كم كان طول آدم عليه السلام ؟ و كم عاش من العمر؟ و كيف رأى حواء في المنام ،قبل أن تنبثق من ضلعه الأيسر ؟ و في أية بقعة من الأرض نزل أبو البشر بعد طرده من الجنة؟ و في أي مكان نزلتْ حواء؟ و كيف عاشا بعيدين عن بعضهما طوال خمسة قرون؟ و كيف كان جبريل يهتم بآدم خلال حياته الأرضية و يحلق شعره و يقص أظفاره؟ أسئلة كثيرة يجيب عليها (المؤرخ ) الشيخ أبو البركات بن إياس الحنفي ، في كتابه الفريد ( بدائع الزهور في وقائع الدهور) . و هو كتاب يروي تاريخ الخليقة من منظور عجائبي ،و يحكي قصص الأقدمين من أنبياء و ملوك و جبابرة و طغاة ، في إطار من الإبداع الخلاق . في هذه الحلقات التي نقدمها للقراء ، سوف نكتشف من هو أول الكتّاب في تاريخ البشرية و من هو أول الخياطين و أول المنجمين ، و نطلع على قصة عوج بن عنق ، الذي كان طول قامته ستمائة ذراع (بالذراع القديم ) و الذي كان يشوي السمك في عين الشمس ، إلى غير ذلك من الحكايات العجائبية التي كتبها الشيخ أبو البركات بن إياس في عصر المماليك ... تَمتَعوا ثلاثةَ أيام عُقرتْ ناقةُ صالح يوم الأربعاء ثامن صَفر . و لما شاع الخبرُ، جاء القومُ و صاروا يَقطعون من لحمها ، فلم يَبْقَ بيت إلا و دخله ذلك اللحم. و كان نبي الله صالح غائبا ، فلما عاد و أخبروه بعَقْر الناقة قال لهم : « انطلقوا لعلكم تُدركون فصيلَها فيُرفع عنكم العذاب .» فخرجوا في طلب الفصيل ، فوجدوه اختفى في الصخرة التي خرجَ منها ، فقال صالح :» لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .» ثم إنه خاطب القومَ قائلاً : - تمتعوا في دياركم ثلاثة أيام، و بعد ذلك سيأتيكم العذاب . و علامةُ ذلك العذاب أن وجوهكم تحمرّ في اليوم الأول ثم تصْفرّ في اليوم التالي ثم تسودّ في اليوم الثالث . فلما رأوا تلك العلامات في وجوههم، هَمّوا بقتل صالح فهربَ منهم ، و التجأ إلى بيتِ كبير القوم ، فجاؤوا يطلبونه عنده، فقال لهم : - لن أسلمه إليكم لأنني أعطيته الأمان . صيحة من السماء أوحى الله تعالى إلى النبي صالح بأن يهاجر إلى أرض فلسطين ، مع أتباعه من المؤمنين. أما قوم ثمود فإنهم لما انقضت الأيام الثلاثة لبسوا أكفانَهم و تحنطوا بحنوط الموت و قعدوا ينتظرون ما سوف يحلّ بهم من العذاب. فلما كان يوم الأحد ، تاسع عشر من شهر صَفر، أتتهم صيحة عظيمة من السماء ، فسقطتْ قلوبهم من صدورهم و ماتوا في الحين . أما نبي الله صالح فقد توجه من فلسطين إلى مكة ، و صار يبكي على الناقة ليلا و نهارا ، فأتى إليه جبريل و بشره بأن الله تعالى يبعث تلك الناقة يوم القيامة ، و يكون هو - أي النبي صالح - راكبا عليها . فعندئذ طابت نفسه و بقي مقيما بمكة إلى أن مات ، صلوات الله و سلامه عليه . و كان له من العمر نحو مائة و ثمانين سنة. أصحاب البئر المعطلة يتحولون إلى حجارة أصحاب البئر المعطلة هم بقية من قوم ثمود . و هم كذلك أصحاب القصر المشيد. و قد كانوا يعبدون الأصنام بأرض عدن، فبعث الله لهم نبياً ، فاستمرّ يَدعوهم إلى التوحيد . فلما ضاقوا به ذرعاً قتَلوه و طرحوه في البئر. و عند ذلك جفّ ماءُ البئر و عانى القوم من العطش ، و هلكت البهائم ، فلذلك سمّاهم الله تعالى « أصحاب البئر المعطلة .» و هم يُسَمون كذلك أصحاب الرّسّ، و الرّسّ هي البئر. و كان هؤلاء العُصاة يأتون النساءَ في أدبارهنّ . فلما اشتد كفرُهم و طغيانهم ، صاح عليهم جبريل صيحة عظيمة، فصاروا حجارة سوداء. و لما طاف ذو القرنين بتلك البلاد و دخلَ مدينةَ الرسّ ، رأى ملكَها و أهلها قد تحولوا كلهم إلى حجارة سوداء. العنقاء تحترق في أعلى الجبل- كان بمدينة الرس جبل عال ، يقال له جبل الفلج . و كانت تأوي إليه العنقاء بنت الريح . و العنقاء هذه عظيمة الخلقة، لها أربعة أجنحة و ريشها ملون و عنقها مثل عنق البعير. و كانت تحجب الشمسَ حين تطير، و ترفع الفرس الميت أو الجمل أو الفيل ، ثم تطير به إلى الجبل الذي تأوي إليه . فلما تزايد منها الأذى و صارت تخطف الأطفال الصغار ، و تحملهم إلى الجبل ، شكا أهل المدينة إلى نبيهم فدعا على العنقاء و قال : « اللهم اقطعها و اقطع نسلها « فاحترقتْ و احترق فراخُها و لم يعد لها وجود. هذا ما كان من قصة هؤلاء القوم . و ننتقل الآن إلى قصة عدو الله النمروذ . قصة النمروذ بن كنعان هو النمروذ بن كنعان بن كوش بن حام بن نوح.و يُروى أنه لما وُلد النمروذ، استاءَ منه أبوه كنعان فقال لزوجته : « لقد ولدتِ ولداً مشؤوماً فاقتليه أو اطرحيه في الفلاة ليموت. « فلما سمعت الأم كلامَ زوجها ، حملت طفلَها و وضعَتْه في الفلاة ، بين أبقار ترعى فنفرتْ منه الأبقار و فرتْ منه الوحوش. و عادت إليه أمه بعد ذلك فوجدتْه حياً فحملته و رمتْه في النهرو انصرفت و هي تحسب أنه سيموت غرقاً ، لكنه خرجَ من الماء سالماً . ثم سخر له الله نمرةً تُرضعه إلى أنْ رآه أهل القرية فحملوه إلى ديارهم و رَبَّوْه ، و لذلك صار يُسمى النمروذ.و لما شبّ النمروذ ، صار يقطع الطريق فاجتمع إليه خلق كثير . و بلغ خبرُه إلى الملك كنعان فجمع الجيوش و سار لمحاربته و هو لا يدري أنه ابنه. و وقع القتال بينهما فانهزمتْ جيوش الملك كنعان ثم قتل النمروذُ الملك و هو لا يدري أنه أبوه. بعد ذلك صارت المملكة بيد النمروذ، و صار يغزو ملوكَ الأرض و يظفر بهم ، حتى ملكَ مشارقَ الأرض و مغاربَها.