مع مطلع كل موسم دراسي، تطفو على سطح المنظومة التربوية مشاكل ناتجة عن سوء تدبير وتخطيط بعض المسؤولين في سلطة القرار، تنعكس إجراءاتها غير المبررة انعكاسا سلبيا على مردودية طرفي العملية التعليمية التعلمية، نظرا لما تثيره من جدال يستنزف الجهد والوقت، ويؤثر على الاستقرار النفسي والاجتماعي لهيئة التدريس، وتكرس الطبقية في التعليم بسبب غياب تكافؤ الفرص والعدالة في التعلم من قبيل الاكتظاظ ، الأقسام المشتركة، إعادة الانتشار، والاجتهادات الطارئة على استعمالات الزمن دون إشراك الفاعلين الميدانيين ...، ومن بين القضايا التي يثار حولها جدال واسع نذكر تدبير الزمن المدرسي الذي أسال الكثير من المداد، دون أن تتمكن الوزارة الوصية من وضع حد لحالات الارتجال والارتباك التي يمر منها الجسم التعليمي، لاسيما على المستوى التشريعي والتربوي والاجتماعي، ونخص بالذكر على سبيل المثال التعليم الابتدائي الذي يعد الأقل استقرارا ، مقارنة مع باقي الأسلاك المدرسية خصوصا مع بداية تنزيل النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية (المرسوم رقم 2.02.854 الصادر بتاريخ 10 فبراير 2003)، الذي ألغى ضمنيا عدد ساعات العمل التي كان معمولا بها بالنظام الاساسي لسنة 1985 ( 30 ساعة بالابتدائي ) لما أحالت مادته 15 تحديد ساعات العمل الأسبوعية على قرار مشترك للسلط الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية والمالية والوظيفة العمومية، وهو القرار التطبيقي الذي لايزال قيد الدراسة، حسب مديرية الشؤون القانونية والمنازعات بوزارة التربية الوطنية، الأمر الذي ترك المجال مشرعا لاجتهادات تنظيمية أحادية دون مرجع قانوني، فالمذكرة الوزارية رقم 122/2009 لم تتحدث عن عدد ساعات العمل صراحة وإنما وضعت نماذج لاستعمالات زمن تفاوتت مددها الزمنية من صيغة لأخرى، أما المذكرة الحالية رقم 2156 2 /2012 ، فقد تعاملت مع المؤسسات التعليمية بمنطقين: وسط حضري ( الجماعات الحضرية) ووسط قروي (الجماعات القروية ) حيث فرضت نموذجا واحدا ووحيدا على الوسط الحضري أثبت الواقع عدم نجاعته لعدة اعتبارات ، منها عدم توفر الشروط الدنيا لتطبيقه كعدم توفر الحجرات الدراسية الكافية مما دفع الفاعلين الميدانيين إلى الاستعانة بصيغ نمادج استعمالات زمن المذكرة الوزارية رقم 122 التي ألغاها محمد الوافا بطريقة متسرعة وانفرادية، كما أن واقع الجماعات الحضرية يؤكد خلاف تمثلات الوزير غير المأسوف على رحيله، الذي يعتبر أن كل الجماعات الحضرية لها نفس مقاييس معايير جماعات حسان والمعاريف ... ، فمجموعة من المؤسسات التعليمية المتواجدة ببعض المراكز القروية التي لاتربطها بالمعايير الحضرية إلا الاسم، يتشكل أغلب روافدها من العالم القروي حيث يضطر تلامذتها إلى التنقل مسافات طويلة عبر مسالك وعرة تضطرهم صيغ استعمال الزمن وفق النموذج الحضري التنقل أربع مرات ذهابا وايابا راجلين في ظل غياب نقل مدرسي ومطعم وفضاءات للاحتماء من التغيرات المناخية، أما بالوسط القروي فقد خولت المذكرة الحالية صلاحية بلورتها إلى مدير المؤسسة ومجلس تدبيرها من أجل اختيار الصيغ المناسبة للظروف المناخية والجغرافية وبعد المدرسة عن مساكن التلاميذ، لكن هذا الاجراء الذي يبدو في ظاهره آلية تشاركية موسعة ساهمت فيه الادارة التربوية وهيئة التدريس وجمعية الآباء وممثل المجلس الجماعي ، يصطدم للاسف برفضه بقرار انفرادي من طرف بعض المسؤولين التربويين دون تقديم مبررات مكتوبة تشرح اسباب الرفض، رغم احترام الغلاف الزمني المخصص للحصص الدراسية اليومية والاسبوعية واستيفائها للبرنامج الدراسي السنوي، ، بل نجد من بين هؤلاء المسؤولين من يتعسف بتأويل مقتضيات مقرر وزاري منظم لموسم دراسي (2011-2012) صادر بتاريخ 4 يوليوز 2011 الذي انقضت صلاحيته بانقضاء الموسم الدراسي المنظم له التي تضمن فقرة تفسر مقتضيات المذكرة الوزارية الملغاة بالمذكرة الوزارية الحالية 2156 2 الصادرة بتاريخ 4 شتنبر 2012 . الارتجال في تدبير الزمن المدرسي سببه الفراغ التشريعي الذي لم يحدد عدد ساعات العمل صراحة، وإلى ذلك نواصل الدفاع عن مطالبنا بتخفيض ساعات العمل الاسبوعية إلى 24 ساعة وفق ما هو معمول به بمختلف الدول الرائدة في التعليم، وتحقيق عدالة تعليمية تضمن حقوق المدرسين والمتمدرسين.