أثار طلب وزير المالية نزار بركة القاضي بعقد لجنة المالية بمجلس النواب مساء يوم الاثنين الماضي، ردود فعل قوية خاصة من فرق المعارضة. ففي الوقت الذي ساندت فرق الاغلبية طلب الوزير الذي استند إلى الفصل 45 من القانون المنظم للمالية. تصدت المعارضة لهذا الطرح، إذ نبه أحمد الزيدي رئيس الفريق الاشتراكي الى أن عقد لجنة المالية تمت الدعوة إليه من طرف الفريق الاشتراكي وباقي الفرق النيابية الأخرى. واعتبر الزيدي أن الاستماع الى تقرير وزير الاقتصاد والمالية سيجعل المؤسسة التشريعية مجرد مستمع في الوقت الذي نجد هناك أسئلة على الحكومة الاجابة عنها تتعلق بالوضعية الاقتصادية والمالية. وأكد الزيدي ان الاستناد الى الفصل 45 «نعتبره، يضيف، منعا للمعارضة من التحدث. «مشيرا الى وزير الاقتصاد والمالية تحدث في موضوع هذه الازمة في الجلسة الشفوية بناء على السؤال المحوري الذي وجه الى الحكومة في هذا الباب. كما أوضح أن» منع المعارضة من التحدث يعني أن طلبات عقد اللجنة من طرفها قد وضعت في ثلاجة ساخنة». وأوضح الزيدي ان الفريق الاشتراكي هو أول من طالب بعقد هذه الجلسة.وهو الموقف الذي وضع رئيس اللجنة في حيرة من أمره. وبعد العديد من المرافعات عقد اجتماع لمكتب لجنة المالية على عجل، حيث تم الاتفاق على أن يتناول احمد الزيدي الكلمة قبل وزير الاقتصاد والمالية. بمعية محمد حنين باسم الأغلبية. أحمد الزيدي أكد في مداخلته أن «الحكومة لم تصغ إلينا كمعارضة اتحادية وظلت تتعامل مع اقتراحاتنا العملية المواطنة بمواجهة الازمة وفق منطق إيديولوجي ومن منطلق التوجس والنفعية الانتخابية». وأحال الزيدي الحكومة على العديد من المحطات التي نبهت فيها المعارضة الاتحادية الى الموضوع. وأوضح رئيس الفريق الاشتراكي أنه من باب الشراكة السياسية، وبالنظر الى خطورة القرار، كان يتعين على الحكومة أن تشرك الشركاء الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين ولو على سبيل الإخبار»، متسائلا «كيف يعقل ان يتخذ قرار بهذه الدرجة من الخطورة في كواليس المطبخ الحكومي، والاخطر من ذلك أنه حتى أغلبية مكونات الحكومة تتبرأ منه». إن الامر ،يضيف، يتعلق في الواقع بعملية تهريب وتخصيص لقضايا مصيرية بالنسبة لمجموع الأمة. كما تساءل: «كيف لا تتم استشارة المقاولة المغربية عبر نقابتها المركزية الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وتغيب المعارضة البرلمانية من أجندة استشاراتها في قرار مثل هذا؟» وشدد الزيدي على أن اتخاذ هذا القرار هو خرق سافر للدستور إذ أن الامر يتعلق بتعديل قانون صادق عليه البرلمان. وبالتالي فإن أي تعديل يتعين أن يصادق عليه البرلمان. وأوضح أن الحكومة تصرفت وفق المادة 45 من القانون التنظيمي للمالية لعام 1998 لكن الامر أخطر من أن يختزل في تأويل جاف لمقتضى قانوني. وحتى هذا المقتضى، يقول الزيدي، تم خرقه إذ تنص ذات المادة على ضرورة إخبار اللجان البرلمانية المختصة وهو ما لم تفعله الحكومة. ولاحظ رئيس الفريق الاشتراكي أن الحكومة حولت الاعلام العمومي إلى أداة طيعة لتمرير خطاباتها. وتفننت هذه المرة في تمرير قرار خطير يهم المغاربة ومستقبلهم في صمت، واكتفت بالتسريبات والتصريحات الخاطفة بشأن قرار مصيري، ورأى أن الحكومة مرة أخرى افتقدت الشجاعة السياسية في الدفاع عن قراراتها. كما انتقد الاطراف الحكومية، فعوض أن تدافع عن قرارها وتصارح الناس بانعكاساته، راحت تتقاذف المسؤوليات مابين متنصل من القرار وبين من يقرنه بتهديد بالاستقالة والدفع بالبلاد الى الهاوية السياسية. بعد الهاوية الاقتصادية، معتبرا ذلك قمة التهرب من المسؤولية ومن تحمل تبعات قرارات سياسية، موضحا أن منطق ممارسة الحكم يقتضي تحمل التبعات السياسية. نزار بركة، قدم صورة قاتمة عنالوضع الاقتصادي والمالي، واعتبر في تقريره أن قرار الحكومة بتجميد تنفيذ 15 مليار درهم من الاستثمارات العمومية قرار كان لابد من اتخاذه لإيقاف النزيف. ورأى أنه إذا بقيت الأزمة مستفحلة، فإن المغرب سيصبح مثل مصر، هذه الأخيرة التي اضطرت إلى إيقاف الاستيراد، إذ لم تعد لهم الوسائل الكافية لمواجهة الواردات، داعياً الجميع إلى مواجهة المرحلة الصعبة، سياسياً واقتصادياً. وأوضح أنه «لم يعد لدينا وقت للنقاش، لذلك اتخذ القرار»، موضحاً أنه رغم اتخاذ هذا القرار، فإنه التزم بألا يتم المس بالمكتسبات. وكشف نزار بركة أن المؤسسات الدستورية لن يشملها هذا القرار الحكومي مثل مجلس النواب، مجلس المستشارين، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المجلس الاقتصادي والاجتماعي وغيرها من المؤسسات، مشيراً إلى أنه تم الأخذ بعين الاعتبار حجم الاعتمادات الممنوحة لكل قطاع وزاري، وعلى أساسه تم تحديد المبالغ التي يجب توقيف تنفيذها. وكشف أيضاً أنه تم تسجيل رصيد سالب للميزانية برسم سنتي 2011 و 2012. إذ ما يناهز 17 مليار درهم من نفقات المقاصة تم تمويلها عن طريق الدين برسم سنة 2012، وعزا تفاقم مستوى عجز الميزانية إلى الاختيارات التي انتهجتها بلادنا للتصدي لانعكاسات الأزمة واستباق تأثيراتها السلبية، والتي تمحورت حول تقوية الطلب الداخلي لتعويض تقلص الطلب الخارجي. وبخصوص تدهور شروط تمويل الخزينة في السوق الداخلي، أكد بركة أن ارتفاع حاجيات تمويل الدولة ينعكس سلباً على أسعار فائدة سندات الخزينة، حيث عرفت ارتفاعات متصاعدة بلغ +39 نقطة أساس في المتوسط في متم شهر مارس 2013. وأكد أن تراجع المداخيل الجبائية وصل إلى 2,8 مليار درهم تحت تأثير تراجع النتائج الضريبية لبعض كبار الملزمين (المكتب الشريف للفوسفاط، اتصالات المغرب، القطاع البنكي) وتراجع أيضاً المداخيل المرتبطة بالتجارة الخارجية على إثر تراجع الواردات، خصوصاً الطاقية منها، وارتفاع رسوم التسجيل والتنبر نتيجة لتأثير التدابير المتخذة في قانون المالية لسنة 2012. وعلى مستوى النتائج الأولوية لتنفيذ قانون المالية في متم مارس 2013، أكد الوزير أنه على مستوى النفقات، هناك ارتفاع نفقات الأجور بحوالي 1,1 مليار درهم تحت تأثير الاجراءات المتخذة والتطور العادي لكتلة الأجور، وانخفاض تحملات المقاصة بحوالي 3,8 مليار درهم نتيجة التراجع النسبي الذي سجلته أسعار المواد المدعمة في الأسواق الدولية، وارتفاع الإصدارات برسم نفقات الاستثمار بحوالي 3,6 مليار درهم، علما بأن قانون المالية لسنة 2012 لم يدخل حيز التطبيق إلا نهاية شهر ماي ..... وفي ما يهم النتائج الأولية لتنفيذ قانون المالية في متم مارس 2013، كشف أن نتائج تنفيذ قانون المالية أبانت خلال الثلاثة أشهر الأولى لسنة 2013 أن مستوى عجز الميزانية بلغ 16,8 مليار درهم، أي ما يقارب 2% من الناتج الداخلي الخام، ما يعني أن عجز الميزانية المتوقع برسم هذه السنة سيبلغ 8%، أي مواصلة وتيرة تفاقم العجز بنقطة كل سنة.