{ كيف استقبلت قرار عودتك بعد 30 يونيو إلى مركز إعداد القادة، ومن قبلها قرار إقالتك الصادر فى 27 يوينو من جانب وزير الاستثمار الإخوانى يحيى حامد؟ وهل كان فى حقيقته إقالة أم قراراً بإنهاء ندبك؟ الحقيقة أننى لم أترك المركز فعلياً حتى أعود إليه، لكن ما حدث كان إقالة، لأنى كنت منتدباً وكيل أول وزارة ومديراً لمركز إعداد القادة، ولم أثبت على هذه الوظيفة، وهذه من المساخر التى حدثت واستمرت، وكان معنى إنهاء انتدابى، إقالتى، وكان الوزير وقتها يريد نقلى إلى ديوان الوزارة، بهدف إبعادى عن المركز، ولم أتصوّر أن يصل الحمق بهم إلى هذه الدرجة، خصوصاً أن القرار يسىء إليهم. { كيف كان موقف العاملين من قرار إقالتك؟ العاملون أعلنوا الاعتصام بمجرد صدور القرار، ومن ذهب إلى بيته منهم عاد إلى المركز، وأبنائى وإخوتى العاملون قالوا إنهم لن يسمحوا للبديل أياً كان بأن يحل محلى، وهذا كان مساء يوم الخميس 27 يونيو، وكان إخطار إقالتى عبارة عن فاكس، والفاكس فى العُرف الحكومى غير مُعترف بيه كمستند، ولا بد من خطاب رسمى أوقّع عليه بالاستلام، ويأتى مدير آخر معه قرار رسمى، وأسلمه ويتسلم منى، والغريب أنه صباح الأحد 30 يونيو، وجد الأستاذ يحيى حامد، عنده الوقت لأن يتقدّم ببلاغ سرى ضدى إلى النائب العام الملاكى وقتها، يتهمنى فيه بتشويه مناخ الاستثمار، لأن فى بعض مداخلاتى يوم الإقالة قلت إنه بلا خبرة فى هذا المجال، اللهم إلا الاستثمار فى كروت الشحن، والنائب الملاكى أحال البلاغ إلى نيابة أمن الدولة العليا، وأنا لا أعلم، وحدث الزلزال عندما ذهب يحيى حامد إلى ميدان رابعة من مساء اليوم نفسه، وبقيت أنا، إلى أن جاء الوزير القديم الجديد، أسامة صالح وكان وزير الاستثمار قبل يحيى حامد، وأرسلت إليه مذكرة أطلب فيها سحب قرار إنهاء ندبى، وهو ما حدث بالفعل، واحتفل الناس بالقرار معى. { هل تعتقد أن قرار إقالتك جاء بأوامر إخوانية مباشرة من مكتب الإرشاد؟ لا أريد أن أقول إن القرار جاء بأوامر إخوانية، لأن كثيرين من الإخوان فوجئوا به، لكنهم فى نفس الوقت مسئولون عن تعيين هذا الوزير الإخوانى عديم الخبرة الذى أصدر هذا القرار، وقد يكون الوزير أصدر القرار بشكل طائش دون أن يستشير أحداً، أو استشار أحداً فى »الإرشاد«، لكن ليس بالضرورة أن يكون استشار الجميع، لأن الدكتور محمد البلتاجى اتصل بى قبل صدور القرار بيوم واحد، وكان بينى وبينه ود، وقال لى إن هناك مجموعة من شباب الإخوان يريدون عقد اجتماع فى القاعة الكبرى يوم الخميس، فقلت له لا توجد مشكلة، ولكن عليهم أن يدفعوا قيمة تأجير القاعة، وأضفت مازحاً، لن أستطيع تخفيض مليم واحد، وإلا حمدين يزعل، ويقول إنى باجاملك أكتر منه، وعقدت جبهة 30 يونيو بقيادة شباب »تمرد« مؤتمراً فى اليوم التالى، وكان شباب جماعة الإخوان فى نفس القاعة يوم الخميس، وبعدما انتهى اجتماع الإخوان بحوالى نصف الساعة، أُخطرت من قِبل أحد المستشارين فى مكتب يحيى حامد، وكان مُحرجاً جداً، بأنه صدر قرار بإنهاء انتدابى، وأرسل إلىّ القرار على الفاكس، والخبر تسرّب إلى الإعلام، وما أدهشنى أن ليلتها كان الخطاب »الماراثونى« ل»مرسى« الذى استمر من مساء الأربعاء حتى الساعات الأولى من صباح الخميس، وكان أهم قرار أعلنه أنه قرّر تكليف الوزراء والمحافظين بإقالة المسئولين عن أزمات البنزين والسولار، خلال فترة أقصاها أسبوع، ليكون القرار الوحيد بالإقالة الذى اتُخذ بعد الخطاب هو إقالة يحيى حسين الذى لا علاقة له بالبنزين ولا السولار، ولا يوجد عاقل يمكن أن يتهمه بأنه فلول أو فاسد، وبالتالى جاء القرار أحمق فى توقيته، وأعطى مادة لمعارضى «مرسى». { كيف تحوّل مركز إعداد القادة إلى قبلة للمعارضة بعد ثورة 25 يناير، وتحديداً خلال فترة حكم الإخوان؟ عندما توليت هذه المؤسسة منذ عامين تقريباً، قلت للعاملين: الظروف سيئة جداً فى البلد، وعلينا أن نعمل ونبتكر، فنشاط المؤسسة الرئيسى هو التدريب، والاستشارات الإدارية، حدث فيه انهيار عقب الثورة، وأثّر هذا بالتالى على الإيرادات، وإيراداتنا هى إيرادات للدولة، لكن الدولة تسمح لنا أحياناً بجزء من هذه الإيرادات للصيانة، وكلما زادت إيراداتنا للدولة كلما زادت الحصة التى نستطيع استقطاعها، ووضعنا خطة لزيادة الإيرادات، وقلت نريد أن تتجه الأنظار إلى مركزنا، لأنه بعد إنشاء هذا المركز منذ 20 سنة، وكان المركز الأول من نوعه، تم إنشاء حوالى 20 مركزاً حكومياً بنفس الاسم، وفى إطار هذه الخطة قلت: ما المانع أن يكون لدينا أنشطة ثقافية، واخترعنا »الصالون الثقافى« للمركز، قبل سنتين، وبدأ باستضافة صالون الروائى علاء الأسوانى، وهذا الصالون، وإن كان لا يُدر دخلاً، إلا أنه يدر دخلاً غير مباشر، حيث بدأ المركز يشتهر، والإعلام يُغطى أنشطته، وفى الأنشطة الثقافية أصبحنا نكرّم شخصيات من قوى مصر الناعمة، الأحياء والراحلين، مثل صلاح جاهين ومحمد غنيم وأحمد فؤاد نجم. وبدأنا نخصّص مكاناً للفنانين التشكيليين لعرض رسومهم. وهكذا بدأ الناس ينظرون إلى القاعة الكبرى فى المركز، التى لم تكن تُستغل غير مرتين فى العام، وبدأت تدر إيراداً، لأن الجمهور الذى بدأ يتردّد على الصالون الثقافى، بدأ يسأل حول إمكانية استخدامها بمقابل لجمعيات المجتمع المدنى، وحقوق الإنسان وغيرها، وبالتدريج أصبحت هذه القاعة »موضة«، وبعد تولى محمد مرسى الرئاسة بشهر حدثت واقعة تمس حرية التعبير، حيث فوجئت بصديقى جمال فهمى، وكيل نقابة الصحفيين، يطلبنى ويسأل عن قاعة صغيرة لعقد لقاء اجتماعى، وذكر لى أسماء رؤساء تحرير سيحضرون اللقاء، ومن بينهم الأستاذ جلال عارف نقيب الصحفيين الأسبق، وأول ما قال لى اسمه، فهمت، وقلت أهلاً بكم فى أى وقت، ولكنى قلت لا بد أن يكون هناك مقابل، لأننا مؤسسة حكومية، ورصدنا مقابلاً بسيطاً، وكانوا شكلوا لجنة الدفاع عن حرية الرأى والتعبير، واجتمعوا بالمركز أكثر من مرة، ولما تشكّلت جبهة الإنقاذ الوطنى، استأذنونى فى عقد مؤتمرات صحفية بالمركز، وهكذا. فى البداية كان البعض يقول: أنت تفتح باب المركز للمعارضين، ونحن نخاف عليك، ولكن كان فهمى أن هذه مؤسسة حكومية بمعنى أنها ملك للدولة، وليست للسلطة، ومعنى أنها ملك للدولة، أن الدكتور مرسى له حق فيها مساوٍ بالضبط تماماً لحق الدكتور محمد البرادعى، وهكذا، الأمر بسيط، والمفروض أن ذلك يكون فى أى مؤسسة حكومية، سواء جرائد حكومية أو تليفزيون الدولة أو غيرها، وبعد ذلك كان بعض الإخوان يؤجّرون القاعة الكبرى لعقد مؤتمرات صحفية، أو لقاءات تنظيمية، والأخوات كن يعقدن اجتماعات هنا أيضاً، ولكن الكثرة كانت للمعارضة. { لماذا كانت اجتماعات ومؤتمرات المعارضة هى الغالبة على المركز؟ هم لم يكونوا يفضّلون هنا لأسباب مادية، ولكن لأنه كان هناك تضييق عليهم فى الأماكن الأخرى، وعلى رأسها الفنادق، وطبعاً كان شيئاً مؤسفاً أن يتكرر ما كان يحدث معنا قبل 25 يناير، نحن والإخوان، فقلت يجب ألا يحدث ذلك، ووضعت تسعيرة موحّدة مخفّضة لاستضافة كل القوى الوطنية. { ما مصدر القوة الذى كنت تستند إليها فى استضافتك لاجتماعات ومؤتمرات المعارضة؟ كنت أراهن على أن الحياء السياسى يمنع المساس بى أنا شخصياً وبالمؤسسة، وكنت أراهن على أن الحجة واضحة، وأننى لا أخطئ، وأن هذه المؤسسة حققت نجاحاً إدارياً يجب أن أكافأ عليه لا أن أعاقب. مضايقات إخوانية بعد أحداث »الاتحادية« { متى بدأت أشكال التضييق عليكم؟ بدأ التضييق علينا منذ أحداث الاتحادية، فبعد اليوم الذى هاجم فيه الإخوان المعتصمين هناك، فوجئت بمكتب الدكتور محمد البرادعى يطلب حجز القاعة الكبرى لعقد مؤتمر صحفى لجبهة الإنقاذ، وبالتزامن مع المؤتمر حدث الانقضاض على المعتصمين، ومساء نفس اليوم خرج رئيس ديوان رئيس الجمهورية فى مداخلة مع إحدى الفضائيات، وقال للمذيع، إن ما يحدث مؤامرة، وهذا ليس استنتاجاً، وإنما واقع وخبر، وقال إن مركز إعداد القادة يعقد اجتماعات للفلول ويجمعون نقوداً لشراء أسلحة للبلطجية للهجوم على الاتحادية، وانزعجت جداً يومها، وبدأت أبحث عن أصل الموضوع، ووجدت أنها حملات إلكترونية عن أن حمدين والبرادعى »فلول« يعقدون اجتماعات، وهكذا تطور الكلام، لكن لم يكن يصح لرئيس ديوان رئيس الجمهورية أن يتخذ من هذه التفاهات والفضائح الإلكترونية مصدراً لما يسميه معلومات ثم يردد هذا على شاشات التليفزيون. { ألم تحدث ضغوط مباشرة، بمعنى أن يتصل بك أحد ليطلب منك عدم استضافة مؤتمر للمعارضة؟ لم يحدث، لأنى لست مديراً حكومياً نمطياً يأخذ تعليمات، وأى حد يعرفنى سيعرف ردى، وأنه سيكون قاسياً، ولكن أنا كنت أعتمد على ما كنت أعتقد أنه حياء سياسى لديهم. ولا أحد عاقلاً سياسياً يمكن أن يقول لى: لا تستضف المعارضين، لأننى أستضيف المؤيدين أيضاً، وكنت أحاول أن أدير المركز بعدالة، فالمركز مثلاً كان مشتركاً فى جريدة الحرية والعدالة فى نفس الوقت الذى كان مشتركاً فيه فى صحيفة الوفد، لكنهم لم يفهموا ذلك، وضاق صدر البعض فى تنظيم الإخوان بإتاحة المكان للرأى المخالف، وإذا ضاقت صدورنا بالرأى المخالف فإننا نتحول إلى نسخة من النظام الذى ثرنا عليه، وكان مؤشر ذلك أنه بدأت تقل الفعاليات الإخوانية لدينا وكثرت الفعاليات المعارضة، حتى قبل إقالتى بشهر، ومع ظهور حركة تمرد ومؤتمراتها الصحفية الكبيرة، وقبل إقالتى بحوالى 10 أيام فى ظل وجود وزير الاستثمار يحيى حامد، اتصل بى موظفون من مكتبه أكثر من مرة، بعد فعاليات كان يحضرها البرادعى وحمدين، وكانوا يخبروننى بأن الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء السابق ويحيى حامد وزير الاستثمار السابق مستاءان من استقبال المركز لشخصيات معارضة، وكان ردى: دعهم يحدثونى بشكل مباشر، لأقول لهم إن المركز مؤسسة حكومية يستفيد منه الجميع، بما فيهم البرادعى ومرسى، وهو ملك لمصر وليس ملكاً لأحد، لكنهم ظلوا فى هذه الملاحقات على مدى 10 أيام قبل إقالتى فى 27 يوليو. وكنت فى الأسبوع الأخير قبل إقالتى أتحت المركز لمدير مكتب اللواء عمر سليمان، وأنا لا أعرفه، ووجدت زميلاً عزيزاً من نقابة الصحفيين يقول لى إنه استغاث بى لأنه كان يريد عقد مؤتمر صحفى، وكان حاجز فى أحد فنادق مصر الجديدة، وفى آخر لحظة الفندق »باعه«، وحاول أن يعقد المؤتمر فى فندق آخر لكنه فشل، فقلت له: خليه يتصل بى، فقلت له يا أستاذ حسين، أنت مواطن مصرى، حتى لو أنا مختلف معك، ولكنك من دافعى الضرائب ولك حق فى مركز إعداد القادة مثل أى مواطن آخر. { سمعتك فى خلال إحدى اجتماعات قيادات التيار الشعبى تقول لحمدين صباحى خلى بالك الاجتماع ده «مُذاع«، فهل الاجتماعات هنا كانت مراقبة من قبَل الإخوان أو أجهزة ما؟ كنت أمزح معه، لأن هذا الاجتماع جاء بعد الاجتماع الفضائحى حول سد النهضة برئاسة الجمهورية، ونحن لدينا إمكانيات تسجيل، لكن لا يمكن أن أسجل إلا بعد استئذان، وعندما يكون هنا اجتماع تنظيمى لا يكون هناك تسجيل، ونحن نسجل فى المؤتمرات الصحفية، ولو حد عايز يرجع لحاجة، لكن لما يكون هناك اجتماع تنظيمى، يعنى للأمانة العامة للحرية والعدالة فى الجيزة. { تردد أن المركز كان يسجل اجتماعات المجلس الاستشارى للمجلس العسكرى ثم يرسلها للمجلس العسكرى أو جهات سيادية ما؟ لا، ليس صحيحاً، ولم أسلمها لأحد، وأنا فاجأتهم فى أول يوم، واستأذنت الأستاذ منصور حسن، رئيس المجلس الاستشارى، وقلت له: لدينا إمكانية تسجيل، ما دام هذا مجلس استشارى، وقلت له: بحيث لو طلبت هذه التسجيلات ستكون لك. { فى حوار سابق ل»الوطن« مع أسامة برهان، نقيب الاجتماعيين، الذى شغل منصب أمين المجلس الاستشارى لفترة، قال لى إنه طلب تسجيلات منكم وإنكم رفضتم، وقلتم له إنها ذهبت »الأضابير«؟ أسامة صديق عزيز، والتسجيلات لم تسلم لأحد، حتى لم تسلم للأستاذ منصور حسن، فهؤلاء كانوا يجتمعون ويأخذون راحتهم على أساس أن الاجتماع غير معلن، ومش من اللياقة السياسية والأخلاقية، أن أتيح حاجة مفترض إنها سرية لتكون علنية، وكأى وثيقة لدينا فى الحكومة، بعد مضىّ فترة، غالباً فى الشهر التالى، تُحفظ فعلاً فى الأضابير وهى فى مكان ما حكومى، وتكون مشمعة بالشمع الأحمر، ولا تُفتح إلا بمندوب من الجهاز المركزى للمحاسبات. { أين هذا المكان، هل هو تابع للمخابرات أو الأمن القومى؟ لا، لا.. هو مكان حكومى مدنى، وغير تابع للمخابرات أو ما شابه. { هناك من يشير إلى أن بعضاً من العاملين هنا لهم صلات بالمخابرات أو يعملون فيها. لا أعرف، ولكن نحن جهة مدنية، وموظفو حكومة كبقية الموظفين، وإن كان بعض من الموظفين له أصول عسكرية، مثلى أنا مثلاً، فأنا أصلاً كنت »ضابط مهندس«، ولكن أنا الآن مدنى. { كان مركز إعداد القادة شاهداً على محطات رئيسية من الثورة المصرية منذ 25 يناير حتى الآن، كيف ترى هذه المحطات وبالذات محطة الإخوان؟ أنا أحاول أن أفرق بين الجماعة والمجموعة، الجماعة وهى جماعة الإخوان هى عبارة عن عشرات الآلاف من الأعضاء وأعتقد أن معظمهم انضموا لها فى سنوات حسنى مبارك الرئيس الأسبق على أنها جماعة قيمية ملتزمة بقيم معينة، وأنها جماعة تعرضت لاضطهاد، وبالتالى فأغلبهم أناس فى أصولهم طيبون، ولكن طبعا هناك عيب مشترك بنيوى فيهم جميعا، وهو أن الكل حتى لو اختلفوا مع بعض يرددون نفس الكلام فى العلن حتى لو لم يكونوا مقتنعين به، فى المقابل هناك »المجموعة« التى سيطرت على الجماعة منذ 2009 أى منذ انتخاب مجلس شورى الجماعة، وفى القلب منها محمد مرسى، فهذه المجموعة إقصائية، وكثير من أصدقائى بالجماعة كانوا يبدون لى استياءهم من تصرفات هذه المجموعة، وساعة الإعلان الدستورى هناك كثيرون كانوا مستائين جدا منه، وقالوا إننا لم نستشر فيه، وإن مجموعة ضيقة أصدرته، ولكن كنت أفاجأ بهم يظهرون فى الفضائيات ولا أحد يعترض عليه، ما يعنى إما أنهم يكذبون علىّ أو يكذبون على الناس، والأخير هو الأرجح. وهذه المجموعة الإقصائية بدأت فى 2009 فى إقصاء مخالفيهم فى الرأى داخل الجماعة نفسها، وفى هذا التوقيت أُقصى عبدالمنعم أبوالفتوح، ثم بعد الثورة أو السلطة بمعنى أصح كل عملهم كان إقصاء، حيث بدأوا بإقصاء خصمهم فى انتخابات الرئاسة أحمد شفيق، ثم التف »مرسى« وأقصى حلفاءه من القوى المدنية، ومنهم حمدى قنديل والدكتور عبدالجليل مصطفى، اللذان رضيا بفتات وأشياء بسيطة، ولكن إذا به كأن شيئا لم يكن، ثم التف فى مرحلة تالية لإقصاء حلفائه من داخل تيار الإسلام السياسى، من السلفيين، ثم عندما بدأ يمكن أعضاء الجماعة من مؤسسات الدولة، لاحظنا أنه قصر هذا التمكين على فئة محدودة داخل الجماعة، وأقصى ناساً أكثر كفاءة، إذن أنت كنت تقصى مصر كلها، ومصر لا يمكن إقصاؤها، وهذا كان الخطأ الرئيسى، ويضاف إليه أنه غير كفء ويجهل أبسط قواعد الإدارة، ومصر أكبر من أن تبتلعها مجموعة ضيقة. { باعتبارك أحد رموز محاربة الفساد فى مصر، هل زاد الفساد فى عهد الإخوان أو قل أو أخذ أشكالاً أخرى؟ لا توجد مقاييس، لكن الفساد موجود، يمكن »اتخض شوية« مع يناير 2011، وجانب منه أصبح كامنا، لكن المشكلة مع عصر »مرسى« هى أنه إذا كان الفساد العادى منبوذاً فإنه عندما يتسرب باللحية والجلباب يكون أكثر فساداً، لأنه يسىء للدين والقيم، وهذا حدث فى عهد »مرسى«، والفساد ليس معناه فقط أنك تمد يديك وتسرق حاجة، ولكن معناه أيضاً أنك تعين إنساناً غير كفء على مال عام محاباةً له، وهذا يعتبر إهداراً للمال العام، والمشكلة أن هؤلاء الذين عينوهم فى الأماكن الأولى كوزراء ومحافظين، بدأوا يجاملون معارفهم وأقرباءهم الإخوان، وهذا فساد أيضاً، وعندما يأمر أحدهم بشراء وجبات من »أبوشقرة« لشلة معه، وتكون الفاتورة بأكثر من 30 ألف جنيه أليس هذا فساداً؟ وعندما يقوم به شخص ينتمى لجماعة تلتحف بعباءة الدين فتكون الجريمة مضاعفة لأن ذلك يسىء للدين بلا شك. { كيف ترى مستقبل مصر بعد 30 يونيو؟ مصر مقبلة على خير، فمصر بلد طيب، ونحن ندفع تكلفة بلا شك، لكن أنا رأيى أن تكلفة نزع شوكة سامة من الجسد المصرى مهما زادت ستظل أقل من تكلفة بقاء هذه الشوكة، حالة الاتجار بالدين واستخدام الدين فى السياسة حالة غير طبيعية، و30 يونيو خلاصتها كانت ضد الاتجار بالدين، فمن خرجوا لم يكونوا يعترضون على دين محمد مرسى، وإنما على فشله، وعلى الوجوه المقربة منه التى كانت تدعو على المصريين وتكفرهم. { ما رأيك فى تشكيل الوزارة الجديدة باعتبارها أحد منتجات 30 يونيو، خاصة أن اسمك تردد كأحد المرشحين لها؟ بالنسبة لى أحمد الله على المكان الموجود فيه الآن، فقد نجحت فيه، وبالتالى سبل تطوير النجاح ميسرة، وإذا كلفت بمهمة سأقوم بها، ورأيى أن هذا التشكيل معقول، لأنه ليس به أشياء صارخة سيئة كما فى تشكيل حكومة »قنديل«، فضلاً عن أن رئيس الوزارة نفسه مفكر اقتصادى، فلا يوجد وجه مقارنة بين مفكر اقتصادى كبير مثل حازم الببلاوى وبين هشام قنديل، وهى قد لا تقوم بإنجازات فى ملف العدالة الاجتماعية لكنها على الأقل ستوقف النزيف الحادث فى الاقتصاد، وستمهد الأرض بعد ذلك لتحقيق أهداف الثورة.