التأم بالرباط، على مدى 3 أيام الماضية، المؤتمر العاشر للجمعية المغربية لمحاربة داء السيدا، تحت شعار «السياسة الجديدة للهجرة والولوج للخدمات الصحية»، بحضور دولي وازن من خبراء ومختصين في مجال الهجرة ومحاربة السيدا، وكذا حضور فعاليات مدنية مغربية وأزيد من 500 مؤتمر من مختلف فروع الجمعية كما حضر محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وسفير سويسرا بالمغرب. وتميز اللقاء في شقه الافتتاحي بكلمة سفير سويسرا والتي أشاد فيها بالمقاربة الجديدة التي رسمها المغرب من أجل الانخراط في تسوية وضعية المهاجرين، أوروبيين وأفارقة، بعد أن أصبح المغرب ملاذا لهم عوض الوضع السابق والذي كان فيه مجرد بلد للعبور. وركزت حكيمة حميش، رئيسة المؤتمر العاشر على أن اختيار جمعية محاربة السيدا لموضوع «السياسة الجديدة للهجرة والولوج للخدمات الصحية»، جاء لتواجد عدد كبير من المهاجرين من جنوب الصحراء في وضعية صعبة وهشة تجعلهم في حاجة لمساعدات طبية، مبرزة أن التقرير الأخير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلق إطارا لتحسين الوضعيات الحياتية والولوج للخدمات العلاجية لفئة المهاجرين. وأوضحت حميش أن جمعية محاربة السيدا، ومنذ سنة 2005، جعلت موضوع المهاجرين ضمن أولوياتها وسطرت برنامجا للوقاية والمرافعة ما دفع بها لجعل مؤتمرها العاشر محطة تجمع عدد من الفاعلين في مجال الهجرة ومحاربة السيدا، للمناقشة والتناظر حول هذا الموضوع الذي يحتل راهنية قصوى، وذلك بهدف التفكير الجماعي مع مختلف الشركاء المؤسساتيين والجمعويين والخبراء الوطنيين والدوليين لتحسين سبل الولوج للعلاج لفئة المهاجرين. وانتقدت حميش وزارة الصحة واعتبرتها تعرقل تقديم خدمات طبية مجانية للمهاجرين وللفئات الاجتماعية غير المستفيدة من برنامج راميد، ودعت الوزير الحسين الوردي إلى مراسلة مسؤولي المراكز الاستشفائية حول الموضوع ومنح عقود ازدياد للمواليد الجدد من أبناء المهاجرين. أما الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فقد اعتبر وجوده تعبيرا شخصيا منه بالاعتزاز بالدور الذي تلعبه الجمعية، موضحا العديد من أدوارها الإنسانية والاجتماعية والتي وصفها بالجدية، مضيفا أن المغرب أصبح معنيا بمشكلة الهجرة أكثر من أي وقت مضى وبات يصنف في خانة الدول المعنية بعولمة التنقلات البشرية، وأرضا للجوء والاستقرار الدائم للمهاجرين النظاميين الذين يقصدون المغرب للعمل، وأيضا عددا من الطلبة الأجانب في وضعية غير نظامية يستقرون في المغرب لسنوات عديدة في انتظار حلم العبور نحو أوروبا، بالإضافة لطالبي اللجوء واللاجئين. وكشف الصبار في مداخلته أن عدد المقيمين الأجانب النظاميين في المغرب حاليا حوالي 78000 مهاجر على رأسهم الفرنسيون، ويتمركزون أساسا بالدار البيضاءوالرباط ومراكش، في حين تبقى أعداد المهاجرين غير النظاميين غير قابلة للحصر لمجموعة من الأسباب. وأضاف الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان أن التشريع الوطني المتعلق بالهجرة عرف مؤخرا تطورا كبيرا يترجم إرادة الدولة المغربية في تطوير وتحديث ترسانتها القانونية المنظمة لعملية دخول وإقامة الأجانب على أراضيها، مع مراعاة التزامات المملكة باحترام المبادئ والقوانين الدولية. وأشار الصبار إلى أن المقاربة القائمة على حقوق الإنسان، تشكل البعد الأساسي والوحيد الذي من شأنه أن يضمن حقوق المهاجرين الأساسية كما تعد بعدا ضروريا لبلورة سياسات في مجال هجرة طويلة المدى تضمن الحقوق وتتيح إمكانية التعايش الديمقراطي والتبادل المثمر بين الثقافات والحضارات. وأوضح الصبار أنه ومنذ شتنبر المنصرم، ومباشرة بعد بيان الديوان الملكي، تم تشكيل أربع لجان لتنفيذ توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، هي لجنة تحيين ومراجعة الترسانة القانونية الخاصة باللجوء والهجرة والاتجار في البشر، ولجنة دراسة الوضعية الإدارية لبعض الفئات من المهاجرين غير النظاميين لتسويتها، ولجنة لدراسة طلبات اللجوء المعترف بها من طرف مكتب مفوضية الأممالمتحدة للاجئين. وكشف الصبار عن افتتاح مكتب للاجئين وعديمي الجنسية تابع لوزارة الخارجية وعن إصدار وزارة التربية الوطنية ، بتوصية من المجلس الوطني، لدورية بهدف تسهيل ولوج أطفال المهاجرين للمدرسة العمومية. كما تم الشروع حسب الصبار دائما في تحديد فئات المهاجرين في وضعية غير قانونية والتي ستستفيد من التسوية الاستثنائية وخاصة منهم المصابين بأمراض خطيرة. وتميز المؤتمر بعقد عدة ورشات أطرها مغاربة وأجانب وتطرقت لمختلف أوجه معاناة المهاجرين غير النظاميين والحاجة إلى مقاربة تنطلق من مرجعية حقوق الإنسان، واحترام المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. وقد حضر اللقاء عدد من المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء والذين أدلوا بشهادات صادمة تعكس الحجم الحقيقي لمعاناتهم، مطالبين بالإسراع في الانكباب على وضعيتهم بشكل جدي وإيجاد حلول فعلية في بلد اختاروا الإقامة به، هربا من الفقر وويلات الحروب التي تعرفها العديد من البلدان الإفريقية.