يعتبر رئيس الوزراء المصري السابق الفريق أحمد شفيق، أن المهمة الملحّة أمام المصريين اليوم هي إنقاذ بلادهم مما يسميه «سرطان الإخوان»، لافتاً إلى أن استمرارهم في السلطة يمكن أن يؤدي إلى ذوبان مصر ودورها. ويرى شفيق أن براعة «الإخوان» تقتصر على تأسيس الخلايا والعمل السري، وأن ليس لديهم أي خبرة في الاقتصاد والأمن وإدارة الدولة. ويشدد على أن البرنامج الحقيقي ل «الإخوان» هو تأسيس إمارة دينية على طريق الخلافة. دولة الرئيس هل أنت قلق على مصر؟ أكثر مما تتخيل ومما يتخيل أي شخص. ما هو مصدر هذا القلق؟ مصدر القلق أن مصر أصيبت فجأة، شأنها في ذلك شأن أي شخص، بمرض سرطاني والعياذ بالله، وفرصتها في النجاة تتطلب علاجاً قاطعاً لاستئصال المرض السرطاني الموجود فيها حالياً. هل أفهم أنك تقصد وصول «الإخوان المسلمين» إلى السلطة؟ طبعاً. أنا نفسي لم أكن أتخيل أنهم مرض فظيع إلى هذه الدرجة. تأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن «الإخوان» عبارة عن مرض سرطاني تمكَّنَ من الجسم المصري. لا أدعي أن الجسم المصري كان نموذجياً، لكن الحقيقة أنه بدل أن نصلح أنفسنا أتينا بخلية سرطانية ووضعناها في جسمنا. لماذا تمكّن ما تسميه الوضع السرطاني؟ تمكّن في الدرجة الأولى لأن القيادة الموجودة في هذا الوقت، وأتحدث هنا عمّا بعد الثورة، أعطته الفرصة للتمكّن. هي لم تكن مدركة، بدليل أن كل شخص ممّن ساهموا في تمكين هذا المرض من الجسم المصري يداخله ندم شديد على ما فعله، لكن الظروف أقوى من البعض أحياناً. أما عن المصري البسيط، فتمكّن منه المرض لأن الدولة تركته جائعاً. يعزّ عليّ كثيراً أن أقول هذا الكلام وأنا مصري حتى النخاع. الجائع يمكن أن تستدرجه بكيلوغرام من السكر وزجاجة من الزيت. من مآثر جمال عبدالناصر، وأنا مختلف معه في أمور كثيرة جداً، كلمات تُذكر له قال فيها: نريد ونحن نجري الانتخابات أن نفكر جيداً في تأثير نقص العلم على نتائج الانتخابات، وتأثير الفقر على نتائج الانتخابات. يجب أن نأخذ هذه الأمور في الاعتبار لنكون مدركين كيف حققنا هذه النتيجة. كان يقصد الأميّة؟ نعم، وأوسع من الأمية بقليل، فالأميّة ألاّ أقرأ ولا أكتب، لكن يمكن أن أكون أميّاً ويثقفونني. ويكون لديك حس سليم؟ بالتأكيد، أكون تثقفت، أي يكون إدراكي اتسع وتمكنت من استيعاب أمور بعينها وإن كنت لا أقرأ ولا أكتب، لكننا حَرَمنا كثيرين التعليم والثقافة معاً. الثقافة ليست قراءة كتاب، بل تأتي من الاحتكاك وعدم التعب من استيعاب الخبرات. هل كل متعلم، في مصر خصوصاً، يمكنك أن تعتمد حكمه على الأمور؟ كثيرون من الشباب والرجال والسيدات قبلوا كيلو السكر وزجاجة الزيت مقابل أصواتهم، وهم ربما متعلمون، بمعنى معرفة القراءة والكتابة. كأنك تتهم «الإخوان» بالاستيلاء على السلطة؟ أقل ما يمكن أن يقال في شأنهم هو سرقة السلطة وليس الاستيلاء عليها. ماذا سرقوا؟ الثورة أم الانتخابات؟ بداية هم من الجبناء. لا أريد أن أدّعي أن كلهم جبناء، فهناك جبناء في الطبيعة وهناك نوع من الجبن مكتسب من البقاء في السجون أو في وضع المطارد لفترة طويلة. ولا يغرّنك الحديث عن خبرة من أمضى عشر سنوات في السجن. الإقامة في السجن أو التعرض للملاحقة والمطاردة لا يوفران بالضرورة خبرة. لا أبالغ إذا قلت إن من يدعي الخبرة منهم في عالم الأعمال يبالغ هو أيضاً. الخوض في التجارة لا يعني أنك تعرف في الاقتصاد والإدارة. هذه العقليات الخائفة أو السرية أو المتربصة ستأخذنا إلى أغوار سحيقة جداً. ثم هناك الكذب واللغة المزدوجة، ثم القفز على أول فرصة متاحة. أعلنوا في الساعات الأولى من الثورة أنهم لن يشاركوا في التظاهرات، لكنهم بقوا متربصين بمنتهى الجبن، كالحرامي يتخفى وراء الجدار في الخارج، ولما وجدوا أن الثورة دخلت يومها الرابع، والشرطة التي يعانون عقدةً نفسية تجاهها انسحبت، قفزوا ودخلوا الميدان، وعندها استعان هؤلاء الجبناء بمن اعتقدوا أنهم أكثر قدرة منهم على القتال وضرب النار، أي جيرانهم، وهم الناس الذين يعبرون الأنفاق. تقصد حركة «حماس»؟ الله أعلم ما إذا كانوا «حماس» أم غير «حماس». لكنك تقصد أنهم جاؤوا من غزة؟ من هذا الاتجاه، بدليل أن السيارات التي سُرقت وجدت بعد ساعات داخل غزة. الخط كان مفتوحاً. من أُفرج عنهم من السجون وفُتحت لهم بوابات السجون أتوا عبر الأنفاق. إذاً أنت تقول إنهم استعانوا بأناس من غزة، وإن الهجمات على بعض السجون لتحريرهم كانت من صنع هؤلاء؟ طبعاً، وإلا فلماذا يعرقلون التحقيق في الموضوع. إنه يلامس قيادات منهم، بمن فيهم رئيس الدولة، الذي يجب أن يُسأل عن كيفية هروبه من السجن. أخبَروني أن وزارة الداخلية أصدرت بياناً تقول فيه إن لا أوراق لديها في الموضوع. كيف ذلك؟ أنا أذعت في التلفزيون تسجيلاً لرئيس الدولة وهو يقف خارج السجن ويخاطب محطة «الجزيرة» ويخبرها أنه هرب من السجن الذي يقع على بعد 25 كيلومتراً من القاهرة. كلام بدائي جداً. وقال أيضاً: سأسرد أسماء زملائي الذين خرجوا معي، فلان وفلان وفلان. وماذا عن القيادي «الإخواني» خيرت الشاطر؟ خيرت لم يكن معهم، خيرت أنا أخرجته من السجن بعد أيام عدة من الثورة، لأنه كان مستقراً في السجن وقضيته مستقرة، وكان في السجن مع مساعده حسن مالك، هما عاشا معاً فترات طويلة. خيرت بالأصل كان تاجر عملة، وكان يعمل مع أخ فاضل هو مثال في الوطنية، مع أنه مغترب، كان يعمل عند أشرف السعد، الذي يعيش الآن في لندن. في يوم من الأيام كان خيرت مساعداً له والثاني كان مساعداً للمساعد. كانا في السجن. لماذا أخرجته؟ كان هناك بعض القضايا التي كنت أراها تتحرك أمامي وأنا عضو في مجلس الوزراء، ولم أكن سعيداً بها. ما هي هذه القضايا؟ استيقظنا ذات يوم لنرى أن تغييراً طرأ على حدود المحافظات، وبدلاً من أن أكون من سكان القاهرة وجدت نفسي من سكان حلوان. استحدثوا محافظة، وهو موضوع يبقى مدار بحث في الدول المتحضرة لسنوات قبل اتخاذ القياسات التي تجعلهم يصدرون حكماً في هذا الأمر، بينما هم استحدثوا في غيبة من مجلس الوزراء محافظات وعدلوا الحدود. في ذلك الوقت، كنت أعتقد أن كل هذا يتم من أجل إدخال قطعة أرض زراعية في نطاق الأراضي التي يمكن البناء عليها فتزيد قيمتها. في أي سنة تم ذلك؟ قبل نحو سنة من الثورة. والقضية الثانية أني كنت وجدت أن البعض أسس جمعية للمشروعات غير الهادفة للربح. هم أتوا ب10 أو 15 شخصاً ودفعوا لكل منهم بين ألف وألفي جنيه، في ما يشبه النفاذ من ثغرات القانون، وحالهم كالمثل التالي: ما دخل العدو من حدودنا إنما كالنمل تسلل من عيوبنا. نحن نضيع أنفسنا. الجماعة هذه أنشأت جامعة النيل، وبحجة أنها غير هادفة للربح أخذت كل المساعدات من الدولة: المباني والأرض والمعدات والطلبة، وتقول إنها لا تهدف للربح! عندما تأتي ب500 مليون جنيه في السنة وتقول إنك توزعها معاشات وغيره، فهذا كذب، أنت فقط تخفي، وهذه الجامعة ستكون ملكاً لهذه المجموعة، التي تضم بعض المسؤولين. وهناك أيضاً قضايا أخرى مشابهة: قيل لي إن الشاطر ومالك سجنا في قضية غسيل أموال. في ذلك الوقت حصلت تظاهرة عسكرية قرب الأزهر بشكل غريب، وجنّ «الإخوان» حينها، وأنزلوا بعض الشبان الذين يلبسون لباساً خاصاً وراحوا يؤدون حركات قتالية. العدد لم يكن كبيراً، لكن كان للتظاهرة دلالاتها. أجروا تحقيقاً، ووجدت أنه انتهى إلى أن خيرت اتُّهم بغسيل أموال ومعه حسن مالك. كان عندي شكوك أن هذه القضية هي وسيلة لوضعهما في السجن، وهما كانا ربما يستحقانه لسبب آخر، لكن ذلك كان إحساسي حينها. بعد أيام عدة، كان عندي عماد الدين أديب في المكتب، وكنت أحضرته وفكرت في أن أكلفه، لأنني شعرت أن له قدرة على الاقتراب من العقليات الموجودة في الميدان، فحاولت أن أستثمر هذه القدرة ولو لستة أشهر. أخبرته بأننا نريده لستة أشهر فقبل، وفي نهاية الجلسة قال إنه سيذهب إلى السجن لزيارة بعض «الإخوان» هناك. كان سيزور خيرت؟ هو لم يقل من سيزور، أنا تذكرت خيرت لأن الموضوع كان عالقاً في ذهني، وأرسلت أطلب أوراقه من النائب العام. اعتقدت حينها أنه يمكنني أن أعطيه الإعفاء من السجن، لكن القانونيين قالوا لي إنه ينبغي أن نطلب من النائب العام ذلك، وقمت بذلك في اليوم نفسه، وأخرجناه طبياً (لأسباب صحية). هل تعتبر خيرت الشاطر الرجل الأقوى حالياً في التنظيم؟ من يعرفونه من قرب وأثق في رأيهم، يجدون أنه الأعور بين العميان، لكن أين مكمن الخطورة؟ الخطورة هي أمر تراكمي: ماذا درست، وماذا مارست، وما نوع الأزمات التي صادفتني. الازمات التي مر بها خيرت في حياته هي حالات القبض عليه في كل مرة. كانوا كل مرة يمسكونه ويدخلونه السجن، لكن ما الذي تعرض له في الحقيقة؟ هو كان محمياً في السجن، تحيط به الجدران من كل جانب، فمن أين تأتيه الخبرة التراكمية، ومن أين تأتيه الخطورة. خطورة الشاطر مصدرها ضحالة الذين يتكلم معهم. من يعتقد أن الشاطر خطر هو نفسه ضحل. هل تلمح إلى أن الرئيس محمد مرسي أيضاً بلا خبرة؟ - ليس الرئيس، «الإخوان» كلاًّ هم بلا أدنى خبرة أمنية أو اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، كأننا لا نعيش في هذا القرن. السلة كلها منعدمة الخبرة، يحكمون بالسليقة والأهواء. لا يمكن أن تتخيل مرجعيات قراراتهم، سطحية إلى درجة لا يمكن تخيلها. هم طبعا بلا خبرة، ولا يوجد اليوم شخص في مصر يستطيع إنكار افتقارهم إلى الخبرة. هل تعتبر وجودهم في السلطة خطراً على الحياة السياسية أم على مصر؟ وجودهم في السلطة خطر على كيان مصر. مصر تذوي، إنها جبل تأكل منه الأمطار، التي هي «الإخوان» وقراراتهم. ما هو مصير مصر إذا استمروا في السلطة؟ مصر لن تكون نفسها، وبما أن مصر لا يمكن إلا تكون نفسها، بالتالي هم لن يكونوا ولن يستمروا في أي حال من الأحوال، لأن هذا ضد طبيعة الأمور. تماماً كما لو وضعنا في مجرى السيل حجراً واعتقدنا أنه سيبقى، فالحجر وإن لم تجرفه المياه سيتآكل مع الوقت، لكن السيل سيسير في طريقه. لن يرضى المصريون العيش في ظل الانغلاق والاستبداد. من هو المرجع الفعلي اليوم في عهد «الإخوان»، الرئيس أم المرشد أم من؟ لا تستغرب كلامي. أنا تمرست في العمل الإداري والقيادة لفترات طويلة جداً، وأدّعي أنني بقيت في مجالات الخدمة فترة طويلة، وشاء لي ربنا أن أستمر في نشاطي حتى في مرحلتي الحالية التي يفترض أن أكون فيها متقاعداً. عندما أتحدث عن الإدارة أرجو أن تعتبرني من محترفي الإدارة إلى حد ما. ليس بين «الإخوان» مدير، بل صوت أعلى، بحكم التنظيم للكيان «الإخواني». عندهم السمع والطاعة، من يكون في الموقع يطاع، لكن في الواقع ليست لديهم خبرة الإدارة التي تنهض بمجتمع. هم يديرون الشكل الخاص بالجماعة، لذلك هم أكفاء في الوصول بالخلايا إلى أدق مستوى، لأنهم منذ 80 سنة يشكلون الخلية، وكل ثلاث خلايا تشكل خلية أكبر، وهكذا دواليك... منذ 80 سنة لا يفعلون إلا ذلك، والمطلوب منك أن تطلق لحيتك وتتلقى المعونات وتبث فكرك المسموم في من تستطيع أن تؤثر عليه. ليس لهم ممارسة غير ذلك، فكيف تتوقع أن يكون لهم قدرة على الإدارة. ما الذي يحصل اليوم؟ محمد الكتاتني ترك مجلس الشعب قبل فترة، لكنه حتى اليوم يستعمل السيارات الخاصة برئيس مجلس الشعب، ويستعمل جواز السفر السياسي الخاص برئيس مجلس الشعب، لماذا؟ لأن لا مرسي ولا الشاطر ولا بديع المرشد يمكنه أن يأمره بترك السيارات، لأنهم شلة، ويعرف بعضهم بعضاً. هم مجموعة من الممثلين وزعوا الأدوار بينهم، ولا اعتقد أن أحداً منهم يجرؤ على الآخر. أفراد هذه العصابة يعرفون بعضهم بعضاً. هم جلسوا على الطاولة ووزعوا الأدوار، ليس بينهم من هو أقوى من الآخر. وزعوا الدولة المصرية؟ بالتأكيد. وزعت الدولة المصرية بينهم. إذا عاينت اليوم مساعدي الرئيس تجد أنهم أقاربه. أحد أقاربه أمسك مجلس الشورى. الموضوع أكبر مما تتخيل. لا أقول إنه جرأة من جانبهم، بل هو جرأة الجهل. عندما أكون جاهلاً أُقدم على تصرفات قد تؤدي بي تراكمياً إلى مصيبة في يوم من الأيام، لكن كوني جاهلاً لا أقوم بأخذ ذلك في الحسبان. إذا طلبت منك أن تصف أداء الرئيس مرسي منذ انتخابه، كيف تختصره؟ هل هو مرتبك؟ قبل أن أقول لك إذا كان مرتبكا أم لا، أنصحك بأن تطّلع على نتيجة أدائه من حال الشارع المصري والمواطن المصري والسياسة المصرية بعد عشرة اشهر في الحكم مدعمة بشهور سابقة عليها كان مجلس الشعب خلالها أيضاً مسيطراً على الأمور قبل انتخاب الرئيس. ليس لديهم أي خبرة إدارية ولا علمية ولا أمنية. مرسي أطلق قرارات عيّن فيها 13 مستشاراً، إضافة إلى المستشارين الذين لديه، وسمى احدهم للإشراف على الأجهزة الأمنية، وهذا الرجل يمضي الساعات في ضيافة الرقابة الإدارية ليطلع على ما هو دائر فيها ويشارك في تنظيم القضايا والتلفيقات التي اندمجوا فيها وفي لصقها بالموطنين أياً كان الدور المطلوب. هذا الرجل جرى بينه وبين أحد الصحافيين الأجانب جدل طويل على شاشات التلفزيونات، لأن هذا يدّعي أنه قال أمراً والآخر ينكره. هو قال إن اهتمامي الرئيسي ليس أن أشرف على الأجهزة الأمنية، لكن سأقول إنني في المجلس الجديد سأرأس اللجنة المختصة ببحث شؤون الأمن. هذا الشخص طبيب غير ناجح، واسمه غير معروف، وهذه صفة «الإخوان»، يقومون بالدراسة والاجتهاد فيها ويلتحق البعض منهم بكليات الهندسة والطب، فتستغرب،كيف ألتحق بكلية الطب لأعمل في الإغاثة بعد ذلك؟!! والسيرة الذاتية التي تخصني ليس فيها حرف واحد عن ممارستي الطب، لأنني لا أمارسه. ندرة منهم من يعمل في تخصصه الأصلي. هل تتهمهم بأن لديهم برنامجاً سرياً لإنهاء تداول السلطة والاستيلاء عليها في شكل نهائي؟ هذا أمر مؤكد. كل تخطيطهم وما يدور اليوم، من إحلال الموظفين القائمين حالياً في الإدارات المختلفة على مختلف المستويات في الدولة، بآخرين من «الإخوان المسلمين»، يوحي بأنهم يطمعون في الاستمرار وتشكيل مجلس شعب يدعم وجودهم. هم يفكرون على المستوى الطويل، والدليل على ذلك أنهم يقولون إن ليس المستهدف مصر، بل يقولون «طز» في مصر. من يقول «طز» في مصر؟ المرشد السابق محمد عاكف قال «طز» في مصر، ولما قيل له: «طز في مصر؟»، قال: «طز وطزين في مصر. مصر لا تهمني، مصر يديرها أي مسلم وليس بالقطع أن يكون مصرياً»، منهجهم خطير جداً. يريدون إحياء الخلافة؟ نعم، يتطلعون إلى الإمارة الدينية القائمة على الدين. أنا شخص مسلم وتسعدني نهضة الإسلام، لكن ما علاقة ذلك بأن تقوم الدولة على أساس ديني. من غير المقبول أن نخلط أمور الدين بالسياسة إلى هذا الشكل، ونتطلع إلى إعادة إنشاء إمارة دينية قوامها الدين الإسلامي. إنها عملية توظيف للدين في خدمة السياسة. فلنعد إلى الثورة، قلت إنهم انضموا إلى الثورة في اليوم الرابع؟ انضموا في 28، والثورة قامت في 25 يناير. انضموا بعد انسحاب الشرطة. هل لديك ما تقوله عن انسحاب الشرطة؟ أنا أستبعد تماماً أن يكون انسحاب الشرطة ناتجاً عن خيانة أو غيره، ذلك أن من أصدر قرار الانسحاب سيكون مهدداً بالإعدام لو تمت محاكمته، وليس منطقياً أن يضع نفسه تحت حبل المشنقة. لكن طبعاً كل هذه الأمور لا تخرج عن نطاق سوء التصرف وسوء الإدارة. يحدث أحياناً في الأجهزة ومن ضمن سوء التصرف، أن يعطي الشخص أو الطرف لنفسه حجماً أكبر من حجمه، أو يقدر نفسه أكثر مما يستطيع تأديته. أتخيل أن الدور الذي لعبته الشرطة أكسبها ثقة بالنفس أكثر من قدرتها الحقيقية. الشرطة ليست منشأة لمواجهة الجماهير، بل لمواجهة المخالفات، حتى لو كانت كبيرة وفي شكل تجمع ضخم، شرط ألاّ يصل (التجمع) إلى أن يكون الجماهير، وإلا تكون الشرطة تُستخدم ضد إرادة الجماهير، ويكون نظام الحكم الموجود ضد إرادة الجماهير. قد أستطيع أن أنشئ شرطة لاحتواء 10 آلاف متظاهر، لكن لو كانوا 100 ألف متظاهر، فأيُّ شرطة تستطيع مواجهتهم ما لم تقتل؟ القتل ربما يجعل الآخرين ينصرفون، لكن أيُّ نظام يستقيم إذا قامت أجهزة الشرطة فيه بالقتل؟ المفهوم كله خاطئ، وأنا لا أستغرب أن الشرطة لم تستطع احتواء الموقف، لأن حجم الإقبال على الميدان كان أكبر من الشرطة، وإلا فإنها كانت ستقتل. الثورة بدأت في 25 يناير، أين كنت يوم بدأت الثورة؟ كنت أمارس عملي وزيراً للطيران المدني. بماذا شعرت حين رأيت هذه الحشود؟ تظاهرة اليوم الأول رفعت مطالب، وقد أتفق مع بعض النداءات التي صدرت منها. ومع اليومين الثاني والثالث واستقرار التجمعات واستمرارها في موقعها وتزايد أعدادها... بدأ يتضح أن الموضوع أكثر جسامة.