لقد فقدت مهنة المحاماة (14 مارس2014) أحد كبار أبنائها ، النقيب محمد الودغيري، الذي كرس حياته المهنية لخدمة المحاماة، والذود عن حياضها، من كل المواقع المهنية التي انتخب فيها، أو المسؤوليات الرسمية التي أسندت إليه، فطيلة ما يزيد عن نصف قرن من انتسابه رسمياً لمهنة المحاماة (27 - 7 - 1961) تحمل خلالها أعباء المهنة، و أوفى بالتزاماتها ، ورعي تقاليدها وأعرافها ، بشغف، وغيرة وحب ، واعتزاز ، حيث قادها محلياً كنقيب ، ووطنياً ، كرئيس لجمعية هيآت المحامين بالمغرب، وعربياً، كأمين عام مساعد باتحاد المحامين العرب، وقارياً ، كمؤسس للاتحاد الافريقي للمحامين ورئيسا له بالنيابة، ودولياً ، كمندوب للمغرب في الاتحاد الدولي للمحامين ، وكاتباً لنفس الاتحاد ، حيث يرجع إليه الفضل ، في المطالبة والإصرار وفرض اللغة العربية ، كلغة رسمية في الاتحاد الدولي للمحامين . هذه المكانة المهنية، وطنياً ودولياً ، أهلت الفقيد لمسؤوليات قضائية، حيث كان قاضياً بالغرفة الدستورية، وتنفيذية ، كوزير للشغل والشؤون الاجتماعية، كوزير للصناعة التقليدية، وكأمين عام للمجلس الاستشاري لمتابعة الحوار الاجتماعي . ويشهد الجميع ممن عاين ، أو خبر، أن الفقيد النقيب محمد الودغيري ، في كل هذه المواقع ، والمسؤوليات الدولية والوطنية ، كلها لم تكن تغريه ، ليتنازل عن صفة المحامي التي ظل معتزاً بها، وشديد الغيرة عليها، يسعده ما يرفع من شأنها ويشقيه ويحزنه ، ما تتعرض له من عوارض سلبية، خاصة عندما تكون من ذوي القربى . فارتباط الفقيد بالمحاماة ، كان ارتباطاً عضوياً ، بحيث أنه على عكس غيره ، كان يغادرها لأرفع المناصب ، ولكنه لا يتردد في العودة إليها ، أكثر اعتزازاً وفخراً ، واستعداداً للمساهمة في الرفع من مستواها ومكانتها ... فتلك لعمري عبقرية كبار المحامين ، الذين نتمنى ، أن تكون سيرتهم المهنية قدوة لشباب المحاماة . وعزاؤنا في الفقيد، أن شجرته قد أنبثت فروعاً مهنية من ذريته، ستعوض المهنة بعضا مما فقدته بغيابه، وإنا لله وإنا إليه راجعون. جلال الطاهر منسق القطاع الوطني للمحامين الاتحاديين