على مدى يومي 29 و30 يناير المنصرم استضافت عروس الشمال الملتقى الإعلامي المغربي الإسباني الذي تحول إلى محطة قارة لصناع الرأي بضفتي المتوسط، وهو الملتقى الذي ينعقد سنويا كثمرة للتعاون بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية وجمعية قادس للصحفيين الإسبان. فعاليات الدورة التي احتضنها معهد سرفانطيس كانت فرصة لمناقشة أهم الانشغالات والتوجسات الكبرى في الممارسة المهنية بالبلدين، وقد تبين من خلال مجريات النقاش بالورشات الموضوعاتية أن أفكار الإعلاميين بالبلدين متجاورة مثلما هو عليه الحال بالنسبة للجغرافية، لقد تأكد بالملموس أن الأمر تجاوز النقاش حول حرية القول إلى وضع خطط ميدانية وإجرائية لضمان آداب وأخلاق مهنة الصحافة في البلدين والدفاع عن القيم الكبرى التي تستند على المرجعية الإنسانية الشاملة كالعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ولذلك لم يكن عبثا أن تقترح اللجنة المنضمة للقاء موائد مستديرة خصصت لمناقشة مواضيع الساعة من قبيل مدونة النشر والقوانين المؤطرة لمهنة الصحافة، وتحديات الإعلام الرقمي وصحافة القرب، وهي الورشات التي شارك فيها الخبراء الأكاديميون والزملاء الإعلاميون ومدراء مؤسسات سمعية بصرية، وجرائد ورقية ومواقع إخبارية إلكترونية... يونس مجاهد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية حمل مصطفى الخلفي وزير الاتصال في حكومة بنكيران مسؤولية التأخر في عدم إخراج مشروع قانون الصحافة الجديد لحيز الوجود، مؤكدا أن النقابة الوطنية تعتبر الإشكال سياسيا بامتياز في ما يجري بالمجال الصحافي، بعدما تأخرت الحكومة في تشكيل اللجنة التقنية المنوطة بها التدقيق في المشروع، وأضاف مجاهد في معرض مداخلته التي شارك بها في إحدى الورشات إلى جانب عثمان النجاري، مدير الأخبار في «قناة ميدي 1 تيفي»، وخوصي أنطونيو قيدوم الصحفيين بقناة «أنطينا3»، أن الصحافة بالمغرب هي في بداية مسلسل جديد تعرفه كل الدول، حيث أن الشركات الاقتصادية الكبرى الآن يمكنها أن تنافس المقاولات الصحافية، في إمكانية إنتاج المضمون، مؤكدا أن الأخيرة تعاني من إشكال التمويل، داعيا المقاولات الصحافية إلى ولوج الاستثمار من أجل الخروج من عنق زجاجة الأزمة القائمة، مرجئا عدم وجود استثمارات، لغياب الرؤية الإستراتيجية لدى المؤسسات الإعلامية في المغرب. وعن أهمية فعاليات الملتقى الإعلامي المغربي الإسباني الثالث، أكد الزميل سعيد كوبريت، رئيس الفرع المحلي للنقابة الوطنية للصحافة، في تصريح للجريدة، أن هذا المتقى «تحول إلى فرصة حقيقة لاختمار الأفكار في مختبر علمي هادئ يزيح من الأذهان بعض الأفكار المغلوطة والأحكام الجاهزة خاصة من طرف لوبيات الإعلام اليميني بالجارة الإسبانية الذي انزاح عن الحدود الأخلاقية والاحتكام إلى الضمير المهني في معالجة العديد من القضايا الوطنية وبصفة خاصة قضية الوحدة الترابية وإشكالية المهاجرين من دول جنوب الصحراء»، ولذلك يعتبر كوبريت أن «مشروع طريق الماء» هو فرصة حقيقية لصحفيي البلدين لتنشيط الديبلوماسية الناعمة حينما تتلبد الغيوم في سماء العلاقات بين البلدين الجارين اللذين يجمعهما المشترك التاريخي والجغرافي ويفرق بينهما حوض ماء صغير. وتميز هذا الملتقى بإشراك الطلبة الباحثين في مدرسة فهد العليا للترجمة، وطلبة ماستر القانون والصحافة بالكلية المتعددة التخصصات بمرتيل، من أجل متابعة أشغال الورشات التي شكلت فرصة ذات قيمة كبيرة لاستجلاء حقائق الأمور المهنية من طرف إعلاميين بارزين في ضفتي المتوسط، وتم تكليف الطلبة بإنجاز تقارير إعلامية سترفع إلى مؤطريهم الأساتذة. تجدر الإشارة إلى أن مدينة طنجة، بفضل الدينامية الكبيرة للفرع المحلي للنقابة الوطنية للصحافة، تحولت في السنوات الأخيرة إلى قبلة لأكبر التظاهرات، فقد احتضنت قبل أشهر قليلة الملتقى الإعلامي المتوسطي الذي شهد مشاركة أزيد من 25 بلدا متوسطيا، كما استضافت المدينة في السنة الماضية مؤتمر الفدرالية الإفريقية للصحفيين، وتتويجا لهاته الدينامية ولهذا المجهود الكبير، استجاب الاتحاد الدولي للصحفيين لدعوة الفرع المحلي للنقابة لاحتضان المركز المتوسطي للدراسات والبحوث الإعلامية وسيكون مقره بنادي الصحافة بطنجة الذي تفيد مصادر مؤكدة أنه سيرى النور مع منتصف شهر أبريل المقبل.