دعا سفير الصين بالمغرب سون شو جونغ، يوم الاثنين بالرباط، إلى استفادة المغرب من الآفاق الواعدة التي سيتيحها «طريق الحرير البحري - القرن 21». وتعتبر «طريق الحرير البحري - القرن 21» مشروعا استراتيجيا تسعى الصين إلى إنشائه على خطى طريق الحرير القديم، وهي مجموعة من الطرق المترابطة كانت تمتد من المراكز التجارية في شمال البلاد، وتنقسم إلى فرعين بالشمال والجنوب، حيث يمر الفرع الشمالي من منطقة بلغار- كيبتشاك وعبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم وحتى البحر الأسود وبحر مرمرة والبلقان ووصولا إلى البندقية. أما الفرع الجنوبي فيمر من تركستان وخراسان ويمر عبر بلاد ما بين النهرين وكردستان والأناضول وسوريا مرورا بتدمروانطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال إفريقيا. وقال سون شو جونغ، خلال ندوة حول موضوع «آفاق طريق الحرير الجديدة، وإسهام ابن بطوطة في كتابة التاريخ الدبلوماسي للصين»، نظمتها جمعية الصداقة والتبادل المغربية الصينية، بشراكة مع سفارة جمهورية الصين الشعبية، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية -أكدال الرباط، «إن المغرب هو البلد الإفريقي الوحيد الذي يطل على واجهتين بحريتين ما يؤهله للاضطلاع بدور محوري في طريق الحرير الجديدة». وأضاف أن الصين والمغرب مدعوان للاستفادة من الامتيازات التي ستوفرها هذه الطريق، من خلال تعزيز علاقاتهما الثنائية خاصة في مجال البنيات التحتية من قبيل بناء الطرق والموانئ والسكك الحديدية. وأكد السفير الصيني أن بلاده تسعى لبحث إمكانية إحداث منطقة للتبادل الحر مع المغرب، معتبرا أن ذلك سيعود بالنفع على المقاولات المغربية ما سيمكنها من استيراد سلع نصف مصنعة بأثمنة تفضيلية، وتصديرها إلى السوق الأوروبية والإفريقية بعد تصنيعها محليا. من جهة أخرى، اعتبر الدبلوماسي الصيني أن سياسة بلاده في إطلاق مشروع طريق الحرير البحري - القرن 21 تقوم على تعزيز الروابط السياسية بين البلدان التي تشملها هذه الطريق، وتقوية البنيات الطرقية، ودعم تدفق التجارة وتنقل رؤوس الأموال. وأوضح أن البلدان التي تشملها طريق الحرير البحري - القرن 21 تضم ثلاثة ملايير نسمة، مؤكدا الدور الذي ستضطلع به هذه الطريق الجديدة في تعزيز روابط الصداقة والتعايش بين شعوب من مختلف الديانات والحضارات. وبعدما أبرز الطفرة الاقتصادية الكبرى التي تشهدها الصين في السنوات الأخيرة، قال شو تجونغ إن بلاده تسعى من خلال طريق الحرير البحري - القرن 21 تعزيز تعاونها الاقتصادي مع بلدان المنطقة والعالم أجمع. من جانبه، تناول الاستاذ عبد الهادي التازي مساهمة الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة في كتابة التاريخ الدبلوماسي للصين، ودوره في التعريف بهذا البلد، مشيرا إلى أنه قدم للأجيال المتلاحقة معلومات عن حضارتها وثقافتها المتنوعة. وقال التازي إن الرحالة المغربي ابن بطوطة كان عين في منصب سفير لملك الهند لدى الصين، وهو ما مكنه من الاطلاع عن قرب على التاريخ الدبلوماسي الصيني، مضيفا أنه كان سباقا إلى تقديم بلاد الصين للعالم العربي ومن خلاله إلى بقية العالم، بعد أن تمت ترجمة رحلته إلى أكثر من خمسين لغة، منها اللغة الصينية. كما أبرز الأستاذ عبد الهادي التازي، من خلال مهمة ابن بطوطة كسفير، المكانة التي كانت تحظى بها اللغة العربية في البلاطين الهنديوالصيني إلى جانب لغات أخرى وهو أمر ذو دلالة حضارية كبرى. يذكر أن جمعية الصداقة والتبادل المغربية - الصينية، التي نظمت هذا اللقاء، تهدف إلى الإسهام والمشاركة في مختلف الأنشطة الثقافية والاجتماعية والفنية والرياضية والاقتصادية، بغية تنمية الصداقة والتعاون بين الشعبين المغربي والصيني.