هل أخطأنا خطواتنا في اتجاه المعركة.. أم دفعنا دفعا للابتعاد عنها..هل أخطأنا توقيتها أم أننا نمشي بعيدا عنها.. من يجرنا إلى نقاش مبثور من سياقه.. للتصحيح لم نطالب بفتح نقاش حول الإرث لصالح المساواة فقط.. ولم ندع إلى المنع الصريح لتعدد الزوجات فقط.. ولم نطالب بالانتصار لحرية التصرف في الجسد بإقرار الحق في الإجهاض فقط.. ولم نطالب بالحق في الحياة المنتصر لحقوق الإنسان فقط.. قبل أن تختصروا عقديتنا السمحاء في رفضكم النقاش حول الإرث والتعدد والإجهاض.. أعيدوا قراءة ما تطالب به النساء الاتحاديات لتكتشفوا، أيها السادة وأيتها السيدات، أن كل الكلام الجارف المنهمر من عتمة عقول هؤلاء الذين يدعون الدفاع عن الدين فيما هم يدافعون، لاأقل ولا أكثر، عن سجلهم التجاري أولا وأخيرا، هو لأجل تهريب النقاش الحقيقي . النساء الاتحاديات يطالبن بإقرار دولة مدنية تقف بنفس المسافة عن المواطن المغربي, ترتفع عن الدين والجنس والعرق.. يطالبن بفصل الدين عن السياسة.. يطالبن بإقرار دستور ديمقراطي ينص على المساواة بين الجنسين في كافة المجالات و بدون تحفظات، وعلى سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على التشريع الوطني.. النساء الاتحاديات، يعلنن أن ارتباط القراءات التقليدية للدستوربطبيعة الدولة في المغرب، يقصي بشكل كامل كل القراءات التحديثيةالتي يمكن أن تقدمها لنا الكثير من المبادئ التي أقرها تصدير دستور والذي يشكل جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور, من قبل التأكيد على مبدأ حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني،وحظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقدأو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي الجهوي أو اللغة أو الإعاقة.. وجعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة. النساء الاتحاديات يعتبرن أنه لا ديمقراطية بدون مساواة تامة بين النساء والرجال.. الديمقراطية لا ولن تقتصر فقط على التداول السلمي على السلطة وعلى صناديق الاقترع.. الديمقراطية تقوم أساسا على الحرية.. الديمقراطية تنبني على المساواة باعتبارها قيداعلى الحرية التي تسجن حرية الآخر. النساء الاتحاديات يؤكدن أن لا سلم ولا تسامح ولا تعايش ولاخلاص من العنف والإقصاء دون المساواة الكاملة بين النساءوالرجال ودون مواطنة كاملة. ويعتبرن أن المصير المشترك الذي ينهض عليه بناء الوطن هو تدبير تواصلي عقلاني لواقع الحياةالمتنوع لمجتعنا المغربي بقيمه المبنية على التسامح والحق في الاختلاف وبقوة تعدد المشترك الجامع لنا. النساء الاتحاديات، يؤمنن أن بناء الدولة الوطنية الديمقراطيةالحديثة، يرتكز أساسا على الثلاثية المتلازمة : الحرية والمواطنةوالعدالة، بمعنى آخر التحرر من سطوة الاستبداد الفردي أو العمودي تحت أي مسمى، ومن هيمنة الدين على السياسة والمتحررة أيضا من سلطة المال والاقتصاد. هي مطالب النساء الاتحاديات التي أزعجت الكثيرين وحركت ألسنتهم في كل مكان، ووجهت بثنائية التخوين والتكفير و تقابل الحلال والحرام.. حشرت المرأة في قلب صراع السالب لحريتها ومواطنتها.. وأعادت إلى الواجهة شيوخ التكفير ومنظري قتل الإنسان.. وأعطت مهام آخرى للحكومة وهو الصمت على تهديد مواطنيها بالقتل، والصمت على تطرف يزحف نحو الوطن. قبل أن تعلنوا المعارك الخاسرة وغير الخاسرة.. الضرورية وغيرالضرورية.. تأكدوا أن النساء الاتحاديات يرفضن كل الأوهام اللاغية للمواطنة والديمقراطية.. أوهام الهوية الثقافية المبثورة من سياقاتها الوطنية والمستقبلية ولاغية للدستور وللمؤسسات.. وكل الأوهام التي تجعل من المطالبة بالمساواة الكاملة والمواطنة الكاملة فرصة لتوالي دروس القتل والتخوين.. افتتاحية أسبوعية «الآن» يوسف ججيلي حسنا فعلت النيابة العامة وهي تستدعي السلفي أبو النعيم للتحقيق معه في مضامين التصريحات التكفيرية التي أطلقها في الفيديو الشهير. التأشير على مسطرة البحث والتحقيق يعني أن النيابة العامة تتفاعل مع ما يجري داخل المجتمع، وهو مطلب رفعناه أكثر من مرة من هذا المكان، لأن في هذا التحرك التعبير الأسمى عن أن في البلاد قانونا يجب على الجميع الخضوع له. أبو النعيم كفر رموزا وطنية ومنها الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي وبنسعيد آيت إيدر وأهدر دم إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، كما وصف جميع المنتميات لهذا الحزب ب«الباغيات»... لو استحضرت اسم الكبيرة ثريا السقاط لما رميت الشريفات بكلام غير لائق. هذه «الباغية» يا «شيخنا الجليل»، أعيت الجلادين من كثرة حلولها ضيفة على معتقلاتهم السرية، فشكلت لوحدها مصدر خوف للجلاد ولمؤسساته الأمنية العلنية والسرية. هل يليق أن أصفك بالجاهل؟ لا أبدا، لو قرأت ولو النزر القليل عن «مي فاطمة»، المرأة البسيطة، الصلبة، المقاومة التي عاشت جميع محن حزب الاتحاد الاشتراكي من اختطافات وتعذيب في سنوات كان التيار الذي تنتمي إليه لا يجرؤ على مواجهة ذبابة، بل كثير منكم كانوا مخبرين للجلاد. هذه الشريفة يا «شيخنا الجليل»، لم يجرؤ أحد قبلك على نعتها بالباغية، لأنهم كانوا يلقبونها، يا «سيدي»، ب«أم المناضلين» بالدارالبيضاء. «الباغيات» أشرف من الشرف نفسه، هل تعرف اسم لطيفة اجبابدي؟ لا بكل تأكيد. كانت طالبة، شابة، جميلة، مؤمنة بقيم العدالة الاجتماعية والحرية لأمثالك، فكان مصيرها الاعتقال مع مجموعة 23 مارس. هل تعرف كيف عذبها الجلاد؟ دعني أقول لك، لقد أتى بكلب شرس وهددها بالاغتصاب في المعتقل.. ولو أتيتني بكتب السماوات والأرض لن أسمح لك بأن تنعت لطيفة ب«الباغية». «الباغيات» أشرف من الشرف، سأقص عليك حكاية المناضلة الشريفة «أم حفيظ». لا حاجة للسؤال مرة أخرى فأنت بكل تأكيد لا تعرفها. هذه المرأة يا «شيخنا الجليل» علقها الجلاد من رجليها فتدلى جسدها إلى الأرض وهي حامل في شهرها التاسع، ومن كثرة التعنيف سقط الجنين على الأرض، لكن قدرة الإله كبيرة لأن حفيظ لازال حيا يرزق، وآثار السقطة واضحة على جبهته، لا يهم لأن الشريفة تعرضت لكل ذلك التعنيف لتنعم يا «سيدنا» بما تنعم به أنت وأنا اليوم من حرية.«الباغيات» أشرف من أبو الشرف، ومنهن جميع مناضلات هذا الحزب في الأطلس من معتقلات مجموعة 1973، وفاظمة بورقبة واحدة منهن. شقيقها محكوم بإلاعدام في الجزائر وزوجها فار من الجلاد، فكان نصيبها جميع أنواع التعذيب في قلعة مكونة، أما أختها حادة فكان الجلاد يرفعها بالهيليكوبتير ويربطها بقنب ويجول بها في الغابات المجاورة للمعتقل الرهيب... هن «باغيات» يا «سيدنا». لن أذكرك ببديعة الصقلي أو عائشة بلعربي أو زينب بليماني، أول مستشارة جماعية في المغرب بسيدي قاسم، ولن أذكر لك الشريفات العفيفات من زوجات الشهداء ومن كتب لهن عمر جديد بعد محاولات الاغتيال. ومنهن زوجة الشهيد عمر بنجلون وسعيدة بلافريج، زوجة محمد اليازغي، التي حملت زوجها بين يديها وحرست باب غرفته بالمستشفى بعدما تلقى الطرد الملغوم، ورحمة بوعنان، زوجة عبد القادر باينة وأخريات كثيرات شريفات ضحين من أجل هذا الوطن.أبو النعيم كفر وأهدر دم الآخر ووصف الشريفات ب«الباغيات»، فيما المعنيون بالأمر صامتون. سمعنا أصواتا حداثية قليلة صدر عنها رد فعل بهذا الخصوص، فيما كثير منهم التزموا الصمت، خصوصا كتاب الحزب ومثقفيه. أما الحكومة والحزب الحاكم فتلك قصة أخرى، إذ لا شيء صدر ولو إدانة من الحكومة لتلك التصريحات، وهو شيء ليس غريبا، ألم يقل المدعو بوخبزة، مستشار جماعي بتطوان ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية، ذات يوم إن جميع الفنانات المشاركات في مهرجان تطوان عاهرات؟ أتضامن مع كل من وُجهت لهم أسهم التكفير وهدر الدماء من أبو النعيم، وبينه وبين «الباغيات» التاريخ...فقط التاريخ هو من ينصف. كلنا في الهم شرق سنظل هنا.. أقوى من القتلة! طلال سلمان لن نفقد الأمل. لن نحمل أوجاعنا ونرحل. لن نهرب من واجبنا تجاه أبنائنا وأرضنا. لن نتركهم أيتاماً في أوطان ليست لهم. لن نتخلى عن وطننا الجميل لنعمل خدماً لدى الأغراب في البلاد البعيدة. هذا من الشعر، وأعذب الشعر أكذبه... أما الواقع فهو ان العالم يضيق علينا وبنا، وأننا نجد صعوبة في التنفس. تغادرنا الأحلام وتركبنا الكوابيس. نمشي على ارض من دماء أهلنا. نخاف من أخوتنا الأشقاء. نخاف من الكراهية التي تحتل صدورنا. نبتعد عن الحب ويبتعد عنا. يمنعنا الخوف من ان نحب أبناءنا وأحفادنا. نخاف من حبنا عليهم. نرى الحب ضعفاً لن ينفعهم في مواجهة المخاطر التي تتهددهم في غدهم. نخاف من ضوء الشمس. نخاف عتمة الليل. نخاف من ظلنا. نخاف من الشوارع المزدحمة. نخاف من الشوارع الفارغة من أهلها. نخاف من انغلاق الباب. نخاف من الضوء الباهر. نخاف من الظلمة. نخاف من أحلامنا. نخاف من أفكارنا. نخاف من الآخرين ويخاف منّا الآخرون. نخاف من عابري الشارع، ونخاف من الواقفين فيه. نخاف من بيروت وعليها. من صيدا وعليها: من طرابلس وعليها. من الضاحية وعليها. من البقاع وعليه. نخاف من السياسيين. نخاف من تحريضهم. نخاف من استثمارهم الفتنة. نخاف من استقالتهم من المسؤولية. نخاف من غربتهم عنا. نخاف من تحالفهم ضدنا. نخاف من خلافاتهم، نخاف من مزايداتهم والمناقصات. نخاف من أهل الدولة على الدولة. نخاف على الوزارات من الوزراء. نخاف على الجمهورية من رئيسها، وعلى الحكومة من رئيسها، نخاف من النواب على المجلس. نخاف من المجلس المغلق ومن الحكومة المشلولة والمعلقة. نخاف من الحكومة التي سوف تشكل أو قد لا تشكل. نخاف من الرئيس الذاهب، ونخاف على الرئيس الآتي ومنه. نخاف من الفراغ ومن ملء الفراغ. نخاف من الطائفيين. نخاف من المذهبيين. نداوي الطائفية بالطائفية والمذهبية بالمذهبية فإذا نحن في حرب أهلية مفتوحة. نخاف ان نخرج من طوائفنا وعليها. نخاف ان نبقى أسرى سجونها الخانقة. نخاف على الاقتصاد. نخاف على الليرة. نخاف على رغيف الفقراء. نخاف من الأغنياء. نخاف من الفقراء. نخاف من الأصوليات. نخاف على الوطنية من الدين. نخاف على الدين من أمراء الدين بالقتل. نخاف من الآخر، أي آخر، مع وعينا بأنه خائف منا. لا أحد يطمئن أحداً. كلٌ يحذرك من غيره.. قد تكون أنت ذلك الآخر، وقد يكون هو الآخر. نخاف من أحلامنا، نداريها عن الآخرين وكأنها عبوات ناسفة. نخاف على الاجتماع. الكراهية تسد الشوارع. تسد الطريق بينك وبين الآخر. نتنفس الكراهية ولادة الخوف. نتنفس الخوف ولاد الكراهية. يضيق الوطن الصغير بالكراهية. تفجر الكراهية الوطن الصغير وتجعله مزقاً مقتتلة. يضيق العالم بنا وعلينا. تفيض الأرض من حولنا بدماء أهلها. يمتد نهر الدم من البحر إلى البحر. كنا نهرب بدمائنا إلى أهلنا الأقربين. ها هم غارقون بدمائهم وليس من يوقف قطار الموت. والقطار بلا سائق يندفع متوغلاً في قلب جراحك بامتداد خريطة «الوطن الكبير». تمر بك الأعياد فتجد بابك مغلقاً بالخوف. تقبع في وحشة الوحدة ولا مؤنس لك إلا صور المحتفلين بأعيادهم في الجوار القريب الذي صار بعيداً بعيداً وغريباً عليك وأنت فيه الغريب. يتمزق وطنك الصغير جهات. تصير الجهات جبهات مغلقة على الآخرين. تجد نفسك أسير ذاكرتك: ولكنك عشت في الجهات جميعاً، صبياً وفتى وشاباً وكهلاً فلماذا تغلق الأبواب من حولك في وجوه أبنائك والأحفاد؟ خسرنا حياتنا. فقدنا أحلامنا. فقدنا إنسانيتنا. صرنا نتمنى للآخر الموت لأننا نفترض انه سوف يقتلنا، فإن عجز تمنى لنا الموت. ليمت قبلنا إذن. خسرنا الوطن. خسرنا الدولة. خسرنا مجتمعنا. صرنا أشتاتاً من القتلة والمقتولين. كل تحرك بين البيت والعمل مغامرة غير مأمونة العواقب. المطعم نقطة خطرة. الفندق مصدر خطر. الدكان عبوة ناسفة. العابرون سيارات مفخخة. الشرطي خائف. الجندي خائف. المواطن خائف. التلميذ خائف من خوف أهله. المعلمة خائفة على طلابها ومنهم. المعلم خائف من أي ملتح. كل ملتحٍ مصدر خطر. وطنك بلا سقف وبلا جدران. مجرد مساحة. وأنت لست مواطناً ولست ضيفاً. أنت مجرد طارئ، رمتك ظروفك هنا. فاحمِ نفسك بنفسك. أليست أيامك مواعيد الانفجارات شمالاً وجنوباً، بقاعاً وعاصمة وجبلاً؟. أنت العالم كله، وفي الوقت ذاته لا أحد. تعيش بالصدفة وبالصدفة تموت. مع ذلك كله، وبرغم ذلك كله سنبقى هنا. أرضنا هنا. أهلنا هنا. مصيرنا هنا. وسنهزم بدمائنا القتلة ومغتالي الشمس. سنهزم الخوف وسننتصر على الذين حولوا الدين من رسالة سماوية لهداية الإنسان إلى تبرير شرعي للقتل. ولنكنْ، بإرادتنا، أقوى من القتلة وسيارات الموت التي تغتال أحلام الأطفال ونور الشمس. لن تنطفئ الشمس وستفضحهم.. ونبقى.