كان زوار المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء على موعد زوال يوم الجمعة الماضي مع أصوات ثقافية نسائية من بلدان تنتمي ل «المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا». ولقد كان لاختيار هذه الأصوات النسائية في أول ندوة يحتضنها المعرض للاحتفاء بضيف شرف المعرض في نسخته العشرين رمزيته الكبيرة، لتسليط الضوء على جوانب مهمة من حياة المجتمعات الإفريقية من زاوية نسائية، مجتمعات ظلت لزمن طويلة حبيسة هيمنة ذكورية انعكست على كافة مناحي الحياة، بما فيها الحياة الفكرية والأدبية. وتميز الندوة، التي أشرفت على تسييرها الباحثة المغربية بجامعة الحسن الثاني كريمة اليثربي، بتقديم مداخلات الأديبات «أديلاييد فاسينو آلاغبادا» من البنين، «صوفي هيدي كام» من بوركينافاصو، و»مارياما ندوي» مبينغي من السنغال، إلى جانب الناشرة المالية كادياتو كوناري، وهي نجلة الرئيس المالي السابق ألفا عمر كوناري. وكشفت المتدخلات، خلال الندوة التي نظمت بعنوان «الكتابات النسائية: الكلمة لنساء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا»، مجموعة من الأمور التي أثرت على اختيارهن مسار الكتابة والنشر، حيث أجمعن على أن الفضل في ذلك يعود بالأساس إلى ظروفهن الأسرية وانتمائهن في أغلب الأحيان إلى أسر متعلمة ومثقفة زرعت فيهن حب المطالعة منذ سن مبكرة،ونهلن من الأدب العالمي الذي وفر لهن نافذة عبرن من خلاله إلى عوالم أخرى، وبالتالي يراكمن تجارب إنسانية في قالب فكري وأدبي كانت أداتهن الأولى للكتابة والإبداع. وأجمعت المتدخلات على أن البيئة المجتمعية في إفريقيا توفر مجالا خصبا للإبداع، سيما من حيث اختلاف المواضيع وتنوعها، وغنى الثقافة الإفريقية التي ظلت لقرون عديدة، وما تزال في قسم مهم منها، تعتمد بالدرجة الأولى على الثقافة الشفهية التي تتناقلها الأجيال، لكن قد يكون مصيرها الضياع في حال تأخر الأدباء والمؤرخون في تدوينها وحفظها من الزوال، وهو ما أشارت إليه الكاتبة البوركينابية صوفي هيدي كام، التي كشفت بأن مشروعها المستقبلي سيكون في هذا الاتجاه. ولم يفت المشاركات التنبيه إلى بعض الصعوبات التي تواجههن في مجال الكتابة، إذ لا تزال المجتمعات الإفريقية تؤمن بأن دور المرأة هو الاهتمام بالأسرة ككل وبالرجل على وجه الخصوص، مما يجعل الأسماء النسائية في عالم الكتابة والإبداع الأدبي معدودة. وبخصوص المواضيع التي تثير اهتمام الأديبة الإفريقية، أبرزت المتدخلات أنهن يراهن بالأساس على تكريم مجتمعاتهن ونقل صورة عن التحولات التي تعرفها، وفي أحيان أخرى توجيه الانتقادات لسيادة العقلية الذكورية على تفكير المجتمع، وبالتالي فإن الكتابة بالنسبة لهن قد تكون ضربا من ضروب النضال للنهوض بالمرأة وبالمجتمع ككل، كما يركزن على مواضيع راهنة كالهجرة السرية وختان الفتيات وتمدرسهن. ويشار إلى الندوة، التي احتضنتها قاعة محمد الروداني، تميزت بحضور وزير الثقافة المالي برونو مايغا، وعدد من ممثلي دور النشر الإفريقية والأوربية المهتمة بالأدب الإفريقي.