« إدارتنا ترفض مبدأ المعاوضة » و « إدارتنا نحن ترفض مبدأ الاستخراج » . بهذا النقاش العقيم والغريب كانت ترفع الاجتماعات الستون التي جمعت حول نفس الطاولة ولمدة تسع عشرة سنة إدارة المياه والغابات وإدارة السكنى والتعمير ! وعقب «الورش اللغوي» الذي فتحته الإدارتان لضبط المصطلحين اللذين ينتهيان إلى نفس النتيجة ، كان على عدد من المواطنين والمواطنات بجماعة زومي المنتسبة ترابيا لإقليم وزان ، وضدا على إرادتهم، استهلاك أجمل فترة من عمرهم بدور الصفيح المجاورة لمجرى المياه العادمة ! لنبدأ الحكاية من ألفها أما ما يخص «ياءها» فذاك من علم الرحمن . في إطار محاربة الدولة لأحياء الصفيح التي يتحمل أعوان إدارتها الترابية ومن مختلف مواقعهم القسط الأوفر في استفحالها، وبعد وعيها بأن هذه الأحياء قد أضحت قنبلة موقوتة تهدد أمن البلاد والعباد، فتحت ورشا ضخما للقضاء على هذه المعضلة الاجتماعية . جماعة زومي القروية التي نبت في لمحة بصر بمركزها الفاتن - قبل أن يزحف عليه المسخ العمراني - حي من هذا النوع ، كان قد تقرر منذ 19 سنة التشطيب على هذا الحي من فوق تراب مركز الجماعة ، وإعداد تجزئة سكنية يرحل إليها المتضررون . القرار خلف ارتياحا عميقا في نفوسهم ، ولم لا ، وأنوفهم ستودع روائح المياه العادمة التي تجري بمحاذاة أكواخهم التي يعدم السكن بها كرامتهم ، ويمس بشرفهم ، وتبصم كل أنواع الحشرات الضارة فوق جلد كل طفل من أطفالهم ..... الأمل الذي علقوه على هذه الالتفاتة المواطنة تجاههم ، سرعان ما سيتبخر ويتحول إلى ألم ....ألم ومعاناة لم يذق طعميهما المر من كانوا في المكاتب المكيفة والتعويضات الخيالية يبحثون في جذور مصطلحي « المعاوضة والإستخراج « .كيف ذلك ؟ تقول مصادرنا بأن ادارة المياه والغابات المالكة الفعلية والقانونية للمساحة التي قررت إدارة السكنى والتعمير أن تقيم فوقها تجزئة لهؤلاء المواطنين والمواطنات، ظلت «تراوغ لغويا» ولمدة 19 سنة تسوية هذه الوضعية، لأن المعاوضة في رأيها ليست هي الإستخراج ! علما ، يفيد الجريدة أحد الملمين بحيثيات هذا الملف ، بأنه كان بالإمكان إغلاقه في جلسة واحدة ، لو انصب النقاش على الهدف النبيل والإنساني والدستوري من العملية ، والتي هي إسكان مواطنين طبقا للقانون فوق أرض للدولة . وأضاف متسائلا « ألا تفضي المعاوضة والإستخراج إلى نفس النتيجة »؟ واستغرب الدخول في هذه التفاصيل لأن فيها يرقد «الشيطان»، اللهم إن كان البحث عنوة عن هذا الشيطان ! يذكر بأن عامل دار الضمانة الذي كان رفقة جميع رؤساء المصالح الخارجية في زيارة ميدانية لجماعة زومي يوم الخميس 6 يونيو، فاجأته بعض نسوة الحي وهن يستعرضن أمامه ذارفات للدموع ، حياتهن البئيسة هناك ، حيث سيقوده هذا الموقف المؤثر إلى القبض في عين المكان على خيوط الملف ، فجاء خطابه الموجه لرئيس قطاع المياه والغابات صارما ، داعيا إياه للإنكباب على الملف ومعالجته في الأيام القليلة القادمة .