ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإدمان على الغنى  Sam Polk 

يتولى سام بوولك في هذا المقال الذي كتبه في صحيفة النيويورك تايمز، عدد 18يناير2014، من خلال تجربته الشخصية كوسيط في التعاملات المالية، إبراز نوعية الثقافة السائدة في الوول ستريت، والتي تؤطر بواعث ومسلكيات الوسطاء والمدراء الكبار، ثقافة لا يتردد، هو الذي تعرف على حياة المؤسسات والصناديق المالية من الداخل، بالثقافة الموبوءة حيث الكلمة الفصل، والقيمة المرجعية هي الربح السريع بالمضاربة، وحيث الجشع وطلب الاستزادة سنة بعد اخرى في قيمة المكافآت هو السلوك القار لكل من دخل دوائر وطوابق التعاملات في حي الوول ستريت .
يذكر بوول سام كيف تكتل الوسطاء والمدراء لمحاربة أية ضوابط او تضبيطات قد تحد من حجم المكافآت الخيالية التي يحصلون عليها ، كما تبين من ردود أفعالهم بعد ان اتخذت الحكومة الفدرالية الامريكية سلسلة من التشريعات والاجراءات عقب الانهيار المالي لسنة 2008 بضغط كبير من الرأي العام ، لما تبين ان تدبيرهم لبعض العمليات والممنتوجات المالية المشتقة على غرار ما تقوم به ما يعرف بصناديق hedge funds كان تدبيرا اشبه ما يكون بممارسة القمار، وكان بسبب ذلك مسؤؤلا الى حد كبير عن الانهيار المالي الذي حصل . 
الكاتب ، الذي انتهى به الحال ، بعد سنوات من الخدمة ، وبعد تطور في المراتب جعلته يحصل في سنته الاخيرة على مكافآت ضخمة، الى اتخاذ قرارالابتعاد ومغادرة الوظيفة باختيار ذاتي رغم كل الإغراءات ورغم كل فرص  التألق -بمقاييس الوول ستريت - التي كانت تنتظره . وفضل بداية حياة جديدة ابتدأها ببعض الاعمال التطوعية لصالح بعض أصناف المجموعات المحتاجة للرعاية الاجتماعية .حيث سيكتشف ، كما يشرح انه فعلا بدا  يؤدي عملا مجديا حقيقيا ويكتشف ايضا كم كان شعارا أيديولوجيا فارغا  اجوف ذاك الشعار الذي يشتغل على  هديه الوسطاءوالمدراء في الوول ستريت ، والذي يقول « اننا أذكياء جدا ونشتغل اكثر بكثير من الاخرين ولذلك نستحق مكافاتناالمرتفعة«.!
في هذا المقال الذي لقي اهتماما واسعا وحظي بمواكبات وتعليقات واسعة في الصحافة الامريكية لجرأة صاحبه ، يوظف بوولك مفهوما استقاه من كتابات عالم الاجتماع فيليب سلايتر مفهوم إدمان الغنى Wealth addiction ، الذي يرى ان له قدرة تفسيرية هائلة حينما يتعلق الامر بتوصيف مسلكيات رجال الوول ستريت .، إدمان لا يختلف في الخصائص والآثار عن إدمان المخدرات ، كما لا يختلف عنها في ما يحدثه من اثار مدمرة على الافراد والمجموعات . يبين بوولك كيف عانى شخصيا من هذه الآفة ، آفة إدمان الغنى ، التى دمرت جوانب من دواخله وكيانه ، وكيف كافح بضراوة من اجل التخلص من تبعات هذا النوع من الإدمان قبل ان يستعيد عافيته .
المقالة قطعة من الادب البيبليوغرافي الرفيع ، مكتوبة من طرف وسيط مالي سابق يرى الوول ستريت اليوم بعيون اخرى.
لنستمع الى بووك سام يتحدث عن تجربته ، وعن آفة إدمان الغنى.
خلال السنة الاخيرة التي قضيتها في حي الوول ستريت، كان مبلغ المكافأة التي تسلمتها هو 3,6مليون دولار، ومع ذلك فقد كنت مغتاظا، لأنني اعتبرت وقتها المبلغ غير كاف، ودون طموحي .كنت في الثلاثين من عمري، لم يكن لدي اولاد في حاجة الى رعاية ، ولم اكن مثقلا بديون علي سدادها، ولا كانت تدور في خلدي أية مشاريع خيرية. لقد كنت ارغب في المزيد من الاموال لنفس السبب الذي يجعل المدمن على الكحول يرغب في المزيد من تناولها. كنت مدمنا، بهذا المعنى .
 القضية بدأت قبل ثماني سنوات ، كنت قد توجهت الى مكاتب التعاملات بالأسهم في القرض السويسري الفورست بوسطن CSFB لإتمام دورتي التكوينية الصيفية . كنت اشعر برغبة عارمة في ان اصبح غنيا .
وحينما بدأت العمل كانت لدي فكرة اخرى عن معنى الغنى ويسر الحال .لقد قدمت الى الوول ستريت بعد ان قرأت  في كتاب «liar ‹s poker» لمؤلفه مايكل لويس ، ان هذا الاخير تسلم مكافأة بمبلغ  225.000 دولار بعد قضاء اقل من سنتين في طابق المعاملات المالية في احدى مؤسسات الوول ستريت .كان يبدو لي الرقم ثروة حقيقية .وعند مطلع كل شهر يناير وفبراير كنت افكر في الامر ، ذلك لانه في مطلع هذين الشهرين يتم عادة اتخاذ القرارات الهامة بخصوص حجم المكافآت التي سيتم توزيعها على كبار وسطاء المعاملات المالية .
كنت قد تعلمت من طموحات ابي ،كما كانت تتبدى لي في صغري ، مدى اهمية ان تكون غنيا ، لقد كان بائعا لدى شركة مودرن دايلي ويلي لومان .كانت تراوده أحلام كبرى لم تعرف سبيلها للتحقق. كان يردد على مسامعنا ونحن صغارا  « تصوروا معي كيف ستبدو لكم الحياة جميلة لو كنت قادرا على توفير مبلغ مليون دولار». كان يردد ذلك وهو يحلم بان يتحول من بائع خزانات مطابخ الى بائع شاشات اللعب الالكترونية. لقد عشنا فترات صعبة نمول بعض مشترياتنا من شيكات تؤديها أمي مخصومة من أجرها الشهري ، حيث كانت تشتغل ممرضة. 
كان ابي يعتقد في سن الثانية والعشرين من عمره ان المال يمكن ان يحل كل مشاكله ،وكان ذلك اعتقادي أنا أيضاً حينما كنت في نفس السن .
حينما دخلت اول مرة طابق المعاملات بالأسهم ورأيت كل تلك الشاشات والالواح الالكترونية ومخازن الهواتف التي تتسع لعدة مكالمات في الان الواحد ،ومئات الأزرار المبثوثة هنا وهناك ، خلت نفسي في غرفة قيادة طائرة مقاتلة . عرفت لتوي في اي اتجاه اريد ان تسير بقية فصول حياتي. كان المشتغلون والمتعاملون في البورصة يبدون لي كما لو انهم منهمكون في لعبة فيديو داخل عربة فضائية. انك ان ربحت لعبة الفيديو هاته ستصبح بالتاكيد احد أولئك الرجال الذين كنت اتمنى ان احسب بينهم . اقصد الرجال الأثرياء جداً.
لقد كانت معجزة حقا ان اذهب الى الوول ستريت خلال تلك الفترة بالضبط التي كانت تراودني فيها تلك الأفكار والامال ،كنت طموحا ومفعما بروح العمل وحافز المنافسة ، لقد كنت معروفا بكوني رجل الجهود والمثابرة والسعي الملحاح بجامعة كولومبيا ، ولكنني في نفس الوقت كنت اشرب الكحوليات يوميا كما كنت مستهلكا للكوكاين  وريتالين وايكستازي بصفة دورية. وبصورة ما فقد اصبحت وقتها ميالا الى نوع من التدمير الذاتي . وقد جر ذلك علي مشاكل كبيرة حيث فصلت من جامعة كولومبيا بسبب السرقة، وتم القبض علي مرتين ، كما تم تغريمي من طرف شركة انترنت في قضية نزاع قاسية. لقد تعلمت من ابي ذلك الإحساس بالغيظ ، لا زلت اذكر قسمات وجهه المنقبض ونظراته وهو يندفع باتجاهي في حالات غضبه.
لقد قصدت بنك CSFB للدورة التكوينية ، واضعا على الجانب كل تصرفاتي و تجاوزاتي السابقة، وكنت مصمما علي بلوغ غايتي بعد ان لاح في الأفق ما بدا لي أملا أخيرا. الامر الوحيد الذي كان في نفس اهمية الدورة التكوينية التي دخلتها كان هو العلاقة التي كانت تجمعني بمحبوبتي ، وقد كانت لاعبة مبتدئة بفريق الكرة الطائرة بجامعة كولومبيا. ورغم حبي الكبير لها ، فكثيرا ما كان ينتهي بي الامر وانا في أحضان امرأة اخرى في حالات السكر و الثمالة. 
لقد قامت صديقتي بتنبيهي بنوع اللياقة والنباهة الى الطابع المسرف في سلوكاتي: «لا احب هذه الصورة التي اصبحت عليها ،»هكذا كانت تحدثني باستمرار.لم اكن في تلك الفترة لالومها وانا ارى كيف كنت لا أتمالك جسدي في الصباح وانا أغادر فراش النوم، متثاقل الخطى .وفي عز حالة التبرم والإحباط انتهيت الى البحث عن استشارة لدى مختص في الاضطرابات النفسية ، عقدت معه عدة لقاءات اطلب النصح والمساعدة .
لقد نبهتني صديقتي الى ان استهلاكي للكحوليات والمخدرات كانت مؤشرا او مظهرا للخواء الداخلي الذي كنت استشعره، و نصحتني بالاقلاع النهائي عنها . وهو ما فعلته ، وقد كانت تلك أصعب الشهور في حياتي كلها . كنت اشعر انه بدون كحول ومخدرات تسرح مفعولاتها في ثنايا جسدي ودماغي ، فإن هيكلي العام سينكسر وقلبي سيقفز في الهواء . لقد صرحت لي مستشارتي في الصحة النفسية ان مغالاتي في استهلاك المخدرات والكحوليات كان احد الاعراض التحتية لمشكل اعاني منه في العمق، انه نوع من «مرض روحي « هكذا نعتته المستشارة.
لم تمكني مؤسسة CSFB من عمل كامل يستغرق اليوم كله . رجعت الى جامعة كولومبيا مكسور الجناح لإتمام السنة الدراسية العليا . بعد التخرج حصلت على عمل ببنك امريكا ، بفضل مدير استجاب في الاخير لشاب هاتفه على امتداد ثلاثة أسابيع متتالية، وسمح له ان يجرب حظه.
امضيت سنة كاملة من العمل المضني والدؤوب أثبتت خلالها جدارتي ، تم تسليمي مكافأة وصلت الى 40.000 دولار لاول مرة في حياتي لم يكن علي ان أراجع كشف حسابي قبل سحب النقود من والتي البنكية ، لكنني اكتشفت ان موظفا كان يتقدمني فقط بأربع سنوات من الخدمة في مؤسسة CSFB حصل على 900.000 دولار . كان خليطا من الصدمة والحنق ذاك الشعور الذي انتابني وانا اسمع الخبر. كان مبلغ مكافأته يصل الى 22مرة مبلغ المكافأة التي حصلت عليها .ادركت وقتها بإندهاش كبير كم هو ضخم حجم الاموال المتوفرة .
خلال البضع سنوات اللاحقة اشتغلت بوتيرة مجنونة وبدأت أتحرك باتجاه الوول ستريت . توليت وظيفةٍ   وسيط معاملات مالية مكلف بمهمة تدبير القروض والسندات المرتب اطرافها في وضعية العجز عن الأداء ، وهي واحدة من اكثر العمليات ربحية في عالم الاعمال.بعد اربع سنوات فقط من بداية عملي في بنك امريكا ، اقترح علي السيتي- بنكCitibank مكافأة بقدر 1,7مليون في اثنان . وهو ما يعني في اللغة البنكية، مبلغ 1,7 مليون دولار في السنة و لمدة سنتين . استخدمت المبلغ للترقي الاجتماعي السريع . بدأت بعقد علاقة حميمية مع شقراء جميلة ،ثم اقتنيت شقة أنيقة فاخرة بالبوند ستريت بقيمة 6000 دولار شهريا . شعرت بالأهمية والاعتزاز ،كان بإمكاني في سن الخامسة والعشرين ان اقصد اي مطعم فاخر في مانهاتن ، كنت دائم التردد ليلا على مطعم PER SE ومطعم LE BERNARDIN .
كان يكفيني المناداة على واحد من مساعدي ممن يعرضون عليك الخدمة لأنهم يعرفون مدى السخاء الذي يصنعه الرخاء المفرط الذي يتوفر لوسطاء العمليات المالية الضخمة . كان مجرد تسريب خبر لاحد مساعدي باعتزامي حضور مباراة للكلينكس لاغر، يكفي لإثارة زوبعة في المكان . 
لم يكن شعوري بالزهو والارتياح ناجم فقط عن تملك الثروة ، بل كان ناجما كذلك عن  احساس بتملك السلطة: فبما انني كنت ميسورا ومشهورا فإنني كنت اعتبر ان مهمة إسعادي تقع على عاتق الاخرين . ومع ذلك فقد كنت استشعر قدرا كبيرا من الغيرة تعصر دواخلي ، ذلك انه على طاولة التعاملات المالية ، يتحلق الجميع حول نفس الدائرة، من المبتدئ المتدرب الى كبار المدراء، وحينما تعرف ان المكافاة التي يتقاضاها الجالس بجانبك او أمامك تصل الى مبلغ 10 مليون دولار فان مبلغ1 او 2 مليون الذي تتقاضاه انت يبدو لك جد متواضع .ومع ذلك فقد كنت مزهوا ومندفعا بنجاحي . لكن مستشارتي في الصحة النفسية لم تكن تشاطرني تلك المشاعر ، كانت تعتبر انه من المحتمل جدا ان أستعمل المال بنفس الطريقة التي كنت استهلك بها المخدرات والكحول، اي تلك الطريقة التي تجعلني أشعري بالقوة الفائقة ، وانه من الأجدر لي ان أكف عن التركيز على مراكمة الثروات وان انصرف عوض ذلك الى الاهتمام المركز على لملمة جراحي الداخلية. «جروح داخلية!!» خلت ان المقصود هو الذهاب الى مستوى ارقى و أبعد مما كنت عليه في مجال الاعمال ، فذهبت للعمل لفائدة مؤسسة تعنى بتدبير مايعرف بصناديق التغطية .hedge funds
هكذا ، وبالعمل المضني جنبا الى جنب مع المليارديرات تحولت الى كائن مملوء بالجشع .فكرت كم كان بوسع   زملائي لو رغبوا، شراء مؤسسة ميكروزينيا، فكرت ايضا كم كان بوسع اي واحد منهم ان يصبح عمدة لمدينة نيويورك.لم يكونوا أغنياء فقط ، كانوا بجانب ذلك اصحاب سلطة ونفوذ ، نفوذ يتجاوز مجرد الجلوس كل مساء على مائدة منتقاة بمطعم  البيرناردان . كان اعضاء مجلس الشيوخ (السيناتورات) يأتون الى مكاتب هؤلاء المدراء متوددين. لقد كانوا ملوكا متوجين. 
جالت في خواطري رغبة الوصول الى مبلغ البليون دولار ، نعم بليون دولار ، انه لأمر غريب حقا ان انتقل في بحر خمس سنوات فقط من الافتتان بالمكافأة الاولى التي لم تكن تتجاوز الأربعين الف دولار الى استشعار الأسى والغضب حينما تسلمت و أنا في سنتي الثانية في مؤسسة تدبير صناديق تثمين المعاشات مكافأة مليون ونصف المليون دولار !!. 
لكن وفي النهاية، فان رؤسائي في دنيا الاعمال، الميسورين حد اللامعقول، هم الذين ساعدوني - ياللصدف - وبطريقة غير مباشرة ، على رؤية الحدود الأخلاقية لهذا الغنى اللامحدود: لقد كنت في اجتماع مع احدهم حضره عدد من الوسطاء الماليين، كان الحديث يدور حول الضوابط  regulations الجديدة التي ستطبق على  مؤسسات تدبير ما يعرف بصناديق التغطية hedge funds. وكان واضحا من مجريات النقاش ان الكل في الوول ستريت تقريبا يعتبر الضوابط الجديدة فكرة سيئة . أخذت الكلمة وقلت ، بتلقائية : « لكن ، مهلا أيها السادة ،  أليست قضية الضوابط جيدة ومفيدة بالنسبة للنظام ككل؟» ( المقصود النظام المالي ) . ساد صمت مطبق في القاعة ، ثم اذا بي أرى رئيسي يوجه لدي نظرات انتقاد حادة، بعد تلك النظرات أتذكر انه خاطبي بلهجة صادمة، قائلا « اسمع ، ليست لدي القدرة العقلية ولا الاستعداد الدماغي للتفكير في النظام ككل ، كل ما أنا مهتم به ، هو الاثار التي ستكون لتلك الضوابط على ارباح شركتنا».
أحسست اللحظة كما لو انني أتلقى ضربة قوية تستهدف البطن ويصل مفعولها الى دواخل الأمعاء . كان المتحدث  يخشي من ضياع بعض المال ، رغم الكم الهائل الذي يتوفر له منه!! ومن تلك اللحظة اصبحت ارى الوول ستريت بعيون اخرى .سجلت وقتها كما وقفت على نوعية الانتقادات العنيفة و سيل الهجمات الكلامية التي وجهها الوسطاء الماليون للحكومة بعد ان اتخذت هذه الاخيرة إجراءات رمت الى الحد من حجم المكافآت، ضمن سلسلة تدابير تم اتخاذها على اثر الانهيار المالي لسنة2008. وقفت على حجم الغضب في نبرات أصوات هؤلاء الوسطاء وهم يتحدثون عن احتمال رفع قيمة الضرائب المطبقة على مداخيلهم . 
كان هؤلاء الوسطاء مستعدون لتحطيم اي شيء او ومحاربة اي واحد ، ايا كان ، يهدد حجم مكافاتهم .
هل حصل وشاهدتم مدمنا استبدت به الحاجة الى مخدره المعتاد، وهو في تلك الحالة من الضيق والهيجان ،؟ ان هذا المدمن يتحول الى شخص لن يتردد في المشي فوق الثلوج ثلاثين كيلومترا كاملة وهو حافي القدمين ، او سرقة خزانة نقود جدته المسنة والمريضة والمحتاجة لقاء الاستجابة لرغبته الجامحة . هو ذا بالضبط حال رجالات الوول ستريت.
خلال الشهور السابقة على توزيع المكافآت ، يتحول المكان المخصص لوسطاء العمليات المالية الي ما يشبه الاحياء الملتهبة في مدينة بالتيمور  Baltimore حينما تنقص مادة الهيروين من أزقتها، كما في السلسلة الامريكية الشهيرة THE WIRE .
لقد كنت خلال هذه السنوات انظر بنوع من الغيرة لأولئك الذين يفوقونني في المداخيل . الان ، ولأول مرة صرت احس بشيء من الانزعاج إزاء هم وإزاء نفسي أيضاً :خلال سنة واحدة كنت احصل على دخل يفوق ما حصلت عليه أمي طيلة حياتها المديدة . وكنت اعرف ان هذا ابعد ما يكون عن قيم العدل والتكافؤ والأخلاقيات .هو بعيد عن الصواب . نعم لقد كنت ذكيا ، حادا وبارعا حينما يتعلق الامر بالأرقام، وكنت أتوفر على كفاءات عالية في مجال تدبير الاسواق .لكن في نهاية التحليل كنت ارى في قرارة نفسي انني لا اقدم حقا اي شيء ذا قيمة مضافة حقيقية . لقد كنت وسيطا ماليا مختصا في المنتوجات المالية المشتقة a derivative trader وكنت قد وصلت الى قناعة ان العالم لن يصيبه اي نقص اذا توقفت القروض المشتقة عن الوجود اصلا، لكن العالم سيتأثر بصورة دراماتيكية، بالتاكيد لو تم مثلا انهاء وظائف الممرضات والممرضين .، تحت اي ظرف من الظروف .، وهكذا فان ما كان يبدو لي عاديا في السابق اصبح يظهر لي اليوم مليئا بالتشوهات .
لقد انتهيت مؤخرا من قراءة الأجزاء الثلاثة لمؤلف صدر لتايلور برانش حول مارتن لوثر كينغ وحركة الحقوق المدنية .ان صورة اعضاء حركة الجماعة المناضلة من اجل الحرية الشهيرة التي عرفت بالفريدوم رايدرز riders ، وهم يقفزون من حافلتهم للالتقاء بحشد كبير غاضب من الشباب السود في واشنطون -ان هذه الصورة تفرض اليوم نفسها على وعيي. واسر لنفسي وانا استحضر المشهد انه كان من الممكن جدا ان اكون وقتها ضمن ركاب تلك الحافلة لو انني كنت قد عشت مرحلة الستينيات .
غير انني وانا افكر هكذا اشعر كما لو انني اكذب على نفسي بممارسة نوع من أحلام اليقظة او الهروب الى الامام، ذلك انه بعيدا عن مرحلة الستينيات، فإننا نعيش اليوم عددا كبيرا من الأوضاع التي تنتفي فيها العدالة، أوضاع مليئة بالظلم ، مظاهر تفقير زاحفة ، سجون مكتظة، عنف جنسي متزايد، مشاكل صحية بالجملة يتقدمها مشكل السمنة الأخذ في الاتساع.
والحقيقة انني اشعر انني لا أساهم إطلاقا في حل اي مشكل ، بل الأدهى من ذلك صرت اشعر اني استفيد من تفاقم تلك المشاكل :ففي عز أزمة الاسواق المالية سنة 2008 حصلت على جبل من الاوراق المالية كدخل من خلال عمليات بيع المنتوجات المشتقة المتحصلة للشركات المهزومة . وهكذا فبينما كان العالم يغرق ،كنت أنا في وضعية المستفيد الاكبر . لقد كنت ارى الانهيار يلوح في الافق ، كنت اراه حاصلا ما في ذلك شك ، لكني عوض االتفكير في مساعدة ذلك الصنف من الناس الذين سيعصف الانهيار بمدخراتهم اكثر من اي صنف اخر ، اي كل أولئك الذين لا يتوفرون على مبلغ مليون دولار كوديعة بنكية -وهم بالطبع الأغلبية الساحقة من الناس- عوض ذلك كنت استغل ظروفهم الصعبة والقاسية لمزيد من الاغتناء.
كانت صديقتي، سنوات قبل هذه الفترة قد نبهتني بالقول انها لم تعد تعجبها الوضعية التي اصبحت عليها . لقد كانت على حق انذاك ،وارى اليوم، اكثر من اي وقت مضى، انها كانت على حق فيما قالته . وبدوري كذلك اصبحت غير راض بالمرة عن وضعيتي.
في كتاب لعالم الاجتماع و كاتب المسرحيات فيليب سلايتر صدر سنة 1980، كان هذا الاخير قد طور مفهوما جديدا في غاية الأهمية ، هو «إدمان الغنى « wealth Addiction . غير ان الباحثين في موضوعات الإدمان لم يعيروا هذا المفهوم  ما يستحق من اهتمام ، رغم ان الوقائع تشير ،يوما تلو الاخر،الى ن مرض إدمان الغنى ، مثله في ذلك مثل السياقة في حالة سكر ، يشكل خطرا على الجميع. ان مرض إدمان الغنى مسؤول اكثر من أية آفة اخرى على مفاقمة وتعميق الهوة بين المواطنين ، ان هذا المرض هو ما يهدد باحداث شرخ كبير في كيان الامة الامريكية .
إدمان الغنى مرض فتاك يغذي اتساع الفوارق بشكل مذهل في هذا البلد.
إدمان الغني مرض سيؤدي الى القضاء المبرم على الطبقات الوسطى في هذا البلد. 
وحده المدمن على الغنى قد تصل به الوقاحة الى درجة تجعله يبرر لك دون ان يرف له جفن كيف يمكن لمدير متصرف مثل السيد don Thompson عن الماك دونالد ان يتقاضى مبلغ 14 مليون دولار كتعويض (وضمنها  8مليون ونصف مكافأة) سنة 2012 بينما كانت شركته توزع كتيبات في شكل منشورات تقدم فيها توجيهات للعمال والمستخدمين حول طرق تدبير المعيش اليومي وشد الحزام في زمن التقشف وتدني الأجوربشكل معمم !!.
وحده المدمن على الغنى يمكنه ان يقبل او يبرر دون ان يرف له جفن ، الاستفادة كمتصرف مدبر لصناديق تثمين المعاشات ، من ملايين الدولارات ، ثم يقوم بعد ذلك بتحركات ضمن لوبي يستهدف الحفاظ على معدل ضرائب على مداخيله ، اقل في النسبة العامة من المعدل الذي تؤديه سكرتيرته على دخلها !!.
ورغم كل الجهود التي بذلتها حينما قررت الإقلاع عن الإدمان (إدمان الغنى) فإنني كنت أصادف صعوبات لا تصدق في سعيي للخروج من الدوامة . كانت تنتابني حالات من الرعب حينما كنت استحضر احتمال تقلص حجم الموجودات المالية التي كانت توفرها لي المكافآت . واكثر من اي شيء اخر كنت أصاب بحالة ذعر عند التفكير في الوضعية التي ساكون عليها بعد خمس او عشر سنوات ، عقب  قرار الانسحاب من الوول ستريت، قرار اتخذته بمحض اختياري ، قرار سيحسبه الجميع من زملائى بليدا وغير مفهوم ، اقصد قرار مغادرة المؤسسات  التي منحتني فرصا كبيرة  للاغتناء.
وما كان يزيد من قلقي وانزعاجي هو ان الناس من حولي كانوا يعتبرون انه من باب الجنون ان أغادرهكذا ، وبشكل طوعي المكان الذي صنع ويصنع ثروتي . 
كنت قبل المغادرة قد طلبت رفع مبلغ مكافاتي الى 8مليون دولارفي السنة . وقد وعدني رؤسائي بالزيادة من قيمة مكافاتي ان انا اخترت البقاء في وظيفتي لسنوات اخرى قادمة.لكنني فضلت في النهاية مغادرة المؤسسة بصفة نهائية.
خلال السنوات الثلاث بعد مغادرة الوول ستريت حققت أشياء في غاية الأهمية كان في مقدمتها زواجي . بعد ذلك صرت أتردد بصفة دورية وطوعية على المراكز السجنية والاصلاحيات التي تاوي الشباب ، اشحذ عزائمهم وابعث فيهم الأمل بان أمامهم فرصا في المستقبل واسعة لتغيير مسار حياتهم ، قمت كذلك بتقديم دروس مجانية في احد مراكز تعليم الفتيات وأسست شركة لا تشتغل على الربح أسميتها كروسر-شيبس grocer ships   تساعد بالمجان العائلات الفقيرة التي يكافح أفرادها آفة السمنة obesity التي يتسبب فيها الإدمان على بعض المؤكولات .
اصبحت بفعل هذه الاعمال التطوعية اكثر هناء وسعادة . أحسست انني اصبحت حقاً شخصا مفيدا اقدم مساهمة فعلية لصالح المجموعة .
بت ارى شعارالوول ستريت  الذي يقول بالنبط العريض: « اننا أذكياء ونشتغل اكثر بكثير من الاخرين ، ونستحق لهذا السبب حجم ما نحصل عليه من أموال «- بت ارى هذا الشعار على حقيقته وأحمله على ما يجب ان يحمل عليه،  باعتباره تعبيرا عن محاولة المدمنين على الغنى تبرير مسلكياتهم الأنانية وجشعهم بدون حدود.
وبشيء من التباعد الذي يتيحه وضعي بعد خروجي من معمعة الوول ستريت، استطيع اليوم ان ارى أشياء وحقائق لم يكن بوسعي رؤيتها في السابق ، ومن اهم هذه الحقائق ان الثقافة التي تبثها الوول ستريت هي ثقافة مسمومة وموبوءة ، تشجع أشخاصا معينين على ركوب جنون العظمة ، أشخاص يسعون بكل الوسائل الى اشعار من حولهم بانهم أقوياء .
نعم لقد كنت محظوظا ، فلقد تعلمت من تجربتي السابقة مع المخدرات كيف اعترف بان بحثي عن الاموال وتعلقي بها خلال فترة عملي بالوول ستريت كان إدمانا من نوع  و صنف الإدمان على الكحول والمخدرات .
ان عشرة  سنوات من العمل بجانب مستشاري الصحي ساعدتني على اشفاء تلك الأجزاء الداخلية من كياني التي كانت قد أصيبت بأضرار بليغة طيلة فترة ادماني على الغنى . لقد استعدت الثقة في النفس وهو ما ساعدني على الابتعاد النهائي عن تلك الآفة .
هنالك اليوم في الولايات المتحدة عشرات من المراكز ومجموعات الدعم التي تشتغل بمنهجية « كذا خطوة 10 او 12خطوة للتعافي من الإدمان ، مختلف أصناف الإدمان من بينها مجموعة كلوتيرز- انونيموسClutters anonymous و مركز أون لاين كاميرز انونيموسOn line a gamers Anonymous، ولكننا لا نجد مجموعة دعم او مركزا واحدا يهتم  ويعنى بدعم الراغبين في التعافي من إدمان الغنى .
ما الذي يفسر غياب هذا النوع من مجموعات الدعم رغم ضرورتها القصوى وأهميتها البالغة بالنظر لما يحدث؟ اعتقد ان السبب يعود الى نوعية الثقافة السائدة . لقد صرنا مؤطرين بثقافة تمجد الاشخاص الحاملين لأعراض هذا النوع من الإدمان ، إدمان الغنى .
انظر في الاكشاك للصور المصدرة للأغلفة ، ستجدها محتكرة من قبل كبار المدراء والمشاهير الأغنياء . لقد تحول المليارديرات ، في الثقافة السائدة الى ما يشبه الرموز المتغني بها.
انني امل ان نتمكن من معاكسة هذه التوجهات المبثوثة كالانسجة في دواخلنا حتى لا نسمح لمدمني الغنى بممارسة مزيد من التأثير المدمر على حيواتنا .
لقد صرت اليوم مقتنعا بالفكرة التالية : اذا كان الواحد منا ميسورا غنيا ووصل الى قناعة بان ما يتوفر عليه  من الاموال يكفي،  فان معنى ذلك انه غير مصاب بافة الإدمان على الغنى . لكن للاسف فان تجربتي في الوول ستريت بينت لي بوضوح ان هذه الخصلة ، خصلة القول « هذا يكفيني « نادرة جداً ان لم نقل منعدمة .ان البروتوتيب - النموذج السائد في الوول ستريت هو ذلك الشخص الذي تحدوه دوما رغبة جامحة  في ان يضيف في السنة المقبلة مليوني دولار الى العشرين مليونا الاخرى او اكثر الموجودة لديه  كودائع  في الأبناك .
لقد وصلتني مؤخرا عبر بريدي الالكتروني رسالة من احد الوسطاء الماليين المتعاملين في مجال تدبير صناديق التغطيةيخبرني فيها بانه ، رغم دخله السنوي الذي يصل  الى الملايين من الدولارات  فانه يشعر كما لو انه واقع في مصيدة ، كما يشعر بفراغ في أعماقه ، ولكنه -يضيف - يجد نفسه عاجزا فاقدا للقدرة على المغادرة . أتصور ان هناك عددا من مثل هذا الوسيط في الوول ستريت . ربما نستطيع ان نكون مجموعة ونساعد بعضنا على التعافي من الإدمان على الغنى .
اذا شعرت بالتماهي مع ما أقوله واصفه وبقيت مع ذلك مترددا في اتخاذ قرار الخروج من أسار   الادمان ، فإنني أدعوك الى اتخاذ خطوة صغيرة قد تقربنا  من الهدف : لنؤسس جميعا صندوقا نملؤه من نسبة 25/100من المكافآت السنوية التي نحصل عليها ، ولنقم بتوظيف  العائدات في مساعدة الاشخاص الذين هم في امس الحاجة الاموال ، التي نقضي حياتنا باحثين عنها بشراهة وجشع .
بعملنا المشترك على هذا النحو ، ربما نستطيع تقديم مساهمة حقيقية للعالم . 
الصانداي ريفيو.ن يويورك تايمز  18 يناير 2014 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.