولين مغاربة آخرين (محمد الأزرق ومنير الدكالي والزيلاشي). يضيف مصدرنا أنه قبل نهاية عبد اللطيف العيماني، كاتب الدولة في حكومة عصمان الأولى، المأساوية، كان هذا الأخير في القصر الملكي بالصخيرات برفقة عبد الكريم القادري، المدير العام للصندوق الوطني للقرض الفلاحي، وأحمد لحليمي الإطار السامي في نفس المؤسسة، حيث سيستقبلهم الملك الراحل الحسن الثاني. وإذا كان مصدرنا لا يعرف إن كان الحديث خلال اللقاء مع العاهل قد دار باللغة العربية أو الفرنسية، فإنه متأكد، بالمقابل، من مضامينه. خلال ذلك الاستقبال، سيقترح الحسن الثاني على المناضل الاتحادي الاستوزار، ولعل صيغة الاقتراح سلكت من طرفه مسلك التقاليد المرعية التي تقتضي الشروع في الحديث بعبارة: "اقتضى نظرنا..." بلباقته ودبلوماسيته المعروفتين، يضيف المصدر، سيرد أحمد لحليمي علمي على الاقتراح الملكي باعتباره شرفا كبيرا له، وبأنه من الأفضل استشارة السي عبد الرحيم بوعبيد حوله. بالطبع، لم يكن لجواب من هذا القبيل إلا أن يولد غضب الحسن الثاني، ما أدي به، يؤكد مصدرنا، إلى التوجه بعبارات ملؤها السخط إلى مخاطبه، عبارات تفيد المعنى التالي إذا ما اقتبسناها بالدارجة: "أنا بعدا ما كنعرفكش... العيماني هو اللي جابك!". كل من تتبع مسار أحمد لحليمي يعلم علم اليقين أنه ظل مهمشا طيلة عقود في الصندوق الوطني للقرض الفلاحي، وأن عودته إلى دواليب المسؤولية العمومية تزامنت مع تعيينه مديرا لديوان الفقيد عبد الرحيم بوعبيد عقب قبول الزعيم الاتحادي الراحل تولي منصب وزير دولة بدون حقيبة في حكومة محمد كريم العمراني (نونبر 1983، أبريل 1985( نظرا للظرفية التي كانت تمر منها قضية الصحراء حينها، وذلك قبل أن يصبح، في مارس 1998، وزيرا منتدبا لدى الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي مكلفا بالشؤون العامة لحكومة التناوب في نسختها الأولى، ووزيرا للاقتصاد الاجتماعي والمقاولات الصغرى والمتوسطة في النسخة الثانية لذات الحكومة في شتنبر 2000، ليعين بعدها مندوبا ساميا للتخطيط.