الدراسة التي قام بها الاستاذ خليل والتي دامت مايقارب الاربعة اشهر رفقة العديد من الجمعيات استطاعت ان تلامس الواقع الاجتماعي للساكنة موضوع البحث من خلال اللقاءات المباشرة والمسجلة والتي سهر على تنفيذ خطتها مجموعة من الفاعلين الاجتماعيين أصحاب دراية بموضوع العنف ضد النساء لفهم المعيش اليومي ومن خلاله فهم الدلالات المختلفة للتصورات والتمثلات التي يعطيها كل من الرجال والنساء حول ظاهرة العنف ضد النساء داخل المجال والتي كانت بسبة عالية سلبية. إن تكون مدينة الدارالبيضاء من عدة احزمة جعل مجالها يعيش صراعا شبه دائم وهو ما يغذي الظاهرة المرصودة، تردد العديد من مجهولي الهوية وهو ما يعرف ب"الأنونيما" على احياء هذه المنطقة فاقم الوضع ونحى به الى خارج السيطرة في بعض الاحيان.هذه الوضعية المأزومة ساهم في تعميقها الفقر والهشاشة وندرة فرص الشغل اللائق الذي يضمن العيش الكريم،ثم إن احداث 16 ماي 2003 زادت الطين بلة في تصنيف المنطقة بغير الآمنة من طرف بعض المتتبعين للشأن المحلي وهو تصنيف يبتعد عن الموضوعية لكون المنطقة تعج بالكثير من الاطر والفاعلين المتميزين بروح المواطنة والمساهمين في نهضة البلد. ظاهرة العنف ضد النساء أفرزت سلوكا نفسيا يتجلى في انغلاق العديد من الساكنة على نفسها في انطوائية مشينة وهو ما يعتبر مقاومة صريحة لمنطق التغيير الذي ترفع شعاره كل الجمعيات الحقوقية داخل المجتمع المدني ضدا على هذه الاقلية التي تزرع الخوف في النفوس وتلحق الأذى بالأبدان لا لشيء سوى انها ترخص لنفسها ممارسة العنف بدافع عدم رضاها تقاسم الفضاء الخارجي العام مع المرأة أو تحث تأثير حبوب الهلوسة والمخدرات بكل انواعها . واللافت يقول الاستاذ خليل أن النساء اللواتي يمارس عليهن هذا العنف بمختلف اشكاله لفضيا كان أو جسديا لا يعلنون هذا الاعتداء مخافة "الشوهة" أو التبعات المضادة عقب التصريح وكلها عقبات وهمية تساهم بشكل كبير في تنامي الظاهرة لأن غياب ذلك التعاون الايجابي بين المواطن العادي ورجل الامن يجعل بعض السلوكات تعمل وتجتهد في راحة تامة بعيدا عن الأنظار. كل هذا تساءل حوله من حضر المائدة المستديرة التي أدارتها الاستاذة رشيدة والسيدة فاطمة الزهراء الشاوي ومريم الورد والاستاذ المحاضر جمال خليل وبتاطير خاص من السيدة فاطنة البيه،هؤلاء حاولوا رغم ضيق الوقت الاجابة عن هذا القلق المجالي من خلال بعث جديد لدينامية العلاقة التي تجمع بين مكوني الحياة المرأة والرجل وبنائها على قيم المساواة والانصاف مع اعتماد مقاربة شمولية تهم كل القطاعات من تعليم وصحة وشغل وإعلام...في محاولة جادة لبناء مواطن مغربي يمتلك كل الميكانيزمات لاستنبات الامن والامان الضروريين للعيش بسلام. وهي المائدة التي نظمتها الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء يوم السبت 20 أبريل الجاري على الثالثة بعد الزوال بالمركب الاجتماعي والثقافي بحي الشباب بعين السبع،مائدة مستديرة تناولت بالدرس والتحليل ظاهرة العنف ضد النساء والتي تم تحديدها جغرافيا بمنطقة الدارالبيضاء وعلى وجه الخصوص بعمالة البرنوصي سيدي مومن.ولقد استضافت الجمعية الباحث وأستاذ السوسيولوجيا بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء الذي أغنى اللقاء ببحث ميداني كيفي لتمثلات الرجال والنساء لنمط الحكامة المحلية والذي جعل من منطقة البرنوصي سيدي مومن نمودحا لها. جاء هذا العمل بتعاون كبير مع حركة نساء جمعيات الدارالبيضاء الكبرى وحركة شباب جمعيات الدارالبيضاء الكبرى كذلك من اجل المساءلة الاجتماعية حول المساواة والقضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء. وقد وصل العنف ضد الإعلاميات لذروته بالاعتداء الشهر الماضي على الإعلامية ريهام السهلى, المذيعة بقناة المحور بعدما أنهت تقديمها لبرنامج "90 دقيقة"، فأثناء مغادرتها للمدينة أوقفها عدد من المتظاهرين وطالبوها بالنزول من السيارة مما سبب لها حالة من الرعب , وأضطر السائق للعودة للخلف بالسيارة حتى لا يحدث لها أى مكروه والهروب من المتظاهرين بعدما قام عدد منهم بتكسير الزجاج الخلفى للسيارة وتحطيمه بالكامل. وهو الاعتداء الذي اعتبره الكاتب الصحفى، مصطفى بكرى، وصمة عار ستبقى تطارد كل من شارك أو صمت، مضيفا" لا الدين ولا القيم ترضى بذلك, هذه فضيحة بمعنى الكلمة, مرسى هو الذى حرض، تأملوا خطبته ".. كما تم أيضا استدعاء الإعلامية "لميس الحديدي" المذيعة بقناة سي بي سي"للتحقيق معها بشأن بلاغات جديدة مقدمة ضدها ، وجدير بالذكر انه تم استدعائها من قبل في أكتوبر الماضي للتحقيق معها في تهمة إهانة القضاة من خلال برنامجها "هنا العاصمة" مما دفع بالإعلامية بإشهار "سكين" على الهواء مباشرة خلال برنامجها "، الذي تقدمه على قناة " سي بي سي" ، مشيرة إلى أن المتظاهرين خارج أسوار مدينة الإنتاج الإعلامي، قاموا بمحاصرتها ويقومون ببيع تلك الأسلحة بثمن ضئيل، وذلك من أجل طعن الإعلاميين الذين يقدمون البرامج داخل استوديوهات المدينة، .وكان عدد من الشباب التابعين للقوى الإسلامية، قد دعوا إلى تنظيم مظاهرات أمام "مدينة الإنتاج الإعلامي"، ردا على مليونية "رد الكرامة"، التي قامت بها القوى المدنية بمحاصرة مكتب "الإرشاد" التابع لجماعة الإخوان المسلمين بالمقطم ، ودعا المتظاهرون إلى منع دخول الإعلاميين إلى المدينة كونهم دعاة فتنة، على حد قولهم..واعتدى شخص مجهول خلال الوقفة على الإعلامية هالة فهمي بالضرب، كما تم الاعتداء على سيدة أخرى حاولت التضامن معها. الهجمة على الإعلاميات في مصر تزداد يوما بعد يوم بدعاوى مختلفة منها تكدير السلم العام وإثارة الفتن وغيرها كثير من الدعاوي التي يقف خلفها قوي ظلامية أرادت أن تخنق نور الحقيقة وتكبل الحريات وتقمع حرية الرأي والتعبير، وكأن ثورة كان من بين أهم مطالبها الحرية لم تقم. وقد أثار ما يحدث في مصر الآن من قمع لحرية الإعلام أنظار العالم ، حيث نشرت جريدة الجارديان البريطانية تقريرًا عن مصر ألقت فيه الضوء على تزايد المخاوف بشأن حرية التعبير عن الرأي في البلاد . وكانت وتيرة العنف ضد الإعلاميات تحديدا قد بدأت تزداد بعد ثورة يناير حيث كثر التحرش الجنسي بالإعلاميات المصريات والأجانب في ميدان التحرير معقل الثورة .وقد حمل ذلك صورة سلبية للعالم عن مصر وثورتها بعدما كانت الثورة المصرية محط أنظار العالم برقيها وتحضرها وسلميتها . وهو ما حدث مع المذيعة" سونيا دريدي "مراسلة قناة "فرانس 24" في مصر أثناء تغطيتها لمليونية "مصر مش عزبة " التي قالت " إن عددا من الشبان قاموا بمحاصرتها، وأخذوا يلمسونها فيما كانت توجه رسالة مباشرة على الهواء لقناة فرانس 24.وأضافت أن "التحرش استمر دقائق عدة قبل أن يتمكن صديق من إنقاذي ,حيث حوصرت من كل الجهات, و أعاد أحدهم تزرير قميصي التي كانت مفتوحة ولكن غير ممزقة. لقد تفاديت الأسوأ بفضل الحزام الصلب (الذي كانت تضعه) . نفس الوضع تعرضت له أيضا الصحفية الأمريكية "لارا لوجان" يوم تنحي الرئيس السابق حسني مبارك ، وكذلك الاعتداء علي "كارولين سين " مراسلة القناة الثالثة الفرنسية . كما دفعت الإعلامية "دينا عبد الرحمن" ثمن جرأتها في الرد على احد الخبراء العسكريين في برنامجها "صباح دريم" الذي كانت تقدمه على قناة دريم بأن تمت إقالتها من القناة . كما تم استدعاء "ريم ماجد" المذيعة بقناة "اون تي في" للتحقيق معها . حال الإعلاميات المصريات لا يختلف كثيرا عن حال المرأة المصرية بشكل عام والتي طالها التهميش ومحاولات الإقصاء وهو ما حدث في الدستور الجديد ، كما أن أعمال القمع والعنف التي تمارس ضد الإعلاميات هي جزء لا يتجزأ من العنف النفسي والإساءات التي توجهها تيارات الإسلام السياسي للمرأة والتي تسعي لتهميش دور المرأة و وتقليص مشاركتها في المجتمع.صاحب ذلك غياب الإرادة السياسية التي لم تشأ الحفاظ علي مكتسبات المرأة وحقوقها وباركت الحملات المنظمة ضدها ولم تفعل القوانين التي تحميها وأجهضت مشاريع القوانين التي أعدها المعنيون بالمرأة مثل المجلس القومي للمرأة والمنظمات النسوية لإنصافها مثل قانون مناهضة التحرش الجنسي .مما دفع بالدكتورة جيهان جادو وهي أول مصرية في الخارج تحصل على لقب سفيرة للنوايا الحسنة من الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان أعدت مذكرة لتقدمها لحقوق الإنسان علي مستوي العالم تطالب فيها بحماية المرأة الإعلامية والحفاظ علي مكانتها وعدم إهانتها أو التعرض لها سواء بالقول أو التهديد أو الاعتداء عليها , وهو مايترك شيء من الغضاضة لما وصل له حال الإعلاميات المصريات وحال المرأة المصرية بشكل عام بعد عقود طويلة ناضلت فيها المرأة من اجل الحصول علي حقوقها وكان من المفترض أن تحتفل المرأة المصرية اليوم بالتمكين الكامل بعد كل هذه السنوات . علي الرغم من ذلك قررت إعلاميات مصر أن يتحدين الخوف والترهيب وصممت كل منهن علي استكمال نضالها من اجل شرف الكلمة وأداء الرسالة الإعلامية التي تنطوي على كشف الحقائق للجمهور وفضح الفساد دون خوف أو جزع من سلطة حاكم أو فكر رجعي .