تتبلور حركة «تمرد» المغرب في ظل وجود اتجاه عام نحو التغيير وبناء دولة القانون والمواطنة، لكن هذا الجو يتطلب جهودا جبارة لاستكمال عملية التغيير والإصلاح، وليس هدم ماهو قائم من مقومات حتى ولو كانت فتية. فالجهود لا يبذلها سوى المناضلين المخلصين من أجل مستقبل أفضل تسود فيه قيم العدالة الاجتماعية والحرية وروح الديمقراطية. فحركة تمرد هي نتاج مبادرة شعبية لمناهضة الفساد والانحطاط في كل تجلياته، فهي الضمير الحي للمجتمع كمثيلاتها من الحركات الاجتماعية التي عايشها المغرب. فكل الحركات الاحتجاجية تبرز للوجود بدوافع موضوعية محضة للحيلولة دون الركود الاجتماعي وضد المجموعات المهيمنة على عمليات إعادة الإنتاج الاجتماعي والاقتصادي. ذا التحدي يخلق لها أعداء ومعارضين، وهذا ما تجلى في بروز كل الحركات الاجتماعية التي عرفها المغرب وعلى الخصوص حركة 20 فبراير، وبالتالي من دون شك سيظهر لحركة «تمرد» المغرب معارضون والمشككون بلباس الطهرانية والتجرد، وأصحاب النوايا الذاتية الضيقة، إذ منهم من يسيل مداده عن الولادة المعاقة للحركة ومنهم يقوم بتنميط الحركة، وحتى من يدعي تأسيس حركة من داخل الحركة في حد ذاته محاولة لإعاقة الحركة وتشويه صورتها. لكن وجب على حركة «تمرد» الاستفادة من أخطاء سابقاتها، ووضع برنامج واضح وبناء هوية رصينة ومكانة وسط الحالمين بالتغيير وذلك بإتقان التحضير والتخطيط المتأني والتواصل على مدى زمني مناسب. إن بناء حركة اجتماعية مناصرة للديمقراطية لا يتأتى إلا بالاحترافية في التعبئة والإبداع في التواصل والاستمرارية مع القواعد الشعبية، والمناورة والإعداد الاستراتيجي وفك القيود ومحو الطلاسم في ما يتعلق بدعم والتحفيز على المشاركة الواسعة والعامة للمؤيدين وخلق توازن في وضوح التوجهات الصراعية تجاه المعارضين المحددين. ومن المؤكد أنه بمجرد أن تؤسس أي حركة احتجاجية نفسها في وضع سياسي معين، كتأسيس حركة تمرد المغرب، فإن النمدجة والاتصال والتعاون يساعد على عمليات تبنيها في أوضاع أخرى متصلة، وبالتالي من الضروري على حركة «تمرد» أن تنتج شبكات معلوماتية مكثفة وسط الفاعلين الذين يتقاسمون ويشتركون في هوية جماعية ومنخرطين بشكل قوي وتفاعلي في عمليات الصراع الاجتماعي والسياسي بهدف خلق إشعاع وصدى للحركة لحشد الجماهير في الشوارع والساحات العمومية التحقيق المطالب المسطرة. من أولويات الأطر والفاعلين في حركة «تمرد» المغرب، ملامسة الروح والدعم الوجداني لكافة المواطنين الذين يطمحون ويأملون في تحقيق التقدم والخير لوطنهم، والذين لا يملكون سوى التفاعل وبإخلاص مع أي بادرة لأمل في التغيير، والاعتماد على المقومات الأساسية للمجتمع وهم منظمات المجتمع المدني سواء التنموية أو الحقوقية أو الباحثة عن الديمقراطية. وكذلك توظيف ذخيرة توليفة قوية ومؤثرة من إشكال العمل الاحتجاجي والسياسي سواء مظاهرات، مسيرات، حملات المناشدة، اعتصامات و البيانات الصحفية. ستكون حركة «تمرد» المغرب باستعمالها لترسانة تفاعلية مع كافة القوى الفاعلة والطامحة للتغيير الوصفة السحرية للدفع بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية إلى مراتب متقدمة في المغرب إذا استطاعت حشد وجمع التأييد واسع. ونشير في الأخير إلى أن الحركية التاريخية للمجتمع لن تستطيع أي قوة لجمها، لأن الطبيعة البشرية تتطور في منظورها الهوياتي والثقافي بشكل صدامي حتمي، وما بالك بتحليلات جوفاء تحاول أن تخرس في الوعاء الفكري الجمعي للمواطنين المغاربة الواقع المصري، حتى صار منهم من يحذر من تمصير أو مصرنة المغرب. ( عضو اللجنة الإدارية الوطنية)