اختتمت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، الجمعة الماضي فبراير 2014، برنامج أنشطتها المسطر في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته العشرين بندوة حول موضوع «الإذاعة المغربية رافعة للثقافة» نشطتها الإذاعية لطيفة سبأ بمشاركة الإذاعيين اسمهان عمور وأديب المشرفي والكاتب والناقد الطائع الحداوي والكاتب عبد النبي داشين. و قد استهلت لطيفة سبأ مداخلتها باستعراض العلاقة القائمة بين الإذاعة كجهاز إعلامي والمثقفين كروافد للمادة الثقافية الإعلامية وأكدت على ضرورة التداول حول أنجع السبل والبحث عن إمكانيات جديدة للتعاون بينهما، كما أوضحت المكانة التي تشغلها الإذاعة المغربية كأداة للتنوير والارتقاء بالوعي الثقافي ووسيلة للتنمية الثقافية وإبراز الهوية الوطنية في بعديها الحضاري والانساني. من جهتها، استحضرت اسمهان عمور ذاكرة الإذاعة المغربية من خلال دورها الفعال في المجال الثقافي، وذكرت بالعديد من الأسماء المعروفة في الحقلين الفكري والفني التي ساهمت في إنجاز برامج ثقافية على أمواج الإذاعة، وذلك ببث أمسيات شعرية ومحاضرات ثقافية ولقاءات فنية والتعريف بالكتب والمنشورات. كما أشارت اسمهان إلى الدور الريادي الذي لعبته الإذاعة كمشتل للمبدعين الشباب من خلال البرامج المفتوحة أمام أقلامهم الجديدة. و خلال هذا اللقاء، أشار أديب المشرفي إلى أهمية «الإذاعة الدولية» التي شكلت بدورها قاطرة للترويج الثقافي، مستحضرا عينة من الأسماء الرائدة التي ساهمت بشكل كبير في النهوض بالنقاش الفكري حول عدة قضايا ثقافية، ذات بعد استراتيجي للمغرب، وذلك باللغات الأجنبية الحية، بهدف تقريب الثقافة والفن من شريحة واسعة من المستمعين داخل الوطن و خارجه. الطائع الحداوي، الكاتب والناقد، رحل بالحضور إلى نوستالجيا الإذاعة، وخصوصا إذاعة الدارالبيضاء، مؤكدا على الدور الذي لعبته الإذاعة في ربط المستمع المغربي بالعالم، وكذا في تهذيب الذوق ودمقرطة الثقافة وتمكين أكبر عدد من الناس من استهلاك المنتوج الثقافي ومواكبة حركية الحقل الفني الثقافي بالمغرب. أما الكاتب عبد النبي داشين فقد تضمنت مداخلته تنويها بالإذاعة المغربية وكفاءاتها التي اعتبرها «مناضلة» في الميدان الإعلامي بمتابعتها الميدانية للحدث الثقافي والفني ومنحها المجال لظهور طاقات مبدعة بمناطق نائية. كما أكد داشين، خلال مداخلته، على أن الإذاعة كانت بمثابة «منبر للمبدعين» الذين لم يكونوا ليحظوا بفرصة تقديم أعمالهم لولا الإذاعة المغربية. وبعد فتح باب المداخلات للحضور و التعقيب عليها من طرف ضيوف الندوة، خلص المشاركون إلى اقتراح مجموعة من التوصيات الهادفة للنهوض بالمنتوج الثقافي الإذاعي بعد المحافظة على الرصيد المهم من الإنتاج و الخبرة المتوفرة في هذا المجال، أهمها: « ضرورة الاهتمام بالأرشيف الإذاعي باعتبار الإذاعة خزان ثقافي غني ودعوة الجهات الوصية لمأسسة هذه الذاكرة التي لا تقدر بثمن»؛ «إشراك جميع فعاليات المجتمع في إعداد دفاتر التحملات الخاصة بالإذاعة»؛ «تفريغ الأشرطة الصوتية وتحويلها إلى حوامل مكتوبة»؛ «إعادة تعريف الإذاعة الثقافية بما من شأنه توسيع مجال الثقافة»؛ «تطوير الجانب التقني واللوجيستيكي والتكوين المستمر»؛ «تقوية شبكة البث على الصعيد الوطني»؛ «الحفاظ على مكونات الهوية الوطنية طبقا لمقتضيات الدستور المغربي». وكان رواق الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة الاثنين الماضي احتضن ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء لقاء خصص لمقاربة «رهانات وتحديات الإعلام الثقافي التلفزي (قناة «الثقافية» نموذجا) تميز بمشاركة الاستاذين الجامعيين حسن طارق وحسن حبيبي، وباسم الهور وعلاء الدين الوطني، صحفيان منتجان بالقناة «الثقافية»، ومارية لطيفي، مديرة القناة «الثقافية». وأجمع المشاركون في هذا اللقاء، الذي يعتبر الثاني ضمن سلسلة الندوات التي تنظمها مديرية التواصل بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والقناة «الثقافية»، على ضرورة توحيد جهود المتدخلين في الحقل الثقافي المغربي من أجل المساهمة الفعالة والإيجابية في الارتقاء بالإعلام الثقافي المغربي، وذلك عبر خلق فضاءات للحوار وتبادل وجهات النظر حول أنجع السبل لتحقيق النتائج المتوخاة. كما شدد، خلال هذا اللقاء الذي يتظم تحت شعار مركزي «الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة: رافعة للثقافة المغربية» المتدخلون على أهمية تجربة القناة «الثقافية»، على مدى تسع سنوات من العطاء، والتي قسمتها مديرة القناة، ماريا لطيفي إلى ثلاث محطات أساسية تطورت من خلالها هوية القناة من التعليمي التربوي إلى التخصص الثقافي الذي تراهن عليه اليوم. واستعرض علاء الدين الوطني تنوع البرامج التي تضمها الشبكة البرامجية للقناة وخاصة تلك التي تنتجها الأطقم الداخلية للقناة رغم نقص الإمكانيات. من جهته قدم حسن طارق، الاستاذ والباحث ملاحظات نقدية على مضامين دفتر تحملات القناة الثقافية في صيغته الحالية، وشدد كذلك على ضرورة خلق مشروع ثقافي جماعي ببلادنا يشكل السياق العام الذي يمكن أن تندرج في إطاره القناة الثقافية. أما حسن حبيبي، الاستاذ والباحث فقد أكد على ضرورة انخراط كل الفاعلين والأطراف المعنية من أجل كسب رهان قناة تلفزية ثقافية ببلادنا ، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب توفير الإمكانيات والميزانيات اللازمة.