إذا كانت الصحف الوطنية بمختلف مشاربها واتجاهاتها...، تعلن عن حالة إفلاس القناتين في كل من الرباط وعين السبع، وقيام إدارتي هذه القناتين بالاستنجاد بالدولة، لتضخ ملايير من مال دافعي الضرائب المضافة إلى ما يؤديه المواطنون في فاتورات الماء والكهرباء في كل شهر، فإن كل مغربي ذا وعي يقظ، لا يستثني سوء التدبير الاداري الناتج عنه، بطبيعة الحال، غياب ترشيد النفقات بتقديم الرداءة قصد احتقار المشاهد المغربي واستبلاده من خلال سهرات أسبوعية أغلبها شبيهة بأعراس السطوح وسيتكومات فارغة المحتوى تفتقر إلى كل شيء أدبياً، ولجمالية الفن بحوارات غير منسجمة وفكاهة تزيد في ارتفاع الضغط الدموي، عوض الترفيه. إسناد إنجاز السيتكومات أو الأفلام المتلفزة الى شركات إنتاجية لا تراعي الترفيه عن المواطن بتقديم الجودة ولا إلى توعيته وتثقيفه، بسعيها الى جني الأرباح المادية، نظراً لمعرفة أصحابها للمسالك المؤدية إلى أصحاب القرار في إدارتي القناتين، لتسهيل الحصول على الموافقة لإنتاج إما أفلام وإما مسلسلات، وإما برنامج لا يرقى أي منهم إلى المستوى المطلوب. كتابة السيناريوهات تفتقر إلى الاحترافية والتخصص. إما بسبب عدم الإلمام بالدراسات الأدبية أو بالخضوع إلى إملاءات والقيام بانتساب تحميل المسؤولية للكتاب. التشخيص، غالباً ما لا يكون ملائماً للممثل، ولا يناسب تكوينه العلمي الثقافي وشكله الفيزيولوجي ومزاجه. إذ من ألف تشخيص أدوار سينمائية يصعب عليه أداء دور يسند إليه تلفزيونياً أو على خشبة المسرح على سبيل المثال لا الحصر. الحوار عوض أن يكون مرتبطاً بالنص وجوهر الموضوع لا تظهر على أغلب حوارات السيتكومات وجود العنصرين المشار إليهما أعلاه. الفكاهة: غياب الجانب المعرفي ويقصد به تلك العمليات العقلية الخاصة بالإدراك والخيال والإبداع والفهم والتذوق للفكاهة. ثم إن الكاميرا الخفية لا يتم استحضار موادها بما يكفي من الوقت الزمني، رغم الاستقواء بأجانب يشتكي أغلبهم من صعوبة اللسان المغربي الدارج. إذ أغلب حلقات الكاميرا الخفية خصصت لهؤلاء الأجانب. فهل تم استقدامهم بتحمل قناتي عين السبع سفرهم ذهاباً وإياباً وأكلهم وشربهم ومبيتهم من مال دافع الضرائب قصد الاستغاثة في تقديم هذه السخافات؟ وكيف يدرج عنصر المفاجأة مع شخص يعلم طاقم هذا البرنامج مكان تواجده ووقت استيقاظه من النوم أو نزوله من الطائرة في المطار؟ أو مرافقته إلى حيث تخصيص تصوير حلقة من الحلقات. إن ما يجز في النفس هو تخصيص ملايير لترويج مبيعات صناديق خصصت لسكن المزاليط تفتقر إلى أبسط الشروط، الهوا - الشمس - الجودة في البناء - الضيق - غياب المؤسسات التعليمية الاساسية والثانونية والجامعية غياب المستعجلات والمستشفيات غياب أسواق نموذجية، مما يسهل احتكار الباعة المتجولين للشوارع والأرصفة والحدائق العمومية، غياب دور السينما والمكتبات والمسارح والمعاهد الموسيقية. وتستقدم شركات العقار أجانب أغنياء للزيادة في اثرائهم ومضاعفة غبن وتهميش وتحقير والزيادة في تفقير الفنانين المغاربة أغلبهم في وضعية صحية صعبة من كتاب الكلمات وملحنين ومغنين ومغنيات عازفين مهرة وممثلين، بل وأيضا مخرجين جميعهم يعانون في صمت ويستنكرون هذا التفضيل المقصود، قصد ترويج عقار ضرره أكبر من نفعه. لذا نقول إن الساحة المغربية لا تخلو من كفاءات سواء الأدبية والموسيقية والمسرحية، والمطلوب هو إعطاء فرص متكافئة بدون تفضيل ولا تمييز بالتركيز على الجودة ومراقبة تصريف الأموال العامة وترشيد نفقاتها، لأن الشاشة الصغيرة هي أولا وأخيرا ملك خاص بالمواطن المغربي. ومن حقه الاستمتاع بما يخفف عنه عبء الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاكتئاب وليس العكس ، وإلا فهجرة أغلب المشاهد إلى قنوات أخرى يزيد في تعميق الهوة بين المغربي وتلفزتيه.