شدد اللقاء الثاني الذي جمع مابين قيادتي المركزيتين النقابيتين : الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل في مقدمتهما محمد نوبير الأموي، الكاتب العام للكونفدرالية وعبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية، ومريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، على ضرورة أن يكون هناك خطاب موحد بينهم، مع الاستشارة في كل القرارات، والتنويه بأهمية إرادة ورغبة الجميع من أجل استئناف الحوار، الذي لايجب أن يظل فقط مجرد مشروع على الورق، بل مشروعا حقيقيا «يظل يحكمنا إلى الأمد الطويل في علاقاتنا..» هذا اللقاء، الذي انعقد الثلاثاء الماضي بالمقر المركزي للكونفدرالية بالدار البيضاء، بحضور قيادات نقابية عن الفيدرالية والكونفدرالية ومسؤولين عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تمحورت تفاصيل نقاشاته، على مدى ثلاث ساعات، في إطار مطبوع بالحوار الصريح والايجابي، حول العديد من القضايا العامة للبلاد، على رأسها تطوير الحوار الاجتماعي ودعم الحريات النقابية، والعمل على زرع عنصر الثقة بين الأطراف، وصولا إلى نمو اقتصادي يضمن تقدم البلد وتطويره اجتماعياً واقتصاديا، والتحديات التي توجه عمل النقابات والباطرونا. هذه الخطوة الثانية، التي اعتبرتها كل المداخلات بالهامة، بعد اللقاء الأول الذي عقد يوم 5 نونبر 2012 مابين المركزيتين النقابيتين والاتحاد العام، دعت فيها الى ضرورة الحرص على الوصول لمشروع ميثاق اجتماعي يضمن استشراف وتدبير المنازعات الاجتماعية، والشروع في حوار اجتماعي يشجع على الاتفاقيات الجماعية ودعم علاقات الشغل وتحسين ظروف العمل، وكذا إنعاش التنافسية واقتراح تكوين لجان تقنية مشتركة بين الباطرونا والنقابتين من أجل التقدم بالملف المطلبي المشترك في مواجهة الحكومة الحالية التي لا تقود الاقتصاد، وأن المسألة الاجتماعية عندها غير حاضرة .. ليخلص الاجتماع الى الاتفاق على خلق لجن مشتركة ما بين المركزيتين النقابيتين الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام لمقاولات المغرب، تتوزع أجندتها مابين الاشتغال في إطار أوراش، ستعمل على التحاور والعمل حول العديد من القضايا منها: الحريات النقابية، وفض النزاعات النقابية، والتكوين والتكوين المستمر، العمل على إعادة المقاولات الموجودة في وضعية صعبة، الحماية الاجتماعية، التنافسية، وذلك في أفق التوقيع على اتفاق اجتماعي مابين النقابتين والاتحاد العام. ولأهمية هذا الحدث السياسي والنقابي، في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب، وفي ظل واقع سياسي سجل بالملموس فشل الحكومة الحالية في تدبير العديد من الملفات الاجتماعية، تأتي هذه المبادرة السياسية النقابية من قبل المركزيتين النقابيتين الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام لمقاولات المغرب لتسائل هذا الوضع والانتقال به إلى أفق مشترك، هدفه الحوار والتواصل وتحكيم العقل في العديد من القضايا المشتركة.. وعن هذه الخطوة ، كان لنا لقاء مع كل من العربي حبشي،عضو المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل، علال بلعربي، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، خالد الحريري، من أجل مقاربة هذه الخطوة السياسية النقابية.. خالد الحريري عضو في اتحاد المقاولات مايميز هذه الاجتماعات مابين المركزيتين النقابيتين الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام لمقاولات المغرب، خمس نقاط تظهر أن هذه اللقاءات أخذت الطابع المباشر للحوار، ويمكن رصدها كالتالي: صيغة الحوار المباشر، بدون تواجد الحكومة،وهذا في حد ذاته أمر جديد سيفضي الى نتائج إيجابية. حيث سيتم حل العديد من الاشكالات والملفات بهذا الحوار المباشر، بما فيها الملفات التي ستحتاج في بعض الحالات إلى تواجد الحكومة لحلها. وفي سياق هذه الايجابيات لهذا الحوار المباشر مابين المركزيتين والاتحاد العام ، أنه سيساهم في النقص من حدة التوترات التي عادة ما تنتج بالتواجد المباشر للحكومة. كما أن هذا الحوار سيمكن من عدم الخلط مابين الملفات المعروضة الخاصة بالقطاع العام والخاص لأن هذا اللقاءات المباشرة تنقص من حدة الخلط وتساهم في معالجة الملفات حسب المحيط الذي تنتمي إليه. بصفة عامة نحن في حاجة الى ميثاق اجتماعي ينسق مابين مطالب المقاولة والعمال، عكس السابق إذ كان هذا سببا في الصراع ما بين المقاولات والنقابات. وإذا كانت مطالب النقابات ترتكز على الحقوق النقابية والمطالب الاجتماعية والحق في الاضراب، ومن جهة أخرى تقابلها مطالب المقاولات التي ترتكز على تنافسية المقاولة، أعتقد أنه حان الوقت لتحيين قانون الشغل والعمل على فتح المجال للتكوين والتكوين المستمر ، سواء للعمال أو المشغلين أصحاب المقاولات، لأنه ليس لهم تكوين في ميدان التحاور، وهذا ما يفضي عادة الى المشاكل، لهذا لابد أن يصبح عند العامل والمقاول الفعل الاستباقي لايجاد الحلول لكل المشاكل وهذا مع الاسف ما نفتقره في النقابات والمقاولات. كذلك، يجب التفكير في الكيفية التي يمكن العمل بها من أجل ادماج القطاع غير المهيكل في هذا النقاش والحوار ، وكيف يمكن توسيع التغطية الاجتماعية لتشمل هذا القطاع.. إذن هناك العديد من الاجتهادات يجب العمل على تصريفها من أجل الرفع بالحوار إلى مستوى يساعد على الحد من المشاكل .. ثم هناك عنصر آخر يتعلق بالتفاوض عن بعض الاشياء ، التي لها خصوصية منها التشغيل، الاجور، الحماية الاجتماعية. وفي اعتقادي لابد من نهج أسلوب يساعد على خلق منهج آخر للتفاوض يخص كل قضية معينة تكون حسب كل قطاع، حتى نتمكن من الوصول إلى أفق تأسيسي لمعاهدات اجتماعية قطاعية كما هو معمول به في العديد من الدول الاروبية. وأعتقد أن هذا الموضوع لايمكن أن يحل بين النقابات والمقاولات بشكل عمودي، بل لابد من التعاطي معه أفقيا ثم هناك آلية الوساطة في النزاعات الاجتماعية التي تساهم بشكل فعال في تجنب النزاعات، وتساهم في ايجاد الحلول الناجعة العربي حبشي عضو المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل جاء هذا اللقاء من أجل تعميق النقاش في الملف الاجتماعي ، خصوصا وأن بلادنا تواجه تحديين: تحد داخلي يتعلق بغياب رؤية حكومية لقيادة الاقتصاد، وتهميش التفاوض الجماعي وفق المواثيق الدولية والتشريعات الاجتماعية الوطنية وتحويلها الى مجرد تشاور دون نتائج. كذلك، أن اجتماع المركزيتين النقابيتين الفيدرالية والكونفدرالية مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب ، استطعنا التوصل من خلاله الى الاتفاق على وضع أجندة للعمل المشترك في العديد من المجالات، نذكر منها أساسا تكريس الحريات النقابية ، وفض النزاعات الاجتماعية، وتطبيق مقتضيات مدونة الشغل، والالتزام ببنود الاتفاقيات الجماعية، بالاضافة الى ملف الحماية الاجتماعية ، ومسألة التكوين والتكوين المستمر. وهاته المجالات، بدورها عملنا على إخضاعها للنقاش المعمق في اطار التنسيق بين الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل. في هذا الاطار، سنقوم بإنشاء لجن مشتركة تضم ممثلين عن المركزيتين والاتحاد العام من أجل بلورة برنامج عمل مؤسساتي ومنظم يمتد طيلة أيام السنة، وذلك من أجل تجاوز الطابع المناسباتي للقاءات. ويمكن اعتبار هاته اللقاءات مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تأتي من أجل اخراج الحوار الاجتماعي من دائرة الاحتكار الحكومي، حيث لا يجب أن تبقى اجتماعاتنا رهينة بدعوات الحكومة الى جولات الحوار الاجتماعي، خصوصا وأن الحكومة قد أخلت بكل التزاماتها وتعيش وضعا داخليا يتميز بالصراع وعدم الانسجام. مما يؤثر سلبا على مناخ الاعمال والمناخ الاجتماعي. كذلك ننظم هذه اللقاءات مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ونحن أمام تحد خارجي، يتعلق بالتزام المغرب في اطار المنظمة العالمية للتجارة بالتحرير الكلي للتبادل، مما يطرح مجموعة من الإشكالات على كل مكونات المقاولة الوطنية. وهذا يقتضي العمل والتعاون من أجل تنافسية المقاولة الوطنية وتطويرها. وكذلك تنمية المسؤولية الاجتماعية لهاته المقاولة في بعدها الشمولي. وبالنظر الى هذ الخطوة السياسية النقابية، يظهر أن هناك تحولا، لايمكن إلا أن نسجل إيجابياته ، وقد فرضته مجموعة من العوامل، منها انحراط مجموعة من المقاولين المتنورين في مجال الاعمال، ومنها محددات المسؤولية الاجتماعية بكل عناصرها، التي أصبحت شرطا أساسيا لولوج الاسواق، وهذا سيساعد على الاهتمام بالحريات النقابية ، وسيمكن الاتحاد العام لمقاولات المغرب من خوض حملة تحسيسية لدى كافة المقاولات، من أجل احترام الحق النقابي والممارسة النقابية في إطار القوانين والتشريعات الجاري بها العمل. في هذا السياق، لقد أكدنا كمركزيتين على ضرورة فتح ورش لإعادة هيكلة المقاولات في وضعية صعبة، سواء لأسباب اقتصاديةأو مهنية، أو تكنولوجية أو تنظيمية، وبالتالي فالمركزيتان منفتحتان من أجل ايجاد كل الحلول التي تخدم مستقبل المقاولة الوطنية بكل فئاتها، من أجل الحفاظ على إنتاجياتها ومساهمتها في النمو الاقتصاد الوطني. علال بلعربي عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل هذه اللقاءات تأتي أولا في ظرفية صعبة ومعقدة يعرفها المغرب. ثم إن هذه الظرفية المركبة الى حد ما في إكراهاتها، هي في حاجة الى حوار مسؤول جدي ، مثمر، ومنتج بما يطور العلاقات مع كافة الفاعلين في المجتمع. وهذا الحوار هو مطلب تفرضه طبيعة اللحظة الوطنية، وهي دقيقة، في سياقها الوطني والإقليمي والعالمي، وذلك إذا ماربطناها بالأزمة الاقتصادية التي تعرفها العديد من الدول الأوربي وغيرها...، والمغرب غير مستثنى منها. وهذا ما يفرض علينا جميعا، أن ننهج الحوار، باعتباره المنهج الأسلم والطريق الأنجع للتداول بالعقل في القضايا التي تهم عالم الشغل وغيره من القضايا. الحوار اليوم، يتطلب أن يظل مستمرا وطويلا لأنه من أسس الثقافة الديمقراطية.. ، وأن هذا المطلب تفرضه الظرفية الراهنة التي يعيشها المغرب، وبالتالي يجب على الحكومة أن تدرك أن الحوار أساسي ومنهجي وخيار أوحد للتداول والحوار والمناقشة وطرح كل الاشكالات في بعدها الاقتصادي.. مع الأسف، نسجل أن الحكومة لم تدرك هذا، وتعمل على تغييب الحوار والعمل على تكريس تغيب ثقافة الحوار كسلوك لا يمكن إلا أن ندرجه في خانة الاستبداد. وهذا التوجه الاستبدادي الذي ظهرت ملامحه بالانفراد بالقرارات ، يظهر معه أن الحكومة لم تستوعب، ولم تدرك الأهمية اللازمة للحوار الجماعي ثلاثي التركيبة الذي يجمع مابين النقابات والمقاولات والحكومة. وإذا ماعدنا الى تصريح مريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ، المسؤول، الذي يؤكد على ضرورة احترام الحريات النقابية، فإننا نعتبر مثل هذا التصريح هو بمثابة خطوة متقدمة جدا وجريئة ومشجعة على الحوار. حيث يمكن اعتبار هذه الخطوة، أنها تشجع على بناء وتكريس الثقة بين الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وهذا يعني أنها أدركت أن النقابة شريك اجتماعي ، والحوار معها هو من بين عناصر تطور المقاولات واستقرارها، وفاعل في تطوير إنتاجها وجودتها حتى تتمكن من المنافسة الشرسة. وأن إدراك رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، لهذا البعد بما فيه الحريات النقابية ، هو وعي بضرورة توفير الشروط الاساسية للعمل النقابي داخل المقاولة... لهذا ، ومع اللقاءين اللذين جمعا المركزيتين النقابيتين والاتحاد العام، لابد من التفكير في خلق شروط جديدة تنبني أساسا على الاستقرار المهني والاجتماعي، وأن العامل داخل المقاولة ينبغي أن يشعر بأنه يشتغل داخل مؤسسة تحاوره، ويشعر بالانتماء لها. لهذا لا يمكننا إلا أن نعتبر أن هذه اللقاءات خطوة متقدمة ومتطورة، وفيها موقف شجاع، الذي يمكن اعتباره بمثابة قرار سياسي مرفوق بقرار اجتماعي، خصوصا وأن المقاولة بالمغرب ، اليوم، أصبحت تطالب بالحرية التي أصبحت مفقودة من طرف الحكومة الحالية. وكذلك يمكن وصف هذه الخطوة بأنها قرار وموقف ثقافي، وبالتالي من لايكرس هذا ، فهو يحكم على نفسه بأنه خارج العالم.