ألقى مصطفى الشكدالي، المختص في علم النفس الاجتماعي، محاضرة حول التمثلات الاجتماعية للمرض النفسي مساء يوم الجمعة من الأسبوع الفارط، بكلية الآداب والعلوم الانسانية في جامعة مولاي اسماعيل بمكناس، خلال نشاط ثقافي نظمته شعبة علم الاجتماع. وقد شكك خلالها مصطفى الشكدالي في الدراسات التي تتحدث عن أن نصف المغاربة مرضى نفسيين، ووصفها بالخطاب المريض والتيئيسي، واعتبرها منضوية تحت سياسة جلد الذات التي يمارسها المغاربة في حق أنفسهم تبريرا للإخفاقات المتتالية التي يمرون بها، و قد ذهب إلى حد التساؤل عن الجهة المستفيدة من هذا النوع من الخطاب الذي يوسع رقعة انتشار المرض ولا يعالجه. وأضاف أن المجتمع المغربي بشكل عام ينظر للمريض النفسي نظرة احتقار و شفقة لكونه خرج عن منطق الجماعة. ولم تخل مداخلة المختص في علم النفس الاجتماعي من إشارات سياسية، حيث اعتبر المرض النفسي مرضا قد يتجاوز الفرد إلى المجتمع ويصبح حمقا جماعيا، مما يجعله يؤمن بالخرافات و يتعاطى معها، في الإشارة إلى القاموس الغيبي الخرافي الذي يطبع خطابات الفاعلين السياسيين لدينا، كما عبر عن أن النظرة الدونية للمريض النفسي، التي تكون أشد وطأة على المريض من المرض نفسه تتعدى الفاعلين العامين إلى الفاعلين الرسميين، و هذا ما يظهر جليا حسبه في حملة تنظيف الشوارع من المعتوهين أثناء الزيارات الملكية لكونهم نقطة «عار تلطخ» المدينة. وفي سؤال له عقب انتهاء المحاضرة حول سر إقحام قاموس المرض النفسي في المشهد السياسي واستعماله لدى الفاعلين السياسيين فيما بينهم، أجابنا الشكدالي أن الأمر يتعلق بانحرافنا بشكل عام عن منطق الاختلاف القائم على احترام وجهات النظر المختلفة، واتجاهنا نحو منطق الخلاف الفاقد لعنصر التحليل والتعقل، مما يجعلنا نتجه نحو شعبوية غير مسبوقة.