«إن مقولة الصحة للجميع، والتغطية الصحية الشاملة»، ليست سوى وهم يروج له أصحاب الكراسي المشلولة والجامدة ».. هكذا تحدث بعض المتضررين من واقع الصحة بالمنطقة الشرقية، التي أضحت تعيش على وقع المآسي بشكل يومي. فحسب المعلومات المتوفرة وما نسمعه ونقرؤه بشأن ما يقع بمستشفى الفارابي بمدينة وجدة والمركز الصحي بالعيون الشرقية والمستشفى الإقليمي بمدينة تاوريرت من إهمال وتفريط في المرضى، خصوصا المحتاجين منهم ومن لا وسطاء لهم،يحتم على السلطات المعنية إجراء تحقيق دقيق ونزيه بعين المكان والاستماع لكل من أصابته ويلات ومآسي «الصحة للجميع» ، لأننا لم نلحظ تغييرا في عقلية وسلوك عدد من العاملين بالقطاع، ولا ندري كم هو العدد الحقيقي لضحايا شعار « الصحة للجميع» بالمنطقة ! فالضحايا كثر. ونعطي أمثلة فقط على ذلك هناك من تسبب له كسر في الرجل بالوفاة جراء الإهمال ، ومن النساء الحوامل من وضعت وليدها بالرصيف جراء انعدام المسؤولية ، وهناك من ماتت مع جنينها جراء التهرب من المسؤولية وغير ذلك و... أما المأساة التي وقعت حديثا وهزت مشاعر الجميع ، هي أن تتسبب عملية جراحية للفدق ناجحة كما زعموا للسيدة أ ح أم لثلاثة أطفال ، في قطع يدها اليمنى بسبب الإهمال الطبي ، قطعت يدها اليمنى ليقطع رزقها ورزق أبنائها الثلاثة ، أكبرهم له عشر سنوات ! فهي التي تشقى وتتعب لتوفير وضمان قوتهم اليومي . فبيدها اليمنى كانت تغزل الحلفاء لتصنع الحصير ثم تبيعه وتشتري بثمنه الحاجيات الضرورية لعائلتها ! ويقول المثل «قطع الأعناق أهون من قطع الأرزاق»! فمن يا ترى سيعيد لها يدها ، كي تطعم أطفالها؟ بداية المأساة انطلقت من المستشفى الإقليمي لمدينة تاوريرت ولاية وجدة وانتهت بمستشفى الفارابي بمدينة وجدة. وفي ما يلي بعض ما جاء في تصريح للضحية : بعد معاناتها من فدق في بطنها ، أجريت لها عملية جراحية بمستشفى مدينة تاوريرت يوم 16 12 2013 ، قالوا لها إن العملية كانت ناجحة . وفي نفس اليوم بعد الظهر حقنتها الممرضة في يدها اليمنى بطريقة خاطئة مما أدى إلى نزيف دموي بيدها لم تتمكن الممرضة من إيقافه لأن محاولاتها لم تكن مهنية، حسب تصريح الضحية . بل حصل العكس ، إذ اشتد الألم باليد ، ورغم مطالبة الأطر الطبية بالعمل لإيقاف الألم ،لم يكترث أحد وكان الجواب « الإهمال واللامبالاة» . ورغم المطالبة بالإسراع من أجل الإنقاذ أو إرسالها لمدينة وجدة ، رد الطبيب قائلا بأن اليد بخير ولا داعي للقلق، رغم تأكيد الضحية بأن يدها تؤلمها بشدة وأن الألم في تصاعد مستمر . بعد ذلك حاولت الممرضة المسؤولة عما وقع إنقاذ يدها ، لكن دون جدوى .استمرت المعاناة من يوم 16.12.2013 . حتى يوم 18.12.2013 . أمر الطبيب بعد فوات الأوان بنقلها إلى مستشفى الفارابي بمدينة وجدة ، وهناك أجمع الأطباء على ضرورة بتر اليد اليمنى. ورغم توسل الضحية للأطباء عمل المستحيل لإنقاذ يدها لأنها مصدر رزقها ورزق أطفالها ، لكن محاولاتهم باءت بالفشل، وأجمعوا أنه كان بالإمكان إنقاذ اليد لو أحضرت 6 ساعات من قبل ، لتستسلم لقرار قطع يدها اليمنى .وهنا نضيف أن الضحية زيادة على مصيبة قطع اليد مصدر رزقها وأطفالها ، فاجأها وآلامها تصريح مندوب الصحة بمدينة تاوريرت بإحدى الجرائد، حيث نفى أن يكونوا مسؤولين عما وقع لها . وانطلاقا من كل هذا تطالب الضحية بمساعدتها لتأخذ حقها ، ومحاسبة من تسبب في مأساتها . ونشير إلى أنه نظمت وقفة احتجاجية أمام مقر مندوب الصحة بمدينة تاوريرت وأمام مستشفى المدينة ، شارك فيها ممثلو جمعية حقوق الإنسان وأحزاب سياسية وأقرباء الضحية وبعض المتعاطفين ... أمام أنظار المارة والسلطات ، وهنا يطرح التساؤل : من يكون المسؤول الحقيقي عن كل ما يقع من مآسي الصحة بالمنطقة ؟ فالصحة للجميع ، ليست سوى دعاية فقط، يضيف متضررون ، تتناولها الإذاعة والتلفزة ، متسائلين : هل يعقل أن يموت ،وبالمستشفى ، من أصيب بكسر برجله ؟ وأن تضع الأم وليدها بالرصيف ؟ وأن تموت الأم وجنينها في طريق المستشفى أو بالمستشفى ؟ أو أن تبتر يد أم بعد إجرائها لعملية جراحية للفدق بالبطن ؟ إنه التفريط والإهمال والاستهتار بحياة المرضى المغلوب على أمرهم ،سواء بمستشفى الفارابي ،أو بالمركز الصحي بالعيون الشرقية أو المستشفى الإقليمي بتاوريرت ، لعدم اهتمام المسؤولين عن الصحة بالبلاد بما يقع من سوء تسيير بالمستشفيات والإهمال المفرط الذي يطال من لا مال له ولا نفوذ له، وكأن كل من يدخل مستشفى من المحتاجين محكوم عليه بالمعاناة أو ألا يخرج منه إلا جثة هامدة أو معاقا . وقد صرح هؤلاء ضحايا «الصحة للجميع» بأن بالمستشفيات، والمراكز الصحية قسمان ، قسم لأصحاب المال والنفوذ ،وقسم لمن لا مال له ولا جاه .! لقد سبق وأن أثير هذا الواقع الخطير مرارا وتكرارا ،والدليل الوقفات الاحتجاجية خاصة بإقليم تاوريرت ,لكن شيئا لم يتغير ، بل زاد تعقيدا ! ترى من سيعيد لهذه الأم يدها لتطعم أهلها ؟ ومن يضع حدا لمآسي «الصحة للجميع» بالمنطقة ؟