تعود الدمية المصرية «أبلة فاهيتا» إلى الواجهة. كان ظهورها الأول عاصفا ومدويا وارتبط بإعلان خاص بشركة اتصالات فُهم منه يومها أن «الأبلة» تعطي شيفرات سرية معقدة لتنفيذ هجمات إرهابية في مصر باسم »شيفرة المرحوم«. قبل أيام نشرت الدمية على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي تعليقا بدا لكثر غريباً في محتواه، وبخاصة أنه سبق خبر سقوط طائرة عسكرية مصرية في ذويد (شمال سيناء) بصاروخ أرض جو أطلقته جماعة إرهابية تطلق على نفسها »أنصار بيت المقدس». الدمية التي استدعيت مرات سابقة للتحقيق معها في نيابة أمن الدولة المصرية بطلب من الناشط المصري أحمد سبايدر يشاع من حولها أنها ظهرت في شكل مشبوه قبل سقوط نظام حسني مبارك بقليل لتعد إعلانا خاصا بأكلة الفاهيتا ولم يلحظ ظهورها أحد في تلك الفترة. وأما قد قدمت شيفرة المرحوم كإعلان عن شركة اتصالات للهواتف الخليوية، فقد فهم بعضهم من التحقيق معها إنها أعطت إشارات للإرهابيين ليقوموا بتفجيراتهم على الأراضي المصرية بناء على ما تقدمه لهم من نصح وإرشاد، على رغم أنه أخلي سبيلها. قبل أيام ظهرت والدة أحد ضحايا الطائرة العسكرية لتتهمها صراحة عبر فيديو على موقع «يوتيوب» بأنها المسؤولة عن تفجيرها بالاستناد إلى ما كتبته على صفحتها قبل يومين من الحادثة، ما أدى إلى مصرع ابنها مع آخرين. وقد بدت الكلمات التي نقلت عن صفحتها غريبة لبعضهم، وتحمل رسائل خفية لنشر الفوضى، وهي تركز بما معناه على عدم نسيان المرحوم، وبخاصة أنها كانت تحلم طوال عمرها بالطيران. بالتأكيد ما من عاقل هنا قد يصدق إيحاءات سبايدر للنائب العام بأن هذه الدمية تظهر علانية لتنقل هذه الرسائل المشفرة من دون أن يدركها أو يقرأ ألغازها أحد. وإن أخذ الأمر على محمل الجد، فهذا يعني أن خللاً خطيراً بدأ يسري في مفاصل الدولة والمجتمع المصريين، ما يعني وصولهما إلى مرحلة غير مفهومة من الانكسار والفوضى لا تليق بأم الدنيا إطلاقا. قصة أبلة فاهيتا التي تشغل بال بعض المصريين هذه الأيام تحيل بهذا المعنى إلى «ألغاز» المغامرين الخمسة التي كتبها من مصر محمود سالم (توفي أخيرا) واشتهرت في سبعينات القرن العشرين، ومن بين ألغازه كلها سيطل المفتش سامي القادر على ايجاد أو اختراع الحلول لأعقد وأصعب الألغاز برفقة »تختخ« و»عاطف« و«محب» و«نوسة» و«لوزة». في السلسلة المشار إليها كان الأصدقاء ينجحون في فك مثل هذه الشيفرات التي شغلت بال القراء حينها، فقد كانت السلسلة البوليسية مصدر خيال جامح للجميع، ومن يذكر «لغز ورقة الكوتشينة» أو «لغز وادي الملوك» وغيرهما يمكنه بخيال بسيط أن يحيل «أبلة فاهيتا» إلى قدرات الأصدقاء الخمسة ويميل إلى ابتسامة أو ضحكة مدوية كما كان يفعل جيل تلك المرحلة حين يطل الشاويش القروي المغلوب على أمره «فرقع» حائرا من ذكاء هؤلاء الأبطال الذين يمرون أمام ناظريه، وهو لا يقوى على فعل شيء، ويكاد يخسر وظيفته أحيانا.