- كيف هي وضعية الطب الشرعي في المغرب؟ - إن ممارسة الطب الشرعي بالمغرب ليست بحديثة العهد، ولكنها تعود إلى عدة عقود استنادا إلى وجود "مستودعات الأموات" التابعة للجماعات الترابية في عدة مدن، منها الرباطوالدار البيضاء منذ الأربعينيات، طنجة، مراكش، وجدة ،أسفي، الخ...، وكذا وجود تقارير للطب الشرعي بالمحاكم ، وكان يعمل في هذه المصالح أطباء أجانب حلّ محلهم أطباء مغاربة منذ السبعينات. لكن الانطلاقة الحقيقية للطب الشرعي بالمغرب سجلت في أواخر الثمانينات، وتحديدا في سنة 1986 ، تزامنا مع تشغيل الجماعات الترابية لعدد من الأطباء الذين تولوا إدارة مكاتب حفظ الصحة ومستودعات الأموات التابعة، لها وذلك في إطار المهام المنوطة بهم وفقا للمقتضيات القانونية، حيث عهد إليهم بخدمة العدالة والاستجابة لانتدابات النيابات، والنيابات العامة للمحاكم، بكل تفان وبكل مسؤولية، مستندين في ذلك على تكوينهم في كليات الطب في ما يخص مجال الطب الشرعي. ونظرا للمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم، وحرصا منهم على القيام بواجبهم على أحسن ما يرام وما يمليه عليهم ضميرهم المهني، وفي غياب وجود مراكز للطب الشرعي في المستشفيات الجامعية وغياب أساتذة مؤطرين، قرر هؤلاء الأطباء الانخراط في تكوين جامعي خارج المغرب تحملوا مصاريفه من مالهم الخاص، وذلك في أوائل التسعينات، حيث حصل الفوج الأول منهم على شهادة جامعية للدراسات المتخصصة في الطب الشرعي وكذا في التعويض القضائي للضرر البدني، وذلك في إطار اتفاقية بين ودادية أطباء الدار البيضاء وجامعة الطب الفرنسية بمدينتي" Rennes et Anger"، حيث بلغ عدد الأطباء الحاصلين على هذه الشهادات حوالي 30 طبيبا تابعين للجماعات الترابية. وفي سنة 1994 تم إنشاء أول مصلحة للطب الشرعي بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء تحت رئاسة البروفسور سعيد الواهلية، ولم تبدأ فعليا في تكوين أطباء شرعيين إلا ابتداء من سنة 1999، لكن لم تتمكن هذه المصلحة إلى يومنا هذا إلا من تكوين 13 طبيبا شرعيا "مختصا"، تلقوا نفس التكوين الأكاديمي مع أطباء مكاتب حفظ الصحة، من بينهم أستاذ مبرز، وأستاذان مساعدان، مع العلم أن عددا من هؤلاء الأطباء لا يمارس ميدانيا الطب الشرعي. و في أواخر التسعينات وبعد إطلاعه على العمل الجبار الذي يقوم به أطباء مكاتب حفظ الصحة لخدمة العدالة ، وذلك في ظروف قاسية وغير ملائمة، قام البروفسور سعيد الواهلية بالاتصال بالجمعية المغربية لأطباء حفظ الصحة، وذلك للتفكير سويا في الرفع من مستوى ممارسة الطب الشرعي بالمغرب وإعطائها الأهمية التي تستحقها حتى يتم النهوض بهذا القطاع، وفي هذا الإطار تمت عدة اتصالات بالجهات المعنية تمخض عنها تنظيم شهادة جامعية مغربية للدراسات المتخصصة في الطب الشرعي ابتداء من سنة 2002 بكلية الطب بالدار البيضاء، تحت إشراف نفس البروفسور بمعية طاقم من الأساتذة الذين لهم تجربة عالية من المغرب، تونس، ايطاليا، كندا، فرنسا... وكان الهدف من هذا التكوين هو صقل التجربة الميدانية الكبيرة التي تفوق العقدين لأطباء حفظ الصحة وإعطائها الطابع التكويني الأكاديمي على غرار دول أخرى. إذ انخرط في هذا التكوين بمساهمات مالية شخصية، ثلاثة أفواج حيث وصل عدد الأطباء المستفيدين إلى 70 طبيبا من بينهم أطباء تابعون للدرك الملكي. - هل مراكز الطب الشرعي التابعة للبلديات هي فضاءات مؤهلة تقنيا وعلميا للقيام بمهام التشريح بكيفية صحيحة ضمانا لتقارير سليمة؟ - % فقط من هذه الأنشطة في بعض المستشفيات. كما أن أطباء مكاتب حفظ الصحة كانوا سباقين إلى تقييم واقع الطب الشرعي بالمغرب، وقاموا بإنجاز مشروع تنظيم هذه المهنة بطلب من المديرية العامة للجماعات المحلية، استحضروا فيه ضرورة وضع إطار مؤسساتي وقانوني، وكذا هيكلة مراكز جهوية للطب الشرعي تابعة للجماعات الترابية، وذلك سنة 2005 ، لكن مع الأسف لم يتم استغلال هذا المشروع ولا استحضاره. ارتباطا بمهام الطب الشرعي المتعلق بالقضاء الجنائي التي تزاولونها، هل هناك أرقام تقريبية؟ * المهام التي يقوم بها أطباء مكاتب حفظ الصحة بالمراكز الشرعية هي جد مهمة وتتطلب مجهودات كبرى، فمثلا خلال سنة 2012 بطنجة تم فحص وتشريح ما يفوق 600 جثة، حوالي 400 بوجدة ونواحيها كبركان والناظور .. الخ، الدارالبيضاء ما بين 1500 و 2000، علما بأن تدخلات هذا المركز تتجاوز محيطه الجغرافي، الرباط ما بين 700 و 800 ... واللائحة طويلة. - 7 إقرار آلية للتنسيق مع المديرية العامة للجماعات المحلية لتوفرها على مشروع في طور الانجاز لتأهيل مراكز الطب الشرعي التابعة لها و كذا خلق مراكز جديدة سيعمل فيها إلى جانب أطباء مكاتب حفظ الصحة الشرعيون، أطباء شرعيون تابعون للمستشفيات وكذا القطاع الخاص. 8 إقرار آلية للتنسيق مع وحدات الطب الشرعي في مستشفيات الجهات والأقاليم التي لا توجد بها مراكز الطب الشرعي التابعة للجماعات الترابية. 9 وضع إطار للتنسيق بين كافة المتدخلين في هذا الميدان وذلك بين الأطباء الشرعيين، الشرطة القضائية، الشرطة العلمية، المختبرات المعتمدة لمهام الطب الشرعي وجهاز القضاء. o في حالة إذا لم يتم أخذ مقترحاتكم على محمل الجد، ما هي الخطوات والقرارات التي ستتخذونها؟ n في حالة إقصائنا كأطباء شرعيين تابعين للجماعات المحلية، سنكون مجبرين على التوقف عن ممارسة هذه المهام، لأن القانون من خلال المادة 53 في هذا المشروع سيكون هو الذي منعنا وحال دون ذلك، ولكم أن تستحضروا تبعات وتداعيات هذه الخطوة بما في ذلك التأثير على سير العدالة، بالنظر إلى أعداد وطبيعة التدخلات التي ستصبح معلقة. o كلمة أخيرة؟ n يجب على وزارة العدل اعتماد مقاربة تشاركية من أجل إخراج هذا القانون إلى حيز الوجود الذي له أهميته القصوى، والعمل على فتح حوار وطني يشارك فيه جميع المعنيين والمتدخلين، لأنه لايمكن إقصاء أطباء لهم شهاداتهم وخضعوا لتكوينات معترف بها في هذا الصدد، فضلا عن سنوات من الممارسة الميدانية والتجربة التي أكسبتهم خبرات واسعة، وفي آخر المطاف يجدون أنفسهم مقصيين وخارج دائرة الضوء والاهتمام!؟ كما أود أن ألفت انتباه الجميع إلى مشكل الخلف، بالنظر إلى أن الأطباء لايقبلون على هذا التخصص لمجموعة من العوامل، في حين أن عددا كبيرا من أطباء مكاتب حفظ الصحة الممارسين لمهام الطب الشرعي اليوم هم مقبلون على التقاعد، وبالتالي لايوجد من يعوضهم، وهو إشكال يجب التفكير فيه بشكل رصين وجدي لتداركه مسبقا. (* ) رئيس مصلحة حفظ الصحة وطبيب شرعي بإقليم بنسليمان . * الناطق باسم الأطباء الشرعيين التابعين للجماعات المحلية