بلا بطاقة هوية ولا أهل ولا انتماء نسكن هذا الوطن، كل الأماكن الخالية هي مساكننا . نعم نحن أولائك الذين تسمونهم بالمتشردين ، نحن أولائك الأطفال الذين نتجول طيلة اليوم في كل شوارع المدينة المتسخة إن كانت أصلا لنا ثياب، نحن من نحمل في أيدينا قماشة متسخة نشمها كل لحظة، لكن ألا تتساءلون لماذا نستنشق مخدرا بدل الأوكسجين، هل عن رضا منا أم من أجل أن ننسى الوضعية التي نعيشها . ألم يتبادر لذهنك ولو لحظه واحدة أيها السيد الكريم قبل أن تنهال علي ضربا وشتما صباحا عندما وجدتي نائما أمام بيتك أنني بلا مأوى. أتعلم أنني قد نمت أمام(ڤيلتك) الضخمة خوفا من أن يقوم أحد من أولائك الذين في قلبهم مرض باستغلالي جنسيا كما يقع لمجموعة من الأطفال كل يوم، كان آخرهم صديقي كريم الذي قضا نحبه بعد الإهمال الذي تعرض إليه بعدما تم نقله إلى المستشفى. أتعلم سيدي أنني لم أذق طعم الأكل من صباح البارحة عندما وجدت قليل من الخبز المحشو بالشوكلاته في القمامة الموجودة أمام منزلك . لماذا تضربني ؟ أهو ذنبي أنا ؟ ماذا فعلت ؟ لم أفعل شيئا سوى أنني قد مت الموتة الصغرى ونمت قليلا مفترشا الأرض، متغطيا بضوء النجوم أمام باب منزلك الرخامي. أتعلم أن أمي قد التحقت بالرفيق الأعلى منذ سنتين خلت وأنت تشتمها وتقول لي «اذهب عند أمك لكي تعيد تربيتك أيه المتسخ ». يا ليتني كنت معها الآن على الأقل عند الله، حيث لا أحد يظلم، ليس كهذه البلاد التي كلما زارنا مسؤول كبير تقوم برمينا رمية عزيز مقتدر من مدينة لأخرى لكي لا يرانا أحد. فنحن مجرد متسكعين ونمثل وصمة عار على جمالية المدينة. أليس هذا قولكم أيها المستشار البرلماني؟ أليس من دورك أن توفر لي شروط العيش الكريم بدل أن تضربني وترمي بي في المزبلة لكي تتيح مكانا لكلبك الفرنسي الجنية أن يمارس تمارينه الرياضية . مللت العيش هنا، كرهت هذا البلد، لا خيار لي سوى أن انتحر احتجاجا على هذه الوضعية، عسى تتحرك قلوب أصحاب السيارات الفخمة والكراسي الجلدية، رأفة بنا ويمنحونا شيئا من حقنا الطبيعي الذي قد اقتسموه فيما بينهم في عدد الركعات التي يركعونها في موسم سنوي يقام بالعاصمة . لا، لن أنتحر، لن أيأس، سأعيش هذه الدنيا بكل تقلباتها، سأفعل ما أشاء، لا أحد يحق له أن يقول لي شيئا، فأنا مواطن عربي، أومن بأن الله يمهل ولا يهمل.