الراحلة زهور العلوي، هاهم أصدقاؤك، صديقاتك، عائلتك الصغرى، عائلتك الكبيرة، تلميذاتك وتلاميذك، هذا الحشد ممن يكنون لك التقدير والاحترام والعشق الأبدي، أبوا إلا أن يسجلوا حضورهم في هذا الحفل التأبيني بمشاربهم المتعددة، وهواجسهم المتنوعة، وبأطيافهم الفكرية والسياسية، يعلنون صراحة وضمنا وحصرا، عن قاسمهم المشترك، الذي لا يطاله أي شك أو تردد، بأنك حقا عنوان للصدق والوفاء والشموخ والريادة والإخلاص، وهاهم يرسمون بشكل جماعي ثلاثية النضال والحب والعطاء. زهور العلوي نموذج نادر، امرأة استثنائية غير قابلة للصرف. الراحلة زهور، نبض حي، وانسياب بدون حد، وصبيب ملؤه الجريان والعطاء، ورقة في الحديث، وآداب السجال، وقدرة على المحاججة والبرهنة، بالمتواليات الحسابية والهندسية. صديقة الجميع، أم للجميع، أخت للجميع من الكهل الى الرضيع. أحببناك إلى حد الجنون، عشقنا فيك القلب الحنون، والنبل العالي، ومكارم الأخلاق، ومهاراتك في تدبير الاختلاف، وروح الاختلاق، والإيمان الراسخ، والتأويل الناسخ. الراحلة البشوشة دوما، المؤمنة بالعدالة وقعا وحلما، الناطقة صدقا وعشقا. ماذا عساي أن أقول وكيف لي أن أرسم التعابير الكلامية في حقك. لو غامرت في التنقيب عن الحفريات والنبش في الذاكرة لنفذت الكلمات والمداد قبل أن أستوفيك الخصال والفضائل والذكريات ولعبة الماضي والحاضر وشجون الأدب العربي، والمعلقات السبع، وأصول الشعر، وقواعد النثر، وصمود النبع، وبقايا العقل، واستطرادات النقل، ومسارات الأغوار وفلسفة الأنوار. قالوا عنك وقيل عنك وسيقولون عنك إنك علامة غير قابلة للاستنساخ، والاسترخاء. الراحلة زهور ما أجملك في الشيب والشباب. أنت أنشودة الرباب من المهد إلى اللحد. التاريخ يشهد على نضالك الحقوقي، والنسائي، والإنساني والثقافي والوحدوي. هل تتذكرين أيتها الشامخة، أيتها الناعمة، حينما طلبت مني الحضور قبيل أيام معدودة من رحيلك، لزيارتك بالمصحة الخاصة التي احتضنتك بمدينة الرباط. استجبت لهذه الدعوة فورا، في وقت لا يسمح فيه بالزيارة، وبتعليمات صارمة للطاقم الطبي، وجدت بالممر المؤدي للقاعة ابنتك وصديقتين عزيزتين ووفيتين: خديجة شاكر ودامية بنخويا، دخلت القاعة، قبلتك وكنت أدري أنها القبلة الأخيرة قطعا، وجهك البشوش كالعادة، وبريق عينيك، لم يشفعا لي من الإحساس العميق باقترابك من النهاية، وسؤال الساعة، ودعتك وأنا على يقين أني لي معك موعد قريب في فضاء دار البقاء، بقدر ما أحييك رافعا شارة وعلامة النصر، بقدر ما أثمن عاليا من رافقوك خلال المحنة: - لطيفة اجبابدي- نزهة العلوي - أمينة بوعياش - امينة لمريني - مصطفى اليزناسني - محمد كرم - ربيعة الناصري - خديجة الرازي. وبفضلهم كانت العناية السامية في صمت، وبدون ضجة أو تسريب، وهذا سر بيني وبين الصديقات العزيزات، لا يعلمه إلا الراسخون في الوفاء والإخلاص. رحلت زهور لم ترحل هي معنا بجانبنا على يميننا، على يسارنا أمامنا وخلفنا تملأ الفضاء بشموخ وكبرياء، وبفكر نابض وحب فائض. زم زم.............. هريرا قم للأنثى وبشر بشيرا ما أشد الفراق وما أصعب الرحيلا فيض من الحب يصنع الغليلا زهرة بصيغة الجمع تشفي العليلا وغرس ونبت غطى القبر زنجبيلا نامي مطمئنة عهد بيننا وسبيلا ما أشد الفراق وما أصعب الرحيلا أيها الحضور الكريم، لا داعي للحزن، هكذا ترحل عنا الخالدات. إنا لله وإنا إليه راجعون. * الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان