مباحثات مغربية بحرينية لتعزيز التعاون في مجالات التنمية الاجتماعية    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    بايتاس: ارتفاع الحد الأدنى للأجر إلى 17 درهما للساعة وكلفة الحوار الاجتماعي تبلغ 20 مليارا في 2025    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    إحباط عملية تهريب دولية للمخدرات بميناء طنجة المتوسط وحجز 148 كيلوغراماً من الشيرا    رابطة علماء المغرب: تعديلات مدونة الأسرة تخالف أحكام الشريعة الإسلامية    كربوبي خامس أفضل حكمة بالعالم    بايتاس: مشروع قانون الإضراب أخذ حيزه الكافي في النقاش العمومي    كمية مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي تبلغ بميناء المضيق 1776 طنا    وهبي يقدم أمام مجلس الحكومة عرضا في موضوع تفعيل مقترحات مراجعة مدونة الأسرة    وكالة التقنين: إنتاج أزيد من 4000 طن من القنب الهندي خلال 2024.. ولا وجود لأي خرق لأنشطة الزراعة    نجاة مدير منظمة الصحة العالمية بعد قصف إسرائيلي لمطار صنعاء    بايتاس يوضح بشأن "المساهمة الإبرائية" ويُثمن إيجابية نقاش قانون الإضراب    توقيف القاضي العسكري السابق المسؤول عن إعدامات صيدنايا    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الإغلاق على وقع الإرتفاع    خلفا لبلغازي.. الحكومة تُعين المهندس "طارق الطالبي" مديرا عاما للطيران المدني    احوال الطقس بالريف.. استمرار الاجواء الباردة وغياب الامطار    السرطان يوقف قصة كفاح "هشام"    قبل مواجهة الرجاء.. نهضة بركان يسترجع لاعبا مهما    "الجبهة المغربية": اعتقال مناهضي التطبيع تضييق على الحريات    في تقريرها السنوي: وكالة بيت مال القدس الشريف نفذت مشاريع بقيمة تفوق 4,2 مليون دولار خلال سنة 2024    ستبقى النساء تلك الصخرة التي تعري زيف الخطاب    جلالة الملك يحل بالإمارات العربية المتحدة    مدرب غلطة سراي: زياش يستعد للرحيل    العسولي: منع التعدد يقوي الأسرة .. وأسباب متعددة وراء العزوف عن الزواج    تحديد فترة الانتقالات الشتوية بالمغرب    نشرة انذارية.. تساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من مناطق المملكة    حصاد سنة 2024.. مبادرات ثقافية تعزز إشعاع المغرب على الخارطة العالمية    "زوجة الأسد تحتضر".. تقرير بريطاني يكشف تدهور حالتها الصحية    330 مليون درهم لتأهيل ثلاث جماعات بإقليم الدريوش    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الثورة السورية والحكم العطائية..    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فصول من الكتاب «وين ماشى بينا سيدى»:


«جاسم» فى حضرة شيخه
كان الطفل «جاسم» على غير عادة الأطفال الأشقياء الذين يمزقون الكراريس ويلوثون ثيابهم بالحبر وطباشير الألواح. لعل الورع المزيف لشيخه قد بعث فيه السكينة لحين وسيكون دماراً عليه فى ما بعد بحكم تربية غير متوازنة ستقضى على ولايته للعرش.
كان الطفل «جاسم» مستمراً أمام شيخه فى استماع لدروس دينية غاية فى التشدد وعوض أن يتلقن الطفل تربية دينية رفقة أترابه بالمدارس العامة حتى يحدث له توازن بيئى وعقلى ونفسى فإنه وقع تخصيص جناح بالقصر الأميرى لشيخ متزلف ومرتزق كان هدفه الأساسى شحنه قدر الإمكان بأفكار موغلة فى المناهج المذهبية التى تجد لها مكاناً خصباً فى بعض دول الخليج. وكان من الحظ العاثر للطفل جاسم أن درس الدين على يد واحد من أكبر المتاجرين بالدين والموغلين فى التطرف الفكرى، وثبت بالحجة أثناء قيام الثورات العربية الأخيرة أنه يحرض الناس على القيام ضد أولى الأمر وزرع الفتن والتقاتل فيما بينهم، وكأن فى قطر لا يوجد هناك أولو أمر ولا شباب ليثور.
القرضاوى «معلماً»
لم يكن معلم الطفل «جاسم» إلا الشيخ الذى لا يشق له غبار فى الفتاوى الجائرة، حرق الأمصار وخلاء الديار، درس الشاب الصغير جاسم الدين على يد رئيس المجلس العالمى للإخوان المسلمين يوسف القرضاوى الذى خصص له الشيخ حمد بن خليفة جناحاً خاصاً فى القصر الأميرى لتدريس أبنائه العلوم الدينية، ومَنحَه الجنسية القطرية وأعطاه جواز سفر خاصاً وخصص له راتب وزير وأوصى بمعاملته فى كل الدوائر الحكومية كأحد أفراد الأسرة الحاكمة.
اتجه «جاسم» نحو التشدد أكثر من إخوته، لكنه لم يعد يكتفى بمفاهيم «القرضاوى» المتبدلة. فلم يعد له ميل لمفتى البلاط الذى يفسر ويبدل الدين حسب أهواء السلطان. أحس الفتى «جاسم» بأن تكليف «القرضاوى» بتدريسه لم يكن الهدف منه إلا جعله داخل الملعب لا خارجه. ف «القرضاوى» مفتى البلاط مهمته خدمة العائلة لتأمين الحكم والحفاظ على الطاعة والولاء.
تأثر «جاسم» بخطابات سلفيين وتفسيرات متشددين فى الدوحة غير راضين بحكم والده وغير قانعين بتصرفات والدته الذين يرون فى تصرفاتها خروجاً عن نواميس وعادات البيئة الخليجية.
تزامن تقارب «جاسم» والخطاب السلفى مع تصاعد المناخ المتطرف الذى وجد فى أفغانستان أرضاً خصبة لإقامة أول إمارة إسلاموية فى التاريخ الحديث، ومعسكراً لتدريب الشباب المغرر به أو المتحمس لقتال أهله ومجتمعه وبلده. مثلما حصل ويحصل فى بلاد عربية وإسلامية عديدة.
بدا تأثر «جاسم» بهذه الثقافة الجديدة بإحاطة نفسه بفقهاء ومدرسين من مشايخ السلفية من دعوية وجهادية كوّنوا حلقة تثقيفية فاتخذ اتجاهاً فكرياً سلفياً متشدداً بدأت تظهر آثاره على سلوكه وحياته اليومية، وعلاقته بأسرته، خاصة والده حمد بن خليفة ووالدته موزة المسند. لم تكن هذه الدروس فى واقع الأمر إلا تحريضية. فلقد أراد المشايخ إعادة فتح قطر من جديد. فهم يرون فى حال قطر تفسخاً أخلاقياً كبيراً ووجدوا فى الابن ?جاسم? الوسيلة المثلى للتغيير.
بدأ «جاسم» يجهر بآرائه السياسية الرافضة لسياسة والده القريبة لإسرائيل وأمريكا. وسياسة «الجزيرة» المشبوهة فى التهليل والتطبيل لحزب الله ولإيران وما يفعلانه فى لبنان والعراق. حدث أن طلب حمد من ابنه «جاسم» مرافقته لزيارة لبنان بعد عدوان إسرائيل عليه سنة 2006. فرفض «جاسم» الذهاب إلى هناك سائلاً والده كيف يمكنه الوصول إلى لبنان والحال أن الأجواء مراقبة من طرف سلاح الجو الإسرائيلى، قائلاً له: «إلا إذا حصلت على إذن فى ذلك».
أحس المجلس العائلى بالخطر المحدق سيما مع تواتر التقارير عن انحرافات جاسم الخطيرة التى لا تنبئ بحسن العواقب. لم يكن أمام موزة وحمد إلا التصرف قبل أن تقع الفأس فى الرأس ويستولى الطفل على الحكم وما قد ينجر عنه من انحرافات قد تكون مدمرة لقطر نفسها. ففكره متشدد والعصبية الانقلابية مكوّن من مكونات الحكم القطرى. بسرعة كبيرة وقع تجريد جاسم من ولاية العهد وتعيين أخيه تميم ولياً للعهد.
انقلاب عسكرى أم عائلى؟
بدأ التذمّر فعليّاً من سياسة الابن جاسم وأصبح يمثل عبئاً على البلاط الأميرى وكان لا بد من إبعاده تماماً عن دوائر النفوذ وإراحة رأس البعض من المنتفعين بأوضاع القصر لتعزيز مواقعهم أو للحصول على تكريمات وترقيات أو كذلك لفرض توازنات داخلية جديدة بين قيادات أسرة آل ثانى والتخلص السلمى من «جاسم» وظهرت الفكرة بتسريب إشاعة مفادها أن «جاسم» يستعد للانقلاب على أبيه.
وصلت إلى مسامع القصر الأميرى وأجهزة الأمن فى الدوحة تحركات متطورة فى سلوك وأعمال الشيخ جاسم بين تحريض سياسى وتحرك شبه عسكرى وحيازة أسلحة لمجموعات محسوبة على الشيخ جاسم أو محيطه.
تصاعدت الأخبار التى وصلت إلى حمد بن خليفة حتى قيل إن الشيخ جاسم ينوى القيام بعمل ما ضده وإنه على أهبة الاستعداد. استنفر ?حمد? جميع الأجهزة الأمنية والمخابراتية لتطويق الدوحة. فانتشر الجيش والشرطة فى مداخل ومخارج الدوحة وفى جميع المرافق الاستراتيجية للدولة حول القصر الأميرى ووزارات السيادة ومبنى الإذاعة والتليفزيون.
الغريب فى الأمر أن إزاحة «جاسم» من ولاية العهد لم تكن وفق مرسوم أميرى يعلن فيه اكتشاف عملية الانقلاب، فقطر مهووسة بكلمة انقلاب ثم إن السلطة القطرية أرادت إفضاء صيغة الأمر العادى حتى يظهر للرأى العام بأنه شأن روتينى وحتى يسهل هضمه فهذا على الأقل ما ذكرته قناة «الجزيرة» قبل حدوث قرار العزل بأنّ «هناك اتجاهاً لإجراء تغيير فى ولاية العهد القطرى..».
بعد ساعات صدر مرسوم أميرى جاء فيه أن الشيخ ?جاسم? تنازل عن ولاية العهد لأخيه الشيخ «تميم».
طبعاً لم يذكر المرسوم أن الشيخ جاسم لم يتنازل عن ولاية العهد لأكبر إخوته الشيخ مشعل، لأن الشيخ مشعل موضوع قيد الإقامة الجبرية فى الدوحة هو وأمه، ابنة الشيخ محمد بن أحمد آل ثانى.. ولم يتنازل الشيخ جاسم لأخيه ?فهد? الذى يكبره سناً لأن هذا -بدوره- يعيش فى منزل محاصر بعناصر المخابرات بعد طرده من سلاح الدروع واتهامه بالجنون لأنه رفض جريمة الانقلاب على جده «خليفة».
لم يدم الاستنفار العسكرى طويلاً فى شوارع الدوحة. وتم حصار الزوبعة التى يذهب البعض إلى أن جهاز المخابرات القطرى هو الذى ابتدعها وذلك خدمة لبعض الأجنحة على حساب أخرى، وذلك لإبعاد «جاسم» عن السلطة حيث يرون فى اتجاهاته الجديدة خوفاً كبيراً على مصالحهم ودائرة نفوذهم. تمت السيطرة على الأمر بسرعة وتم اعتقال عدد من المسلحين، وعزل ?جاسم? بعيداً عن أنصاره.
انتهى تحرك الشيخ جاسم بن حمد مؤقتاً، وربما تحسب والده لأى انقلاب يقوم به أى من أبنائه أو إخوته كما حصل سابقاً مع والده ومعه شخصياً. وضع «جاسم» تحت الإقامة الجبرية وبدأ الإعلام يشتغل على صورة أخيه تميم الذى حل محله كولىّ للعهد.. صبر الأم موزة لم يدُم. فرقّت لحال ابنها الذى أصبح تحت الإقامة الجبرية وسعت للتوسط بينه وبين والده حمد وبحثت عن طريق لحفظ ماء وجه الجميع فوقعت مطالبة الابن جاسم بترتيل خطاب فى غاية السذاجة والسفاهة على قناة ?الجزيرة? مبيناً أنه تنازل عن الحكم لصالح أخيه وهو فى كامل قواه العقلية والأدبية مقابل فك عزلته والسماح له بالسفر.
هذه هى ديمقراطية الحكم القطرى، يتنازل الكبير للصغير عن الحكم طواعية غير راغب فيه، زاهداً فى المسئولية فهى ولا شك أمانة ويوم القيامة خزى وندامة.
تبقى قطر بركاناً يخمد لفترة ثم سرعان ما يثور من جديد.. لا يُعرف له وقت، وإن كان المتابعون للشأن القطرى بإمكانهم الاستدلال على إمكانية حدوثه مع فارق فى عدم إمكانية تحديد وقت لذلك. ميزة قطر أنها ما إن يخمد بركان حتى يشتعل آخر. فى قطر السلطة لا تمنح وفق أطر دستورية وشرعية بل تنتزع. محنة الحكم فى قطر أن كل انقلاب يخفى وراءه آخر. الأعداء كثيرون وطرق الاستيلاء على الحكم كانت كلها مشبوهة، فمن الغدر إلى القتل، إلى خيانة الأمانة.
النار تحت الرماد فى مشيخة قطر.. وأى شىء يحصل لن يبدو خروجاً عن المألوف، لكن من شأنه أن يصنع تحالفات جديدة وقد يؤثر على وضعيات أخرى، وما تكثيف أمير البلاد من التحالفات مع جهات بعينها حتى يستقوى على أعدائه ويضمن حكمه إلا دليل قوى على ذلك.
تلعب العديد من المعطيات فى بسط الأمن وتحديد السلم الاجتماعى من عدمه. فالمعطى البشرى المتمثل فى قلة عدد السكان والمعطى الجغرافى المتمثل فى صغر المساحة، والأمنى المتمثل فى وجود ضمانات أجنبية بالداخل، يساند سياسة القمع التى يسلكها النظام القطرى. فنسبة 15 بالمائة من السكان وإن كانت لهم اهتمامات سياسية إلا أن حجر العمل السياسى بما يعنيه من تكوين للأحزاب يبقى مكبّلاً للحريات والحقوق السياسية. إضافة إلى أن نسبة 75 بالمائة من سكان المشيخة هم أجانب غير معنيين بالأوضاع السياسية، يناضلون فقط من أجل ضمان الحق الاقتصادى الأدنى، هم أنفسهم يمثلون قنبلة موقوتة.
الشيخة موزة: تسويق الصورة الجديدة
منذ مدة تحولت الشيخة موزة من مجرد زوجة ساعدت زوجها على افتكاك الحكم من والده -ثم افتكت من أبناء الزوجة الأولى ولاية العهد لأحد أبنائها- إلى امرأة تسعى لأن تكون واجهة قطر الخارجية وذلك بتوظيف نفسها لتغطية عيوب قطر الداخلية، فجندت الخبراء العرب والغربيين من أجل استحداث مؤسسات شكلية تعنى بمسائل حيوية وبراقة كالديمقراطية والتنمية والمرأة، والحال أن قطر من أكثر الدول المنتهكة للديمقراطية وللحقوق الأساسية، كاغتصاب حقوق المرأة والاعتداء على حق المواطنة وممارسة الإبعاد القسرى والنفى والتهجير. كما عملت «موزة» على تجييش الآلة الإعلامية خدمة لمهامها، فأصبحت قطر تختصر فى «موزة» مثلما كان يعرف الإعلام الأجنبى ليبيا ب»القذافى»
ما يجمع سيدات السلطة العربيات أنهن مكروهات من جانب بنات جنسهن لتكبّرهن وخروجهن عن بعض الأطر التقليدية التى تحكم المجتمع، خاصة إذا ما صاحب ذلك ضجيج إعلامى كبير دون حصول إنجازات على الأرض. حيث تنتقد القطريات «موزة» لكونها استعاضت عنهن بتجنيس العراقيات والفلسطينيات واللبنانيات المؤهلات علمياً وعملياً لإدارة البلاد. وما أكثر اللبنانيات بمكاتب ودواوين إمارة قطر فهن الآمرات الناهيات بكل من مكتب الديوان الأميرى ومكتب الشيخة موزة. كما استعاضت عن الاهتمام بقضايا المرأة القطرية التى تعانى من القيود الاجتماعية المجحفة بالاهتمام بالحفلات والاحتفالات. كما كنّ يعتقدن بأن «موزة» سوف تعمل على تطوير صورة المرأة القطرية وتقديمها بشكل يلائم طموحاتها ويعبر عن آمالها فجعلت همّها الأول والأخير التشبّه بالملكة رانيا، زوجة ملك الأردن ولتبدو صغيرة استعاضت عن كل ذلك بمصممى الأزياء وبصالونات ومعاهد التجميل الفرنسية والأمريكية لصبغ الشعر وشد البشرة.
باتت الشيخة موزة الشريك الأكبر، إن لم نقُل الحاكم الفعلى لقطر، بمساندة مباشرة من عائلة المسند، جاءت بهم إلى أعلى مراكز السلطة والقرار عبر أجهزة الأمن، ف «محمد المسند» الذى جىء به كنائب مدير جهاز أمن الدولة أصبح الآن مدير الجهاز، و»خالد المسند» كان يشغل منصب المنسق العام بين الديوان الأميرى والأجهزة الأمنية، فلا يمر تقرير للأمير إلا عن طريقه. يقوم بغربلة التقارير ولا يسمح بمرور إلا التقارير التى تخدم العائلة، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن ?حمد? متزوج من ثلاث نساء وكثيراً ما ترد إليه تقارير عن وضع أبنائه الآخرين فيقع عرضٌ ما قد يدينهم، أما ما قد يزيد فى إشعاع صورتهم على حساب أبناء «موزة» فإن مصير هذه التقارير الإهمال.
أما شقيقها «على» فهو أكبر مقاول فى قطر الآن، وهو يدير أعمالها العقارية التى تجعلها من أكبر مُلاك العقارات، لا فى قطر فحسب بل فى كامل منطقة الخليج العربى.
تشتغل عائلة موزة فى المقاولات والعقارات والتجارة والتكنولوجيا والخدمات البحرية والجوية والإدارية والقانونية والاستشارية، وذلك عن طريق شركة «المستثمرون القطريون» التى يديرها «عبدالله بن ناصر المسند». فمعظم مفاصل الاقتصاد القطرى تحت سلطتها. انفردت بذلك مثلما انفردت بتونس عصابة النصب والاحتيال المسماة ب»الطرابلسى» و»الماطرى».
فبالإضافة إلى أنه رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذى ل «شركة المسند القابضة» يرأس أو ينوب عبدالله بن ناصر المسند مجموعة أخرى من الشركات، فهو عضو مجلس الإدارة ل«هيئة سوق المال القطرية»، وعضو مجلس الإدارة ل «رابطة رجال الأعمال القطريين»، ورئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذى ل «شركة الخليج القابضة» ونائب رئيس مجلس الإدارة ل «بنك الخليج التجارى»، ونائب رئيس مجلس إدارة شركة معلوماتية، ونائب رئيس مجلس إدارة «فودافون».
تتمتع الشيخة موزة بصفات عديدة تؤهلها لمنافسة أو صد حمد بن جاسم بن جبر، الذى بدوره يسعى إلى الاستحواذ على السلطة عبر تكوين شبكة من العلاقات النافذة فى دائرة مغلقة للانقضاض على السلطة فى اللحظة المناسبة. فهو يرى أن حمد بن خليفة غير كفء لإدارة البلاد كما أن أبناءه لا يمتلكون الكاريزما والتكوين اللازمين، إضافة إلى أن وجود امرأة فى السلطة فى الخليج العربى يلقى معارضة كبيرة، خاصة من جانب السلفيين والمتشددين.
وإن كان حمد بن جاسم وموزة الحاكمين الفعليين لقطر، وأن ما يجمعهما هو الطابع العصرى والتحررى بعيداً عن قيود المجتمع القبلى. فإن «موزة» باتت منافساً لحمد بن جاسم فى مجال الأعمال وهى تتحرك لتصبح أغنى امرأة فى الخليج العربى كله.
تبقى حظوظ «موزة» وافرة فى الاستحواذ على السلطة فى قطر، فهى كذلك تتمتع بدائرة نفوذ كبيرة لدى الأمريكان والإنجليز.
وإن اكتفى حمد بن جاسم بنسج علاقات مصلحية مع شركات السلاح وغيرها، فإن «موزة» مهتمة جداً بنسج علاقات قوية مع منظمات المجتمع المدنى الدولى التى تعنى بشئون الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية، كما أنها تحيط نفسها بحلقة من نساء الأعمال القطريات، بالإضافة إلى حوافز ذاتية بحكم أنها زوجة الأمير المدللة التى لا يرد لها طلب وطغت على زوجات «حمد» الأخريات اللاتى لا يقع ذكرهن مطلقاً، كما أن «موزة» هى التى فرضت ابنها تميم ولياً للعهد على حساب ابنى الأمير من زوجته الأولى «مريم بنت محمد آل ثانى»، إضافة إلى توظيف أبنائها الإناث والذكور فى مفاصل الدولة، كالقوات المسلحة والديوان الأميرى.. هذا دون أن نغفل عن كونها ابنة «المسند» إحدى العائلات الأساسية فى هذه المشيخة، شريكة السلطة والثروة والصفقات.
حمد بن جاسم الوجه البراجماتى
لم تكن الشيخة موزة لتستطيع لوحدها أن تخطط وتدبر وتنفذ فلم تجد بداً من اختيار شخص يتمتع بالحنكة والقوة الكافيتين للقيام بهذه المهمة، فكان أن وجدت ذات الصفات فى ذات الشخص فى نفس العائلة، وهو الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى، رئيس الوزراء، وزير الخارجية آنذاك.
ولد حمد سنة 1959 فى قطر ودرس فى لبنان، ولإتقان اللغة الإنجليزية ذهبت إلى بريطانيا، بدأ مسيرته المهنية فى الحكومة موظفاً إدارياً عند عمه.
ل «حمد بن جاسم 9 أبناء من زوجته الأولى الشيخة جواهر بنت فهد بن محمد آل ثانى» و5 أبناء من زوجته الثانية الشيخة «نور بنت عبدالعزيز بن عبدالله بن تركى السبيعى» وزير تربية وتعليم سابق وأحد وجهاء قطر.
المتأمل فى سيرة حمد بن جاسم الذاتية وتدرجه فى السلطة يلحظ أنه كان بعيداً كل البعد عن العمل السياسى إلى سنة 1992 رغم أنه خال أمير قطر الحالى، وقد وجد فيه حليفاً استراتيجياً بعد انقلابه على والده سنة 1995.
بدأ حياته فى الدولة سنة 1982 كإدارى حيث كان يشعل مدير مكتب وزير الشئون البلدية والزراعة، وحتى بالنظر إلى تدرجه بشكل عام يُلحظ أن جل الوظائف التى قام بها كانت تكنوقراطية، الشىء الذى سيساعد ?حمد? على تكوين علاقات جيدة مع الجميع بعيداً عن الحسابات أو الانتماءات السياسية الضيقة.
يمتلك «حمد» عقارات بداخل قطر وخارجها. فى قطر، تمتد ممتلكاته من فندق فورسيزنز الفاخر إلى الخطوط القطرية السريعة النمو. كما يرأس مجالس إدارات شركات ومؤسسات ضخمة ك «هيئة الاستثمار الخارجى» و«شركة الديار القطرية للاستثمار العقارى»، وقد خلقت له ثروته الواسعة الكثير من الانتقادات. فقد كشفت صحيفة «التايمز» اللندنية عن أنه أنفق 100 مليون جنيه إسترلينى على شراء شقة هى الأغلى من نوعها فى لندن تطل على حديقة الهايد بارك، مجهزة بجدران ونوافذ مقاومة للرصاص، كما أن المبنى مزود بممر تحت الأرض متصل بفندق ?الماندرين أورينتال? القريب، حيث تم تخصيص 36 موظفاً من موظفيه لخدمة المقيمين فى الشقق الفاخرة.
يجمع حمد بن جاسم بين الدهاء السياسى والنفوذ الاقتصادى، وهو، وفق أحد المسئولين الكبار فى الدولة، المالك الاقتصادى لقطر.
يصفه الصحفى الكويتى «فؤاد الهاشم» بأنه مدمن على حيل السياسة متناقض فى السلوك.. يزور إسرائيل فى يوم، و«نصر الله» فى يوم آخر، ويلتقى «ليفنى» ويستقبل أعضاء «حماس». كما يضيف الهاشم: «بن جاسم يرى السعودية والكويت والإمارات ولايات تابعة لقطر».
فى بعض دول الخليج لا تبدو الخطوط واضحة بين ثروة الدولة وثروات العائلة الحاكمة، فالشيخ حمد يرأس ويدير الاستراتيجية الاستثمارية ل «هيئة الاستثمار القطرية»، لكنه كثيراً ما يستثمر أمواله الخاصة فى صفقات الهيئة نفسها، فمثلاً صفقة الاستثمار فى بنك ?باركليز? ثانى أكبر بنوك بريطانيا ضمت أيضاً جزءاً من أمواله الخاصة.
يسعى حمد بن جاسم إلى ضم الوزراء الفاسدين الهاربين من بلدانهم الذين استنجد بخبرتهم فى سرقة المال العام والتربح من مناصبهم، توّجها بانضمام وزير الصناعة والتجارة المصرى الهارب «رشيد محمد رشيد» إلى قائمة مستشاريه، للوزير المستشار علاقة وطيدة بالأسرة الحاكمة هناك، نظراً للشراكة التى جمعتهما فى عدة مشروعات استثمارية قبل أن يصبح وزيراً فى حكومة «أحمد نظيف» المخلوعة. عرف حمد بن جاسم بإدارة الصفقات المشبوهة، فكان أن تورط فى صفقات أسلحة عن طريق إحدى الشركات التى تدير ثلاثة من حساباته بجزيرة «جيرسى» وهى من جزر الأوفشر، حيث تلقت الحسابات الثلاثة ما يزيد على 200 مليون جنيه إسترلينى على هيئة رشاوى شركات أسلحة مقابل عقود سخية من قطر كمشتريات طائرة «هاوك» المقاتلة البريطانية.
أمام المحكمة ذكر حمد بن جاسم أن أمير قطر كان على علم بالعمولات، وأن الأمر لم يتعارض مع موقعه كوزير خارجية، لأنه كان يدير تجارة خاصة به كرد على اعتبار المدعى العام «ويليام بيلهاشى» تآمرَ شركة Standrd Chartred Grindlays Trust Corportion Limited «جيرسى» التى تشرف على ثلاثة حسابات، نيابة عن الشيخ حمد لتضليل المحكمة بإخفاء معلومات هامة عنها.
لقد سبّب اعتراف حمد بن جاسم إحراجاً كبيراً للعائلة الحاكمة، لأنه كشف بكل صفقاته ما يدور داخل العائلة الحاكمة الغارقة فى الصفقات المشبوهة والرشاوى المتعددة الجنسيات.
حاول «حمد» ممارسة ضغوط خارجية من أجل منع نشر وثائق تتعلق بهذه القضية إلا أنه خسرها، فى حين مورست ضغوط داخل قطر من أجل عدم تناول الإعلام لهذه القضية التى يعتقد أنه تورط فيها أكثر من طرف من العائلة الحاكمة بقطر، ولإيقاف التتبعات قام حمد بن جاسم بدفع قرابة 6 ملايين دولار لخزينة جزيرة «جيرسى» تعويضاً للضرر نظير «الغش والتلاعب بالنظام المالى الصارم فى البلاد».
يُجمع العديد من الملمين بالشأن القطرى الداخلى على أن حمد بن جاسم هو الرجل القوى الذى يملك مفاتيح عديدة، وهو الذى يخيف أمير البلاد لسطوته ونفوذه المالى، ف?حمد? استفرد بوزارة الشئون الخارجية، وهو الذى يرسم السياسة الخارجية للبلاد، وهو الذى يربط العلاقات ويوطدها فى تناسق مع مصالح إمبراطوريته المالية.
فى المحاولة الانقلابية سنة 2009، ألقى القبض على ثلاثين من الضباط السامين فى الجيش القطرى، الذى لا يتجاوز عدده 11 ألف جندى، كما وضع العديد من أفراد العائلة الحاكمة تحت الإقامة الجبرية، لكن العقل المدبر لهذه المحاولة، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى، لم يكن فى حاجة إلى تقديم استقالته، فالأمير عفا عنه دون مرسوم، بعد أن تأكد له الموقع الاستراتيجى والحساس الذى يشغله المتمرد، الذى قويت إمبراطوريته المالية والسياسية، فالعديد من المؤسسات القطرية تأتمر بأوامر مباشرة من حمد بن جاسم الملم بأسرار الملفات الاقتصادية وتورطه اقتصادياً ومالياً فى أسهم العديد من المشاريع والمؤسسات الاقتصادية، والتى جعلت منه أحد الأثرياء النافذين فى البلد، هذه الأسباب وغيرها هى التى حالت دون الإلقاء به فى السجن مثل بقية أكباش الفداء.
الشيخ حمد وقاعدة عدم تناسب الأحجام
قطر دولة الغاز والإعلام، ساهم تدخلها السافر فى قلب خارطة الوطن العربى، والعمل على إعادة بعث نظام عربى جديد منقسم ومجزأ تحت تَعلّة إزاحة الديكتاتوريات ونشر الديمقراطية.
ليست هناك ثورات بالمنطقة العربية، بل هناك انقلابات وقع التخطيط لها منذ سنوات، أى منذ أن وقع إنشاء محطة ?الجزيرة?، مثّل ذلك انحرافاً خطيراً. لتفهّم أسباب العدوان القطرى على الأمن العربى علينا أن نعود إلى بعض الأسباب الدافعة لذلك:
أولاً، الناحية الجغرافية، توجد دولة قطر فى أخطر بؤرة فى العالم، فهى سط بركان لم يهدأ منذ قرون ويمثل أطماع القوى العظمى. وحّدا بين قطبين كبيرين بدآ فى التشكل: القطب الأمريكى الأوروبى من جهة. والقطب الروسى الصينى الإيرانى من جهة أخرى. فالموقع الاستراتيجى للخليج والمشرق العربى بالإضافة إلى ثرواته الطبيعية مثل عبر التاريخ نقطة صراع دموى، بحكم أنه مهبط الأديان وسيمثل نقطة اللاأمن واللاسلم، بحكم أنه نقطة تجاذب لجميع القوى العظمى، يمر بفترات خمود ثم يعاود الاشتعال من جديد، فأينما ثمة ثروات طبيعية أو مشروعية أيديولوجية ثمة نار وثمة حرب.
ثانياً، يتميز النظام القطرى بكونه نظاماً انقلابياً، لم تكن قطر تمثل نظاماً يقوم على التواصل والأمن بل بنى على أسس خاطئة قوامها الغدر والإقصاء. فالثابت أن هناك خلافاً منذ تأسيس دولة قطر حول شرعية الدولة وشرعية من يحكم ومن لا يحكم.
ثالثاً، صغر حجم قطر جغرافياً وسكانياً ومجاورتها لبلد قوى كالمملكة العربية السعودية يجعلها تبحث عن الأمان بالاتجاه نحو الخارج، وذلك بعقد تحالفات عسكرية ومالية وإعلامية من أجل تثبيت الحكم والحاكم. لقد سرّعت جميع هذه الظروف إلى البحث فى استراتيجية شاملة تحمى النظام القطرى من أى تحرش خارجى، وتثبت حكمه وتحوّله من نظام محصّن إلى نظام مهاجِم.
لتنفيذ هذه الاستراتيجية عمد، النظام القطرى منذ تولى الأمير الحالى ?حمد?، إلى إعادة ترتيب البيت من جديد، عبر البحث عن بدائل تضمن حكمه وتخدم من سيساعده على ضمان حكمه.
تتطلب هذه الاستراتيجية توافر قوة المال والسلاح والإعلام والأمن، وقد اجتمعت فى ظرف واحد وخلال حكم أمير واحد، وتتمثل فى:
1 - من الناحية المالية قطر تعوم على ثروات غازية تكفى لمدة 250 سنة من الإنتاج، وتجعل من قطر أكثر الدول دخلاً فى العالم.
«حمد بن جاسم» خليط من الدهاء السياسى والنفوذ الاقتصادى ويستعين بخبرات وزراء فاسدين فى سرقة المال العام
2 - أما من ناحية السلاح والحماية، فإن قطر عقدت حلفاً مع الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بمنحهم بناء قاعدتى السلية والعيديد العسكريتين. مهمة الأمريكان لا تقتصر على تخزين السلاح بالقاعدة إنما تتعدى إلى الدفاع عن قطر من كل عدوان داخلى أو خارجى.
3 - أما من ناحية الإعلام، وهذا السلاح الأخطر الذى تمتلكه قطر، فتمثل فى تأسيس قناة «الجزيرة» سنة 1996، أى بعد سنة واحدة من استيلاء الأمير «حمد» على السلطة.
4 - فى حين على الجانب الأمنى فقد عقدت قطر تحالفات مع حركة القاعدة وذلك بتمويلها وتوفير الأمان لقيادييها وبث أشرطتها الإرهابية على قناتها وهذا ما سنبينه لاحقاً.
إن ما يحدث اليوم من تحولات مأساوية بأجزاء محددة من العالم العربى وقع الاشتغال عليه منذ تسلم الأمير حمد الحكم. فهو يؤمن بنظرية الاستباق وافتعال الأزمات بالخارج حتى يحمى الداخل. والمتأمل فيما يجرى بالمنطقة العربية سيعرف أن كل ما يحدث كان مخططاً له سلفاً. فكيف يمكن أن تحدث ثورة فى نفس التوقيت بنفس الشعارات يقوم بها تيار سياسى أو اجتماعى معين ويقطفها تيار آخر؟ نفس السيناريو يعاد بنفس الأبعاد ليحقق نفس النتائج فى دول محددة ذات نفس النظام السياسى.
فهل هذه ثورات؟ وهل أتت بالديمقراطية التى ننشد؟ وهل حققت أهداف مَن قام بها من البسطاء؟
لا شك أن ما يحدث ليس اعتباطياً ولا يمت للثورات بصلة، فالثورات يقوم بها زعماء، قام بها البسطاء من الشعب وأنتجت خليطاً من الذين كانوا يعيشون على الهامش فوجدوا أنفسهم فى السلطة يمارسونها بعقول متحجرة خالية من كل تجربة سياسية وتتسم بالشعبوية والسطحية، وهذا ما رأيناه فى تونس وفى مصر.
موزة
ما يحدث انقلابات خطّط لها النظام القطرى بقوة المال وآلة الإعلام، وأن كان يحق لقطر، هذه الجزيرة الصغيرة القابعة فى أقصى الخليج العربى، أن تنشد التنمية، وأن تحاول تقديم نفسها على أساس أنها دولة ذات مشروع استراتيجى تنموى، فإنه لا يجوز لها أن تعبث بالأمن القومى العربى، وبإثارة النعرات وإيقاظ الفتن وسفك الدماء، خدمة لأجندات خارجية.
عن «الوطن»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.