علمت «الاتحاد الاشتراكي» باتصالات مكثفة يقوم بها رئيس جهة مكناس تافيلالت، وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سعيد شبعتو، من أجل الترتيب لعقد لقاء خاص مع وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، خلال الساعات القليلة المقبلة، لأجل مناقشة القرار المفاجئ والتعسفي الذي صدر في حق المدير الإقليمي للفلاحة بخنيفرة، محمد أوعيسى، والقاضي بإعفائه من مهامه في ظروف متشابكة الخيوط والخلفيات ومجهولة الاطراف، قبل انتشار نبأ صدور قرار ثان يقضي بإعفاء المدير الإقليمي للفلاحة بميدلت بصورة فتحت شهية الآراء والتعاليق. وصلة بتطورات الموضوع، عاشت مختلف مكاتب ومصالح المديرية الإقليمية للفلاحة بخنيفرة، صباح الجمعة 7 يونيو 2013، شللا تاما إثر الاضراب عن العمل الذي نفذه موظفو وتقنيو ومستخدمو هذه المديرية، استجابة لنداء أربع نقابات ممثلة لهم (تابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد المغربي للشغل، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب)، وبالموازاة مع ذلك, خاض المضربون وقفة احتجاجية صامتة أمام المؤسسة، تمت فيها تلاوة البيان الاحتجاجي. الكاتب المحلي ل (الفيدرالية الديمقراطية للشغل) بخنيفرة، وعضو مجلسها الوطني، أكد بدوره مفاجأته ب «خبر إعفاء المدير الإقليمي للفلاحة في غياب أية توضيحات، ودون مراعاة الصفحات الناصعة التي يشهد بها الجميع للمعني بالأمر، نظرا لما عرف عنه من إخلاص واستقامة»، مضيفا أن مناضلي الفيدرالية بقدر «ما هم ضد الفساد بكل تجلياته, فهم ضد استعمال هذا الشعار لتصفية حسابات معروفة»، ليشدد على مطالبة المسؤولين بالتراجع الفوري عن قرار إعفاء المدير الإقليمي. وارتباطا بالموضوع، وفي نفس اليوم، شهدت ساحة 20 غشت تظاهرة تضامنية دعت إليها تنسيقية دعم الفعل التنموي بخنيفرة، والمكونة من جمعيات وتعاونيات وفلاحين، وحضرت هذه التظاهرة عدة فعاليات وجمعيات محلية وإقليمية، ومكونات تنموية وفلاحية، من خنيفرة ومناطق متفرقة من الاقليم، وخلالها استأنفت التنسيقية فتحها ل «عريضة تضامنية» عرفت إقبالا واسعا على توقيعها، والتي تجاوزت الألف توقيع في أفق وضعها على مكتب وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، من طرف لجنة من المرتقب أن يتم تشكيلها لهذه المهمة. وعلى هامش التظاهرة, لم يفت التنسيقية عرض شريط بواسطة شاشة كبرى حول المشاريع النموذجية التي تم إنجازها في عهد ولاية المدير المعفى من مهامه، كما تقدم عدد من الفلاحين والمتعاونين وشباب التشغيل الذاتي والجمعويين بشهادات أجمعت في مجملها على خصال ومجهودات المدير الإقليمي للفلاحة، وتفانيه في العمل بكل نزاهة ونكران للذات وباب مفتوح، في حين لم تتوقف حناجر المشاركين في التظاهرة عن ترديد شعاراتهم الغاضبة التي عبروا فيها عن غضبهم إزاء قرار الوزارة الوصية، وطالبوا من خلالها برد الاعتبار للمعني بالأمر وإسقاط مؤامرات الفساد و»الحكرة»، ومسلسل الاهانة الممنهجة في حق الشرفاء والكفاءات. النقابات الممثلة لشغيلة الفلاحة لم يفتها، ضمن بيانها الاحتجاجي، من حيث المبدأ، على «دعمها لكل أشكال محاربة الفساد أي كان مصدره»، وأعلنت عن «وقوفها إلى جانب المدير الإقليمي المعني بالأمر في محنته على خلفية ما يعرف عنه من نزاهة ونظافة اليد، ومن تعامل جيد معها كنقابات»، مطالبة الوزارة الوصية إلى التراجع الفوري عن قرارها الجائر. بينما عبرت تنسيقية دعم الفعل التنموي بخنيفرة عن «تنديدها بالقرار الذي ضرب عرض الحائط بكل المكتسبات التي تحققت خلال السنوات الأخيرة على مستوى مجال الفلاحة ومخطط المغرب الأخضر بربوع الإقليم، وضرب بكل المجهودات والمبادرات التي أبان عنها المسؤول المعفي»، وزادت التنسيقية فأشادت بمواقف المعني بالأمر، المتمثلة في التواصل الميداني والتعامل الإيجابي مع المواطنين والفلاحين والكسابين والمتعاونين والمعطلين والمقاولين الشباب، والحاملين للمشاريع ذات الارتباط بالقطاع والتشغيل الذاتي والمدرة للدخل، وبينما طالبت من الجهات المعنية التراجع الفوري عن قرار الإعفاء الذي وصفته ب « المتسرع والمهين»، دعت إلى فتح تحقيق فوري للكشف عن ملابساته وخلفياته وأطرافه. الأنباء المتداولة بقوة ربطت قرار إعفاء المدير الإقليمي للفلاحة بخنيفرة بحادث اعتقال مفتش تابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري، في حالة تلبس بمكناس، وهو يتلقى رشوة بقيمة 10 ملايين سنتيم من يد مستثمر في قطاع الزيتون بإقليم خنيفرة، حسب ما تم تداوله من معلومات لم تستبعد وجود رائحة مؤامرة وانتقام في الموضوع، في حين أشارت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» إلى أن المدير الإقليمي للفلاحة بخنيفرة كان عرضة لعدة ضغوط من طرف مسؤولين بالمصالح المركزية، مباشرة وكتابيا، لأجل تسوية الوضعية المالية للمستثمر المذكور حتى لو لم يتمم أشغال مشروعه، كما هو الحال بالنسبة لمشروع بجماعة الحمام مثلا، ليجد المدير المذكور نفسه دائما بين موقفين أحلاهما مر، إما إرضاء المصالح الوصية أو احترام المساطر القانونية، علما أن المستثمر المذكور يكون هو المحظوظ منذ عهد المسؤول الإقليمي السابق، والمستفيد من مختلف مشاريع المخطط الأخضر، رغم ارتفاع عدد المشتكين به والمطالبين بإخضاعه للمساءلة والمحاسبة. قرار إعفاء المدير الإقليمي للفلاحة، محمد أوعيسى، استأثر باهتمام أوساط الفلاحين الصغار، لكون المعني بالأمر مسؤولا مواظبا في عمله وتربطه علاقات واسعة مع محيطه بوصفه ابن الاقليم، ولم تتردد غالبية الفلاحين في التعبير عن سخطهم الشديد إزاء القرار التعسفي الذي جعل من المدير المعني «كبش ضحية» لمؤامرة غامضة، بينما لم يستبعد الكثيرون وجود لوبيات ضغط بالوزارة الوصية والمديرية الجهوية للفلاحة وراء القرار على خلفية موقف هذه اللوبيات من صرامة ونزاهة «ضحية القرار»، وسرعة الوتيرة التي يجري بها قطاع الفلاحة والزراعة بالعالم القروي ومخطط المغرب الأخضر بإقليم خنيفرة. ومن جهة أخرى، علمت «الاتحاد الاشتراكي» بخبر قيام المدير الجهوي للفلاحة بزيارة خاطفة للمديرية الإقليمية للفلاحة، يوم الأربعاء 5 يونيو 2013، في محاولة لتهدئة الأوضاع وإقناع العاملين بمواصلة عملهم بشكل طبيعي.