لكل وزير قصته الخاصة ، ومن يجرؤ على إفشاء سيناريو الحكاية ، على حدود علمي لم اطلع بعد على حكاية توزير احد منهم رغم الحكايات والحكايات التي تنسج بمجرد إشاعة استوزار هذا اوتلك، او سرد كيفية وصوله إلى مقعده في الوزارة ، فكم من وزير(ة) حل محل آخر في آخر لحظة وعديدون لم يريدوا ان يقتلعوا من الكراسي وآخرون فضلوا كرسي الوزارة عن ولي نعمتهم الحزب ، متحججين بيافطة « نحن في خدمة الوطن».ولقد مر العديد من الوزراء في الحكومات المغربية الذين تمردوا على حزبهم « في سبيل خدمة الوطن»، او كما عبر عنها احد الوزراء رحمهم الله ، والذي كان برلمانيا خطيبا صوته جهوريا لما همس في أذنه بإمكانية الإستوزار وترك الحزب ، اتصل بقائده وأخبره بالرحيل عن الحزب والسبب الرئيسي أن أبنائي اعتادوا على عيش رفيع، لذا اود الحفاظ على هذا الرغد. أما عن كيفية مغادرة الوزارة فذاك شأن آخر. والحكومات المغربية استمدت وزرائها بداية من داخل أحزاب الحركة الوطنية وامتداداتها في الساحة السياسية، أو من خلال الانتماء إلى عائلات مخزنية تاريخيا، أو عبر بوابة التكنوقراط الذين حفل بهم المشهد السياسي المغربي، السمة الخاصة التي طبعت جل الحكومات المتعاقبة. ومن خلال تتبع خيوط التاريخ السياسي للمغرب نتوقف عند بعض الوزراء الذين بصموا الحياة السياسية للبلد. فلقد سبقت معالي الوزير محمد الوفا شخصيات عدة تمردت على قياداتها الحزبية ، فقد انشق كل من عبد الهادي بوطالب وأحمد بن سودة عن حزب الشورى والاستقلال، وساندا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، قبل أن ينتقلا إلى تحمل مسؤوليات في الحكومات المتعاقبة، ثم مستشارين لدى الملك الراحل الحسن الثاني، كما ألغى كل من المعطي بوعبيد وعبد اللطيف السملالي ارتباطاتهما السابقة بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، وأصبحا وزيرين، كذلك فعل البرلماني عبد القادر الصحراوي وفك علاقته بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وأحمد بلحاج والطيب بن الشيخ والراشدي الغزواني وآخرون، مع اختلاف الانتماءات الحزبية وتفانيهم في «خدمة الوطن» يحبذون الاشتغال تحت قبة الجهاز التنفيذي.ومحمد الوفا ليس الاخير، فقد سبقه الدكتور عزالدين العراقي الذي عرف بالتدريس في كلية الطب في الرباط أكثر منه وزيرا للتربية الوطنية، غير أن اسمه سيرتبط بصدور مذكرة أثارت لغطا كبيرا حول منع الموظفين العاملين في أسلاك القطاع العام من متابعة الدراسة إلا وفق شروط محددة، التي اعتبرت مجحفة حينها. على صعيد الانتماء السياسي، ظل عضوا في حزب الاستقلال وأصبح من أبرز قادة اللجنة التنفيذية، مما أهله لتولي وزارة التربية الوطنية في حكومة الوزير الأول أحمد عصمان إلى جانب رفاقه في الحزب، الذين استمروا في مناصبهم في عهد حكومة المعطي بوعبيد. لم يكن عز الدين العراقي وحده استثناء في الانقلاب على حزبه، حين احتفظ بمنصبه في الحكومات التي تلت مغادرة الاستقلاليين الحكومة في عام 1985، نتيجة رفضهم استئثار «الاتحاد الدستوري» بمقدمة الترتيب في انتخابات 1984، عندما غادر الاستقلاليون الحكومة، اكتفوا بإصدار بيان حول وضعية الدكتور عز الدين العراقي، لكن بعد مرور حوالي عام على تشكيل حكومة برئاسة محمد كريم العمراني، سيتم تعيينه نائبا للوزير الأول بنفس الصلاحيات التي يملكها الوزير الأول، ولا يزال التساؤل مستمرا حول احتفاظ محمد الوفا بمنصبه والمتتبعون للشأن التربوي خبروا دروب الملفات الحساسة والعثرات التي زل فيها وزيرنا بلسانه او بقراراته. فمحمد الوفا من أبناء مدينة مراكش ومواليد 1948 ،سياسي ودبلوماسي مغربي، يشغل الآن منصب وزير التربية الوطنية. بعد حصوله على الاجازة في العلوم الاقتصادية بكلية الحقوق بالرباط، حصل محمد الوفا على ديبلوم الدراسات العليا في العلوم الاقتصادية (باريس) ، ثم ديبلوم السلك الثالث بمعهد التنمية الاقتصادية بباريس.وفي سنة 1976، شغل محمد الوفا منصب أستاذ مساعد بكلية الحقوق بالرباط. كما انتخب نائبا برلمانيا بين 1977 و1997، وترأس ما بين 1983 و1992 المجلس البلدي لمراكش ، وهو عضو في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال منذ سنة 1982 . وتولى محمد الوفا أيضا منصب الكاتب العام للشبيبة الاستقلالية ما بين 1976 و1984 ، كما ترأس الاتحاد العام لطلبة المغرب. وشغل الوفا ما بين 2000 و2004 منصب سفير المغرب بالهند، قبل أن يعين سفيرا في إيران سنة 2006 ، ثم سفيرا للمملكة في البرازيل. وعود على بدء ، هل يعيد حزب الاستقلال ما قام به قبل زهاء 30 سنة حين أصدر بيانا يشير فيه إلى قطع صلات الحزب مع الوزير المتمرد ، أم أن تطورات سياسية حدثت (مياه تحت الجسر تدفقت ) ورفض الإذعان لمنطق الأمر الواقع والامتثال نكاية في قيادة حزب الاستقلال ؟