انتفض رئيس البرلمان كريم غلاب في وجه عبد الإله بنكيران الذي قاطعه وهو يتحدث عن التشريع بخصوص الحق في المعلومة، صبيحة يوم أمس بالرباط. وكان غلاب يتحدث في ندوة نظمتها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، عن وتيرة التشريع ومساهمة الحكومة، وأعطى مثالا على ذلك مقترح قانون تقدم به الفريق الاشتراكي بخصوص الحق في المعلومة. وقال بهذا الصدد «لقد سبق لفريق من المعارضة أن تقدم بمقترح قانون في هذا الموضوع، أعقبه بعد ذلك مقترح من طرف فريق من الأغلبية. وبعد ذلك قالت الحكومة إنها تعد مشروعا مماثلا مما عطل السرعة المفترضة في التشريع». وللإشارة، فإن الفريق الاشتراكي في مجلس النواب كان قد تقدم بمقترح قانون الحصول على المعلومات، وفي اليوم الذي كان سيناقش داخل اللجنة المختصة تقدمت الحكومة بصفحتين تتضمن عموميات حول هذا القانون، لإقبار المقترح الاشتراكي. وقد خلق هذا «التسابق الحكومي» أنذاك نقاشا حادا، وعرض الأمر على تحكيم رئيس مجلس النواب ورغم ذلك تجاهلت الحكومة كل المعطيات وتقدمت بمشروع قانون الحصول على المعلومات الذي لايزال يثير انتقادات. وكانت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة قد قدمت انتقادات من بينها كونها اعتبرت استثناء الأشخاص الذاتيين الأجانب من مشروع القانون رقم 13-31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، «أمرا مرفوضا. وواصل غلاب حديثه عن مشاركة الحكومة وقال بأنها لا تتعدى«1 من 600»، وهنا قاطعه عبد الاله بنكيران قائلا: «انسيتي المجتمع المدني راه 35 مليون»، فانتفض غلاب في وجهه قائلا: «ما من حقكش اتقاطعني، ويلا ما كنتيش مركز، ففي هاذ الجلسة راه تكلمت على المجتمع المدني». وأثارت مواقف رئيس الحكومة إزاء المؤسسة التشريعية استهجان الحاضرين. والذين عبروا عن استيائهم لغلاب،. كما اهتزت القاعة ضحكا عندما أخذ بيد الله الكلمة قائلا: «سأتحدث في هذا الجو الملتهب». وعلمنا أن غلاب تلقى تشجيعات وتنويها من طرف رؤساء فرق نيابية من المعارضة والأغلبية معا على «موقفه الشجاع ». وتحولت «متواليات مجادلة» بنكيران لغلاب إلى «الموضوع الرئيسي» لنقاشات الحاضرين لهذه الندوة خلال الجلسة الافتتاحية وفترة الاستراحة. فقد استهجن نواب الأمة وخبراء من المغرب والخارج وفعاليات من المجتمع المدني، بكل أطيافه، «فعل» رئيس الحكومة وهو «يقاطع» ثم «يجادل» رئيس مجلس النواب، معتبرين الأمر سابقة لم «تحدث قط في أي جلسة افتتاحية». ومعلوم أنه تم إيداع الصيغة الأولى لهذا المقترح في 05/05/2006 وحين في 31/12/2007 وحين مرة ثالثة في 19/01/2010 وحين مرة رابعة وأخيرة وأحيل على مكتب مجلس النواب في 23 يوليوز 2012. ومعنى ذلك أنه سابق حتى على تنصيص الدستور في مادته 27 على الحق في الحصول على المعلومات، ومعناه أنه كان من بين الثلاثة مقترحات الأولى المودعة برسم الولاية الحالية لدى لجنة العدل: اثنان من هذه المقترحات للفريق الاشتراكي والثالث للأحرار. وقد تم اتخاذ قرار برمجة مناقشة المقترح في إطار اللجنة.وفي يوم المناقشة (الثلاثاء 5 فبراير 2013) فوجئت اللجنة، بما فيها رئيسها، بممثل حزب الحركة الشعبية يطلب بتأجيل مناقشة المقترح لأن فريقه تقدم بمقترح في نفس الموضوع ولما سئل عن تاريخ الإيداع قال إنه لا يعرف، في حين قال أعضاء اللجنة ورئيسها ومكتبها إنهم لم يتوصلوا بأي شيء ( تصوروا صاحب مقترح لا يعرف حتى تاريخ إيداعه واللجنة لا علم لها بأي شيء). و بعد التحري ثبت أن الفريق لم يتقدم بما يمكن ان يسمى مقترحا إلا بعد زوال 4 فبراير 2013 أي 18 ساعة قبل الشروع في مناقشة مقترح الفريق الاشتراكي داخل اللجنة .مما يستنتج معه أن الفريق الحركي إذن تحرك بعد ثماني ولايات في تاريخ البرلمان واستيقظ ليقدم مقترح قانون، وفي أي موضوع: الحق في الحصول على المعلومة الكل داخل اللجنة فهم الحكاية والفضيحة وسكوت الحكومة في شخص وزير الوظيفة العمومية -الكروج - أوعز للفريق الحركي في مجلس النواب ليودع مقترح قانون منافس لمقترح الفريق الاشتراكي لعرقلة مناقشة هذا الأخير في انتظار أن تفكر الحكومة في مشروع قانون. سينكشف هذا الأمر لما التحق الوزير متخلفا عن الاجتماع بحوالي ساعة ليقول إن الحكومة تفكر في مشروع قانون . ولما سئل هل عرض على المسطرة التشريعية قال: لا وأين هي المسودة؟ هي في طور الإعداد. إذن الحكومة تفكر، وستعمل على صياغة المشروع. ولما تبين أن كل هذه الأمور مردود عليها وأمام قوة موقف المعارضة الاتحادية، واتفاق الفرق، باستثناء الحركة ، على الأقل على أن يعرض الفريق الاشتراكي مقترحه، ظهرت أصوات أخرى هذه المرة من فريق العدالة والتنمية الذي أثار أمرا شكليا يتعلق بوجود اسم الحسين اضرضور في قائمة أصحاب المقترح هذا الأمر كان مردودا عليه أيضا من ناحيتين: 1) إدارة الفريق الاشتراكي كانت قد نبهت إلى الأمر قبل ذلك بأيام وراسل رئيس الفريق رئيس المجلس يطلب فيها حذف اسم اضرضور من كل الوثائق التشريعية والرقابية. ولحسن الحظ أن رئيس اللجنة كان يتوفر على الرسالة والتي تلاها على أعضاء اللجنة . 2) النظام الداخلي يعطي حق المبادرة التشريعية للنواب وعدد النواب الاتحاديين أصحاب المقترح 12 نائبا، وبالتالي وجود اسم اضرضور من عدمه لا يغير في الشكل شيئا. (المادة 102 من النظام الداخلي). وهذه الواقعة ليست بالجديدة مع المعارضة، فداخل نفس اللجنة عرقل فريق العدالة والتنمية، بنفس المبررات ونفس التاكتيك، مقترح قانون تنظيمي لفريق الأحرار (المعارضة) إذ عمد إلى وضع مقترح مشابه لدى مكتب مجلس النواب، أياما قبل يوم الشروع في مناقشة مقترح الأحرار بانتظار حلول آجال مقترحه ليتم الجمع بين المقترحين!! والغريب في الأمر أن المقترحين يتعلقان بالضبط بآليات قانونية لمحاربة الفساد وضمان الشفافية: الوصول إلى المعلومة ومساواة المواطنين في التوصل إليها واللجان النيابية لتقصي الحقائق.