سيبقى يوم 25 يونيو 2013 يوما تاريخيا ومشهودا في ذاكرة الأحزاب العربية, الاشتراكية والديمقراطية والاجتماعية, ثم سيبقى كذلك راسخا في ذهن الشعوب العربية التواقة إلى التغيير والحرية والديمقراطية والكرامة، بالنظر إلى حجم المبادرة التي أقدم عليها أكثر من 12 حزبا اشتراكيا ديمقراطيا من كل أنحاء العالم العربي، المتجسدة في العمل على تأسيس المنتدى العربي الديمقراطي الاجتماعي الذي يسعى إلى ترسيخ العدالة الاجتماعية وإقرار الديمقراطية، والدولة المدنية والحرية, ثم تعزيز الوعي والتعاون العربي المشترك، والدفاع عن القضية الفلسطينية كقضية مركزية, فضلا عن السلام والأمن والقضايا البيئية. وما يجعل كذلك المبادرة نبيلة وسامية وذات أهمية كبرى، هي الظرفية السياسية التي تعيشها الشعوب العربية بعد التحولات والمستجدات التي جاء بها الربيع العربي، والتي تتطلب تكتلا قويا وتعاونا مستميتا ما بين القوى الحية بالبلاد لمواجهة التحديات وكسب الرهانات. لقد شهد يوم أمس بالرباط, افتتاح المنتدى العربي الاجتماعي, الذي ستتواصل أشغاله على مدى يومي 25 و 26 يونيو الجاري, بمشاركة قياديين بارزين بالأحزاب الديمقراطية والاشتراكية بكل من مصر ليبيا ، تونس وموريتانيا والجزائر والعراق والأردن ومصر ثم اليمن ودولة فلسطين و لبنان, وبحضور قياديين عن الأحزاب والمنظمات المغربية وممثلي المجتمع المدني وبعض الفعاليات الفكرية والثقافية. وما ميز الجلسة الافتتاحية التي سير أشغالها الدكتور حسام زملط من فلسطين، الكلمة الافتتاحية التي ألقاها إدريس لشكر, الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث أكد فيها على أن المبادرة تروم تأسيس المنتدى العربي الديمقراطي الاجتماعي ليكون فضاء مؤسساتيا للعمل السياسي المشترك للأحزاب الديمقراطية الاجتماعية الاشتراكية في المشرق العربي ودول شمال إفريقيا. وأوضح لشكر بالمناسبة , أن الحدث لحظة تاريخية بامتياز, لأن الإعلان عن التأسيس لهذا الإطار بمدينة الرباط, بعد أن تم تدشينه في القاهرة ,في توقيت له دلالة سياسية كبرى,تتجلى في الرمزية السياسية لتأسيسه في سياق دولي وإقليمي يشهد تحولات اقتصادية وسياسية واجتماعية عميقة. وشدد الكاتب الأول في هذا اللقاء على أن هذه المبادرة كانت ومازالت من بين الأهداف ذات الأولوية بالنسبة لحزب الاتحاد الاشتراكي، مستحضرا في هذا الصدد معركة التحرر التي قادها الشهيد المهدي بنبركة والتي توجت بإعلان عقد"مؤتمر القارات الثلاث" والرصيد الضخم الذي أنجزه مفكرونا ومثقفونا في موضوع الديمقراطية والنهضة العربية. وأبرز لشكر أن الاتحاد الاشتراكي لم يتقاعس يوما في النضال من اجل القضايا المشروعة للشعوب العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وحق شعوب المنطقة في فضاءات للتعاون والتكامل الاقتصادي والسياسي، فضاءات للتفكير الجماعي من أجل تحقيق نهضة فكرية في مستوى رفع رهانات التحديات المطروحة وعلى رأسها مواجهة الفكر التقليدي بكل أطيافه والمنطق التوحشي للعولمة الذي دفع العديد من الفئات المجتمعية في دول الجنوب نحو مزيد من الفقر والتهميش ومواجهة كل الاستغلال المادي والروحي. وسجل لشكر أن الهم الأساسي لحزب الاتحاد، الذي كان دائما ولا يزال, هو تحقيق الربط الجدلي ما بين الترسيخ السياسي للتداول الديمقراطي والسلمي على السلطة وضمان توزيع عادل لها وبين الاشتراكية, كايدولوجيا تتبنى فكرة التوزيع العادل للثروة، وأنسنة اقتصاد السوق بما يخدم البعد الاجتماعي وترسيخ الثقافة العقلانية التنويرية بقيم أخلاقية واقتصادية في خدمة قيم العدل والعدالة والتضامن والحرية والتسامح العقائدي ورفع الحيف والتمييز عن المرأة بمبرراته الدينية السطحية والتقدم الفعلي في ترجمة فعلية لمبدأ المناصفة والمساواة وفتح طاقات الشباب نحو البناء والتغيير. ومن جهته, أوضح حسين جوهر في كلمة له عن اللجنة المنظمة، أن الأشغال التحضيرية لتأسيس هذا المنتدى ارتكزت في فلسفتها على مبدأين اثنين، الأول يتمثل في ان المنتدى مستقل عن أية جهة محلية أو دولية، ثم المبدأ الثاني يتجلي في بناء المنتدى على فكرة القيادة الجماعية والعمل الجماعي، وهي الروح التي صبغت أعمال اللجنة التحضيرية طيلة هذه المدة الإعدادية. وذكر حسين جوهر أن اللقاء التأسيسي سيسعى إلى إقرار رؤية سياسية وديمقراطية للمنتدى ، وإقرار اللوائح والقوانين للمنتدى التي تؤطر عمله في المرحلة القادمة, بالاضافة إلى إعطاء الانطلاقة لتأسيس الهيئات السياسية النسائية والشبابية. و في كلمة له باسم الوفود المشاركة, شدد الدكتور نبيل شعت عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمفوض العام للعلاقات الدولية, أن لا مجتمع عربي ديمقراطي تسوده الحرية والكرامة والاستقلال والعدالة الاجتماعية دون تحرير فلسطين, التي تعتبر القضية المركزية في النضال العربي القومي. واعتبر أن المغرب الذي يستضيف هذه المبادرة شكل دائما على مر الزمن حصنا من الحصون في تاريخ الأمة العربية، مذكرا في هذا الصدد بالظاهرة الغنائية التي شكلها النجم الفلسطيني محمد عساف, الذي فاز في برنامج "أراب أيدل" ب 67 مليون صوت، ومبرزا أن هذه الأصوات تنتمي أساسا إلى المغرب والجزار وتونس وليبيا وموريتانيا والدول العربية الأخرى. وتناول نبيل شعت الربيع العربي ومستجداته وتحولاته بالدراسة والتحليل وتداعياته الاجتماعية والسياسية على الدول العربية، مسجلا في نفس الوقت أن الربيع العربي قد شكل للشعوب العربية أملا، وملئت البلدان العربية بالأمل لكن يتضح أن الطريق مازال شاقا ويتطلب منا العمل الجماعي والتضامن والتكتل لتحقيق كل مانصبو إليه من أجل شعوبنا العربية وحقها في العيش الكريم في حرية وكرامة. وهاجم شعت الولاياتالمتحدةالأمريكية بنفس المناسبة، معتبرا إياها أنها هي المسؤولة على إفساد الربيع العربي ,ولا تكف عن محاولاتها من أجل إحباط إمكانات ورغبات وأمال الإنسان العربي في تحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية، مشددا على أن الشعب الفلسطيني كان في عمق هذا الربيع العربي الذي يعد انتصارا بالنسبة إليه.