غادر الملك خوان كارلوس الأول عاهل إسبانيا، المغرب، أول أمس الخميس، في ختام زيارة عمل رسمية للمملكة استغرقت أربعة أيام. الزيارة غير المسبوقة التي قام بها العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس إلى المغرب، على مدى أربعة أيام، جعلته يعود بالذاكرة 66 سنة إلى الوراء عندما قام لأول مرة بزيارة المغرب. يوم الأربعاء الماضي وفي دردشة مع صحافيين إسبان في مقر السفارة الإسبانية بالرباط، تخلى العاهل الإسباني عن القيود البروتوكولية ودخل في حوار تلقائي معهم حول زيارته إلى المغرب ووضعه الصحي، ومتى سيتمكن من السير بدون عكازين. وفي هذا الإطار فاجأ خوان كارلوس الصحافي بحديث نوستالجي عن المغرب ، حيث مازال يتذكر أول زيارة له عندما كان في التاسعة من عمره. خوان كارلوس كان يعيش آنذاك في إيطاليا قبل أن يتم إرساله إلى إسبانيا ليعيش تحت رعاية وأعين الجنرال فرانكو. في تلك الإثناء قام خوان كارلوس بزيارة إلى مدينة طنجة ونزل بفندق المنزه الذائع الصيت، والذي كان يأوي ملوك ورؤساء ونجوم السينما والفن من مختلف بقاع العالم. وقال العاهل الإسباني للصحافيين إنه زار المغرب مرات عديدة ويتمنى أن يقوم بزيارات أخرى، ولو أن الأمر ليس بمثل السهولة التي كان عليها في الماضي. ولدى سؤاله عن وضعه الصحي تخلى خوان كارلوس عن جديته المعهودة قائلا للصحافيين «أنا أفضل منكم « مؤكدا أنه سيتخلى عن العكازين عندما تزداد ثقته في نفسه. كما التقى الملك خوان كارلوس بمقر السفارة الإسبانية بعائلات إسبانية تنتظر السماح لها بكفالة أطفال مغاربة منذ عدة أشهر. وطالب العاهل الإسباني هذه العائلات بالهدوء وانتظار كلمة القضاء قائلا إنه لا يستطيع التدخل في ملفات معروضة أمام العدالة المغربية. ومعلوم أنه في يونيو الماضي أعطي الضوء الأخضر لحوالي تسع عائلات ، سبع من إسبانيا، للسفر إلى بلادها مع الأطفال المكفولين في نهاية الشهر فيما تنتظر عائلات أخرى يقدر عددها بحوالي 90، غالبيتها العظمى من إسبانيا، أحكاما مماثلة. وقد عقدت هذه العائلات آمالا كبيرة على زيارة العاهل الإسباني إلى المغرب لإيجاد حل لهذه القضية. وغادر الملك خوان كارلوس الأول عاهل إسبانيا، المغرب، أول أمس الخميس، في ختام زيارة عمل رسمية للمملكة استغرقت أربعة أيام. وكان في وداع العاهل الإسباني بمطار الرباط- سلا، جلالة الملك مرفوقا بالأمير مولاي رشيد. وكان خوان كارلوس قد حضر يوم الخميس، إلى جانب جلالة الملك، مراسيم تدشين مركز الإدماج المهني للشباب بجماعة بوقنادل بسلا. وقد عبئت لهذا المشروع، استثمارات بقيمة 6 ملايين درهم وأنجز من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن . وفي الرباط تم أول أمس في حفل رسمي، تسليم مفتاح العاصمة للعاهل الإسباني الأول تقديرا لشخصه الكريم، وتأكيدا على «الصداقة والثقة» بين الشعبين المغربي والإسباني وبين البلدين الجارين. وفي كلمة خلال هذا الحفل الذي حضرته شخصيات مغربية وإسبانية، قال العاهل الإسباني «إنه لشرف عظيم أن أتلقى هذا الرمز من عاصمة المملكة المغربية»، مستحضرا الروابط العريقة التي تجمع هذه المدينة مع إسبانيا. وأكد أن هذه الزيارة ستترك «بصمة خالدة في نفسي لحسن الضيافة والحب الذي استقبلني به جلالة الملك محمد السادس والشعب المغربي العزيز»، مبرزا أن هذه الزيارة التي يرافقه فيها وفد مهم من الوزراء ورجال الأعمال والأكاديميين تعبر عن «الأسبقية التي تعطيها إسبانيا لعلاقاتها مع المغرب». من جهته، أبرز رئيس المجلس الجماعي لمدينة الرباط فتح الله ولعلو، الذي سلم للعاهل الاسباني، باسم ساكنة مدينة الرباط، مفتاح المدينة ومجسما مصغرا لبوابة ضريح محمد الخامس، رمزية هذه المبادرة «عربونا على تقديرنا جميعا لشخصيتكم الفذة وتأكيدا للصداقة والثقة بين الشعبين والبلدين». كما استحضر ولعلو «العلاقات المتجذرة في التاريخ المشترك الذي علينا أن نقرأه إيجابيا، ونوظف هذه القراءة لبناء المستقبل في إطار تعزيز الصداقة المشتركة وفق تطلعاتنا جميعا نحو التعاون المثمر والاحترام المتبادل». وفي ختام هذا الحفل، وقع الملك خوان كارلوس الأول في الدفتر الذهبي لبلدية مدينة الرباط. في ختام الزيارة غير المسبوقة التي قام بها العاهل الإسباني إلى المغرب، أصدر الطرفان المغرب وإسبانيا بيانا مشتركا أكدا فيه على الطابع الاستراتيجي لعلاقاتهما الثنائية وجاء في البيان المشترك ، أن إسبانيا جددت «دعمها للجهود المبذولة في إطار الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي وعادل ودائم ومتفق عليه لقضية الصحراء، وفقا للمحددات التي أقرها مجلس الأمن». ولاحظ الجانبان، وفق البيان، «وجود تطابق كبير في وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصا الوضع في الشرق الأوسط وسوريا ومصر، والوضع الأمني بمنطقة الساحل والصحراء، وضرورة بناء مغرب عربي مستقر ومتضامن لمواجهة مخاطر عدم الاستقرار التي تهدد المنطقة». وأفاد البيان أنه في إطار الحوار السياسي، سجل الطرفان بارتياح كبير «تكثيف الاتصالات بين مختلف مسؤولي البلدين والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك « ، مذكرين بأن الدورة العاشرة للجنة المشتركة العليا المنعقدة في الثالث من أكتوبر الماضي بالرباط، أبرزت مستوى التفاهم الممتاز الموجود بين البلدان ، كما زودت العلاقة الثنائية بالأهداف والوسائل الضرورية من أجل الارتقاء بها إلى درجة أعلى من الشراكة الاستراتيجية، كما يتضح من إعلان الرباط. وفي هذا الإطار، حث عاهلا البلدين الحكومتين على تعميق التفاهم وعلى التحضير، بنفس الالتزام، لاجتماع الدورة الحادية عشرة للجنة المشتركة العليا المزمع عقدها في الخريف المقبل بإسبانيا. كما عبر البلدان عن ارتياحهما للتقدم الذي تعرفه الاستعدادات لعقد الدورة الثانية للمنتدى البرلماني المغربي-الإسباني في شهر شتنبر المقبل بمدريد. كما أكدت إسبانيا مواصلة دعمها للمغرب في اختياره الاستراتيجي لمواصلة تعزيز علاقاته مع الاتحاد الأوروبي في إطار تنفيذ وضعه المتقدم. وأوضح البيان أن التطور المتزايد للعلاقات الاقتصادية والتجارية يؤكد الرؤية التي أعرب عنها جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير حول ضرورة إنشاء فضاء جديد للازدهار المشترك، وتشجيع فرص جديدة للعمل وخلق الثروات. وأضاف أن إسبانيا أصبحت الشريك التجاري الأول للمغرب، حيث ارتفعت المبادلات بشكل كبير بين البلدين، مشيرا إلى أن الآونة الأخيرة شهدت عدة اجتماعات بين رجال الأعمال وبعثات تجارية رفيعة المستوى، إضافة إلى فوز شركات إسبانية بمناقصات مهمة في المغرب. وفي إطار هذه الزيارة، يشير البيان، رحب البلدان بالتوقيع على اتفاقية بين منظمتي أرباب العمل في البلدين، تنص على إنشاء لجنة من شأنها مضاعفة عدد المشاريع المشتركة. كما تم إبراز الأهمية الخاصة لتحسين التواصل بين البلدين، نظرا للدور الحيوي الذي يلعبه بالنسبة للتبادل التجاري والعلاقات الإنسانية. وأضاف البيان المشترك أنه بموازاة مع المشاريع المهمة التي تنجزها المملكة المغربية على مستوى بنيتها التحتية، تواصل الشركات الإسبانية المساهمة بقدرتها التكنولوجية وخبرتها في هذا المجال. كما تمت الإشادة من قبل الطرفين بإحياء مشروع الربط القار بين البلدين، خصوصا وأن البعد الثنائي والقاري لمثل هذا المشروع قادر على تحويل جوار البلدين في المدى الطويل.