استأنفت مراكش احتفالية السينما بعد انطلاق الدورة 13 من المهرجان الدولي للفيلم ،الذي افتتح مساء الجمعة 29 نونبر 2013 بقصر المؤتمرات، في حفل بهيج أشر على استرسال المدينة الحمراء في الإطلال على العالم من شرفة الفرجة في بعدها الكوني المتحدي للحواجز الثقافية و الإثنية و الدينية . في افتتاح الدورة 13 من المهرجان الدولي للفيلم ، تحولت مراكش مرة أخرى ، إلى وجهة لنجوم الشاشة الفضية، أولئك الذين ملأوا أحلام الناس ، و فعّلوا طاقتهم على الأمل و التوق إلى الأفضل . فصارت المدينة بحق ، بفضل هذه التظاهرة ، فضاء لإيقونات الفن السابع على المستوى الكوني، التي كان الناس يحلمون بها، فصاروا يلتقونها فعليا و على أرض الواقع. و في مقدمتهم العملاق مارتن سكورسيزي، و المبهرة شارون إيفون ستون، و الزعيم عادل إمام، و الساحرة يسرى، و رموز السينما الاسكندنافية المكرمة في هذه الدورة، و القائمة تطول .. و بقدرته على اجتذاب هذا الكم من كبار السينمائيين، يكون المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، قد نجح في تأمين موقع محترم في زحام المنافسة مع مهرجانات متزامنة معه، معززا رصيده من الثقة و السمعة الجيدة في الأوساط السينمائية العالمية . شارون ستون نجمة حفل الافتتاح كانت لحظة فائقة الرهافة والأناقة، واحتفالية حقيقية بحماس الجمهور تجاه سحر الفرجة، و تذوق الجمال، وتثمين قيمة التقاسم الكوني للمتعة وتقدير قيمة الحرية والتسامح والتفاعل الثقافي. وهكذا انساب نجوم الشاشة الفضية فوق البساط الأحمر محاطين بهتاف و تصفيقات المئات من عشاقهم الذين اكتظوا قبالة المدخل الرسمي للمهرجان. وكان مرور النجمة الساحرة شارون ستون ملتحفة السلهام المغربي، أقوى من بريق ماسي، مشحون بحضور كثيف لامرأة شغلت لسنوات طويلة، وعبر أدائها المبهر، في أعمال لا تُنسى، خيالات محبيها. وعند دخولها الخشبة لحظة تكريمها كان نصيبها من الجمهور الذي مَنحته إدارة المهرجان امتياز دخول القاعة الكبرى بقصر المؤتمرات للمتابعة المباشرة لوقائع حفل الافتتاح، تيار كبير من التصفيق يترجم التقدير والاحترام الذي يكنه لهذه الفنانة ولتاريخ المتألق في عالم السينما. سكورسيزي، الذي سلم النجمة الذهبية للفنانة المُكرمة، قدم شهادة عن شارون ستون، استعاد فيها قوتها كممثلة شاركته بعض أفلامه، وموهبتها في التمثيل التي بوأتها قمة المجد والعطاء. وقال « شيء جميل أن أكون هنا لتسليم تذكار التكريم لشارون ستون، الممثلة التي لعبت أمام أفضل ممثلي هوليوود. مع شارون ستون، نكون في حاجة لضبط تعريف النجومية، التي ليست هي الشهرة . . إن جمال شارون ستون يعبر عن جميع الأمزجة، إنها جميلة، هنا، حسب معيار هذا الزمن وأي زمن آخر. لا تعرف الخوف، جذابة لا تدخل مكانا إلا وحولت طاقته إيجابا، عملنا في فيلم «كازينو»، وقد كان عملنا مغامرة عظيمة. إنها نجمة حقيقية. كل من يشاهد أداءها يقف على قدرتها على تقمص مختلف الأدوار بتميز». أما شارون ستون، التي بدت في قمة سعادتها، حيث ولجت خشبة المهرجان وهي ترقص، وبعد شكرها لجلالة الملك محمد السادس وكذا للأمير مولاي رشيد، عبرت عن فائق اعتزازها بهذا التكريم، و سعادتها بالتواجد في مهرجان مراكش الذي اعتبرته من المواعيد المهمة التي تضمن تلاقحا للثقافات و المواهب. وقالت أيضا «هناك كلمتان، فقط، يمكنهما أن تدفعاني إلى ركوب الطائرة من الهند إلى المغرب، والكلمتان هما : مارتن سكورسيزي». ووصلت شارون ستون إلى مراكش بعد أن قضت أعياد الشكر بمنطقة مرزوكة، قرب أرفود. ويسبقها مجد كبير في عالم السينما لا يتوقف عند حدود جمالها وأناقتها، وإنما أيضا عطاءها الذي امتد لسنوات طويلة أظهرت فيه إصرارا على تقديم الأقوى والأجمل والأحسن. فكانت مسيرتها منذ أول ظهور لها في السينما في فيلم ذكريات صغيرة لوودي ألن في سنة 1980 واعدة بالمزيد من الإبداع، رغم أنها ظلت لما يزيد عن عشر سنوات تقوم بأدوار ثانوية، كدورها في «مزرعة الرعب لويس كرافن ((1981، لكنها فجرت تألقها في التسعينات من القرن الماضي و خاصة في الجزء الأول من شريط « غريزة اساسية سنة 1992 و كازينو الذي تقاسمت فيه البطولة مع روبير دونيرو . وحققت نجاحا و شهرة كبيرتين في افلام أخرى كالاختصاصي مع سلفرستالون .. ولم تقتصر مسيرة شارون ستون على التمثيل، بل عملت، أيضا، كعارضة أزياء وكمنتجة، وأبدت اهتماما بالمجال الاجتماعي وخاصة في مجال مكافحة داء السيدا . سكورسيزي إيقونة الدورة 13 منذ تكريمه من قبل المهرجان الدولي للفيلم بمراكش ، سنة 2002 و 2005 ، عقد مارتن سكورسيزي، علاقة انجذاب خاصة مع مراكش و مهرجانها، عكسها حضوره المتكررفيه كلما وجهت له الدعوة. وكان التتويج هو قبوله ترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة لهذه الدورة. لسكورسيزي قصة مع المغرب جعلته شغوف به و بثقافة سكانه، فقد زاره لأول مرة في سنة 1983، حينما كان يعد لتصوير أحد أفلامه، و حدثت له آنذاك وقائع مؤثرة في حياته، جعلت تواجده بالمملكة يبصم حياته، ويعقد صداقة عميقة معها ومع سكانها. ولد مارتن سكورسيزي في السابع عشر من شهر نونبر سنة 1942 بكورونا بالولايات المتحدةالأمريكية. و نشأ في مدينة نيويورك، وبالضبط في باوري الذي أصبح مصدر إلهام له في العديد من أفلامه . درس فنون التواصل بجامعة واشنطن سكوير، وحصل منها على درجة البكالوريوس في الفون سنة 1964 ، ثم الماجستر سنة 1966 . و أنجز في فترة دراسته عدة أفلام قصيرة . قبل أن يخرج بعد سنتين من ذلك، أول أفلامه الطويلة « من يطرق بابي ؟» و أخرج سكورسيزي عددا من الأفلام الوثائقية، منها ذاك الذي خصصه للمغني الشهير بوب ديلان، بعنوان «لا أعرف الطريق إلى البيت» . ومن أعماله الخالدة : « شوارع قذرة، وسائق الطاكسي، والثور الهائج والإغواء الأخير للسيد المسيح، والأولاد الجيدون، وعصابات نيويورك، والطيار، والمغادرون، جزيرة الصراع، و هوكو. و يعتبر سكورسيزي، واحدا من كبار عالم السينما، الذين بصموا مجال الإبداع في الفن السابع بحضورهم القوي، و ذلك من خلال أعماله الخالدة، و هو الرئيس المؤسس لمؤسسة السينما، ومؤسسة السينما العالمية، و هما مؤسستان تهدفان إلى صيانة التراث السينمائي العالمي . و تضم لجنة التحكيم التي يرأسها سكورسيزي، المخرج التركي الألماني فاتح أكين و الممثلة الأمريكية باتريسيا كلار كسون، و الممثلة الفرنسية ماريون كوتيار، و المخرج السيناريست و المنتج المكسيكي أمات إسكلانتي، و الممثلة الإيرانية غولشيفيته، و المخرج والسيناريست الهندي أنورا كاشياب، والمخرجة المغربية نرجس النجار، والمخرج والسيناريست والمنتج الكوري الجنوبي باراك تشان ووك، والمخرج والكاتب والسيناريست الإطالي باولو سورينتينو . اختيارات بعد انطلاق الدورة الثالثة عشرة، كرس المهرجان رهان الاستمرارية في تعميق حضوره في الجغرافيا العالمية للمهرجانات المؤثرة في حقل التداول الفيلمي، لكنه أيضا حافظ على نفس الإيقاع كمهرجان يسير بتقاليد في البرمجة والاختيار الفني، تجعل نَفَسَ التجديد فيه متواضع الحضور، حيث حافظ المهرجان في اختياراته على نزوعه الأروبي الأمريكي، سواء على مستوى اختيار الأفلام المعروضة أو التكريمات، مقابل تعامل محتشم مع تجارب سيمائية أخرى كالسينما الإفريقية والسينما العربية، لتظل التجربة المصرية هي الاستحضار اليتيم في قائمة التكريمات منذ تأسيس المهرجان . ورغم أن المهرجان بلغ من العمر ما يسمح له بتراكم تجربة وخبرة كبيرة في التنظيم، إلا أن التأطير المغربي، و رغم طول هذه المدة مازال يحتفظ بأدوار هامشية أمام قوة المهام الموكولة للمشرفين الأروبيين . لكن على محتوى الفني، يحافظ مهرجان مراكش الدولي، على توجهه كمستكشف لطاقات المستقبل في الإبداع السينمائي، أي تلك الأصوات التي تعلن عن قدومها المرتقب بقوة من خلال عملها الأول أو الثاني، وبذلك يكون المهرجان محطة أساسية وحاسمة في مسارهم الإبداعي. الجمهور يحتفي بالزعيم خص الجمهور المغربي الذي حج إلى محيط قصر المؤتمرات، الفضاء الرسمي للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الزعيم عادل إمام باستقبال حار، جعله يتوقف طويلا قبالة مدخل القصر للرد على حفاوة الجمهور، وتصفيقهم الحار وهتافاتهم. وأحاطه عشاقه بدفء محبتهم و تقديرهم لمساره الطويل والغني في عالم إمتاع الناس وإدخال البهجة على قلوبهم عبر أداء متألق في التمثيل عموما وفي الكوميديا بشكل أخص . عادل إمام لم يخف اعتزازه بحضوره لمهرجان مراكش، موضحا أن ذلك سمح له بزيارة المدينة الحمراء لأول مرة. الجمهور،أيضا، استقبل الفنانة المصرية يسرى بحرارة، و كذلك الأمر بالنسبة زميلها عزت العلايلي والمخرجة إيناس الدغيغي، في إشارة اعتراف لحضور السينما المصرية في وجدان المغاربة . الفرجة أولا تسمح الدورة الثالثة عشرة لجمهور الفن السابع ، بالتنقل بين باقة متنوعة من التجارب السينمائية من مختلف الثقافات . فإضافة إلى تكريم السينما الأسكندنافية ، التي تحضر بوفد هام من المخرجين ، يقدم المهرجان 110 فيلم من إبداع 23 جنسية ، وسيتنافس على الجائزة الكبرى 15 شريطا منها شريطين مغربيين من إنتاج مشترك . و يتكون الوفد الاسكندنافي الذي يحضر حفل التكريم من المخرج الفنلندي أكولوهوميس، والمنتج الدانماركي تيفي مانيوس، و الممثل الدانماركي مادس ميكلسن ، و المخرجة و الممثلة السويدية أنا أوديل، والمنتجة الدنماركية تين كرو بفايفر، والمخرج النرويجي إيريك بوبي، والممثلة السويدية إيدا مانياسون ، و المخرج الدانماركي سورين مالينك، و المخرج مايكل نوير، و المخرجة الإسلندية فالديس أوسكار سدوتير، و المخرجة السويدية كابريلا بيكلر ، و مواطنتها الممثلة نومي راباس .. مع العلم ، أن الدورة 13 من المهرجان الدولي للفيم بمراكش، تكرم إضافة إلى شارون شتون والسينما الاسكندنافية ، الممثلة الفرنسية جولييت بينوش، والمخرج وكاتب السيناريو الياباني كوري إيدا هيروكازو، والممثل المغربي محمد خيي، والمخرج وكاتب السيناريو والمنتج الأرجنتيني فرناندو سولاناس.