يبدو أن الشعار الذي يرفعه ويشهره عبد الاله وبنكيران وكل قياديي حزب العدالة والتنمية في العديد من المناسبات على أنهم ضد سياسة التحكم والاستبداد، مجرد كلام وشعار للاستهلاك الإعلامي والديماغوجي لمغالطة الرأي العام، وإلا كيف سنفسر أن يعقد وزير العدل والحريات، محاطا بعدد من المديرين المركزيين لوزارته ، ندوة صحفية تدخل في إطار الشد والجذب بين الوزارة وجمعية مهنية للقضاة، نادي قضاة المغرب من أجل فرض سياسة التحكم والأمر الواقع لثني القضاة عن عدم تنفيذ قرار النادي الداعي إلى التظاهر بالشارع العام يوم السبت المقبل؟ فهكذا أعلن مصطفى الرميد وزير العدل والحريات في ندوة صحفية عقدها مساء أول أمس بمقر الوزارة على أن تظاهر القضاة بالبذلات المهنية في الشارع العام ممنوع قانونا ،ويمس بأخلاقيات المهنة التي تستوجب نوعا من التحفظ والوقار، مستندا في ذلك إلى الفصل 111 من الدستور الذي يعطي الحق في حرية التعبير التي تبقى مقيدة بالتحفظ والأخلاقيات المهنية. ويضيف الرميد ان القاضي ليس إنسانا عاديا وإذا أراد أن يتظاهر يجب أن يكون ذلك في إطار الوقار واحترام هيبة القضاء. وأضاف في نفس اللقاء الصحفي أنه لا يرى أي مبرر للاحتجاج من قبل هذا الجمعية التي لا تقبل الحوار ، والتي أعلنت يوم السبت المقبل أنها ستنفذ احتجاجا على عدم إشراكها في الحوار بخصوص مشروعي القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية ثم القانون الأساسي للقضاة. ولم يكتف الوزير بهذا القدر، موضحا في هذا الصدد أنه إذا كان جلالة الملك هو ضامن استقلالية القضاء فضد من يتظاهر هؤلاء القضاة؟ وإذا شعر هؤلاء بأن هنا مسا باستقلالية السلطة القضائية فيتوجب عليهم التوجه للملك الذي هو الضامن لاستقلالية هذه السلطة . وأعطى الكلمة الرميد في نفس الندوة لمدير الشؤون المدنية ليؤكد أن الوزارة قد قامت باتصالات بجميع المسؤولين على محاكم المملكة والدوائر القضائية بكل أنواعها، ليؤكدوا على أن التظاهر بالبذلة في الشارع العام يمس بهيبة القضاء ويتعارض مع التحفظ والوقار الذي تتميز به مهنة القاضي. واسترسلت الندوة الصحفية في تفسير وإعطاء الحجج الدامغة على أن «التظاهر في الشارع بالبذلة سلوك مشين»، و»البذلة ليست ملكا للقاضي يفعل بها ما يشاء فإنما هي للمحكمة»، وعلى أن «التظاهر بها بدعة وفتنة»، و»سلوك يمس بواجب التحفظ ويضر بأخلاقيات المهنة»، وأكد الرميد أنه «إذا ما تم ذلك سيكون لنا نظر في ذلك الوقت.» ونفى الرميد في معرض رده على سؤال إن كان له علم بأن القضاة سبق لهم أن أعلنوا سابقا على أنهم سيتظاهرون بالبذلة أمام محكمة النقض بالرباط، وكذلك تمت تلك الوقفة بالبذلة، وقال «إذا ما كان ذلك، فهذا خطأ نريد أن تصحيحه». واعتبر الرميد في الأخير أن كل هذا التصعيد الذي تعرفه الساحة القضائية هو «مجرد تسخينات انتخابية محضة قبل انتخاب المجلس الأعلى للسلطة القضائية.» ويذكر أن الرميد سبق أن قام بندوة صحفية في السنة الماضية خصصها كذلك لمحاكمة النقابة الديمقراطية للعدل التي ينضوي في إطارها كتاب الضبط بسبب العنف الذي تعرض له أعضاؤها في إفران، وها هو اليوم يعقد ندوة مماثلة مع نادي قضاة المغرب. وقد اعتبر البعض أن هذا الأسلوب المنتهج شبيه بممارسات إدريس البصري الأمنية والتحكمية. وفي أول تصريح لياسين مخلي رئيس نادي قضاة المغرب للصحافة، أكد أن قراءة الرميد للفصل 111 للدستور غير حقوقية، وخاطئة، مضيفا أن الوقفة ستكون بمثابة إعلانٍ رسمي عن ميلاد السلطة القضائية واستقلالها عن وصاية وزارة العدل.