هل يتعلق الأمر بسياسة الهروب إلى الأمام والتحلل من المسؤولية أم بإعلان رسمي عن فشل ذريع في تدبير الشأن العام ببلادنا أم أن هامش المناورة اتسع وبدت لحزب العدالة والتنمية أن وضعهم سيكون أحسن في حال إجراء انتخابات برلمانية سابقة لأوانها وأن الانتخابات الجزئية أظهرت لهم أنهم سيكتسحون دوائر كانت عصية عليهم في الاستحقاقات النيابية الأخيرة وبالتالي سيضمنون أغلبية مريحة تغنيهم عن «وجع الراس» الذي يخلقه لهم حلفاؤهم في التسيير الحكومي؟ أسئلة تبقى معلقة في انتظار أن تجيب عنها تطورات الأوضاع السياسية ببلادنا، أوضاع أقل مايمكن أن يقال عنها أنها متشنجة بين رئيس حكومة يدعي بأنه بين سندان معارضة شرسة وقوية خبرت دواليب الإدارة و التسيير والتدبير اليومي وبين نيران صديقة من بين بعض أحزاب فريقه الحكومي والتي تطالبه بأجندة تتماشى وطموحاتها وتتنصل من كل تصريح أو إجراء لايخدم تطلعاتها. الآن وقد طغى الحديث عن التهديد باستقالة حكومة بنكيران واللجوء إلى انتخابات سابقة لأوانها لابد من البحث في المغزى من هذه التهديدات وتوقيتها، لابد من معرفة رأي الطبقة السياسية من الوضع الراهن ومن المشهد الحكومي الحالي. فمن قبل لم يكن ممكنا لأي وزير منصب من قبل الملك أن يستقيل، فالملك كان في ظل الدستور القديم هو الذي يصدر القرارات الكبرى ضمن المجال السياسي التقليدي الذي يحكم به لذلك لم يكن الحديث سوى عن الإقالة والإعفاء، أما الاستقالة التي تجسد امتلاك الإرادة والحق في الاختيار فلم يتم التنصيص عليها إلا في الدستور الجديد، وإذا كانت الاستقالة بالنسبة لعضو أو مجموعة أعضاء من الحكومة لا تطرح إشكالا سياسيا، فإن استقالة رئيس الحكومة يعني استقالة الحكومة بأسرها وبالتالي تتعدد التكهنات حول مآل الوضع السياسي ببلادنا، فهل سنكون أمام قرار خوض انتخابات برلمانية سابقة لأوانها وبالتالي نتساءل ضمن أية أجندة انتخابية وفي ظل أية قوانين وندخل بالتالي في دائرة البحث عن خريطة سياسية جديدة قد تفرزها صناديق الاقتراع، أو أننا سنكون أمام اختيار الدخول في توافقات باسم المصلحة العليا للبلاد وبالتالي التوافق على حكومة إنقاذ ووحدة وطنية تظم جميع الفاعلين السياسيين لكن ضمن أي سقف يمكن أن يحدث هذا وهل يقبل الفرقاء السياسيين وضعا جديدا كهذا؟