في إطار مهامه المتمثلة في المساهمة في النهوض بثقافة حقوق الإنسان وإشعاعها، أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان ثلاثة كتب جديدة : 1 - «في التأسيس الفلسفي لحقوق الإنسان»: نصوص مختارة ( 261 صفحة) من إعداد وترجمة الأساتذة محمد سبيلا، عبدالسلام بنعبدالعالي ومصطفى لعريصة، بشراكة مع دار توبقال للنشر، ويستحضر المؤلف العمق الفكري والأساس الفلسفي اللذين يشكلان قاعدة هذه المنظومة ويمنحانها بعدها الكوني، وقد آثر المجلس، عبر هذا المؤلف، فسح المجال لأصوات متعددة ومن خلالها لمصادر ثقافية وحضارية متنوعة، وهو تعدد وتنوع يفسران المسيرة الطويلة والشاقة للمجموعات البشرية وهي تسعى للحصول على حقها في « الحق « وإغناء سلسلة الحقوق (والواجبات أيضا) وفق قيم الحياة العصرية الديمقراطية روحا ومنهجا. والهدف الأساس للكتاب هو فسح المجال للقارئ لإعمال الفكر وممارسة « الحق في التفكير» ودفعه إلى تبين اختلافات وجهات النظر، والتماس طريق يقوده أيضا إلى إدراك ما يطرحه مفهوم حقوق الإنسان من إشكالات فلسفية، وصعوبات نظرية؛ 2 - العدالة الانتقالية والتحولات السياسية في المغرب: تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، للأستاذ كمال عبداللطيف ( 41 صفحة)، وهو عبارة عن نصوص مترابطة تتجه لبناء جملة من المعطيات والمواقف في موضوع العدالة والعدالة الانتقالية حيث يتوقف المؤلِف عند كيفيات تمظهر المفهوم في تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة المغربية، ويراوح كمال عبداللطيف في عملية البناء بين توجهين منهجيين اثنين، يعتني في الأول منهما بمفهوم العدالة وكيفيات تحوله في الفكر المعاصر. ويتجه في الثاني، للاقتراب من نتائج تجربة المغرب في باب العدالة الانتقالية. يعتمد المؤلف في عمليات مقاربته على محصلة تجارب الانتقال الديمقراطي، كما تبلورت في العقود الأخيرة من القرن الماضي، في كل من أوروبا وأمريكا اللاثينية وجنوب إفريقيا ليرسم، انطلاقا منها، الملامح الكبرى للمرجعيات النظرية والسياقات التاريخية والسياسية التي حددت لمفهوم العدالة الانتقالية الدلالة والأفق؛ 3 - «البالا والفاس»، ديوان زجلي للراحل عبد الله ودان، من تنسيق وتقديم الأستاذ حسن بحراوي. من خلال تقديمه لهذا الديوان الزجلي يستحضر حسن بحراوي ذكرى عبدالله ودان، الذي برز في الأوساط الطلابية المغربية خلال النصف الثاني من السبعينات في تزامن مع بروز حركة شعرية طلابية شهدتها كلية الآداب بالرباط، حيث اشتهر عبدالله ودان في الأوساط الطلابية بعدد من المدن المغربية بقصائد لاقت الكثير من الترحيب في اللقاءات والقراءات الطلابية، بل أتيح لكثير من هذه القصائد، بعد انتقال عبدالله ودان إلى فرنسا أواخر السبعينات، لمتابعة دراسته في تخصص الأنتربولوجيا، أن تتحول إلى أغاني ملتزمة حيث أصبحت شعارا لمرحلة ساخنة عاشها الطلاب في فضاءات عدد من الجامعات المغربية. يرصد حسن بحراوي، في تقديمه للديوان، مسار الزجال عبر ثلاث مراحل أرخت لتحولات إبداع عبدالله ودان ليخلص إلى أن الوفاء للوطن والإنصات لنبض الاحتقانات التي تخترقه والاهتزازات التي تتناوب عليه هو السبيل الذي قاد الزجال إلى معانقة قضايا تشغل العموم. ويأتي هذا الإصدار في إطار عمل المجلس في مجال حفظ الذاكرة عموما والذاكرة الثقافية بشكل خاص.