اختتمت أشغال المنتدى الديموقراطي الاجتماعي العربي الذي احتضنه حزب الاتحاد الاشتراكي ، يومي 24 و25 يونيو 2013 بالرباط، بالإعلان عن قرارات تاريخية مهمه، من أبرزها مشروع اجتماعي ديمقراطي مغاربي، من أجل بناء فضاء مغاربي ديقراطي يعبئ الطاقات المشتركة لتحقيق التنمية والديقراطية والتعاون في الدول المغاربية.. أمام التحولات الكبيرة المتواصلة في منطقة المغرب الكبير ، والمتمثلة أساسا في انهيار أنظمة كانت تبدو عصية على التغيير (تونس و ليبيا )، وكذا بروز قوى إسلامية من صناديق الاقتراع في مقابل تراجع واضح لقوى اليسار والقوى الحداثية، علاوة على بروز مخاطر جيوسياسية ناجمة عن تنامي ظواهر الإرهاب والتهريب والفقر والهشاشة خاصة في منطقة الساحل الصحراوي ،وكذا استمرار الأزمة الاقتصادية بكل انعكاساتها الاجتماعية والإنسانية في أوربا، بات ملحا على القوى الاشتراكية الديموقراطية في المنطقة أن تنخرط في مشروع مشترك يستهدف: - إشعاع قيم الحداثة والديموقراطية والتضامن و العدالة الاجتماعية، ونبذ المشاريع الرامية إلى احتكار وتسييس الدين، والعمل من أجل إبراز قيم الإسلام المتسامح والمتفتح على متطلبات العصر. - إعادة اكتساب ثقة المواطن الذي لم يعد يثق في مصداقية خطابنا لمواجهة الاختناقات التي يتعرض لها. - وفي نفس السياق، حشد الجهود من أجل بناء فضاء مغاربي ديموقراطي، وذي حمولة اجتماعية كفيل بتعبئة الطاقات المشتركة لتحقيق التنمية والديموقراطية والتعاون و التضامن بين مختلف مكوناته، ورفع مصادر التنافسية في مواجهة مختلف القوى العالمية. وبصيغة أوضح ، إن الإطار الذي ننشده ونسعى إلى بنائه يتوخى في هدفه الأسمى بناء مجتمع حداثي وديموقراطي ومتضامن يرتكز على الأسس و المبادئ التالية: 1- ترسيخ السلم والأمن والاستقرار ينبع هذا الهدف من مقاربة شمولية للمخاطر التي تهدد السلم والاستقرار بمعناه الواسع . فالاشتراكيون الديموقراطيون مدعوون إلى بلورة تصور حداثي يعتمد على إدراك مشترك للمخاطر التي تهدد الاستقرار. فلا يتعلق الأمر فقط بتصور أمني يغالي في تضخيم المخاطر ، بل لا بد من إدماج كافة المصادر التي تهدد السلم و الأمن في منطقتنا . وفي نفس السياق إذكاء مقاربة شمولية تتوخى محاربة مصادر اللاإستقرار من خلال: - التشجيع على حل الخلافات المغاربية بالطرق السلمية ونبذ كل لجوء إلى القوة. فالبحث عن حلول سياسية مقبولة من الجميع ينبغي أن يكون منارا لسلوكنا ومقاربتنا لمصادر التوتر في المنطقة. - اعتبار المغرب الكبير أفقا استراتيجيا يستحق النضال والعمل من أجل تحقيقه لما يمثله من إمكانية للتصدي للتحديات المختلفة التي تواجهها الدول المغاربية حاليا بشكل منفرد . فتحقيق هذا الهدف هو ربح صاف للنمو وللاقتصاد الاجتماعي. وهو رفع للقدرة التفاوضية والتنافسية. وهو في نفس الوقت مجال واسع للإبداع . - فتح كافة الحدود للسماح بتنقل المواطنين عبر الفضاء المغاربي، وكذلك بالنسبة للسلع والخدمات لتوطيد العلاقات الإنسانية بين المواطنين المغاربيين . - إقرار حكامة ترابية جديدة تعطي للجهات في المغرب الكبير حق التعبير عن خصوصياتها وإبداعاتها في ظل احترام سيادة الدول ، وفي أفق تشييد الفضاء المغاربي الموحد. فالحكامة الترابية الجديدة ينبغي أن تبرز من خلال ٍآليات ومؤسسات تعبر عن غنى وتنوع مختلف الجهات المغاربية، وتهدف إلى خلق موارد جديدة للثروة سواء منها المادية أو الرمزية في كافة المجالات للمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة القائمة على احترام متطلبات البيئة الضرورية لاستمرار المجتمع. 2 - بناء دولة القانون والمؤسسات لا يمكن ترسيخ الاستقرار بدون مؤسسات معبرة عن تعددية مجتمعية حقيقية، ونابعة من مشاركة واعية للمواطن المتمتع بالحقوق والحريات المعترف بها إنسانيا، والمؤطر من طرف القوى السياسية والمدنية المختلفة. إن بناء الديموقراطية هو بالأساس الإقرار بخضوع الجميع على قدم المساواة لسلطة القانون .فهذا الأخير ينبغي أن يصبح الضابط لكافة التفاعلات، وينبغي أن يسمو على مظاهر القوة والتعسف . وفي نفس السياق بناء مؤسسات مستقلة تمارس في علاقاتها ببعضها البعض سلطات مضادة فعلية . فالاستبداد والحنين نحو الاستبداد لا يمكن مقاومتهما إلا من طرف أنظمة سياسية تتمتع فيها المؤسسات والقطاعات المختلفة بالاستقلالية النسبية التي تسمح لها بالاضطلاع باختصاصاتها ارتكازا على الشفافية والتقييم والمحاسبة . إن تمكين المرأة من حقوقها وأدوارها كشريك للرجل يعتبر من المعارك التي تميز الحركة الاشتراكية الديموقراطية . ففي مواجهة الحركات المحافظة والأصولية ، ينبغي أن تكون معركتنا مزدوجة : من جهة رفض كل تراجع عن المكاسب التي حققتها المرأة ، ومن جهة أخرى إذكاء الآليات التي تسمح لها بتحقيق المناصفة بشكل يمكنها من التمتع فعليا بكافة الحقوق، والقيام بالواجبات إسوة بالرجل في ظل سيادة القانون . إن فصل المال عن السياسة يعتبر من المعارك الكبرى التي ينبغي خوضها لتأسيس أنظمة متوازنة وقادرة على محاربة بؤر الفساد ، وعلى احتكار دواليب الدولة لخدمة مصالح خاصة . 3- ترسيخ قيم التضامن والعدالة الاجتماعية في مواجهة هيمنة النظام الرأسمالي ببشاعته، وتنامي مظاهر الهشاشة والفقر والإقصاء الاجتماعي ، فإن الحركة الاشتراكية الديموقراطية مدعوة ، من جهة إلى التفكير في البدائل الواقعية لإعادة بناء العدالة الاجتماعية . و لا يتعلق الأمر فقط بأنسنةhumanisation النظام الرأسمالي . فالأمر أعمق من ذلك . إنه مرتبط بقدرتنا على إبداع صيغ اقتصادية جديدة تمكن من خلق شروط النمو المستدام، وفي نفس الوقت إقرار آليات للتوزيع العادل .وفي هذا السياق ، علينا أن نناضل من أجل شفافية المقاولات الاقتصادية والتدقيق في مصادر ثروات مالكيها . فتراجع القوى الاشتراكية في العالم راجع إلى إخفاقها لحد الساعة في بلورة بدائل وإجابات لصيحات طلب الإغاثة المتزايدة بفعل تنامي الأزمات الاقتصادية عبر العالم . إن ترسيخ التضامن يعني في نفس الوقت محاربة كافة أشكال تداخل المصالح وأنماط الفساد المؤسساتية وغير الشكلية. وفضلا عن ذلك مواصلة تعبئة المجتمع المدني. ويتطلب ذلك مواصلة إصلاح النسيج الاقتصادي من خلال إقرار المسؤولية الاجتماعية للمقاولات . وتمتيع المستهلك بحقوقه واعتباره طرفا في العملية الانتاجية . ارتكازا على هذه الأسس نقترح تشييد إطار مغاربي يجمع القوى الاشتراكية الديموقراطية ، يتميز بالمرونة والفعالية في ممارسته. مشروع إحداث إطار ديمقراطي اجتماعي مغاربي على هامش المنتدى العربي الديمقراطي الاجتماعي المنعقد يومي 24-25 يونيو 2013 بالرباط، اجتمعت الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية المغاربية التالية: حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وجبهة القوى الاشتراكية بالجزائر، وتحالف القوى الوطنية بليبيا، وحزب تكتل القوى الديمقراطية بموريتانيا، وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بتونس. وبعد مناقشة مستفيضة لمشروع الورقة السياسية المقدمة من طرف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تم الإعلان عن إعطاء الانطلاقة لمشروع إحداث إطار ديمقراطي اجتماعي مغاربي، وتعميق النقاش بشأنه على هامش مؤتمر التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات التونسي الذي سينعقد في بداية يوليوز المقبل. المنتدى الديمقراطي الاجتماعي العربي بيان الرباط نحن الأحزاب المنتمية للمنتدى الديمقراطي الاجتماعي العربي، المجتمع يومي 24-25 يونيو 2013 بدعوة من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتنفيذا لقرار اجتماع القاهرة في 20 يناير 2013، نعبر عن بالغ ارتياحنا واعتزازنا بالمستوى الرفيع للتمثيل الحزبي الذي شمل قيادات اثني عشر حزبا ديمقراطيا اجتماعيا واشتراكيا من العالم العربي، مما شكل حدثا تاريخيا مشهودا في مسار نضالنا المشترك. كما نثمن النقاش العميق والصريح الذي أغنى جلسات المنتدى سواء في ما يتعلق بالهوية السياسية للمنتدى ولوائحه التنظيمية، أو في ما يخص هيكلة جناحيه النسائي والشبابي. نذكر بأن مبادرتنا لتأسيس هذا المنتدى تندرج ضمن سياق الحراك العربي وثورات شعوبنا التواقة إلى الحرية والكرامة والديمقراطية ، التي هي نفسها المبادئ المؤسسة لهذا المنتدى. ننحني بإجلال وخشوع أمام أرواح الشهداء الذين سقطوا في ساحات النضال ضد الاستبداد والتسلط، ونعلن مواصلة انخراطنا في هذا الحراك من خلال ترسيخ إطار ائتلافي للتيار الديمقراطي الاجتماعي في الوطن العربي، وترجمة مطالب الشعوب العربية إلى رؤى متجددة واستراتيجيات محكمة وبرامج سياسية قائمة على أساس القيم والمبادئ المشتركة، ومنفتحة على التنوع الثقافي والتعددية السياسية، بما يعزز دولة القانون ويرسخ قيم المواطنة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. وفي هذا السياق أقر المنتدى الوثيقة المؤطرة لرؤيته السياسية، واعتمد اللوائح التنظيمية التي أنشأت مجلسا يضم كافة الأحزاب المشاركة بالإضافة إلى لجنة تنظيمية ، كما صادق المنتدى على توصيات اتحاد الشباب ولجنة المرأة التي أعلنت عن تأسيس إطاراتها التنظيمية. وفي إطار أعمال المنتدى، نظمت ندوة حول القدس كشفت عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي العنصرية والتطهيريةالرامية إلى تهويد هذه المدينة العربية الفلسطينية، وخلصت إلى الالتزام بمبدأ الكفاح المدني من أجل التصدي لهذه الممارسات، وتثبيت هوية القدس تجاوبا مع نداء الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي دعا في ختام هذه المحاضرة إلى ابتكار صيغ نضالية لفرض العقوبات على إسرائيل ومقاطعة بضائعها وسحب استثماراتها. وقرر المنتدى عقد اجتماعه الدوري القادم في مدينة القدس العربية المحتلة، وكلف اللجنة التنظيمية بالشروع في إعداد الترتيبات اللازمة لعقد هذا الاجتماع.