عندما رأى أنطوان دو سانت أوكزيبيري النور في مدينة ليون يوليوز 1900، لم يكن يدرك أن قطار الحياة سيقوده للاستقرار وسط البحر والرمل، وبالتحديد في مدينة طرفاية، حيث سيؤلف اثنين من أروع كتبه: «الأمير الصغير» و»بريد الجنوب». واعترافا بهذا الصحافي، الشاعر والروائي الفرنسي، تم سنة 2004 افتتاح معرض في المدينة التي ألهمته وجعلته يعيد قراءة مسار حياته من جديد. التحاق أوكزيبيري بمدينة طرفاية كان سنة 1927، حيث استقر في بناية محصنة كان قد أقامها البريطانيون غير بعيد عن المدينة متم القرن التاسع عشر من القرن، للإشراف على محطة تباعة لإحدى شركات الطيران الجوي المكلفة بنقل الإرساليات بين باريس وباقي مستعمراتها في إفريقيا. والأكيد أن عمله لم يكن مقتصرا على تلك المهمة، بل كان أيضا يحمل عناء التفاوض مع القبائل الصحراوية التي كانت تأسر بعض الطيارين الفرنسيين العابرين بالمنطقة. وفي خضم تلك العزلة، التي لم يكن يخترقها سوى هدير محركات الطائرات المتبقية من الحرب العالمية الأولى، أو موج البحر أو الرياح التي تداعب كثبان الرمال، ألف روايته الأولى «بريد الجنوب». غير أن كتابه الثاني «الأمير الصغير»، يكاد يكون هو الميلاد الحقيقي لهذا الاسم الأسطورة، إذ بيعت منه أكثر من 140 مليون نسخة، بعد أن تمت ترجمته لأكثر من 270 لغة ولهجة، ليكون بذلك واحد من أكثر الكتب مبيعا في العالم على مر التاريخ. ويضم المعرض صورا ومنشورات تتعلق بالأديب العالمي منذ ولادته إلى وفاته، التي ما زال يلفها الكثير من الغموض عندما سقطت طائرته سنة 1944 بالبحر الأبيض المتوسط، بعد أن نجا من سقوط آخر في الصحراء سنة 1935.