تعد عين بني مطهر من بين المدن الفقيرة ببلادنا، عكس ما تعتقده مراكز القرار عبر تقارير مغلوطة، فليس كل من يقطن ببني مطهر لديه ضيعة فلاحية وأغنام، فإن غالبية الساكنة توجد تحت عتبة الفقر، فإذا طفت المدينة تجدها تعج بالمجانين والمشردين وعدد لا يستهان به من الحمالين الذين تظل أعناقهم مشرئبة في انتظار الشاحنات التي تأتي وقد لا تأتي، شارع فاس المعروف برواجه أضحى خاويا على عروشه ترى فيه الرجال الطاعنين في السن يركنون في حلقات إلى جدار المتاجر ومحلات اليهود التي اعتمدت في ما مضى مصانع لمختلف الحرف اليدوية من حدادة ودرازة وصناعة الجلد والأحذية، لدريزي- لعرج كاطا بامي يوسف شلومو وغيرهم هاجروا البلدة خلال أحداث 47 بجرادة وعين بني مطهر وحرب 67، تهالكت بفعل قدمها. وبعض المتسولين وباعة المنتوجات المحلية من الخضر كاللفت والجزر، البعض منهم يلتفون حول بائع «الشمة» والسجائر بالتقسيط يتجاذبون أطراف الحديث عن أحوال الماشية والفلاحة وهل جاد المغيث جل جلاله بالمطر في هذا المكان و ذاك عبر المنطقة وكأننا نعيش الزمن القروسطي أو الزمن البدائي، مازالت تتواجد بالزقاق العربات المجرورة بالحمير تعرقل حركة السير، الناس لا يعلمون ماذا يجري من حولهم وفي العالم الخارجي وكأنهم في منطقة معزولة أو في كوكب آخر.. إذا انتاب امرأة مخاض، تنقل إما إلى وجدة أو جرادة تقطع مسافات عملاقة ربما قد تصل وهي تسلم الروح إلى بارئها وقد حدث هذا في أكثر من مرة، المستوصف الصحي بعين بني مطهر يفتقد للطبيب المركزي وإلى آليات التطبيب والأدوية وكأن المنطقة خالية من البشر، ربما هذا هو اعتقاد وزير الصحة أو رئيس الحكومة، هناك من المواطنين المرضى من سئم التعامل الفج وافتقد الأمل أمام الاستهتار بالمسؤولية..؟ أطفال التعليم تصبح أسنانهم تصطك ببعضها وأيديهم ترتجف من شدة البرد منهم من يقطع كيلومترات للحاق بالمدرسة، أما عن السكن فساكنة عين بني مطهر لا تريد سكنا لائقا، بل على الأقل منحهم أين يقطنون، هناك من يأوي في كهوف وأكواخ وهناك من يبيت في العراء ، وهناك عوائل تتكدس في بيت واحد، الساكنة التي تكتوي بلظى الفقر في حاجة إلى من يدعمها خاصة في فصل القر بالأغذية والأغطية والأفرشة وكذا الأدوية.. فيتساءل كثيرون أين دور الجمعيات بعين بني مطهر في مثل هكذا حالات حرجة.. هناك من يستغل أموال الجمعيات في أغراض شخصية.. بحسب ما ذكرته مصادر مطلعة وهناك نموذج من المنطقة الرسالة المقدمة للملك محمد السادس خلال زيارته لعين بني مطهر في عام 2010 والتي كشفت عن خروقات في مالية إحدى الجمعيات بلمريجة؟ لم تعد عين بني مطهر تلك المنطقة التي صدرت الآلاف من اليد العاملة إلى الديار الإسبانية و التي كانت تجود عليها بالعملة الصعبة، غالبية المهاجرين عادوا أدراجهم في أعقاب الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد الإسباني، فوجدوا البطالة تلتهمهم التهاما.. أما إذا ولجت الشارع الرئيسي ببلدة عين بني مطهر، فترى المقاهي فارغة من الزبائن إلا الكراسي تنتظر من يجلس عليها في جو صقيعي تعرفه البلدة خلال فصل الشتاء ينحدر مؤشر التيرموميتر إلى ما يناهز 10 درجات تحت الصفر في ظل انعدام ضروريات التدفئة يعاني جراءها المسنون ومرضى الربو والحساسية الأمرين.. الجميع مسته قلة ذات اليد، جنبات المركب التجاري -المشروع الخاسر- مليئة بالمتقاعدين والعجزة في حلقات لعب «الضامة» على بعد أمتار قليلة بالجردة تتعالى أصوات السكارى يظلون في التسول عبر الطرقات ومعاقرة الخمر، تراهم يتسابقون كلما ظهرت شاحنة أو سمع أزيز محركها من أجل الحظوة بمكان لحمل البضائع أو أكياس الدقيق لتوفير بضع قطرات من كأس المدام لتهدئة نهم الإدمان.. لكرابة والمحطة أحياء بانكوكية «يذبح» فيها الحياء من الوريد إلى الوريد ، أين تجري الدعارة بكل تجلياتها ولا من يزجر أو ينهي عن نوادي المنكر وتداعيات ذلك وانعكاساته سلبا على أبناء البلدة.. مومسات تأتين من كل حدب وصوب تستقطبن الشباب من مختلف الأعمار منهن من ثبت أنهن تحملن فيروس فقدان المناعة المكتسبة وأغلب هؤلاء الشباب مصابون بالسيلان وأمراض النساء.. إن ناس عين بني مطهر يخشون مجاعة قد تطل برأسها عليهم في يوم من الأيام في وقت أن الكثير منهم يوجدون في حالة الخصاص المادي يهيمون على وجوههم من أثر الإملاق، كون أن البلدة تعيش ركودا اقتصاديا وانعدام العمل... و... وما يسمى بالتنمية البشرية.. و يبدو ذلك من خلال سحنات الوافدين على وسط المدينة من السكان التي يعلوها الشحوب ينتظرون فرجا.. ومن هؤلاء من يشكو من الفاقة والعوز وقلة ذات اليد يبحث عن قشة كطوق نجاة من خضم متلاطم الأمواج فبالأحرى توفير رغيف خبز لسد الرمق.. الحديث بين الناس يدور حول تساقط قطرات الغيث في انتظار عام يغاث فيه الناس و فيه يعصرون وتراهم يتحدثون لترقب ظهور «الترفاس» كملاذ وحيد في ظل الظروف الراهنة، تأهبا للتنقيب عنه على امتداد سهوب وفيافي الظهراء والنجود العليا بغرض تحسين الوضعية الاجتماعية التي أنهكتها سنون الجفاف والبطالة.. وهناك من هؤلاء من لجأ للبحث عن نبتة بضواحي تندرارة وعين بني مطهر يتهافت عليها سماسرة من غرب بلادنا لبيعها لأغراض صيدلانية و طبية.. هذا هو حال عين بني مطهر فهل من مغيث..؟