حذر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقرير تبناه يوم الجمعة الأخير من المخاطر التي تتهدد جودة واستمرارية الموارد المائية في المغرب، بسبب الأنشطة البشرية، التي بلغت مستويات مقلقة بسبب الاستخراج المفرط وانتشار التلوث. واعتبر المجلس بناء على تقرير طلبه من اللجنة الدائمة المكلفة بشؤون البيئة والتنمية الجهوية ، أن المغرب أصبح بسبب ندرة موارده المائية، يعاني إرهاقا مائيا، وهي وضعية تنذر بالتحول إلى نقص في المياه، مضيفا أن الوضعية المناخية الوطنية تنحو صوب التفاقم من أثر اشتداد الظواهر الطبيعية القصوى كالجفاف والفيضانات. وطالب المجلس بلم شتات جميع السياسات المائية لمختلف المتدخلين حول مقاربة مندمجة وشمولية تضع "البرنامج المندمج" كمرجع أثناء مراحل التخطيط والمصادقة والإدراج في الميزانية، وتمويل المشاريع و أثناء الإعداد السنوي لقانون المالية. كما شدد المجلس على ضرورة دعم التشاور والتدبير المندمج للموارد المائية على المستوى الجهوي والمحلي. ولتعزيز دور المؤسسات المتدخلة في القطاع، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بضرورة دعم صلاحيات المجلس الأعلى للماء والمناخ بصفته مؤسسة وطنية للتشاور والتوجيه والتقييم للسياسة الوطنية في قطاع الماء والتطهير، وذلك من خلال توسيع تركيبته وإقرار وتيرة منتظمة لاجتماعاته. وفي المنحى ذاته أوصى بأجرأة اللجنة الوزارية المشتركة للماء CIE، التي يتكفل قطاع الماء بأمانتها العامة. ومن بين التوصيات الهامة التي صادق عليها المجلس، ضرورة مراجعة قانون الماء (10-95)، وضمان مطابقته مع مقتضيات الدستور الجديد، ومراعاة الصلاحيات الجديدة لوكالات الأحواض المائية. وطالب المجلس بضرورة الإسراع في تنفيذ البرنامج الوطني لاقتصاد الماء في الري لتحويل السقي بالجاذبية إلى أنظمة مقتصدة في الماء (التقطير، الرش بالتغطية الكاملة، وغيرهما)، من أجل بلوغ نسبة 50 بالمائة من اقتصاد الماء في أفق 2020، والرفع من مردودية الزراعات بنسبة 100 بالمائة، ومضاعفة القيمة المضافة المتوسطة في كل متر مكعب من الماء. وحث المجلس على الإسراع في برنامج توسيع مجال الري، من أجل ضمان تثمين 2.1 مليار متر مكعب من الماء، والرفع من القيمة المضافة الزراعية بمقدار 3.2 مليار درهم سنويا. وطالب في هذا السياق بوضع عدادات مياه على مستوى الحفر لمجموع الاستغلاليات المتوسطة والكبرى، ومحاربة استخراج الماء بشكل غير قانوني للري.كما أوصى بإعداد برنامج وطني مستعجل لاقتصاد الماء الصالح للشرب بأهداف وطنية مرقمة يتم تحقيقها في أفق 2020، مع وضع آليات تحفيزية مناسبة لتطبيقه. وأوصى المجلس بتعديل الفصل 6 من القانون 12-03 الخاص بدراسة الأثر على البيئة، بإدماج مطلب ضمان الفعالية المائية في مشاريع الاستثمار (الفلاحة والصناعة والسياحة)، عبر إنجاز دراسة للأثر المائي للمشروع، من أجل قياس حجم الماء المحتمل استعماله في إنتاج خدمة ما للمشروع المزمع إنجازه، استنادا إلى المعايير الدولية في المجال، وتشجيع المستثمرين على اختيار تكنولوجيات مقتصدة في الماء، وإعطاء الأولوية لأنماط الزراعات التي تسجل حجم استعمال أدنى للماء وإنتاجية كبرى للماء. وشملت المقاربة التي اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في معالجة "مسألة الحكامة عن طريق التدبير المندمج للماء"، تحليل الدراسات المتوفرة، وتنظيم عدد من جلسات الاستماع مع الفاعلين والمتخصصين في مجال قطاع الماء من وزارات، ومؤسسات ومكاتب عمومية، وفاعلين خواص، وممثلين عن المجتمع المدني، وخبراء ، وإجراء دراسة مقارنة لأربعة بلدان لها أوجه تشابه مع المغرب، وتنظيم جلسات تبادل ونقاش في داخل المجلس.