تفاقمت ظاهرة الاغتصاب وحوادث قتل النساء في شتى أنحاء العالم، وخاصة في الهند وأفريقيا، وحظيت هذه الحوادث بتغطية إعلامية مكثفة، مما أثار التركيز الدولي على قضية العنف الجنسي ضد النساء. كشفت دراسة حديثة أن امرأة من كل 14 حول العالم قد تعرضت للاعتداء الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتها من شخص غير شريكها الحميم. وقال مؤلفو الدراسة التي تعتبر هذه الحوادث حالات عنيفة ومتطرفة: «على الرغم من أنه ينظر إلى هذه الأحداث على أنها حوادث فردية، لكن ينبغي أن يُنظر إليها على أنها جزء من واقع يومي أكبر للعنف الجنسي ضد النساء». وسلطت البحوث التي أُجريت على مدى العقد المنصرم حول «عنف الشريك الحميم»، الضوء على أن نسبة كبيرة من العنف الجنسي لا تحدث من قِبَل الغرباء وإنما في إطار علاقة قائمة بالفعل. وأشارت الدراسة إلى أنه «أحياناً ما يجد عنف الشريك الحميم مخرجاً له في السلوك الاستحواذي المسيطِر على المدى الطويل، وهو ما يمكن أن يتسبب في مشاكل نفسية كبيرة. في حين أنه من المرجح أن يكون العنف الجنسي الناجم عن غرباء أكثر عنفاً ويتضمن أسلحة أو إصابات». وأوضحت أنه «بغض النظر عما ما إذا كان العنف الجنسي يأتي من قِبَل الشركاء أو الغرباء، فإنه يسبب صدمة للضحية بصفة عامة، رغم أن نمط العنف ودرجته وتأثيره قد يختلف باختلاف مرتكب الجريمة». ويرى الباحثون الذين وضعوا الدراسة أن الفهم الجيد لانتشار هذه الظاهرة في مختلف البلدان والمناطق يمثّل «خطوة أساسية أولى لتطوير استجابات فعالة للعنف الجنسي للغرباء»، لكن من الصعب قياس مدى انتشار العنف الجنسي في العالم. وأجرى الباحثون مراجعة منهجية للأدلة المتوفرة بشأن العنف الجنسي للغرباء لتقييم مدى انتشار الظاهرة، وفحصوا 77 دراسة من 56 بلداً كانت قد أُجريت في الفترة بين عامي 1998 و2011، حيث جمعت بيانات عن الاعتداء الجنسي ضد النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 سنة وما فوق. وأظهرت نتائج المراجعة المنهجية تبايناً واسعاً في تقديرات العنف الجنسي في مختلف المناطق. المناطق التي تشهد أعلى تقديرات للعنف الجنسي هي: أفريقيا الوسطى 21 بالمئة وأفريقيا الجنوبية 17.4 بالمئة (ناميبيا وجنوب أفريقيا وزيمبابوي) وذكر الباحثون أن «المناطق التي تشهد أعلى تقديرات للعنف الجنسي هي: أفريقيا الوسطى 21 بالمئة وأفريقيا الجنوبية 17.4 بالمئة (ناميبيا وجنوب أفريقيا وزيمبابوي)، وأستراليا ونيوزيلندا 16.4 بالمئة» وأضافوا: «المناطق التي تشهد أدنى تقديرات للعنف الجنسي هي: شمال أفريقيا والشرق الأوسط 4.5 بالمئة «تركيا»، وبعض دول جنوب آسيا 3.3 بالمئة». وأكدت المراجعة المنهجية للنساء اللاتي شملتهن الدراسة في جميع أنحاء العالم أن امرأة واحدة من بين كل 14 أو 7.2 بالمئة من النساء الأكبر من 15 عاماً قد أبلغن عن تعرضهن للعنف الجنسي من الغرباء. وهو ما يبيّن انتشار العنف الجنسي على مساحة واسعة النطاق، حيث بات ظاهرة مستوطنة في بعض المناطق. إذ بلغ معدل انتشارها أكثر من 15 بالمئة في أربع مناطق. ويعتقد الباحثون أن البيانات المتوفرة لا تعكس التقديرات الحقيقية لانتشار هذه الظاهرة المفزعة، ويرجع هذا إلى ما تتسبب فيه الوصمة الاجتماعية أو العار المرتبط بالعنف الجنسي إلى نقص الإبلاغ. ويعتقد الباحثون أن هذا هو السبب في الحصول على معلومات عن ثماني مناطق من البيانات المتوفرة لدى بلد واحد، ولم تكن لدى العديد من البلدان أي بيانات على الإطلاق. وقال الباحثون: «على الرغم من قصور البيانات الموجودة، وجدنا أن العنف الجنسي تجربة مشتركة بالنسبة إلى المرأة. وبصرف النظر عن مرتكب الجريمة، يؤدي العنف الجنسي إلى انتهاك حقوق الإنسان بالنسبة إلى الضحايا وله تأثير دائم وعميق على حياتهن». هذا وتوصلت مراجعات منهجية سابقة للآثار الصحية للعنف الجنسي للغرباء إلى وجود ارتباط، بين الاكتئاب والقلق وتعاطي الكحول، لدى ضحايا العنف الجنسي اللاتي يفشلن أيضاً في إخفاء مشاعرهن تجاه الأخطار المتزايدة للتعرض لأنواع أخرى من العنف لاحقاً. واعتبرت كاثرين يونت، من جامعة إيموري في أتلانتا، بولاية جورجيا الأميركية، أن هذه الدراسة «علامة فارقة في حجمها ودقتها»، وقالت: «معدلات انتشار الظاهرة التي قدرتها الدراسة عالية بشكل غير مقبول على مستوى الصحة العامة وحقوق الإنسان». وصرحت البروفسير نعيمة أبراهامز، المشرفة الرئيسية على الدراسة، والتي تعمل في معهد أبحاث جنوب أفريقي قائلة: «اكتشفنا أن العنف الجنسي تجربة مشتركة لنساء العالم بأسره وهي منتشرة كثيراً في أربع مناطق مع نسب اعتداءات تصل إلى أكثر من 15 بالمئة من النساء».