حتى يرفع عن نفسه حالة التنافي، قام الميليونير مولاي حفيظ العلمي، الذي حظي بحقيبة وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار و الاقتصاد الرقمي، في النسخة الثانية من حكومة بن كيران، بترك منصبه على رأس مجموعة «ساهام» لسعد بنديدي، الذي عين يوم الأحد الأخير خلال جمع عام كمدير عام منتدب للمجموعة. ويذكر أن سعد بنديدي سبق له أن تربع على رأس الهولدينغ الملكي «أونا»، وأشرف كرئيس مدير عام على العديد من العمليات الاستراتيجية الكبرى التي قامت بها أومنيوم شمال افريقا، وكان العقل المدبر لمشروع إحداث الفاعل الثالث في الاتصالات «وانا» الذي سيصير فيما بعد «إنوي». وقبل أن يتلقفه الهولدينغ الملكي «أونا»، كان بنديدي، وهو خريج المدرسة المركزية بباريس، رجل ثقة الملياردير عثمان بنجلون الذي وضعه كنائب مباشر له على رأس مجموعته القابضة «فينانس كوم»، حيث كان وراء إطلاق شركة الاتصالات «ميديتيل» التي عينه بنجلون رئيسا مديرا عاما لها. كما يعتبر بنديدي مهندس عملية الاندماج بين شركتي «الملكية» و»الوطنية» للتأمينات . وقبل ذلك تقلب بنديدي في العديد من المناصب التي بدأها بمؤسسة «وفا بنك» وشركة «مساهمة» و«البنك المغربي للتجارة الخارجية» و «مغرباي» و «صوفاك كريدي» و»ريسما».. وكان عزيز أخنوش قد قام بنفس الخطوة لدى استوزاره، حيث تخلى عن مسؤلياته على رأس أكوا . وطرحت وضعيته حينها مشكلا سياسيا وأخلاقيا على علاقة بحالة التنافي وتنازع المصالح، باعتبار الرجل أكبر مالك للأسهم في مجموعة »أكوا« التي تضم حوالي 60 شركة، بينها مجموعة شركات متخصصة في توزيع المحروقات . واعتبرت مصادرنا أن مشروع القانون التنظيمي للحكومة، وإن كان غير ملزم لها حتى الآن، يتحدث في واحدة من مواده صراحة عن حالات التنافي وتداخل المصالح السياسية بالمصالح المادية، وهو ما يثير علامات استفهام ويفتح بابا واسعا للنقاش حول تنزيل مضاميين الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العام. وقالت مصادرنا إن الفصل بين المسؤوليات السياسية والمصالح الاقتصادية والتجارية كان من ضمن أهم مطالب الاصلاحات الدستورية الواردة في مذكرة الأحزاب، وقد تمت الاستجابة لهذا المطلب في النسخة قبل الأخيرة للوثيقة الدستورية قبل أن يختفي في النسخة النهائية، على أمل أن يتكفل القانون التنظيمي للحكومة بالتنصيص على منع وضع رجْل في الحكومة ورجْل في عالم المال والأعمال. مع العلم أن موضوع الحكامة يشكل أيضا أهم مطالب الشركاء الدوليين للمغرب وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي.